الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحاج كراكرة .. العيش وسط المواجهات اليومية

نشر بتاريخ: 02/11/2015 ( آخر تحديث: 02/11/2015 الساعة: 17:40 )
الحاج كراكرة .. العيش وسط المواجهات اليومية

البيرة - معا - في منزل بسيط يقطن الحاج نعمان كراكرة (83 عاماً)، في حي البالوع شمال البيرة، وسط البيت يقع في منتصف منطقة المواجهات اليومية منذ مطلع شهر تشرين الثاني.

وللوهلة الأولى يبدو أن الحياة في منزل الحاج نعمان طبيعية وهادئة، فالبيت يقع في سهل زراعي، وتحيط به أشجار اللوزيات والزيتون، لكن الأمر غير ذلك، مع ثمانيني يعيش مع ابنته في منزل يقع في مسرح من الاشتباكات اليومية، ليروي حكاية صمود في وجه التمدد الاستيطاني.

منذ الأول من شهر تشرين الأول، تحولت حياة العم نعمان إلى معاناة يومية، بفعل المواجهات الدائرة بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والشبان، في حي البالوع بمدينة البيرة، القريب من مستعمرة "بيت إيل" ومقر القيادة العليا لجيش الاحتلال في المستعمرة.

ولأن منزل الحاج نعمان يقع في منتصف المواجهات، فهو يتعرض دوماً لقنابل الغاز السام وقنابل الصوت، والتي تملأ كل أرجاء المنزل والحديقة الملاصقة، فضلاً عن اقتحام جنود الاحتلال الحديقة، وإطلاق كل أنواع الرصاص نحو الشبان، والاعتداء على أصحاب المنزل.

في سماء المنزل ومحيطه، لا روائح سوى تلك المنبعثة من قنابل الغاز المسيل للدموع، وإطارات السيارات المشتعلة، والمياه العادمة التي ترشها القوات الإسرائيلية تجاه الشبان، ولا أصوات سوى أزيز الرصاص المنطلق من فوهات البنادق.

في ساعات الصباح الباكر، يبدأ العم نعمان بتفقد منزله، وتجميع بقايا القنابل والصواريخ وتجميعها، وتفقد زجاج المنزل الذي تحطم بفعل الرصاص والقنابل، تمهيداً لتركيب زجاج جديد.

ويقول العم نعمان بابتسامته الجميلة: تحولت حياتنا إلى جحيم، فمنزلي يقع بين الجيش والشبان، تتساقط عليه عشرات قنابل الغاز المسيل للدموع، التي يطلقها الجيش، وغالباً ما تغلق الأبواب والشبابيك، ونحبس أنفسنا داخل المنزل.


وجراء إطلاق قنابل الغاز بكثافة، والتي اخترق عديد منها المنزل بعد أن حطمت النوافذ، فإن العم نعمان وابنته التي تقطن معه، أصيبا مرات عديدة بالاختناق، ولكن ضباط الإسعاف يتمكنون في أحيان عديدة من الوصول لهم وإخلاءهم وتقديم العلاج لهم، ولكن في أحيان أخرى، فإن جنود الاحتلال يمنعونهم من الوصول إلى المنزل.


ويضيف العم نعمان: يحتمي الجيش في غالب الأحيان في المنزل، مما يجعلنا تحت وابل من حجارة الشبان المنتفضين.


ويشير إلى نوافذ المنزل وملحقاته، مستطرداً حديثه: انظر تم تكسير الزجاج، وحتى القرميد، في كل صباح أخرج وأبدأ بتنظيف الحديقة من الحجارة وقنابل الغاز.
ويسكن العم نعيم في منزله منذ عام 1978، ولم يتركه أبداً رغم المعاناة التي وصفها، حيث تعرض للإصابة بحالات اختناق في أكثر من مواجهة، وتمت معالجته من قبل طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني.


ويؤكد العم نعمان أن سلطات الاحتلال تتعمد إطلاق الرصاص والقنابل نحو منزله من أجل دفعه إلى الخروج منه، لهدمه، كون البناء في المنطقة ممنوع بقرار عسكري إسرائيلي، إلأا أنه يشدد على أنه لن يخرج من منزله مطلقاً، إلا أن هدموه فوق رأسه.


ابنته ليلى، والتي تسكن معه في المنزل، تخشى أن تتركه وحده وتذهب إلى العمل، وتقول: منذ بداية الشهر لم أتوجه للعمل، أخشى ترك والدي وحيداً، وسط هذه المواجهات.

وتبين ليلى: عند اندلاع المواجهات نغلق النوافذ والأبواب، ونجلس في غرفة واحدة، لدينا أدوات خاصة للإسعاف الأولي، في حالة الإصابة بالاختناق.


وتؤكد أنها تستخدم العطور والخميرة، والبصل، والمياه، لعلاج حالات الاختناق، وهي مواد أوصاهما باستخدامها الهلال الأحمر الفلسطيني.


تتفقد ليلى منزلها، وتتابع: انظر كيف تحول كل شيء إلى اللون الأسود، الروائح الكريهة تنبعث من كل موقع.


وتستطرد: جيش الاحتلال الإسرائيلي يتعمد الاختباء في حديقة المنزل، ويطلق النار تجاه الشبان المنتفضين لتدمير البيت ولدفعنا للرحيل، ولكننا نؤكد نحن هنا باقون لن نغادر.