غزة- تقرير معا - مع دخول "الهبة الجماهيرية" شهرها الثاني في فلسطين لا يزال الاعلام الفلسطيني يظهر ارتباكا واضحا في نقل الاحداث التي تجري منذ بداية اكتوبر الماضي نتيجة تواصل الانتهاكات الاسرائيلية على المقدسات والشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، على الرغم من دوره المميز في فضح الجرائم الاسرائيلية.
وبدا هذا الارتباك والأخطاء واضحة في وسائل الاعلام المحلية خاصة في الاعتماد على المصطلحات الاسرائيلية ونشر اسماء الشهداء بصورة خاطئة نتيجة عدم الاعتماد على مصدر رسمي في ذلك .
ودعا كتاب واعلاميون في أحاديث منفصلة لمراسل "معا" إلى توحيد الخطاب الاعلامي الفلسطيني للرد على الرواية الاسرائيلية.
وقال الكاتب الصحفي موسى أبو كرش :"أن الإعلام الفلسطيني سواء المرئي او المسموع أو المكتوب وقع في ارباك وبدا متوجسا وخائفا وقلقا من هذه الهبة الجماهيرية، وهذا ناتج عن توجهات القيادة السياسية وما تريده من الهبة، وتوجيه رسائل مختلفة، فهناك من يريد تحريك المفاوضات وانعاشها للوصول الى تسوية وفريق اخر يريد أن تكون الانتفاضة في الضفة مقدمة لانتفاضة شعبية شاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة".
واضاف أبو كرش "أن المتابع للإعلام الفلسطيني بشكل عام يجد أنه ينصب على التحريض والتسكين كأن الانتفاضة لها رأسين والحقيقة أنها هبة ناتجة عن ردة فعل شعبية فلسطينية شبابية على ما يجري في القدس والاستيطان".
ولاحظ الكاتب الصحفي أبو كرش أن الاعلام الفلسطيني يركز على نقل الاحداث من المسجد الاقصى وأغفل مدينة القدس بشكل عام، معتبرا هذه مسألة في غاية الخطورة.
واكد أن الواضح من قراءة التوجهات الاسرائيلية انها تريد تهجير المواطنين المقدسيين من ديارهم وسحب هواياتهم، والاستيلاء على الأراضي.
واشار الكاتب أبو كرش إلى أن هذه الهبة ليس لها عنوان حقيقي ولا توصيف ولا رأس ولا قيادة موحدة وهذا الامر يدعو لمزيد من القلق.
وسرد قائلا:" نجد أن الاعلام الاذاعي مثلا يبدأ بالتحريض دون الالتفاف للإعلام الاسرائيلي وتوجهاته من الانتفاضة، وهو ما ينطبق على الاعلام المرئي والمسموع والمقروء، مضيفا ان الاعلام الاجتماعي سواء "تويتر" و"فيسبوك" ينقل صورا للقنوات الاسرائيلية دون قراءة مضمون الصور التي في كثير من الاحيان تسيء للمنتفضين الفلسطينيين والشباب الذين يسعون جاهدين إلى تحقيق بعض الحقوق الوطنية المشروعة ".
وتساءل أبو كرش كيف يمكن تشكيل رؤية فلسطينية في ظل الانقسام ؟ مشيرا إلى وجود وزارتي اعلام في غزة والضفة الغربية وأن الانقسام الحاصل في الساحة الفلسطينية أثر سلبا على كل مناحي الحياة.
ورأى الكاتب أبو كرش أن رسالة الاعلام الفلسطيني تحريضية وهذا لا يكفي، مشيرا إلى وجود ثلاثة أنواع من الخطابات للفلسطينيين أولا الخطاب التحريضي للجماهير الفلسطينية، وثانيا الاعلام الموجه للامة العربية والاسلامية، والثالث الخطاب الدولي حتى يتبنى العالم الغربي القضية، في المقابل نرى الاعلام الاسرائيلي لدية قضية واحدة ويبثها على جميع الوسائل الإعلامية.
ووجه سؤالا إلى القوى الوطنية والاسلامية ما الذي نريده من هذه الهبة الجماهيرية، وما الذي تريده هذه الفصائل؟
بدوره اعتقد عماد الإفرنجي رئيس منتدى الإعلاميين الفلسطينيين أن الخطاب الاعلامي الفلسطيني موحدا وأدى رسالته بكل مهنية وموضوعية، موضحا أن الفلسطينيين دائما موحدين في مواجهة الاحتلال.
وقال الافرنجي في حديثه :"إن الاعلام الفلسطيني تمكن من نشر الرواية الدقيقة والصحيحة، واصبح مصدرا لوسائل الاعلام الغربية والاجنبية على وجه الخصوص"، معبرا عن اسفه لعدم وجود حاضنة اعلامية عربية تواكب عمله المهني.
ورأى الافرنجي عدم وجود رؤية فلسطينية واضحة يعود إلى المشاريع السياسية المختلفة حيث الجميع أصبح مقتنعا انه لا افق سياسي لتسوية سياسية عادلة يمكن ان تقدمها اسرائيل للشعب الفلسطيني وربما المختلف عليه مستقبل الانتفاضة ما هي اهدفها ؟ وما الذي نريده ؟ لذلك البعض يعتبرها هبة لأنه يريد لها الاستمرارية في التطور وتأخذ اشكالا متعددة من المقاومة المتصاعدة.
وتابع:" البعض الاخر الذي يحمل برنامج المقاومة يعتبر انها انتفاضة ويفترض أنها ستستمر، وهناك جهات تحمل عوامل الهدوء والاستقرار والرؤية الاعلامية لكل طرف من هؤلاء مختلفة".
واضاف :"من المفترض أن يكون هناك نوع من السياسة الاعلامية التي يتفق عليها الجميع على الاقل في المصطلحات التي تستخدم في الاعلام الفلسطيني".
ودعا الافرنجي كل القوى والتوجهات الاعلامية والصحفية الى اجتماع عاجل سواء في وزارة الاعلام او غيرها للاتفاق على سياسة اعلامية موحدة.
وقال :"الخطاب الإعلامي يشكل ترجمة للموقف السياسي اذا كان ان ارتباك سياسي سيكون هناك ارتباك اعلامي".
بدوره اعتبر صالح المصري منسق اتحاد الاذاعات والتلفزيونات الفلسطينية التغطية الاعلامية الفلسطينية مميزة في نقل الاحداث رغم وجود بعض الاشكاليات التي يأمل تجوزها للمحافظة على زخم الانتفاضة.
وقال المصري في حديثه:" هناك وسائل اعلام وصحفيون يسعون الى السبق الصحفي دون التريث في نشر الاخبار التي تنقل عن الرواية الاسرائيلية".
واضاف" كان هناك بعض الاخطاء ينقلها الاعلام الجديد رغم ما يقوم به من دور مميز في فضح الجرائم الاسرائيلية ، داعيا الى التركيز على نقل الجوانب الانسانية مثل قضايا الإعدامات والاعتقالات والتعذيب وهدم للمنازل بالإضافة إلى اخبار كثيرة يجب التركيز عليها كي يتضامن العالم مع شعبنا".
وفيما يتعلق بالتغطية الاسرائيلية، قال :" هناك رواية مغلوطة في كثير من الأحداث وللأسف الاعلام الفلسطيني ينجر ورائها وغالبا ما تكون مدعومة من أجهزة أمنية اسرائيلية "، مشيرا إلى أن الاعلام الاسرائيلي مسيس وتقف خلفة المؤسسة الأمنية .
ودعا المصري الصحفيين ووسائل الاعلام عدم الانجرار وراء المصطلحات التي يروجها الاعلام الاسرائيلي لبعض الاماكن والأحداث.
ودعا المصري إلى توحيد الخطاب الاعلامي للخروج برواية موحدة للقضة الفلسطينية للرد على الرواية الاسرائيلية المغلوطة.
من ناحيته دعا المكتب الإعلامي الحكومي بغزة الصحفيين والمؤسسات الإعلامية لاعتماد المصطلحات الفلسطينية للمدن والقرى الفلسطينية التي تندلع بها المواجهات في الضفة والقدس المحتلتين بدلا من المصطلحات العبرية والابتعاد عن التسميات الإسرائيلية.
وحذر المكتب في تعميم اصدره الإعلاميين من تبنى رواية الاحتلال الإسرائيلي للأحداث والتأكد من حضور الرواية الفلسطينية الرسمية خاصة فيما يتعلق بالوقائع على الأرض.
وطالب بالتدقيق في المحتوى الذي تنشره شبكات التواصل الاجتماعي خاصة على صعيد نشر الأخبار والمعلومات، داعياً في الوقت نفسه للتأكد من الحسابات خاصة في ظل قيام جهات مشبوهة بعمل صفحات وهمية على شبكات التواصل.
وحث المكتب الصحفيين والمؤسسات على ضرورة التأني في إعلان أسماء الشهداء وتحرى الدقة، واعتماد المعلومات الصادرة عن الجهات الطبية، مطالبا بنشر صورة الشهداء بشكل مهني لا ينتقص من كرامتهم أو انسانيتهم ويراعي في المقابل مشاعر عوائلهم.
وأشار إلى أهمية اسناد المعلومات للمصادر الرسمية والمعلن عنها وليس للمصادر المجهولة إلا في حالات الضرورة فقط.
وشدد على ضرورة تعزيز الخطاب الإعلامي الفاضح للجرائم الإسرائيلية والمدعمة بلغة القانون الدولي، مطالبا وسائل الاعلام بإلقاء الضوء على أنواع الأسلحة المحرمة دوليا التي استخدمها الاحتلال الإسرائيلي خلال المواجهات والتي أدت لاستشهاد وإصابة العشرات.
تقرير: أيمن ابو شنب