نشر بتاريخ: 10/11/2015 ( آخر تحديث: 10/11/2015 الساعة: 21:56 )
رام الله- معا - قال رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله خلال كلمته في إحياء الذكرى الحادية عشرة لإستشهاد الزعيم ياسر عرفات: "نجتمع اليوم مجددا بين رفيقات ورفاق الزعيم الخالد ياسر عرفات، ومع هذا الحشد الكبير من عشاقه المخلصين له والأوفياء أبدا لتاريخه، لنستذكر معا محطات حياته الغنية وتراثه النضالي الطويل والملهم، فقد كانت فلسطين لأبي عمار، الروح والهوية والأم، وكان هو لها، قلبها وذاكرتها وكرامتها، فلا يمكن نزع "ياسر عرفات" من حكاية فلسطين وفصولها المتعددة، فقد كان، كما قال سيد الكلمة محمود درويش، الفصل الأطول في حياتنا."
واضاف الحمد الله امام الحضور، الذي ضم عددا من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واللجنة المركزية لحركة فتح، وعدد من الشخصيات الاعتبارية والمسؤولين، اليوم الثلاثاء في قصر رام الله الثقافي: "كم نفتقده اليوم، وبلادنا تئن تحت وطأة الإحتلال الإسرائيلي وظلمه وإرهاب مستوطنيه، إذ تطلق الحكومة الإسرائيلية العنان لجيشها ومستوطنيها ليمارسوا الإعتداءات اليومية وأعمال القتل ضد أبناء شعبنا العزل وخاصة الأطفال، ويحتجزوا الجثامين، ليبثوا المزيد من الكراهية والعنف والتحريض اتجاه شعبنا."
وأشار رئيس الوزراء إلى أن القدس، التي لطالما ارتبط وتغنى بها الزعيم عرفات، وعاش فيها سنوات طفولته الأولى، تتعرض لحملة تهويد، ويواجه أهلها أبشع مخططات التهجير والاقتلاع، ويتعرض فيه المسجد الأقصى المبارك إلى إقتحامات يومية من المستوطنين، وإلى محاولات المصادرة وطمس هويته التاريخية، منوها إلى أن كل هذه الاعتداءات تتزامن مع استمرار الاستيطان ومصادرة الأراضي وهدم البيوت، وزج ما يزيد عن ستة آلاف أسير فلسطيني في السجون والمعتقلات الإسرائيلية.
وتابع الحمد الله: "لقد ناشدنا المجتمع الدولي، بقواه ومؤسساته المختصة، للتحرك الفوري والفاعل لإنهاء عذابات شعبنا وإعطائه الأمل بالمستقبل، وتوفير الحماية الدولية له، وإلزام إسرائيل بوقف إنتهاكاتها المستمرة. فما يحدث اليوم من هبة شعبية غاضبة، إنما هو نتاج حتمي لإستمرار الإحتلال وتوسع الإستيطان والجدار، وإنهيار عملية السلام، وفشل المجتمع الدولي في وضع حد لمعاناتنا الإنسانية المتفاقمة وإنهاء هذا الاحتلال الظالم."
واستطرد رئيس الوزراء: "أما غزة المكلومة المحاصرة، الجزء الأصيل والجميل من وطننا، القريبة جدا من وجدان ياسر عرفات، وموطئ القدم الأولى في رحلة عودته إلى فلسطين، فلا تزال تحاول أن تنهض من تحت ركام الموت والتدمير الذي خلفه العدوان الإسرائيلي الغاشم، ولا يزال أبناء شعبنا فيها يتركون فريسة للحصار الظالم المفروض عليهم منذ ثماني سنوات، وما يخلفه من فقر ومرض وبطالة متفاقمة."
وأوضح الحمد الله: "لقد كان قطاع غزة، ولا يزال، أولوية كبرى لحكومة التوافق الوطني، فقد عملنا أولا على إعادة الوحدة للبنية المؤسساتية التي تضطلع بخدمة الوطن والمواطن، كمدخل لإعمار وبناء غزة، والتصدي للمهام الإنسانية التي تواجهنا فيها." مستدركا: "وهنا فإنني أدعو الجميع، أفرادا ومؤسسات وأحزاب، إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا على أية اعتبارات فئوية ضيقة، وأناشدهم التشبث بنهج زعيمنا الراحل وبإرثه الطويل في الحفاظ على الهوية الوطنية الجامعة. فتكريس الوحدة وتحمل المسؤولية لإنقاذ شعبنا، هو السبيل الوحيد لتحصين مشروعنا الوطني، وهو المقاومة الحقيقية للإحتلال الإسرائيلي، وتوحدنا وتوافقنا هو الرد العملي على عدوانه."
وقال الحمد الله: "إن إحياء ذكرى رحيله في كل عام، وفي كل مكان، إنما يؤكد إصرار شعبنا على الوفاء لقائد ثورته المعاصرة، والسير على نهجه، "نهج الوحدة والثوابت الوطنية"، لنكمل معا الفصل الوحيد الذي لم يكتمل في حكاية ياسر عرفات، وهو الخلاص من الإحتلال الإسرائيلي، آخر إحتلال في عصرنا الحديث، ولولا إلتفاف شعبنا وقيادته الوطنية حول إرثه العظيم، لما تمكنا من تكريس إنجازات نوعية هامة، توجت بإحتضان العالم، بأغلبية ساحقة لدولة فلسطين ورفع مكانتها في الأمم المتحدة، ومؤخرا برفع علم دولة فلسطين على مقرات الأمم المتحدة، في خطوة رمزية هامة لوضع علمنا في مكانه الطبيعي بين أعلام دول العالم، ولتصحيح الظلم التاريخي الذي لحق بشعبنا."
وأضاف رئيس الوزراء: "إننا ماضون بقيادة سيادة الرئيس الأخ محمود عباس رفيق دربه، على الطريق الذي رسمه وعبده القائد الفذ ياسر عرفات والقادة الأوائل، رواد العمل الوطني، نواصل النضال القانوني والدبلوماسي، ونطرق كل الأبواب للإنتصار لمعاناة شعبنا المستمرة منذ سبعة وستين عاما من الألم والقهر والعدوان، ونستمر في المقاومة الشعبية السلمية التي بات صداها يسمع في كل مكان. ونواصل تكريس أسس دولتنا المستقلة التي وضعها أبو عمار عندما عاد للوطن، محققا النبوءة الأولى التي سكنته طيلة حياته، لينشأ أول سلطة وطنية على أرض فلسطين، ونجسد الوحدة التي بناها وكرسها في كل مراحل كفاحه، ونبني ونعمر ما يدمره الإحتلال الإسرائيلي، ونحشد المزيد من الرأي العالمي المناصر لحقوق شعبنا، والذي انتزعه أبو عمار، بإصراره وثباته، بشموخه وتواضعه، بكوفيته وبغصن الزيتون الذي لم يسقط أبدا من يده."
وأعرب الحمد الله عن تقديره للجهد الحقيقي والعمل الوطني الكبير الذي تبذله مؤسسة ياسر عرفات، برئيس مجلس إدارتها الأخ ناصر القدوة، للحفاظ على ديمومة الإرث العظيم الذي تركه لنا الزعيم الخالد، مشيرا إلى أن هذه المؤسسة الرائدة، ستبقى بيتا لذاكرته وتاريخه وتراثه، وأنها بإهتمامها بدعم الإبداع والأعمال الوطنية الريادية، تجسد جزءا أصيلا من تاريخ وشخصية وعطاء قائدنا الكبير، مؤكدا أن قيام المؤسسة بتكريم مستشفى الشفاء في قطاع غزة ومنحه جائزة ياسر عرفات للإنجاز في العام الماضي، إنما يمثل تجديد الدعوة لمواصلة نهج العطاء والثبات في وجه أعتى التحديات.
وأختتم رئيس الوزراء كلمته قائلا: "في ذكرى استشهاد أبو عمار، نجدد العهد بأن نبقى أوفياء لحلمه وإرثه ولتضحيات كل شهدائنا الأبرار، وصمود أسرى الحرية، متمسكين بثوابتنا الوطنية، مخلصين للقدس، زهرة المدائن، قبلة المسلمين الأولى ومحج المؤمنين من كل مكان، وللاجئين في الوطن ومنافي الشتات ولحق عودتهم. وسيبقى ياسر عرفات، كما أكد الراحل الكبير محمود درويش، فكرة حية تحرضنا على عبادة الوطن والحرية، وعلى الإصرار على ولادة الفجر بأيد شجاعة وذكية."
هذا وقد سلم رئيس الوزراء جائزة ياسر عرفات للعام 2015 لمؤسسة دار الطفل العربي في القدس.