الأحد: 29/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

غاب جسداً لكن روحه حاضرة في الملاعب والمدرجات والشوراع والأزقة

نشر بتاريخ: 14/11/2015 ( آخر تحديث: 14/11/2015 الساعة: 12:44 )
غاب جسداً لكن روحه حاضرة في الملاعب والمدرجات والشوراع والأزقة
غاب جسداً لكن روحه حاضرة في الملاعب والمدرجات والشوراع والأزقة ، محمد مناصرة فقيد الأسرة الرياضية

كتب : فراس العاروري

ومن منا لا يعرفه ، ومن منا لم يلق صاحب الطلة البهية والضحكة المجلجلة ، عاش بسيطاً وغادر عزيزاً بسرعة جنونية ، لا أحد يصدق أنه غادرنا ورحل رحيلا أبديا لا رجعة من بعده. ، لم نحسب ان هذا اليوم الاسود سياتي بهذه العجالة لتغادرنا تاركا لنا صدى ضحكتك وحكاياك التي عرفت بها وحضورك في الساحة الاعلامية والصحفية وكافة الميادين الرياضية ، مازال طيفك يحوم في أركان البيت، ويعشش في أذهان كل فرد من أفراد عائلتك الصغيرة والكبيرة .

داعبت أنامل الراحل مناصرة فلك الإعلام لأول مرة مع بداية حياته الدراسية في الجامعة عام 2004 ، وتخرج من جامعة أبو ديس عام بتفوق عام 2008 ، ومع تخرجه بدأت عجلة الرياضة بالدوران وإنطلقت حقبة جديدة في مسيرة الرياضة الفلسطينية ، وكأنه مقدر له الإنضمام لهذه المسيرة الذي أحبها وأحبته وأصبح جزءأ منها وغدت جزءاً منه وبقي وفياً مخلصاً صادقاً لها إلى أخر لحظة من حياته . هو رائد العمل الأهلي والمجتمعي والوطني ، فلم يبخل على أحد، على مستوى مخيمه أسس مركر قلنديا الإعلامي ، الذي أصبح منارة الإعلام والأخبار على مستوى المخيم ، هذا الشاب المخلص المتفاني تراه في كل مكان ، مع الأمعري والثقافي والظاهرية والهلال ، مع منتخب الفدائي والناشئين والأشبال ، في ميادين كرة القدم والسلة ، في المسيرات والمظاهرات والندوات والدورات والساحات ، في الصحف والجرائد مع الأيام والإذاعة والتلفزيون والأولمبية والإتحاد ، تربطه علاقات وطيدة بالصغير والكبير ،طروة والحلمان وكاتلون والعلوي وائل وميرنا وسامح وعريقات وخليل والترتير وحنون وحجة وكل أركان المنظومة الرياضية ، وكأنه يضع بصمة أيمنا حل وارتحل .

لقد رحل الانسان الطيب ابن الأسرة الرياضية والإعلامية ، صاحب القلب الكبير الذي لم اره يوما منذ رفقة السنوات الطويلة الا ضاحكا ودودا يسعى الى نشر النقاء والمحبة بين الجميع حائلا دون ان تعكر اية مشكلة صفاء الاسرة الكبيرة اينما وجد ، لذلك كان لنا ملاذا ومخلصا نلجأ اليه وقت الصعاب ليطلق في وجوهنا ضحكته العالية وسخريته التي تمنحنا الاطمئنان

لم يكن محمد من محبي الشهرة والأضواء رغم عمله في الإعلام ، هو الذي كان يرى أن المناضل الحقيقي يعمل ويبدع وينتج بصمت ، ولا يحتاج لطلب الصدقات أو طرق الأبواب .

لم تتواجد جسداً في مباراة منتخبنا أمام ماليزيا ، لكن روحك تحوم بيننا ، وتضيئ لنا الدرب وتغذي روحنا بالأمل من بعدك ، حالك كحال من سبقوك من شهدائنا ، باسل سدر ، وعدي جبر وعاهد زقوت ومحمد القطري ،وقوافل الشهداء قناديل السماء المسرجة بالدماء الطاهرة والأنفس الزكية ، التي غدت وقوداً يحرك هذه القضية . .
يا محمد ونحن نودعك نعاهدك بأن نحفظ المبادئ وتنتصر العقائد وتحيى القيم وتنتفض النفوس ، فدماك الزكية تنثر الورود في الطرقات وفي الدروب ، فللشهيد خصال ووصال ، ودرجات رفيعات المنال ، لا يرقاها إلا الأبطال.

إن معادلة هذه الأمة تقول أن من يموت لأجل نفسه سيعيش صغيراً ويموت صغيراً ، ومن يعيش لأجل أمته سيتعب كثيرا ولكنه يعيش عظيماً ويموت عظيما ، والعظمة بكل معانيها وتفاصيلها تنساب انسيابا من دمك، وأنت عشت لأمتك ووطنك وشعبك وقضيتك ، فزرعت في كل مكان وفي كل قلب وفي كل نفس أسمى القيم ليتربى عليها الجيل تلو الجيل
الله أكبر يا شهيد وأنت تزرع فينا الأمل وتجدد في قلوبنا الحياة .

أنتم الأحياء ، وأنتم الحياة كلها ، بل أنتم الذين تصنعون من الموت أناشيد الحياة ، أنتم النصر كل النصر ، لأن النصر شجرة لا تروى إلا بالدماء ... إلا بالدماء ، سنذكرك يا بطل ، سنذكرك وفي القلب إشتياق لك ، سنذكرك في الصباح وفي المساء ، في الليل وفي النهار ، في كل وقت وحين ، ونحن نقول " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ، بل أحياء عند ربهم يرزقون .
.