تحقيق- إسرائيل اقترفت أكثر من جريمة حرب باقتحام الاهلي
نشر بتاريخ: 18/11/2015 ( آخر تحديث: 18/11/2015 الساعة: 21:08 )
رام الله- معا- توصلت مؤسسة الحق نتيجة تحقيقاتها الميدانية المستندة بشكل أساسي لشهادات شهود العيان والمدعومة بتصوير التقطته كاميرات المراقبة المنتشرة داخل المستشفى الأهلي في الخليل أن قوات الاحتلال ارتكبت أكثر من جريمة بقتلها للشاب عبد الله الشلالدة بعد مهاجمتها للمستشفى فجر الخميس الماضي، الموافق 12/11/2015.
وفي التفاصيل فإن مجموعة مكونة من 21 جنديًا من جنود الاحتلال يرتدون زيًا مدنيًا، تظاهروا بأنهم يرافقون امرأة على وشك الإنجاب، كانت تجلس على كرسي متحرك، هاجمت المستشفى الأهلي في مدينة الخليل عند الساعة الثالثة إلا ربعًا من فجر الخميس الموافق 12/11/2015، وقتلت الشاب عبد الله عزام الشلالدة البالغ من العمر 27 عامًا من بلدة سعير قضاء الخليل، أثناء مرافقته لابن عمه المصاب عزام عزت الشلالدة البالغ من العمر 21 عامًا.
وادعت قوات الاحتلال أن هدف القوة التي هاجمت المستشفى كان اعتقال الجريح عزام الشلالدة، الذي تتهمه بطعن مستوطن واصابته بجروح متوسطة، في منطقة وادي سعير بتاريخ 25/10/2015. كما تدعي أن عبد الله قام بمهاجمة الجنود أثناء محاولتهم اعتقال عزام فقاموا بإطلاق النار عليه، ما أدى لقتله. ولكن تحقيقات "الحق" تؤكد أن قوات الاحتلال أطلقت النار على عبد الله الشلالدة وقتلته دون أن يقوم بمهاجمتهم.
فوفقًا لشهادة قدمها خالد السويطي، من سكان دورا قضاء الخليل، والبالغ من العمر 50 عامًا، والذي كان يرقد مريضًا في نفس الغرفة التي قتل فيها الشلالدة، وشهادات أخرى، فإن خمسة أشخاص يرتدون زيًا مدنيًا، ويحملون السلاح، تدفقوا إلى الغرفة رقم 207 التي كان يرقد فيها، وكان الشاب عبد الله الشلالدة ينام على سرير آخر على الجهة اليمنى لسرير السويطي. اقترب أحد الأفراد الخمسة من السويطي وصوب مسدسه نحو رأسه، وأخبره بأنهم "جيش"، وفي تلك الأثناء كان عبد الله قد نهض من سريره ووقف في الغرفة، فقاموا بإطلاق رصاصة باتجاهه فأصابته، حيث سقط على الأرض. وبعد ذلك بلحظات قليلة أطلقوا عدة رصاصات أخرى على جسده، فقتلوه. وقام هؤلاء بعد ذلك باعتقال الشاب عزام الشلالدة، الذي كان يرقد في سرير مقابل سرير السويطي.
وأثناء مهاجمتهم للمستشفى قام هؤلاء بتهديد بعض أفراد طاقم التمريض ومنعوهم من التحرك داخل المستشفى تحت تهديد السلاح.
استنادًا للوقائع المبينة أعلاه فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت أكثر من جريمة أثناء تلك الحادثة، حيث قتلت الشاب الشلالدة دون مسوّغ قانوني، في وقت كان بإمكانها تجنب القتل، كما ارتكبت عددًا من الانتهاكات الأخرى التي قد تصل لمستوى جرائم الحرب، وهي كالآتي:
أولًا: الإعدام خارج نطاق القانون، حيث أن قوات الاحتلال قامت بقتل الشاب عبد الله الشلالدة دون أي مسوّغ قانوني، ذلك أن قوات الاحتلال كان بإمكانها التعامل مع الموقف دون اللجوء لاستخدام الذخيرة الحية، حتى لو افترضنا جدلًا أن الشلالدة قام بمهاجمة الجنود، وخصوصًا أنه لم يكن مسلحًا. إضافة لذلك، فإننا لو افترضنا كذلك أن عبد الله قام بمهاجمتهم، فإنه من المنطقي أن يقوم أي شخص يرافق مريض بالدفاع عن المريض في حال مهاجمته أو الاعتداء عليه، وخصوصًا أن المهاجمين في هذه الحالة متخفين بزي مدني، فمن أين لعبد الله أن يعرف ويتأكد أن هؤلاء جنود، وليسوا أفراد عصابة مثلًا. واستنادًا لهذا فقد يكون ما قامت به قوات الاحتلال قتلًا عمدًا يصل إلى مستوى جريمة الحرب، وخصوصًا أن هؤلاء أطلقوا النار على عبد الله أكثر من مرة بعد سقوطه على الأرض، ما قد يشير إلى أن الهدف هو القتل، وليس تحييد الخطر المدعى.
ثانيًا: مهاجمة مستشفى دون أن تدعو الضرورات العسكرية لذلك، في مخالفة واضحة لنصوص اتفاقية جنيف الرابعة، حيث نصت المادة 18 من الاتفاقية على أنه "لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء النفاس، وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات." وتحتفظ المستشفيات بهذه الحماية الممنوحة لها "إلا إذا استخدمت، خروجاً على واجباتها الإنسانية، في القيام بأعمال تضر العدو"، وفي الحالة قيد البحث لا يمكن الادعاء أن تواجد الشاب عزام لتلقي العلاج داخل المستشفى يعتبر خروجًا على واجبات المستشفى الإنسانية، حتى لو افترضنا أن ادعاءات قوات الاحتلال بأنه طعن مستوطن صحيحة، ذلك أن وجود عسكريين جرحى أو مرضى تحت العلاج في المستشفيات "لا يعتبر عملًا ضارًا بالعدو" وفقا للمادة 19 من ذات الاتفاقية.
ثالثًا: الغدر، حيث قام أفراد القوة التي هاجمت المستشفى بارتداء ملابس مدنيين، وتظاهر أحد أفرادها بأنه امرأة على وشك الإنجاب، وهاجموا المستشفى وقاموا بقتل شخص واحتجاز آخر، وفي هذا ما يمكن تكييفه على أنه غدر محرّم بموجب نص المادة 37 من البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف الأربعة، حيث نصت هذه المادة على أن "التظاهر بوضع المدني غير المقاتل" .... لـ "قتل الخصم أو إصابته أو أسره" محظور، وقد يصل هذا لمستوى جريمة الحرب أيضا.
رابعًا: الاعتداء على الطواقم الطبية ومنعهم من أداء عملهم، حيث أن اثنين من القوة المهاجمة أشهرا السلاح على ممرض وممرضة، وطلبا منهما السكوت وعدم التحرك من مكانهما، كما قاموا بدفع ممرض ثالث فور خروجه من غرفة التمريض ليستفسر عمّا كان يجري، وهذا قد يكيّف على أنه أحد تدابير "التهديد" و"الإرهاب" المحظورة بنص المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة.
بالنظر إلى حيثيات هذه الحادثة فإن مؤسسة الحق ترى في تصرف قوات الاحتلال عملًا ينطوي على تصرفات إجرامية ترتكبها عصابات منظمة، ولا يمكن لجيش نظامي يحترم القانون أن يقوم بها. كما تعرب المؤسسة عن قلقها إزاء مثل هذه الأفعال، وتأثيرها على المرضى في المستشفيات من حيث عدم شعورهم بالأمان، ذلك أنهم معرضون للمهاجمة والاعتقال وربما القتل في أي لحظة.
واعربت "الحق" عن قلقها إزاء تأثير هذا الحادث والحوادث المشابهة على أفراد الطواقم الطبية العاملين في المستشفيات، والذين يتعاملون بحسن نية مع حالات المرضى التي تأتي للمستشفى، وما سيخلقه مثل هذا الحادث من شكوك ومخاوف لديهم من التعامل مع الحالات المرضية المستقبلية، حيث كيف لهم أن يتأكدوا من أن من يجلس على كرسي المرضى امرأة مريضة أم شخص متخف بزي امرأة ويحمل السلاح وربما يطلق النار ويقتل بحجة أن حياته وحياة من معه قد تعرضت للخطر.
وطالبت بالتحقيق في هذه الحادثة ومساءلة من يقفون وراءها، وترى أن تهاون المجتمع الدولي مع الجرائم الإسرائيلية شجع قوات الاحتلال إلى التمادي في جرائمها وجردها أكثر فأكثر من أي معيار قانوني أو أخلاقي يحكم السلوك السوي لأي طرف في نزاع.