الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

انتظرته والدته 30 عاماً قبل أن تقدمه شهيداً

نشر بتاريخ: 21/11/2015 ( آخر تحديث: 21/11/2015 الساعة: 09:41 )
انتظرته والدته 30 عاماً قبل أن تقدمه شهيداً
رام الله - خاص معا - ثلاثون عاماً قضتها نظمية عليان وزوجها سعيد عليان في انتظار ابنهما الأول، والذي رزقا به قبل 20 عاماً، ولكن رصاصة واحدة فقط أنهت هذا الحلم، فاستشهد محمود، الذي عاش يتيماً بعد وفاة والده.

استشهد محمود مساء الخميس، بعد إصابته برصاصة معدنية مغلفة بالمطاط في الجهة اليسرى من الرأس، فأصيب إصابة خطيرة، وذلك أثناء المواجهات التي اندلعت بين الشبان وقوات جيش الاحتلال عند مدخل البيرة الشمالي قبل أكثر من أسبوع، ونُقل محمود على إثر الإصابة إلى مجمع فلسطين الطبي ليتلقى العلاج إلى أن سلّم الروح.

والدة الشهيد محمود عليان تقول بصبر تخالطه الدموع، طوال سنتين كان محمود يتمنى الشهادة، ونالها أخيراً، قال لها يوماً "من كثر ما بحبك يا أمي رح أخليكي تصيري أم شهيد".

30 عاماً انتظرته حتى أتى إلى هذه الدنيا، بعد عملية زراعة، وفقدته في أيام، ألم فراق طفلها لا يمكن وصف حدّته، لكن الشهادة في سبيل الله ووطنه كانت خياره.

دخل محمود في غيبوبة، فنقل إلى مستشفى "أسوتا" في "تل أبيب"، بهدف إجراء عملية لإزالة فتات الجمجمة، على الرغم من انخفاض فرص نجاح العملية. ولكن بعد تيقّن الأطباء الإسرائيليين بأن وضعه الصحي بات ميؤوساً منه، أعادوه إلى مجمع فلسطين الطبي، ليستشهد في اليوم التالي.

وقالت مصادر طبية ، إن محمود أصيب برصاصة استقرت في رأسه من الجهة اليسرى وتسببت بدخوله في غيبوبة، بعد أن هشمت جزءا من جمجمته وأدت إلى تلف في الدماغ، ما استدعي إجراء عملية جراحية، لكن ذلك لم يكن ممكناً بسبب دخوله في غيبوبة، حيث شكل إجراؤها وهو في هذه الحال خطراً حقيقياً على حياته.

وتؤكد المصادر، أن الرصاص المطاطي الذي يستخدمه الاحتلال بشكل مستمر في قمع المظاهرات والاحتجاجات، يصبح خطيراً جداً، ويشكل تهديداً لحياة الإنسان في حال كانت الإصابة من مسافة تقل عن 40 متراً، وهو ما حدث مع عليان.

محمود سعيد عليان من بلدة عناتا الواقعة شمال شرقي القدس المحتلة، عاش يتيماً بعد وفاة والده في وقت مبكر من عمره، وسببت إصابته حسرة مضاعفة في قلب والدته، التي رُزقت به بعد 30 عاماً من الانتظار، حيث أصيبت بصدمة عصبية بعد وصول نبأ إصابته، واتصلت بابنها عدة مرات للتأكد من أن الخبر ليس سوى كذبة، لكن الهاتف كان مغلقا دائماً.

ثمانية أيام قضاها محمود وهو في الغيبوبة، فيما كانت والدته تعيش في غيبوبة أخرى، فهي عاشت أياما أطول من تلك التي عاشتها في انتظار خبر حملها الأول، انتظرت خبراً يفيد بأن ابنها الوحيد، وفلذة كبدها قد يتمكن من الحياة، ليعود إلى حضنها.

فُجعت الأم باستشهاد ابنها الوحيد، بعد أن فُجعت بموت زوجها منذ سنوات، جراء مرض عضال، فباتت في وضع نفسي صعب، فقد فقدت الزوج والابن الوحيد، الذي كانت له الأب والصديق لتسانده في رسم حياته التي يريد.

على جمر الانتظار عاشت والدة محمود عليان، فكان الوقت يمر عصيباً بطيئاً، بعد أن تقرَّر خوض مغامرة التدخل الجراحي رغم صعوبة حالته الصحية، وسط مخاوف شديدة من التحاق الشاب بوالده، وهو ما جرى، لتشرب الأم حسرتها عليهما سوية.