نشر بتاريخ: 29/11/2015 ( آخر تحديث: 29/11/2015 الساعة: 18:31 )
رام الله- معا- أكدت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال على مواصلة قوات الاحتلال لسياسة انتهاك حقوق الأطفال الفلسطينيين من خلال حملة الاعتقالات الأخيرة بحقهم وقتلهم خارج إطار القانون، ومجموعة القوانين التي سنها الكنيست الإسرائيلي التي تنتهك حقوق الأطفال الممنوحة لهم بموجب قوانين حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
وقالت مؤسسة الضمير،"إن سلطات الاحتلال لجأت خلال الأسابيع الثمانية الماضية وسط تصاعد الهبة الشعبية الفلسطينية في القدس وبقية أنحاء الضفة الغربية المحتلة، إلى اعتماد سلسلة من السياسات والممارسات القاسية بحق الأطفال الفلسطينيين، خاصة في القدس، وفي إطار هذه السياسات، صادقت اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع على مشروع قانون جديد يقترح سجن الأطفال منذ جيل الثانية عشرة في حال إدانتهم بارتكاب جرائم "ذات دوافع قومية"، حيث صادقت الكنيست الإسرائيلية بالقراءة الأولى على مشروع القانون في 25 تشرين الثاني/نوفمبر بغالبية 64 صوتا لصالحه ومعارضة 22."
وتابعت، ويأتي مشروع القانون هذا في أعقاب توجيه النيابة العامة الإسرائيلية تهما للطفل أحمد مناصرة (13 عاما) شملت الشروع بالقتل من خلال تنفيذ عملية طعن في القدس الشرقية في الثاني عشر من تشرين الأول/ أكتوبر، مع العلم أنّ القانون الجنائي الإسرائيلي بنسخته الحالية يحظر فرض عقوبات بالسجن على الأطفال دون 14 عاما، وبدلا من ذلك وضعهم في مؤسسات أحداث للتأهيل وإعادة الإدماج.
وأقر الكنيست سلسلة من التعديلات على قانون العقوبات وقانون الأحداث الإسرائيلي بفرض عقوبة السجن لمدة عشر سنوات بتهمة إلقاء الحجارة أو غيرها من الأشياء على السيارات أثناء سيرها واحتمالية تعريض حياة الركاب للخطر أو التسبب بأضرار، في حين أنّ هذه العقوبة تتضاعف لتصل لعشرين سنة في حال إدانة الشخص بإلقاء الحجارة بغرض إيذاء الآخرين، كما خفضت التعديلات من مستوى سلطة القاضي التقديرية من خلال فرض عقوبة إلزامية بحد أدنى لا تقل عن خُمس العقوبة القصوى المحتملة وتقييد أحكام وقف التنفيذ فقط في ظل وجود ظروف وأسباب خاصة.
كذلك، أقر الكنيست تعديل قانون التأمين الوطني لحرمان الأطفال من مخصصات الضمان الاجتماعي في حال إدانتهم بارتكاب جرائم "بدوافع قومية" و"أنشطة إرهابية" خلال فترة أسرهم، والسماح لمحاكم الأحداث الإسرائيلية بفرض غرامات على عائلاتهم تصل إلى عشرة آلاف شيقل (ما يقارب 2،580 دولارا أميركيا).
تعرب مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فلسطين عن قلقهما البالغ والشديد إزاء هذه التعديلات والقوانين المقترحة التي تستهدف الشبان الفلسطينيين وتحديدا الأطفال.
واشارت المؤسسة الى ان في الوقت الذي ينبغي لهذه التعديلات والقوانين أن تطبق على الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، إلا أنها في الممارسة العملية وعلى أرض الواقع تستهدف المقدسيين والفلسطينيين في القدس والداخل المحتل.
وطبقت تغييرات سابقة في السياسات الإسرائيلية ذات الصلة بالجرائم بشكل حصري على الفلسطينيين، في حين يستفيد المتطرفون والمستوطنون الإسرائيليون من تجاهل حكومتهم للهجمات التي يرتكبونها بحق الفلسطينيين، وسجل إسرائيل في محاسبة جناة إسرائيليين متهمين بارتكاب اعتداءات ضد الفلسطينيين شبه خال.
وتأتي هذه التغييرات كجزء من حملة أوسع تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لقمع المظاهرات والاحتجاجات التي تجتاح القدس وباقي الضفة الغربية المحتلة منذ بداية شهر تشرين الأول أكتوبر الماضي، التي راح ضحيتها على الأقل 103 شهداء فلسطينيين، من بينهم 20 طفلا، كما أدت لمقتل 19 إسرائيليا.
عمليات الاعتقال الواسعة للأطفال
اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي وعلى مدى الأسابيع الثمانية الماضية ما يزيد عن ألفي فلسطيني، بينهم 350 طفلا على الأقل وفقا لإحصائيات مؤسسة الضمير، ليرتفع بذلك عدد الأطفال الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية من 156 طفلا في نهاية أيلول الماضي/سبتمبر إلى حوالي 400 طفل في تشرين الثاني/نوفمبر، بناء على تقارير مؤسسة الضمير.
وفي شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، افتتحت مصلحة السجون الإسرائيلية قسم أحداث جديد في سجن "جيفعون" بالقرب من مدينة الرملة، بهدف استيعاب الحجم المتزايد من الأطفال الفلسطينيين الذين جرى اعتقالهم.
واستنادا إلى شهادات الأطفال الفلسطينيين المحتجزين في هذا القسم، التي حصلت عليها مؤسستا الضمير والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، فإن ظروف الاحتجاز والمعيشة في هذا القسم غير مناسبة ولا تلبي المعايير الدنيا للاحتجاز.
كما أفاد الأطفال بأن مصلحة السجون الإسرائيلية تعمد إلى تطبيق سياسة العقاب الجماعي ضدهم من خلال حرمانهم من الزيارات العائلية واحتجازهم في الحبس الانفرادي.
ويشار إلى أنّ سلطات الاحتلال ما زالت تمارس سياسة سوء المعاملة بحق الأطفال الفلسطينيين وعلى نطاق واسع وبشكل ممنهج، حيث أشارت البيانات والتقارير التي جمعتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال بين شهري كانون الثاني/يناير، وحزيران/يونيو 2015، إلى أنّ 86% من الأطفال الفلسطينيين تعرضوا لشكل من أشكال العنف الجسدي بعد اعتقالهم، بزيادة 10% عن العام الماضي.
كما تفيد التقارير بلجوء المحققين الإسرائيليين إلى شبح الأطفال وتهديدهم ووضعهم بالحبس الانفرادي بهدف انتزاع اعترافات من بعضهم، وفي معظم هذه الحالات يحرم الطفل من استشارة محام، ولا يتم إطلاعه على حقوقه بشكلِ سليمٍ وكاف.
ومن هذه الأمثلة الطفل أحمد ناصر (17 عاما)، المحتجز حاليا في سجن "جيفعون"، الذي قال في إفادته لمؤسسة الضمير إنّه بينما كان في طريقه من المدرسة إلى البيت في القدس في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر، اعتدى عليه عدد كبير من الجنود والشرطة الإسرائيلية بالضرب المبرح ونقلوه إلى مركز للشرطة في مستوطنة قريبة مجاورة، وقاموا بلف قميصه حول رأسه ووجهه قبل تصويره، ومن ثم قامت النيابة العامة الإسرائيلية باستخدام هذه الصور لوجهه المغطى كدليل على مشاركته في المواجهات واتهامه بإلقاء الحجارة على شرطي إسرائيلي، وهي حالة من عدة حالات وثقتها مؤسسة الضمير في الأشهر الأخيرة.
وفي منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر، أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أوامر اعتقال إداري بحق ثلاثة أطفال فلسطينيين من القدس الشرقية لمدة ثلاثة أشهر، وفي الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني فرضت الاعتقال الإداري على طفل رابع من مدينة الخليل لمدة ثلاثة أشهر، والاعتقال الإداري هو حبس الأفراد لفترات طويلة دون تهمة أو محاكمة.
وتعتمد سلطات الاحتلال الإسرائيلي على قانون الطوارئ الذي يتيح استخدام سياسة الاعتقال الإداري في القدس، وهي سياسة لم تعتمدها إسرائيل بحق الأطفال المقدسيين منذ عام 2000 وفقا للتقارير الموثقة من قبل الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.
أمّا في الضفة الغربية المحتلة التي يجري فيها تطبيق القانون العسكري على السكان الفلسطينيين فقط، يسمح الأمر العسكري الإسرائيلي رقم 1651 بتطبيق سياسة الاعتقال الإداري لمدة تصل إلى ستة أشهر قابلة للتجديد لأجل غير مسمى.
ويشار إلىّ أن سلطات الاحتلال لم تطبق هذه السياسة بحق أي طفل فلسطيني من الضفة الغربية منذ كانون الأول/ديسمبر من عام 2011.
عمليات قتل الأطفال خارج إطار القانون
تعبر مؤسستا الضمير والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عن غضبهما الشديد إزاء التوجه الخطير في الاستخدام المفرط والمميت للقوة بحق الأطفال الفلسطينيين، فقد أكدت ووثقت الحركة العالمية ومنذ بداية تشرين الأول/أكتوبر، إقدام قوات الاحتلال على قتل 20 طفلا فلسطينيا خارج اطار القانون بذريعة محاولتهم تنفيذ عمليات طعن، باستثناء خمسة منهم قتلوا في ظروف أخرى، بالإضافة إلى جرح وإصابة 283 طفلا فلسطينيا آخر، استنادا إلى التقارير الأولية للحركة.
والجدير ذكره أنّ الطفل في القانون الدولي هو أي شخص دون سن 18 عاما.
وفي هذا السياق، قال مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عايد أبو قطيش إن "كاميرات المراقبة وتقارير شهود العيان في العديد من هذه الحوادث تشير إلى أنّ الطفل المهاجم لم يشكل تهديدا عندما أطلقت القوات الإسرائيلية النار عليه عدة مرات ومن مسافة قريبة. وفي حين أن كافة الدول لديها الحق في حماية مواطنيها من العنف، لكن لا يجوز استخدام العنف كمبرر للقتل خارج نطاق القضاء أو الاستخدام غير القانوني للقوة المميتة المتعمدة."
ومن الأمثلة على عمليات القتل خارج إطار القانون، قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر بقتل الطفل أحمد عوض أبو الرب (16 عاما) بالقرب من حاجز الجلمة شمال مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة.
وأفاد شاهد عيان للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال بأنّ خمسة جنود في جيب عسكري اقتربوا من أبو الرب وشاب فلسطيني آخر في محطة وقود فلسطينية بالقرب من الحاجز صباح ذلك اليوم، وقاموا بتفتيشهما والعثور على سكين بحوزة الشاب الآخر، مضيفا أن أبو الرب حاول الهروب والتلويح بالسكين في وجه أحد الجنود الذي قام بإطلاق النار على قدميه، ومن ثم وصلت عدة جيبات عسكرية إلى مكان الحادث وأمرت شاهد العيان بالابتعاد عن المنطقة.
وقال شاهد العيان إنّه خلال ابتعاده عن المكان رأى الطفل أبو الرب يجلس على ركبتيه وما يزال على قيد الحياة ومحاطا بعددٍ من الجنود.
وما يزال سبب وفاة الطفل أبو الرب والظروف الدقيقة للحادث مجهولة، وقد رفضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي فتح تحقيق في حوادث قتل مشابهة، ورفضت طلبات التشريح التي تقدمت بها عائلات الضحايا.
كما رفضت إحدى المحاكم الإسرائيلية طلبا تقدم به مركز عدالة ومؤسسة الضمير لتشريح جثة الطفل معتز عويسات (16 عاما)، الذي أصيب بطلقات نارية قاتلة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي والذي زعمت سلطات الاحتلال أنه حاول تنفيذ عملية طعن في القدس.
كذلك، أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على احتجاز جثث تسعة أطفال، الأمر الذي جعل التحقق بشكلٍ مستقل من تفاصيل وملابسات هذه الحوادث أكثر صعوبة.