غزة – تقرير معا - باتت الأزمة المتفاقمة في جامعة الأقصى بغزة تهدد مستقبل أكثر من 25 ألف طالب وطالبة وتعطل الحياة الأكاديمية في الجامعة التي تعتبر من أكبر الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتطورت الأزمة التي بدأت منذ قرابة ثمانية أشهر بشكل دراماتيكي متسارع بعد تجميد رواتب 11 أكاديميا واداريا وإقالة أربعة من أعضاء مجلس الجامعة واستقالة نقابة العاملين.
وتعكس أزمة الجامعة حالة عدم الثقة الناجمة عن استمرار حالة الانقسام السياسي في جناحي الوطن، إلا أن السبب المباشر يعود الى عدم الالتزام بقرار وزيرة التربية والتعليم السابقة خولة الشخشير بتعيين الدكتور عبد السلام أبو زايده، قائما بأعمال رئيس الجامعة خلفاً للدكتور علي أبو زهري الذي قدم استقالته على خلفية الحد من مهامه كرئيس للجامعة في الوقت الذي قامت فيه وزارة التربية والتعليم بغزة بتعيين الدكتور محمد رضوان قائما بأعمال رئاسة الجامعة.
وعلم مراسل "معا" من مصادر في الجامعة عن نقل عدد من موظفي غزة للعمل في جامعة الأقصى والذي يعد مخالفا لقرارات وزير التربية والتعليم العالي في الحكومة الفلسطينية.
وتجدد الفعل ورد الفعل حيث قامت وزارة التربية والتعليم في الحكومة الفلسطينية بقطع رواتب 11 أكاديميا وإداريا من الجامعة وعلى إثر ذلك قامت وزارة التعليم في غزة بإقالة أربعة عمداء من مجلس الجامعة.
وعلم مراسل "معا" أن نقابة العاملين في الجامعة والمشكلة من الأطر الوطنية وحركة حماس قدمت استقالتها للجمعية العمومية نتيجة تدهور الأوضاع في الجامعة.
الفصائل الفلسطينية التي تدخلت لإنهاء الخلاف منذ اندلاعه وصلت إلى طريق مسدود نتيجة تعنت الأطراف بمواقفها والذي سيؤثر سلبا على مستقبل الجامعة حيث يعيش أكثر 25ألف طالب وطالبة في جامعة الأقصى ونحو 1000 موظف في قلق نتيجة تصاعد الأوضاع في الجامعة.
ويرى أكاديميون أن استمرار هذه الأزمة قد يطيح بالجامعة بعد تهديد وزارة التربية والتعليم في الحكومة الفلسطينية بإلغاء ترخيص الجامعة.
وكان الدكتور أنور زكريا الوكيل المساعد لشؤون التعليم العالي في رام الله أرسل كتابا لرئيس مجلس الأمناء الدكتور كمال الشرافي في الجامعة قبل أربعة أشهر قال فيه:" الوزارة تمهل مجلس الأمناء أسبوعا آخرا من تاريخه للتوصل إلى حل توافقي يتماشى مع القانون وفي حال عدم التوصل لمثل هذا الحل سوف تتخذ الوزارة الإجراءات القانونية بحق الجامعة كما نص عليها البند الثاني من المادة 17 من قانون التعليم العالم الذي ينص على "يلغى الترخيص بقرار مسبب من الوزير إذا ثبت أن المؤسسة فقدت احد متطلبات الترخيص ولم تقم بتصحيح أوضاعها خلال ستة أشهر على الأقل و المادة 15 من الفصل الرابع من نظام الجامعات الحكومية علاوة على حصر أسماء المتسببين في الأزمة و اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
وعلم مراسل "معا" من أكاديميين في الجامعة أن وزارة التربية والتعليم في الحكومة الفلسطينية عادت ولوحت بتحويل الجامعة من حكومية إلى عامة.
يشار الى إن وزارة التربية التعليم في رام الله كانت قد قامت بإجراء دراسة قبل اربع سنوات حول امكانية تحول الجامعة من جامعة حكومية إلى عامة ولكنها لم تلقى القبول من العاملين في الجامعة.
الدكتور محمد العمور عضو نقابة العاملين المستقيل قال :"إن الجهود وصلت إلى طريق مسدود لأنه لا يوجد من يرغب في إيجاد حل حقيقي للازمة".
وراى العمور في حديث لمراسل "معا" أن الأزمة ذات بعدين اداري وآخر متعلق بحقوق العاملين بالجامعة".
واضاف "الاداري ان وزارة التربية والتعليم بغزة هي لا تقدم شيء للجامعة ومصرة التدخل في ادارتها، لم نعتد على قرار وكيل يلغي قرارا لوزير إلا في موضوع جامعة الأقصى هذا أمر غير مسبوق".
وتابع :"في المقابل وزارة التربية والتعليم في رام الله وهي التي من الناحية القانونية هي المسؤولة عن التعليم العالي في أراضي السلطة الفلسطينية لكن تأخرت كثيرا في التعامل مع الملفات منذ سبع سنوات ونيف من الانقسام كان ينبغي على الوزارة التعاطي بجدية في الملفات لكن هناك تلكؤ في التعاطي مع قضايا الجامعة العالقة".
وأشار العمور إلى أن نقابة العاملين قدمت مبادرة لانزال الجميع عن ما وصفها الشجرة ووضع الجميع أمام مسؤولياته لكن للأسف الكل متمترس بمواقفة حسب قوله.
وسرد العمور:" اربع عمداء في مجلس الجامعة من حق الوزير اقالتهم، كيف يقيلهم وكيل الوزارة بغزة ؟ كما هناك 25 الف طالب وطالبة و1000 موظف و 8 كليات في الجامعة إلى غاية الان لم يجدون مجموعة من الوطنيين يلزمون الجميع للرجوع للقانون". وتساءل لماذا لم تسمح وزارة التربية والتعليم بغزة لمجلس الأمناء أن يقوم بواجباته ؟ علما ان هذا المجلس توافقي 5 من حماس 5 من فتح 5 من المستقلين. وتساءل لماذا أعضاء مكتب سياسي بأحد الأحزاب يتدخلون في قضية تعليمية؟ موضحا ان القضية مناكفة سياسية وبهذا المناكفة يجلدون ظهر الجماعة ويغامروا بمستقبل أبنائنا الطلبة على حد قوله.
ويرى العمور في إنهاء الازمة هو أن ترفع الوزارة بغزة يدها عن الجامعة وأن تتولى الوزارة في الحكومة الفلسطينية مسؤولية الجامعة بضمان النظر بكل قضايا حقوق العاملين.
من ناحيته أكد طلال أبو ظريفة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية أن تمسك أطراف الجامعة بمواقفهم أوصل جهود الفصائل أوليا إلى طريق مسدود.
وقال أبو ظريفة لمراسل "معا" الفصائل ستواصل جهودها خاصة أن الشهر الماضي جرى قطع عددا من الرواتب، معتبرا هذه الخطوة أنها غير سليمة وستعقد الأمور، آملا إعادة النظر في سياسة قطع الرواتب.
وأضاف "لا خيار أمامنا في هذه المرحلة سوى إعادة المحاولات مرة اخرى وعلى الجميع أن يصغي لرأي الفصائل التي تريد وحدة الجامعة"، مشيرا إلى أن الفصائل بذلت جهودا على مدار الأيام السابقة مع كافة الأطراف ذات العلاقة من اجل وحدة الجامعة ووحدة المكونات التعليمية داخل الجامعة انطلاق من انه يجب تحييد المؤسسات التربوية والتعليمية والصحية من أي دائرة من دوائر التجاذبات السياسية .
وطالب القيادي في الجبهة الديمقراطية بإتباع سياسة اقتصادية واجتماعية توفر العمل للمواطنين وفتح أبواب التوظيف أمام الجميع بعيداً عن الولاء السياسي.
وجدد أبو ظريفة المناشدة للجميع أن الاستجابة لنداء العقل في هذه المرحلة التي نخوض بها انتفاضة ولا نريد حرف الأنظار عنها.
يشار إلى أن جامعة الأقصى تعرضت لنفس الأزمة قبل خمس سنوات وقد تم حل تلك الأزمة بتشكيل مجلس جامعة توافقي بعد تدخل الجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية.
تقرير: أيمن ابو شنب