نشر بتاريخ: 30/11/2015 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:09 )
بيت لحم- تقرير أحمد تنوح- حصري معا- اعتاد الطب الشرعي الفلسطيني من خلال عمليات التشريح لجثامين الشهداء أن يرصد نوعية الرصاص المتسبب بالقتل، حتى بات قادراً على معرفة نوعيته من النظرة الأولى.. لكن هذه المرة صدم أطباء التشريح بوجود نوعٍ جديدٍ من الرصاص بجسد بعض الشهداء، لم يسبق أن شاهدوه. من هنا حاولنا في "معا" أن نقف ونبحث عن ما هو الجديد والغريب في نوعية هذا الرصاص.
"رصاصة اسطوانية نحاسية بوسط متعرج ورأسية دائرية، جديدة وغير معروفة الهوية بحسب الطب الشرعي وخبراء الأسلحة لدى السلطة الفلسطينية، تمزق الاحشاء والأوردة والشرايين، أطلقها جنود الاحتلال خلال مواجهات في الخليل ورام الله، اخترقت جسدي الشابين جوابرة وداوود قبل عدة أيام، وتسببت على الفور بنزيفٍ دمويٍ حاد أسفر عن استشهادهما"، هكذا لخص لنا الأطباء الموقف مما دفعنا لمعرفة المزيد.
وفي محضر بحثنا وسعينا لتسليط الضوء على الواقعة حصلت وكالة "مـعـا" على تقريرين طبيين لنتائج تشريح جثماني الشهيدين خالد محمد جوابرة من الخليل، وإبراهيم عبد الحليم داوود من رام الله، واللذان ارتقيا خلال مواجهات مع الاحتلال الأسبوع الماضي.
وكشف التقريران أنهما استشهدا جراء اصابة كلٍ منهما، برصاصة "غريبة، جديدة، وغير متعارف عليها من قبل جهات الاختصاص الفلسطيني" ما دفع إلى تحويلها للمعمل الجنائي، للتحقيق بماهيتها وهل هي محرمة دولياً أم لا؟ وما هي آثارها على الجسد الذي تخترقه؟
العالول: لم اشاهد بحياتي مثل هذا الرصاص
إنطلاقاً من ذلك، قفز السؤال حول هل قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بإدخال أسلحة جديدة لقمع المتظاهرين الفلسطينيين بمدن الضفة خلال مواجهات "الهبة الجماهرية" الحالية؟
مدير الطب الشرعي في فلسطين، د. صابر العالول كشف لـغـرفـة تـحـريـر "مـعـا" أنه سلم النيابة الفلسطينية رصاصتين استخرجهما من جثماني الشهيدين جوابرة وداوود أثناء عملية التشريح، موضحاً: "طوال فترة عملي وتشريحي للعديد من جثامين الشهداء لم اشاهد بحياتي مثل هذه النوعية من الرصاص، والتي تتسبب بأضرار جسيمة لأعضاء الجسم، بأضعاف ما تسببه رصاصة الـ "M16"، ما يستدعي التحقيق إذا ما بدأ الاحتلال باستخدام أسلحة جديدة ضد الفلسطينيين".
نتائج تشريح الشهيدين توضح أثار الرصاصة على الجسد
وتعرض الشهيد خالد جوابرة (18 عاماً) من مخيم العروب إلى رصاصة واحدة نفذت واستقرت داخل جسمه، اخترقت الجهة اليمنى لأعلى البطن، وأصابت الكبد والشريان الابهري البطني، واستقرت ما بين الفقرة القطنية الأولى والثانية أسفل الظهر، ما تسبب بنزيف دمويٍ شديدٍ أدى لوفاته، يوضح العالول.
وبين أنه اجرى الكشف الظاهري على جثمان الشهيد إبراهيم عبد الحليم داوود (16 عاماً) من دير غسانه قضاء رام الله، ليتبين أنه أصيب برصاصة واحدة نافذة ومستقرة، وعند إجراء الصور الشعاعية تبين أن الرصاصة موجودة عند مستوى الضلع الحادي عشر الأيسر من الجهة الخلفية للصدر، مما تطلب إجراءً طبياً شرعياً، وذلك لإستخراج الرصاصة التي اصابت القلب وتسببت بنزيف دموي حاد.
وبالمقارنة بين الحالتين، تبين أن الرصاصة التي اصابتهما هي من نفس النوع "غريبة، غير مألوفة"، طولها حوالي (1 سم)، اسطوانية الشكل وليست مدببة، لونها اقرب للنحاسي، وما يميزها وجود حواف أو مبرية الوسط، وقد تكون شديدة السمية، بحسب ما قال مدير الطب العدلي الذي عرض هذه القضية على النيابة العامة ووزير العدل.
الخطوات القانونية المقبلة تستند على النتائج
"مـعـا" طرقت باب وزارة العدل الفلسطينية، وتحدثت إلى الوزير د. سليم السقا، فقال: إن الجهات المختصة ستجري تحقيقاتها حول ماهية هذا النوع من الرصاص والسلاح الذي اطلقت منه، و"إلى حين ظهور النتائج سيكون لنا خطوات قانونية لاحقة بحق الاحتلال".
وتابع: "ننتظر أن نحصل على إجابة من المعمل الجنائي حول هل هذه الرصاصة من النوع المحرم دولياً أم من نوع الرصاص العادي؟ وعليه نقرر إلى أين سنتوجه دولياً".
وأشار إلى أنه ومن خلال تقارير الطب الشرعي والتوثيق الميداني للإعدامات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين وأشرطة الفيديو، تعد السلطة ملفاتها فيما لو تم التوجه للمحاكم الدولية في الوقت المناسب، "فلا يمكن لإسرائيل أن تدعي أنها تدافع عن نفسها أمام الحجر بالرصاص".
النيابة تؤكد: استلمنا الرصاصات وسنستعين بالخبراء
من جهته، رئيس نيابة شمال الخليل علاء التميمي، أكد لـ "مـعـا" أنه تسلم الرصاص المستخرج من جثماني الشهيدين من الطب العدلي، قبل عرضه على خبراء أسلحة في وحدة الأسلحة وهندسة المتفجرات، وقد يتم الاستعانة بخبراء عسكريين في جهاز الأمن الوطني لاستيضاح ما إن كانت نوعية الرصاص والسلاح متعارف عليه.وكان الشهيد جوابرة استشهد الخميس الماضي في مواجهات مع الاحتلال في مخيم العروب شمال مدينة الخليل، في حين استشهد الفتى داوود متأثراً بإصابته برصاصة في خلال مواجهات مع الاحتلال برام الله في الحادي عشر من الشهر الحالي، وبقي على الأجهزة الاصطناعية إلى أن أعلن استشهاده الاربعاء الماضي.
ولوحظ مؤخراً خلال مواجهات الهبة الجماهرية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدام أصنافاً عديدة من الأسلحة والذخائر لقمع التظاهرات، ووثقت مؤسسات حقوقية العديد من هذا الأنواع، فمنها ما هو مستخدم منذ سنوات كالرصاص الحي والتوتو وقنابل الغاز والصوت، ومنها ما استحدث كالرصاص المعدني المغلف بالمطاط والرصاص الاسفنجي الأسود وسيارات ضخ المياه العادمة، ومنها ما هو جديد مثل رصاص "اسفوغ"، وأيضا الرصاص الذي أشرنا إليه في تقريرنا.