القدس - معا - استقبل المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس صباح اليوم وفدا من ابناء الرعية الارثوذكسية في مدينة الناصرة الذين يقومون برحلة حج الى القدس وبيت لحم.
وقد استقبلهم حنا في كنيسة القيامة حيث ابتدأت زيارتهم بالصلاة وسماع محاضرة للمطران عطا الله حنا ، وقد تحدث في كلمته عن مكانة القدس التاريخية والروحية والوطنية مؤكدا بأن مقدساتنا هي خير شاهد على تاريخنا وحضورنا العريق في هذه البلاد وفي هذه البقعة المقدسة من العالم ، كما تحدث عن عيد الميلاد وقد ابتدأت الكنيسة تستعد لهذا العيد بالصوم حتى نصل الى هذا اليوم المقدس الذي فيه نعيد لميلاد السيد المسيح الذي اتى فاديا ومخلصا ومعلما للبشرية ومناديا بقيم العدالة والمحبة والاخوة بين الناس.
وقال لا يجوز ان ننسى صاحب العيد في عيده ولا يجوز ان يتحول عيد الميلاد الى طعام وشراب وزينات وفي خضم هذه المعمعة الاحتفالية ان ينسى صاحب العيد الذي بدونه لا عيد ولا احتفال .
ليس من العيب ان نعبر عن بهجتنا بالميلاد في زينات واشجار وغيرها من المظاهر الاحتفالية ولكن العيب هو ان يبقى العيد مقصورا على هذه المظاهر الاحتفالية بعيدا عن صاحب العيد الذي اتى لكي يقدس حياتنا ويفتقدنا برحمته ومودته وحنانه الذي لا حدود له ، في عيد الميلاد كما في كل اعيادنا ومناسباتنا الروحية علينا ان نتعلم من سيدنا يسوع المسيح التضحية والفداء والخدمة والعطاء واولا وقبل كل شيء المحبة التي لا حدود لها .
فبدون المحبة نكون امواتا وعالمنا يكون قبر كبير وبالمحبة تتقدس البشرية وتتبارك .
نحن نطمح في عيد الميلاد بأن يكون عالمنا خاليا من العنف والقتل والموت وامتهان الكرامة الانسانية ، اننا نطمح في عيد الميلاد بأن تعود الانسانية الى القيم التي فقدتها ، فأصبح الانسان قاتلا ومجرما وممتهنا لحرية اخيه الانسان وكرامته اننا نطمح في عيد الميلاد الى ان تتوقف الحروب وان يتوقف استعمال الاسلحة الفتاكة ، وان يتوقف الارهاب الذي يستهدف الابرياء بكافة اديانهم وانتمائتهم .
عيد الميلاد يذكرنا بأن الانسان خلق من اجل الخير وليس من اجل الدمار والخراب ، والمسيح بميلاده قدم لنا صورة ناصعة بمحبته وتواضعه وهو ينادينا ويحث كل واحد منا على ان نخدم الانسان ونضحي في سبيله .
نحن في فلسطين نتمنى ونصلي من اجل العدالة فلا نريد ان يبقى شعبنا الفلسطيني يعيش في اجواء الاحتلال والعنصرية والقمع والظلم ، لا نريد لهذه الاسوار والحواجز العنصرية ان تبقى فالانسان خلق لكي يكون كائنا حرا ، لا ان توضع امامه اسوار وحواجز تمنعه من حرية التنقل من مكان الى مكان .
نحن المسيحيون الفلسطينيون منحازون لشعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة فهذا هو شعبنا وقضيته قضيتنا وآلامه واحزانه هي آلامنا واحزاننا ، ومع سقوط كل شهيد يعتصرنا ألم وحزن ومع كل جريح نرفع ادعيتنا من اجل شفاءه وعودته سالما .
نحن لسنا جماعة منعزلة عن هذا الوطن ونحن لسنا طائفة تعيش بين اسوار بعيدة عن حياة الناس وهمومهم وقضاياهم ، إن كنيستنا هي كنيسة تعيش آلام الناس ومعاناتهم وهي معهم في طريقهم نحو الكرامة والحرية والاستقلال .
لا نريد للمسيحيين ان يتقوقعوا ولا نريدهم ان يبتعدوا عن قضايا امتهم وشعبهم كرد فعل على ما يحدث في منطقتنا العربية .
نريد للمسيحي الفلسطيني ان يكون مسيحيا وان يكون فلسطينيا عربيا في آن وان يكون عضوا فاعلا في هذا المجتمع الذي ننتمي اليه بكل جوارحنا وافكارنا .
في عيد الميلاد نلتفت الى بيت لحم ، فما اجمل ان تتلقي الناصرة وبيت لحم في الميلاد ، ففي الناصرة كانت البشارة السارة بميلاد المخلص ، وفي مدينة بيت لحم تحققت هذه البشرى في مغارة الميلاد حيث ولد لنا طفل وهو المخلص .
انني ارحب بزيارتكم للقدس وبيت لحم فلنصلي معا من اجل فلسطين الجريحة وشعبها الجريح فلنصلي من اجل الاسر المكلومة والحزينة ومن اجل كل انسان معذب ، فلنحتضن بصلواتنا وادعيتنا كافة المتألمين والجرحى والحزانى لأننا مطالبون بان نحب اخينا الانسان وان نتعاطى معه كأخ في الانتماء الانساني البشري .
فلنصلي من اجل سوريا التي يجب ان تكون حاضرة معنا في كل دعاء وفي كل صلاة سوريا هي ارض مقدسة مباركة يريدها الاعداء ان تتحول الى دمار وخراب ، ولكن الرب لن يترك سوريا ونحن بصلواتنا وادعيتنا نتمنى بأن يتوقف الارهاب في هذا البلد ، وان تعود سوريا بلدا للمحبة والاخوة والسلام ، ونصلي من اجل اخوتنا المطارنة المخطوفين ومن اجل كافة المخطوفين .
نصلي من اجل العراق وكافة دول مشرقنا العربي التي يعصف بها الارهاب والقتل والعنف .
رسالتنا في عيد الميلاد اننا شعب يتوق الى السلام المبني على العدالة واعطاء الحقوق لأصحابها .
لا يمكننا ان نقبل بسلام هو في واقعه استسلام وقبول باستمرارية القهر والظلم والاحتلال ، سلامنا هو سلام العدالة وانهاء الاحتلال والقهر والظلم الذي يتعرض له شعبنا الفلسطيني .
وبعد الصلاة في كنيسة القيامة توجه الوفد الى مدينة بيت لحم لزيارة كنيسة المهد.