رام الله - معا - دعت وزارة الخارجية الى استكمال العمل وعلى أعلى مستويات التنسيق ما بين دولة فلسطين والمملكة الأردنية الهاشمية، للدور الرئيس الذي يلعبه الأردن الشقيق كونه صاحب الوصاية الدينية على المسجد الأقصى المبارك، انطلاقاً من تصريحات جلالته ومواقفه المشجعة.
وادانت وزارة الخارجية بأشد العبارات عمليات الاقتحام اليومية للمسجد الأقصى المبارك التي تنفذها منظمات الهيكل المزعوم، وقيام ما تسمى منظمة "عائدون إلى جبل الهيكل" بتنظيم مسيرة في بلدة القدس القديمة، وقيام نائب وزير جيش الإحتلال "إيلي دهان" برفقة قوات إسرائيلية ومسؤولين وطلاب من منظمة "عطيرت كوهيم"، بإضاءة شمعة الحانوكا الثالثة "في رباط الكرد الملاصق للمسجد الأقصى المبارك، في تصعيد جديد يستهدف تحويل رباط الكرد الذي هو وقف إسلامي مقدس وخالص إلى " مقدس يهودي ".
رغم جميع التحذيرات والصرخات والإستغاثات والنداءات والدعوات التي صدرت عن وزارة الخارجية الفلسطينية على مدار السنوات الماضية، والتي تكثفت خلال العام الجاري لتحذير العرب والمسلمين والعالم من مخاطر ما تقوم به سلطات الإحتلال من تغيير للوضع القائم في الحرم القدسي الشريف، وما تنوي القيام به من تهويد كامل له، بدأ بفرض التقسيم الزماني ثم المكاني، رغم كل هذه الإستغاثات إلا أن ردود الفعل كانت محدودة، الأمر الذي شجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأجهزته وأدواته المختلفة على استكمال مخططاته الرامية لتهويد الحرم الشريف بالكامل.
رغم الجهود المشكورة التي بذلها الملك عبدالله الثاني، ملك المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة لوقف هذه الإعتداءات، ورغم الوعود التي حصل عليها، والمقترحات النوعية التي تقدم بها، إلا أن كل ذلك لم يمنع الحكومة الإسرائيلية من مواصلة تنفيذ مخططاتها التهويدية للمسجد الأقصى المبارك، واقتحاماتها اليومية التي استمرت دون توقف رغم الأحوال الأمنية المختلفة التي سادت مدينة القدس، وتحديداً في البلدة القديمة. إن دولة إسرائيل كقوة إحتلال، تريد أن تزرع في عقول جميع العرب والمسلمين والعالم أن لها حقاً في الحرم الشريف يجب القبول به، وأن الاقتحامات اليومية لا يمكن وقفها رغم كل التدخلات، وأنها أصبحت أمراً عادياً ومألوفاً، وأمراً واقعاً مفروضاً لم يعد يتحدث به أحد، مما يمهد لإنتقال التحرك الإسرائيلي إلى المستوى الآخر والأخطر، وهي عملية التقاسم المكاني من خلال البدء قريباً بالتركيز على تحديد مكان بعينه داخل الحرم الشريف، يخصص لإقامة الصلوات والشعائر اليهودية والتلمودية فيه.
من الواضح أن نتنياهو وإدارته يقرأون بكل وضوح هذا المشهد، وبناءاً على طبيعة وحجم ردود الفعل يتحركون في تنفيذ مخططهم. يبدو أن مستوى ردود الفعل والمواقف العربية والإسلامية السابقة لم تتمكن من وقف سياسة إسرائيل لفرض التقاسم الزماني كما تظهره الوقائع يومياً وإنما تعطيله مؤقتاً. وعليه فالمطلوب من العرب والمسلمين قبل غيرهم عقد اجتماعات طارئة وعلى أعلى المستويات لمواجهة هذا التحدي الرئيس، ولتحمل المسؤولية حيال الخطر الحقيقي الذي يهدد الحرم الشريف.