نشر بتاريخ: 14/12/2015 ( آخر تحديث: 17/12/2015 الساعة: 15:18 )
بيت لحم- معا- تجمع طابوران طويلان من مقاتلي وحدة "شيمشون" ليلة الاثنين الماضي على احدى التلال في الجهة الشمالية لمستوطنة "افرات"، وشرعوا بالاستعداد لليلة اعتقالات اخرى في ظل تحول عمليات الاعتقال التي تستهدف المتورطين في عمليات "ارهابية" والمشاركين في اعمال "اخلال بالنظام"، بمشهد اعتيادي وعمل روتيني خلال الاحداث الاخيرة التي تشهدها الضفة الغربية.
لكن هذه المرة قررت وحدة "شيمشون" مفاجئة سكان مخيم الدهيشة عبر اقتحامه سيرا على الاقدام دون استخدام وسائل نقل عسكرية.
بهذا التوصيف الاولي استهل مراسل موقع" nrg" العسكري "يحاي عوفر" تقريره المطول الذي لخص فيه ليلة طويلة من المواجهات والاعتقالات، رافق فيها جنود " شمشون" اثناء اجتياحهم مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم.
اعتقلت وحدة "شمشون" خلال الاسابيع الاخيرة 300 فلسطيني وذلك في سياق عمليات القيادة العسكرية الوسطى الهادفة الى وقف العمليات الفلسطينية حسب تعبير المراسل العسكري.
"نعمل حيثما توجد حاجة لذلك وفي الوقت الذي نراه مناسبا وبالقوة التي نرها ضرورية ولا يوجد مكان لا تصله قوات الجيش، وتنفذ فيه ما تريد وما تراه ضروريا وسنصل الى كل من يعمل فيه الارهاب او يحلم بذلك في الليل ونعتقله" قال قائد وحدة "شمشون" المقدم "دودو شابيرا".
"انضممنا للجنود بعد اقرار الخطة وتلقينا التعليمات من المقدم شابيرا وتحولت هذه الليلة أنا والمصور "ناتي شوحك" الى جزء من الكتيبة المساعدة وحصلنا على الارقام المعدنية "للتعريف"، وامرونا بالسير والتقدم في خطوات عسكرية منظمة، وقال المراسل العسكري الذي سنترجم منذ الان تقريره كاملا دون تصرف مستخدمين مصطلحاته ومفرداته، كما وردت في التقرير لضرورة تعميم الفائدة ونقل الصورة القلمية من الجهة الاخرى المقابلة لشبان وسكان المخيم وحتى نرى الاجتياح والاعتقالات وكذلك المواجهات بعيون جنود الاحتلال.
سرنا عبر الطريق المظلمة والازقة الممتدة من الجزء الشمالي من مستوطنة "افرات" باتجاه مخيم الدهيشة ومررنا بضواحي قرية ارطاس وبرك سليمان ليستقبلنا مخيم الدهيشة مع منتصف الليل بالشعارات والجداريات الى جانب بيانات وكتابات للجبهة الشعبية، ذلك التنظيم الذي يحظى بتأييد كبير بين سكان المخيم معلقة تقريبا في كل مكان وزاوية.
وعلى مدخل احد الازقة برزت عبارة "ضاحية الشهداء ترحب بكم" مكتوبة باللون الاحمر على احد الجدران الاسمنتية، فيما ظهر في زقاق أخر رسما كبيرا لصورة احد ابناء المخيم الذي قتل خلال المواجهات مع الجيش.
لم تكن "بلدة" الدهيشة في أي وقت من الاوقات ودية اتجاه العمليات العسكرية الاسرائيلية، وهذا الامر ينطبق على عملية هذه الليلة وهنا اندلعت مواجهات في احد اجزاء المخيم الذي كانت تعمل فيه قوات تابعة لسلاح المدفعية، ووقعت اعمال "اخلال بالنظام" عنيفة جدا تضمنت القاء زجاجات حارقة وعبوات ناسفه محلية الصنع "كواع" باتجاه قوات المدفعية التي اضطر جنودها لإطلاق النار الحية باتجاه المتظاهرين، وقد سمعنا طيلة ساعات الليلة اصوات الانفجارات ومع ساعات الصباح وبعد انتهاء عملية الاعتقال تلقينا تقريرا من "قائد الارتباط والتنسيق الاسرائيلي" أن فلسطينيا من سكان المخيم قد قتل بنيران الجيش.
عملت في المخيم اربع فرق بقيادة قائد اللواء الاقليمي "اللواء رامون غوفمان". القي على عاتق وحدة "شمشون" مهمة اعتقال ثلاثة شبان من قادة المظاهرات وأعمال الاخلال بالنظام التي يشهدها محيط قبر راحيل.
"ثلاثة من ثلاثة في ايدينا"
يقيم في مخيم الدهيشة القريب من بيت لحم 27 الف نسمة وقياسا بالمدينة الوادعه والهادئة نسبيا يعتبر المخيم عشا حقيقيا للدبابير "عش دبابير" فالكثير من سكان المخيم متورطون بأعمال الارهاب والإخلال بالنظام العام وكل سيارة عسكرية اسرائيلية تدخل المخيم تتلقى الرد الفلسطيني المدوي، زجاجات حارقة، وحجارة، وعبوات ناسفة "كواع"، واخلال بالنظام على نطاق واسع لذلك قرر قائد الوحدة هذه المرة التحرك سيراً على الاقدام وبهدوء تام.
وخلافا لبقية المخيمات حيث يمكن للمرء أن يلمس الفقر و"النتانة" التي تطل من كل زاوية وشارع يعتبر مخيم الدهيشة متطور نسبيا حيث ترى السيارات الحديثة تجثم امام البيوت، بعضها يحمل لوحات تسجيل اسرائيلية "صفراء" وبيوت المخيم كبيرة وواسعة.
يتفحص الجنود قبل انتقالهم من شارع إلى اخر المنطقة بكل اهتمام للتأكد من خلوها من الناس ويسبب ضوء سيارة مفاجئ في ارباك المقاتلين المتأهبين رغم أنهم ليسوا في لبنان أو قطاع غزة.
وفي خلفية هذا المشهد تسمع اصوات الانفجارات القادمة من المواجهات المندلعة في القسم الاخر من المخيم، ومع مرور الوقت تقترب لحظة الاعتقال والقوات تدرك الحاجة لتنفيذ عملية سريعة وضرورة الاختفاء ومغادرة الميدان قبل بزوغ ضوء الفجر لتجنب مواجهة عنيفة مع السكان.
وكان الزقاق الذي اراد قائد الكتيبة وجنوده الوصول عبره الى منزل المطلوب اعتقاله كان مغلقا وبعد فترة استشارات قصيرة تم تغيير مسار سير القوة، وشرعت بتنفيذ عملية الالتفاف العسكري وفعل البرد والريح المحملة بالغاز المسيل للدموع فعله، وبدأت الحرقة في العيون واقتربنا من منزل المطلوب وهو في 23 من العمر ويسكن مع والديه وشقيقه ويعتبر واحدا من قادة المظاهرات في منطقة قبر راحيل، وحتى تتم ادانته يستخدم الجيش بعض الصور التي ظهر فيها اثناء مشاركته في المظاهرات والأحداث العنيفة، وبعد عدة ضربات على باب المنزل وعملية تفتيش سريعة تم اعتقال الشاب اقتياده للتحقيق، فيما اخذ والديه وشقيقته باستعطاف الجنود حتى لا يؤذونه وإن يتركوه وشأنه لكن الجنود يقدونه ويقتادونه معهم لتحقيق في جهاز الشاباك، وهنا يتلقى قائد القوات المسؤول ايضا عن عمليات اعتقال اضافيتين من تقارير تؤكد اعتقال الاخرين، وينقل هذا التقرير عبر جهاز الاتصال اللاسلكي الى قائد اللواء قائلا "ثلاثة من ثلاثة اصبحوا بأيدينا ومستمرون بتنفيذ المهام الاخرى".
وقبل أن يغادروا المخيم وصل الجنود إلى منزل احد الاشخاص على علاقة باعمال الارهابية وحذروه من مغبة القيام بأي شيء، ومع انطلاق صوت المؤذن بدأ الجنود بالاستعداد لمغادرة المنطقة تاركين المخيم الى روتينه اليومي.
"محادثات تحذير"
"شهد الشهران الاخيران ارتفاعا ملحوظا في مستوى الاعمال الارهابية"، قال المقدم "شابيرا" في نهاية العمليات في مخيم الدهيشة.
وأضاف "حتى قبل عدة اسابيع كان هناك ارتفاعا في مستوى عمليات الارهاب الشعبي خاصة على مفترقات الطرق، لكن وبفضل عمليات غير محدودة كتلك التي جرت الليلة في الدهيشة، وفي اماكن اخرى نجحنا في خفض الارقام ويمكن القول إن الحجم قد هبط بشكل جوهري وأدخلنا الكثير من النشطاء الى السجن خلال العمليات الهجومية التي قمنا بها، وكلي امل أن خلق هذا الامر هدوء ويردع اصدقائهم، وقد بدا هذا يؤثر في عدد المشاركين في عمليات الاخلال بالنظام، فبعد أن تعتقل خمسة أو عشر اشخاص ترى الاثر العملي لهذه الاعتقالات عبر عدد المشاركين في المظاهرات، واعمال الاخلال بالنظام، والان يمكن القول إن خمسة أو ستة اشخاص فقط من كل مئة شخص يشاركون في هذه الاعمال لقد قمنا بالكثير من الاعمال لكن لا توجد بطاقة تأمين كاملة".