نشر بتاريخ: 15/12/2015 ( آخر تحديث: 16/12/2015 الساعة: 08:12 )
غزة- معا- بعد تخرجها من الجامعة وهي خريجة من قسم التاريخ حصلت وفاء على وظيفة في إحدى رياض الأطفال في قطاع غزة باجر لم يتعد الـ400 شيكل فقط على أن يزيد المبلغ بعد أربعة شهور من العمل فقبلت وفاء العرض السخي في ظل ارتفاع معدلات البطالة وتدني فرص العمل.
استمرت وفاء في العمل وزاد راتبها إلى 600 شيكل في مقابل أن تزيد عدد ساعات دوامها الى الساعة الخامسة مساء على آمل أن يزيد الراتب إلى ضعف كما وعدت من قبل مديرة المؤسسة إلا أن وفاء استمرت في العمل لديها دون اجر وتقول:"رغم التأخيرات في صرف الرواتب إلا أنها امتنعت عن صرف الرواتب لمدة تزيد عن ستة أشهر خلال فترة عمل وفاء في رياض الاطفال".
انتقلت وفاء بعدها للعمل في مدرسة تتبع لهذه الروضة إلا أن صاحبة المؤسسة لم تلتزم بالدفع لعام كامل اضطرت بعدها وفاء للتبليغ عنها والمطالبة باجر ساعات عمل عملتها طوال السنة تتقاضها شهريا بقيمة 100 دولار إلى حين انتهاء المبلغ.
قصة وفاء وغيرها العشرات تفتح الباب حول الحد الأدنى للأجور في مؤسسات رياض الأطفال ودور الحضانة العاملة في قطاع غزة.
150- 200 شيكل فقط
المحامي كارم نشوان باحث قانوني ومدرب حاصل على درجة الماجستير في حقوق الإنسان أكد أن هناك انتهاكات عديدة تقع على العاملات في رياض الأطفال ودور الحضانة خاصة تدني الأجور فمتوسط الأجور من 150 شيكل لـ200 شيكل تقريبا كما يقول مبينا أن هذه الأجور تعتبر انتهاك كبير لحقوقهم.
وأشار نشوان أن العاملات في رياض الأطفال يخضعن لقانون العمل خاصة إذا كانت تنطبق عليهن شروط العمل الثلاثة وهي بذل الجهد والعمل تحت إدارة وإشراف صاحب العمل والحصول على الأجر وأضاف:"هذه هي شروط العامل وهي ذات الشروط المتوفرة في العاملات في رياض الأطفال وبالتالي يجب أن يخضعن لقانون العمل الفلسطيني ويتمتعن بكافة حقوقه ولكن هناك انتهاكات عديدة بعمل هذه الفئة من النساء".
ولفت نشوان إلى أن عدم تحديد الحد الأدنى للأجور خاصة أن قانون العمل الزم وزير العمل التعاون مع النقابات العمالية ومنظمات أصحاب العمل بتحديد الحد الأدنى للأجور لمنع الاستبداد وهذا الإلزام لم تقم به الحكومات المتعاقبة إلا في العام 2014 قام وزير العمل بالضفة الغربية بتحديد الادنى للأجور 1450 شيكل بينما في قطاع غزة لم يحدد الحد بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة فكلما زاد عرض القوى العاملة زاد الاستغلال لدى أصحاب العمل وقلة وعي العاملات في رياض الأطفال وعدم وجود جسم نقابي قوي للدفاع عن حقوقهم وطالبهم كل هذه الأسباب مجتمعة دفعت إلى انتهاك حقوق هذه الفئة العاملة من النساء.
كما لفت نشوان إلى أن غالبية العاملات في رياض الأطفال يقمن بأكثر من عمل فقد تكون مدرسة أو عاملة نظافة أو مراسلة داخل المؤسسة فليس لديهن حسب نشوان عمل محدد يقمن به وإنما أي عمل في إطار أعمال رياض الأطفال.
وعن دور السلطة في دعم مؤسسات رياض الأطفال أشار نشوان إلى أن هذه المؤسسات لا تعتبر من القطاعات الواجب تقديم الخدمة فيها مجانية من قبل الدولة لذلك لان التعليم الأساسي يبدأ من الصف الأول داعيا إلى إدماج هذه القطاعات من رياض الأطفال ودور الحضانة في إطار عملها خاصة أن هناك العديد من الأسر الفقيرة التي لا تستطيع توجيه أطفالها نحو هذه المؤسسات الخاصة.
الفجوة بين القانون والتطبيق
ورغم قوة الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ونصوص تشريعات العمل التي تحظر التمييز الاقتصادي ضد المرأة، إلا أنه لا زالت هناك فجوة واسعة ما بين النصوص القانونية من جانب والترجمة العملية لهذه النصوص من جانب آخر، فغالبية الدراسات والأبحاث والتقارير تشير إلى استمرار استغلال المرأة في سوق العمل.
زينب الغنيمي مديرة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة أكدت أن كل إمرة تعمل وتتقاضى اجر ينطبق عليها قانون العمل في القطاع الخاص أي كان موقع عملها.
وقالت الغنيمي:"ما الأجر الذي تتقاضاه هذا موضوع آخر لان حماية القانون تشملهم إذا تقدموا في شكوى في اعتداء على أجرهم وعدم احترام حقوقهم العمالية المنظمة وفق القانون والبند الخاصة ببند النساء الخاصة بإجازة أمومة أي مخالفة لهذا تستطيع التقدم بشكوى ضد صاحب العمل".
وأكدت الغنيمي من خلال مشاهدتهم كمراكز حقوقية انه لا يوجد التزام بالحد الأدنى للأجور خاصة في قطاع رياض الأطفال لأنه قطاع ربحه قليل وأصحاب العمل يبحثون عن منفعتهم مشددة انه من دون دعم رياض الأطفال من قبل الجهات الرسمية لن تستطيع تغطية تكاليفها.
للنهوض بواقع العاملات في رياض الاطفال
الغنيمي ونشوان كلهما أكد على أهمية دعم هذه المؤسسات من قبل الجهات الرسمية بموازنات داعمة من التربية والتعليم والجهات المانحة لأنها مؤسسات تشغيلية بالإضافة إلى تحديد الحد الأدنى للأجور وتنشيط دور دائرة التفتيش العمالي في وزارة العمل وتفعيل دور نقابة العاملات في رياض الأطفال خاصة انه ليس لديهن نقابة واستهداف العاملات بالتوعية والتثقيف للمطالبة بحقوقهم في إطار النهوض بواقع العاملات في رياض الأطفال.
إهمال حقوق العاملات إهمال للطفولة
في دراسة نشرتها مركز شئون المرأة حول "العاملات في دور الحضانة ورياض الاطفال ما بين نصوص قوانين واستغلال سوق العمل" أكدت أن إهمال حقوق العاملات في دور الحضانة ورياض الأطفال وانتهاك حقوقهن إنما يعني إهمال الطفولة في مرحلة الطفولة المبكرة وانتهاك حقهن هو في ذات الوقت انتهاك لحقوق الأجيال الجديدة، ويشكل دائرة لا تنتهي من التجاوزات والتهميش.
وكشفت الدراسة عن حجم الانتهاكات التي يتعرضن لها، إذ تتعرض 10.3% منهن للعنف في محيط عملهن وتراوح ما بين العنف الاقتصادي والجسدي، كما يتم استغلال العاملات برواتب زهيدة تكاد لا تتجاوز الحد الأدنى لهن فقد تراوح متوسط الأجر النقدي لهن ما بين 200 إلى 1500 شيكل بمتوسط حسابي بلغ 493 شيكل، هذا ولا تملك 60% منهن أي عقود عمل مكتوبة ويعتمدن على التعاقد الشفهي فقط مع أصحاب العمل.
كما وتعددت أسباب العمل التي دفعتهن للعمل ما بين توفير احتياجاتهن الخاصة بنسبة 28%، و25% يعملن للمساهمة في دخل أسرهن، و22% لجأن لهذا العمل لعدم وجود فرص بديلة، الأمر الذي يجعلنا نتفهم ما ورد في نتائج الدراسة بزيادة عدد الجامعيات اللواتي يعملن في رياض الأطفال حيث بلغت نسبتهن 69%، بينما 23.5% لديهن مؤهل ثانوي.
تقرير: هدية الغول