ام الله -معا - أجمع المشاركون في الطاولة المستديرة التي نظمها معهد العالم العربي للبحوث والتنمية (أوراد) على أهمية التواصل بين القيادة الفلسطينية وجيل الشباب فيما يخص الهبة الحالية، وفي ظل غياب المظلة السياسة الجامعة للكل الوطني والتي من شانها أن ترفع هذه الهبة الى مستويات تحقيق أهداف وطنية تعجل في التحرك نحو الاستقلال واقامة الدولة الفلسطينية، مؤكدين على أن الهبة الجماهيرية أو الانتفاضة الحالية هي عفوية وفردية نتيجة لحالة الإحباط واليأس من الوضع العام الفلسطيني جراء فشل أوسلو والمفاوضات التي استمرت عبر أكثر من 20 عاما.
وأكد المشاركون أن أسباب الأحداث الحالية تراكمية وجاءت بفعل عدة أحداث أهمها: حرق الطفل محمد أبو خضير في القدس وكانت تلك الشرارة، وحرق عائلة الدوابشة في نابلس، بالإضافة إلى استمرار عمليات التهويد والاعتداء على المقدسات والأهالي في القدس الشرقية، كما أن ذلك بمجمله تزامن مع خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة أواخر شهر أيلول الذي عبر فيه عن استياءه من عدم التزام السلطة بالاتفاقات الموقعة مع اسرائيل، طالما أنها لم تعد ملتزمة بها.
وفي بداية اللقاء، استعرض د. نادر سعيد مدير عام معهد اوراد، أهم النتائج الرئيسية للاستطلاع وبين أن الشباب الفلسطيني متشائم بالمستقبل في ظل الظروف الحالية، واحساسه بأنه مهمش في صنع القرار السياسي وفي ظل شح الفرص الاقتصادية أمامه، وهذا تجلى في الاستطلاع، وبنفس الوقت، فإن الشباب الفلسطيني ينظر إلى أن الفرص المتاحة أمامهم غير مرضية، موضحا أن الشباب يدرك أن هذه الاحداث لن تحدث تغييرا للواقع الحالي ومع ذلك فهو مستمر بها مهما كانت العواقب.
وأضح د. سعيد أن الشباب الفلسطيني مدرك لخطورة الوضع القائم ويشير بعبارات عديدة الى وجود فجوة كبيرة بينه وبين القيادة الفلسطينية حول التعاطي مع مجريات هذه الهبة الجماهيرية، وبالتالي فان هذا ما يفسر التقييم غير الايجابي لأدوار الجهات التنظيمية والحزبية والقيادية.
ومن جانبه، يرى الصحفي علي عبيدات أن السلطة الفلسطينية ليست وحدها من يتحمل مسؤولية هذا الاحباط، فان بقية الأحزاب والقوى الوطنية والاسلامية جزء مهم في هذه المعادلة وهم بعيدون عن الشارع الفلسطيني الذي بكل أطيافه يؤيد هذه الهبة الجماهيرية لأنه سابقا تمت المراهنة على المفاوضات وعملية السلام واتفاق أوسلو لأكثر من عشرين عاما والنتيجة كانت لا شيء، مبينا أن القيادة الفلسطينية تتعامل بطريقتين في هذه الهبة؛ فمثلا تترك المتظاهرين يذهبون إلى بيت ايل من أجل اشعال المواجهات، وتارة تمنعهم دون أن يدرك أحد السبب، كما أن الموجة الحالية من الاحتجاجات- صحيح كما جاء في الاستطلاع- فلا أحد يدري متى ستتوقف أو هل هي في استمرار.
وقالت الناشطة الشبابية دينا جبر أن نتائج الاستطلاع تبين حالة من الاحباط والغضب نتيجة للسياسات الاسرائيلية اليومية وممارستها على الأرض، وأن الشباب الفلسطيني أيضا غير راض عن أداء المجموعات والأحزاب بشكل عام، وأن هذا الاحباط قد يتنمى في ظل عدم تدخل هذه القوى في هذه الأحداث مستقبلا، مبينة أن نسبة عدم التفاؤل ستزيد بمرور الوقت حول الوضع العام كما أن إيمان الشباب والمواطنين بدور السلطة يقل على حساب زيادة الايمان بمؤسسات المجتمع المدني والجامعات في هذه الهبة.
من ناحيته، أكد د. بكر أبو بكر عضو المجلس الثوري لحركة فتح أن نتائج الاستطلاع تبين مدى وعي الشباب الفلسطيني للواقع الحالي وللتحديات التي تحيط بنا، كما أن السلطة والأحزاب السياسة فشلت في التوجيه أو صنع السياسات المناسبة على مدار الفترة الماضية، مبينا أن النتائج تظهر عاملين مهمين يمكن الحديث حولهما: الأول هو الرفض للواقع المعاش المرتبط بالغلاء والفرص الاقتصادية وتنامي معدلات الفقر والبطالة في صفوف الشباب وعدم التقدم نحو مستقبل أفضل، والثاني يتعلق بالاكتئاب من الأداء العام للقيادة السياسية والاكتئاب أيضا من عدم الانخراط بالاحتجاجات والمظاهرات الحالية.
وفي هذا السياق، علق الدكتور واصل أبو يوسف منسق عام القوى الوطنية والاسلامية على النتائج بأنها مهمة وتدعو للتفكير والبحث، مؤكدا على أن مشاركة الاحزاب الفلسطينية هي موجودة بفعل ودور شبابها في الميدان فالجرجى والأسرى والشهداء كلهم أبناء التنظيمات الفلسطينية.
بدوره، أكد عمر شحادة عضو قيادة الجبهة الشعبية أن المزاج العام للشباب الفلسطيني في حالة احباط للواقع الحالي حيث أن النسبة مهمة أكثر من 80% غير راضين عن هذا الواقع وعلى اعتبار أن الشباب الفلسطيني هو أكبر الفئات المكونة للنسيج الفلسطيني فان ذلك هو المزاج العام الفلسطيني ازاء هذه الاحداث.
وجاءت هذه النتائج عشية عقد معهد أوراد طاولة مستديرة حول نتائج أحدث استطلاع للرأي العام المتخصص بفئة الشباب الفلسطيني ضمن الفئة العمرية (16-35 سنة) والذي نشرت نتائجه أواخر الاسبوع الماضي حول الهبة أو الانتفاضة الحالية ونظرة الشباب الفلسطيني لها. وشارك في اللقاء ناشطون شباب وممثلو الأحزاب والقوى الوطنية والاسلامية، بالإضافة إلى ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني وأكاديميين وإعلاميين. وتمحور النقاش حول واقع وظروف الشباب الفلسطيني وتوقعاتهم بشأن الأحداث الحالية، ومستقبلها وفرص تصاعدها أو توقفها، بالإضافة إلى مستويات الانتهاكات الاسرائيلية التي تعرض لها الشبان أو عائلاتهم منذ بدء الأحداث لغاية الأن، والتوقعات عن مستقبل القضية الفلسطينية، وأفضل الوسائل لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة.