الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مشاركون يدعون لاعادة تكثيف الجهود من اجل انهاء الانقسام

نشر بتاريخ: 28/12/2015 ( آخر تحديث: 28/12/2015 الساعة: 17:20 )
غزة- معا - أكد عدد كبير من ممثلو منظمات أهلية، وحقوقيون، وخبراء في التنمية الاقتصادية والبشرية، وأكاديميون، على ضرورة تكاتف الجهود من اجل إنهاء الانقسام بما في ذلك الانقسام القانوني والقضائي، والتحذير من خطورة الانقسام وتداعياته وبخاصة تعميق الحالة المزرية التي يعيشها شعبنا، كما دعوا لضرورة تكاتف الجهود المجتمعية والسياسية من أجل إعادة الروح لجهود إنهاء الانقسام وعدم الاستسلام لهذا الواقع.

جاء ذلك في ختام أعمال المؤتمر السنوي "حالة المجتمع المدني الفلسطيني للعام 2015 " الذي نظمته شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية بمدينة غزة بمشاركة حشد كبير من ممثلي المنظمات الأهلية والحقوقيين والأكاديميين والخبراء والشخصيات الاعتبارية تحت عنوان "المجتمع المدني في واقع متغير" وذلك ضمن مشروع تعزيز الديمقراطية وبناء قدرات المنظمات الأهلية بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية NPA .

طرح المشاركون العديد من المبادرات والرؤى من اجل توحيد المنظومتين القانونية والقضائية مشددين على ضرورة إنهاء الانقسام وتحقيق نظام ديمقراطي موحد يستند إلى سلطة تشريعية موحدة، وحكومة ناتجة عنها تسير بمنهجية اقتصادية تستند إلى قاعدة التحرر الوطني.

وطالب المتحدثون بإعادة صياغة السلطة، بحيث تصبح أداة لإدارة شؤون الناس وتنفيذ الخدمات تحت إشراف منظمة التحرير، والعمل على تخفيض عدد المعتمدين على السلطة من خلال تشجيع المبادرات الفردية والمشاريع الريادية الصغيرة من جهة، وعبر تشجيع عملية التقاعد المبكر لصالح الخريجين الجدد والجيل الصاعد.

وأكد أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في الجلسة الافتتاحية على أن هذا المؤتمر السنوي يُعقد في ظل أوضاعاً مأساوية للغاية وتدهوراً حاصلاً في جميع مناحي الحياة، وذلك بسبب الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل تهويد الأرض، وسرقة خيراتها، وعمليات قتل وتشريد للفلسطينيين، وفي ظل انقسام داخلي طال أمده وعمل على شرذمة الشعب الفلسطيني على الصعيدين الديموغرافي والجغرافي.

ودعا الشوا إلى تعزيز دور القطاع الخاص بالمسؤولية الاجتماعية لدعم المشاريع الريادية والصغيرة والمبادرات المجتمعية، ومراجعة التشريعات وخاصة الصادرة أثناء الانقسام ذات البعد التنموي، وإعادة صياغتها على قاعدة تضمن مصالح الفقراء والمهمشين والضعفاء لتعزيز مقومات صمودهم، مع الاهتمام أكثر بالقطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة بدلاً من الخدمات.

وأكد تيسير محيسن عضو الهيئة الإدارية في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أن هذا المؤتمر الذي يعقد سنوياً في نهاية كل عام حول حالة المجتمع المدني الفلسطيني نقدم فيه ملخص مسيرة العطاء المتواصل للمجتمع المدني خلال العام، ونعالج فيه قضايا راهنة ونستخلص عبراً مفيدة ودروسا نافعة وننظر إلى المستقبل في ضوء كل ذلك.

وقد تم اختيار عنوان المؤتمر "المجتمع المدني في واقع متغير" لما شهده عام 2015 من تغييرات على كافة المستويات الإقليمية والوطنية والمحلية ما يدعوا للتأمل وإعادة النظر والتفكير بالخطوة التالية في هذا الواقع الذي يطرح تحديات عملية وفكرية جمة.

وأوضح محيسن إنه من خلال جلستين منفصلتين سيعالج المؤتمر اليوم مجموعة من القضايا ذات الصلة عبر أوراق عمل ومداخلات قيمة من أساتذة أفاضل، الجلسة الأولى تعالج التطورات الاقتصادية والسياسية العامة وما تطرحه من تحديات والجلسة الثانية تقدم رؤى وحلول مقترحة من منظورات متعددة سياسية واقتصادية وقانونية.

من جهته، أكد محمود حمادة مدير البرامج في المساعدات الشعبية النرويجية في كلمته على أن المساعدات الشعبية النرويجية اختارت للعامين القادمين شعار "الشراكة مع منظمات المجتمع المدني الفلسطيني"، حيث أن هذه الشراكة تعكس علاقة متوازنة وفي اتجاهين، من خلال المشاركة في الموارد والخبرات والتكنولوجيا والمعلومات، والمعرفة من أجل الإيفاء بمتطلبات الفئات المختلفة في المجتمع.

وأشار حمادة إلى أن المساعدات الشعبية تشارك المنظمات التي تتوافق معها في القيم الإنسانية ومبادئ المساواة وعدم التمييز والحقوق.

وفي الجلسة الأولى التي ترأستها مديرة الجمعية الفلسطينية للتنمية والإعمار -بادر منال عواد أكدت أن عام 2015 كان هناك الكثير من المتغيرات الوطنية والإقليمية والدولية التي أثرت بدورها على الواقع الفلسطيني وعلى واقع حالة المجتمع المدني الفلسطيني .

وتحدث مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية - مسارات هاني المصري من رام الله عبر الفيديوكونفرنس، في ورقته والتي جاءت بعنوان " التطورات السياسية في ظل الحالة الكفاحية الراهنة" عن أهمية الدخول فوراً في حوار فلسطيني فلسطيني شامل، وإعادة تشكيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن ليس بالطرق القديمة نفسها التي تُجسد الواقع الفلسطيني المر.

وأكد المصري على ضرورة بلورة رؤية وطنية جديدة وعلى قاعدة الإجابة على ثلاثة أسئلة هي، أين نقف الآن؟، وإلى أين نريد أن نصل؟ وكيف نريد أن نصل إلى ما نريد؟ وانه بدون الإجابة عن هذه الأسئلة الثلاثة التي يجب أن تُجمِع عليها كل مكنونات الشعب الفلسطيني، لن نصل إلى مبتغانا، بل سنظل ندور في دائرة مفرغة ما بين الفعل وردة الفعل، وتقسيم الوطن كما هو حاصل اليوم.


بدوره أكد عميد كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الأزهر بغزة د. سمير أبو مدللة في ورقته التي جاءت بعنوان " تطورات الأوضاع الاقتصادية للعام 2015 "، على ضرورة الإسراع في إنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني وتشكيل حكومة وطنية تولي اهتماما واضح لمعاناة أهالي قطاع غزة، والإسراع في إعمار قطاع غزة لما لذلك من أهمية في تحفيز النشاط الاقتصادي وخلق فرص عمل دائمة، مع إعادة النظر في سياسة الضريبة التي تفرضها حكومة غزة المقالة وخصوصا ضرائب التكافل الاجتماعي والجباية المفروضة على السلع المُدخلة عبر معابر غزة.

وطالب أبو مدللة بإعادة النظر في الموازنة العامة، وضرورة وجود أبعاد اجتماعية تنموية لبنود الأجور والرواتب والنفقات، وبترشيد النفقات الحكومية والعقلانية في صرفها، ومحاولة منع التسرب المالي التي تعانيه خزينة السلطة الفلسطينية وتحديداً المهربة عبر المستوطنات، مشدداً على ضرورة مراعاة مبدأ العدالة الاجتماعية عند فرض الضرائب من خلال تطبيق نظام الضرائب التصاعدية على الشرائح الغنية وعلى أرباح الشركات، وإعفاء أصحاب الدخول المنخفضة.

وقال مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في مدينة غزة راجي الصوراني في ورقته بعنوان "الانقسام الداخلي وتداعياته":" إن الأجيال القادمة لن تغفر ولن تسامح بالمطلق من كان سبب رئيسي في هذا الوضع، وعلى ما جلبه لهم من عار الانقسام البغيض، وما هم متمترسون خلفه من أفكار ورؤى حزبية فئوية ضيقة تلفظ الآخر وتكمم الأفواه وتفرض الضرائب وتسد أفق الحوار فيما بينها، أنه حالة من الانتحار السياسي المستمر وهو أمر غير مسبوق فلسطينياً".

وقال الصوراني "أصبح قدرنا أن نعيش حالة من الانقسام وأن يرتب الشعب الفلسطيني أوضاعه على هذا الأمر بشكل دائم ومستمر وعدم الأمل في إنهائه".

وبين أن القضايا الوطنية باتت غائبة في ظل حديث الانقسام السائد والمرحلة التي وصلت إليها القضية الفلسطينية، لافتاً إلى أن الوضع أصبح بائساً ويدفع باتجاهين إما إلى مزيد من الإحباط أو تعديل المسار.

وقال مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان عصام يونس، في ورقة عمله بعنوان "التدويل في ظل المتغيرات الراهنة":" يجب التوافق على توفير مقومات الدعم لتطوير الحالة الشعبية الانتفاضية، ودعم صمود الشعب الفلسطيني، وإعادة تحديد العلاقة مع دولة الاحتلال، إضافة إلى إدارة حوار وطني جاد وإستراتيجي، والعمل على تذليل العقبات وتعزيز المتطلبات الداعمة لإنجاح عملية إعادة بناء النظام السياسي الموحد".

ودعا يونس إلى إحياء وتفعيل دور البعد الدولي كرافعة أساسية ضمن إستراتيجية وطنية شاملة للكفاح الوطني التحرري، قائلاً: "إن خيار تدويل الحل المطروح حاليا بات خيارا عقيما لأنه يعيد إنتاج خيار المفاوضات الثنائية برعاية أميركية أو رعاية دولية شكلية، دون أسس أو مرجعيات، ودون التزام بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، أما تدويل الصراع، فمعناه إحياء العامل الدولي في دعم الكفاح الفلسطيني من أجل ضمان ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير مصيره.".

ومن جهته قال مدير المركز العربي للتطوير الزراعي محسن أبو رمضان وفي ورقة عمله بعنوان "رؤى وبدائل مقترحة لأزمة الاقتصاد الفلسطيني" إن القاعدة الاقتصادية للاقتصاد الفلسطيني ترتكز إلى ركيزتي بروتوكول باريس الاقتصادي من جهة، واعتماد اقتصاد السوق والمنافسة الحرة من جهة أخرى، وذلك كما هو وارد بالقانون الأساسي الفلسطيني وفق نص المادة 21، موضحاً أن بروتوكول باريس الاقتصادي ساهم بتعميق التبعية والاستلاب خاصة في إطار التأكيد على الغلاف الجمركي الموحد بالوقت الذي يبلغ فيه نصيب الفرد السنوي في دولة الاحتلال 34 ألف دولار، بالمقابل فإن الفلسطيني نصيبه السنوي 1400 دولار.

وأشار أبو رمضان إلى أن علاقة التبعية والاستلاب عمقت حالة التخلف التنموي الذي أصبح يعتمد على التعاقد من الباطن، داعياً إلى تعزيز دور القطاع الخاص بالمسؤولية الاجتماعية لدعم المشاريع الريادية والصغيرة والمبادرات المجتمعية، وإلى مراجعة التشريعات، وخاصة الصادرة أثناء الانقسام ذات البعد التنموي، وإعادة صياغتها على قاعدة تضمن مصالح الفقراء والمهمشين والضعفاء لتعزيز مقومات صمودهم، والاهتمام أكثر بالقطاعات الإنتاجية الزراعة والصناعة بدلاً من الخدمات .

وشدد أبو رمضان على أهمية فتح الآفاق للخريجين الجدد للعمل الوافد ببلدان الخليج وفق نظام الإعارة، وذلك لسنوات محدودة يعودوا بها إلى الوطن لخدمة أبناء شعبهم ضمن خبرة مكتسبة، والاهتمام في دعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر ذات البعد التنموي والإنتاجي بهدف نقل الفئات الاجتماعية من مرحلة الإغاثة إلى التنمية، وخاصة في مجال المشاريع الزراعية والحرفية والتكنولوجية والصناعية.

وبدوره أكد رئيس جامعة الإسراء د.عدنان الحجار في ورقته التي جاءت بعنوان " تطور البيئة القانونية في مواجهة التحديات الراهنة" أن البيئة القانونية في الضفة وغزة باتت منتهكة بفعل سن قوانين وتشريعات بعيدة عن الوحدة الفلسطينية.

وقال الحجار "باتت السلطة تنتهك حقوق الناس بدل حمايتهم، وبيئة التشريعات لا زالت نفسها التي انبثقت عن الانقسام الفلسطيني، كتلة التغيير والإصلاح تُشرع بغزة والرئيس يشرع قوانين بالضفة حيث أصدر الرئيس محمود عباس نحو 130 قانوناً بالضفة الغربية المحتلة بعيداً عن تنفيذها في قطاع غزة، في حين سنت كتلة التغيير والإصلاح البرلمانية نحو 55 قانوناً يطبق بغزة دون الضفة.

وعن ذلك قال الحجار "نحن في اتجاه السيطرة الكاملة لكل جهة على ما تحكم الضفة جميع السلطات بيد السلطة التنفيذية للرئيس بينما في غزة كتلة حماس البرلمانية تشرع وفق ما تراه مناسباً".

وأضاف أن المناخ الفلسطيني جعل المواطن في الضفة أو في غزة ضحية لهيمنة السلطة والجهة الحاكمة في كل منطقة، مشدداً أن المواطنين يحتاجون قوانين تعزز صمودهم.

وبين أن الواقع الاقتصادي السيئ بغزة يستوجب خلق حلول لتحسين هذا الوضع عبر سن تشريعات جديدة تحل مشاكل الخريجين والبطالة لا أن تزيد من معاناتهم، على حد قوله.

ونبه الحجار إلى أن القضاء الفلسطيني يحتاج إلى تطوير المنظومة القضائية لتمكينه من البث في القضايا التي تعرض عليه في أسرع وقت؛ لكنه للأسف في كل عام تسن تشريعات جديدة تزيد من حالة المواطنين سوءً.

وأوصى المشاركون في المؤتمر بضرورة الإسراع في إنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني وتشكيل حكومة وطنية تولي اهتماما واضح لمعاناة أهالي قطاع غزة، والإسراع في إعمار قطاع غزة لما لذلك من أهمية في تحفيز النشاط الاقتصادي وخلق فرص عمل دائمة، التوجه نحو البعد العربي وتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية والتخلص تدريجيا من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي .