ميزانية العام 2008: تجاهل تام لاحتياجات المواطنين خدمةً لأرباب رؤوس الأموال والحرب!/بقلم: د. دوف حنين
نشر بتاريخ: 22/10/2007 ( آخر تحديث: 22/10/2007 الساعة: 17:38 )
من يطلع على تفاصيل هذه الميزانية، يعتقد وكأنه ليس هنالك مشاكل عالقة ولا قضايا تستحق الاستثمار.. علما أن الفقر والبطالة يتفاقمان وكذلك الفجوات الاجتماعية. ولا، الادعاء بأن هنالك نقصا بالأموال غير صحيح، هنالك فائض منها، لكنها لا توظف لخدمة المواطنين وقضاياهم!
صادقت الكنيست في القراءة الأولى، يوم الأربعاء الأخير، على اقتراح قانون الميزانية للعام 2008، وهو ما ناهضته كتلة الجبهة بكل ما أوتيت من قوة لما تحمله هذه الميزانية من ضربات للفئات المستضعفة في اسرائيل.
ميزانية العام 2008، تشمل العديد من التقليصات بحجة النقص بالأموال، وهو ادعاء مرفوض وغير حقيقي، فهنالك أموال، وهي طائلة، لكنها تهدر في المكان غير الصحيح، خدمة لمصالح ومطامع أرباب رؤوس الأموال، وخدمة لآلة الحرب والاحتلال!
ميزانية العام 2008، هي استمرار لسياسة القضاء على دولة الرفاه وتعميق الفجوات، إنها استمرار للسياسة الرأسمالية المنقطعة تماما عن احتياجات المواطنين.
هذه هي ميزانية رفع أسعار المياه، ضرب مخصصات معاقي البوليو، التجميد المجدد لدفع مخصصات التأمين الوطني، تقليص تمويل الحضانات للأطفال الذين يعمل أهلهم. إنها ميزانية تقليص 43 مليون شاقل من ميزانية الجليل والنقب.
الجليل والنقب.. أتذكرون كيف أقسم الجميع باسم النقب والجليل؟ كانت هذه الأيمان قصيرة الأمد.
إنها ميزانية تأجيل رفع أجور الحد الأدنى. هذه الأجور التي أتفق على رفعها بعدة مراحل دون أن ترفع بالفعل أي مرة!
هذه ميزانية التقليص بنسبة 15% من قيمة القرض الذي يحصل عليه المواطن المحتاج لمساعدة حكومية للسكن. هذا الأسبوع عقدت جلسة للجنة الاقتصاد البرلمانية للنظر في ظروف السكن العام، وقد اتفقنا كلنا، من المعارضة والائتلاف بل وممثلي الحكومة، بأن المساعدة الحكومية غير كافية. وبالمقابل، بم تقوم الحكومة؟ بتقليص المزيد !
إنها ميزانية تجميد قانون يوم التعليم الطويل، فرض ضريبة الصحة على ربات البيوت، تقليص ميزانيات صناديق المرضى. انتبهوا: من جهة تفرض الضرائب على ربات البيوت ومن جهة أخرى يتم تقليص ميزانيات صناديق المرضى. الغاء المستشفى في أشدود، خصخصة النزل العلاجية للمتخلفين.
إنها ميزانية الإنسحاق المخجل بمخصصات الشيخوخة. مقارنة مخصصات الشيخوخة التي تدفع اليوم في البلاد بالمخصصات التي تدفع في دول الـ OECD الثلاثين والتي ترغب اسرائيل بالانضمام اليها، تبين بأن اسرائيل كانت في سنوات الستين من بين الدول الرائدة في نسبة المخصصات إلا أن التدهور انتهى بها الى الوصول الى المرتبة 27/30، أي بأن المتشائلين سيقولون بأن هنالك متسعا لمزيد من التدهور.
في السنوات الأخيرة، كانت هنالك محاولة أخرى، خطرة للغاية، باقتصار مخصصات الشيخوخة على الشرائح الضعيفة بشكل خاص، ووفق شروط ومعايير معينة!
إنها ميزانية ضرب جهاز التربية والتعليم، الذي بات بحاجة الى دعم مالي جدي بمليارات الشواقل، خاصة اليوم، حيث يضرب المعلمون، وإنني أستغل هذه الفرصة من أجل تحيتهم على نضالهم العادل. إنهم يناضلون من أجل ظروف عملهم، من أجل أجورهم ولكن أيضا من أجل جهاز محترم للتربية والتعليم.
هذه هي ميزانية "الحمية القاتلة" لجهاز الصحة العام، الحمية التي لا تعرف الحدود والتي ستقضي على الطبيب والمريض معا!
في قانون التسويات هنالك محاولة لتشجيع صناديق المرضى والمستشفيات العمومية على التصرف كمؤسسات ذات أهداف ربحية. هنالك محاولة لإرضاخ صناديق المرضى، ليس فقط لمعايير تجارية، إنما لأشكال بنيوية تتيح التعيينات السياسية. كل هذه الأمور واردة في قانون التسويات.
هذه هي ميزانية مواصلة التمييز ضد الجماهير العربية. كثرت الأقوال المعسولة عن سد الفجوات. عمليا: لم تعد أي خطة، لم تتخذ أي خطوة، لا للجم الفقر الآخذ بالتفاقم، ولا لسد النواقص في الغرف التدريسية والخدمات التربوية. لا تحوي الميزانية حصصا للاستثمار بالمناطق الصناعية في البلدات العربية ولا توجد خطة وطنية لتوسيع دائرة التشغيل، خاصة في صفوف النساء العربيات؟ لا شيء، لا تشجيع للسياحة في البلدات العربية ولا تعزيز للمواصلات العامة.
تعبر الميزانية أيضا عن انعدام المسؤولية في المجال البيئي. قبل أسبوعين أشار بحث الى الارتفاع الدراماتيكي بالإصابة بمرض السرطان في اسرائيل بسبب التلوثات البيئية وخاصة في مناطق خليج حيفا، بئر السبع وتل أبيب. كنتم ستقولون: ما دامت هنالك فجوة كهذه فالحكومة ستقوم حتما بتخصيص الميزانيات لصدها. أخطأتم، فميزانية ניטור האוויר التي كانت قيمتها 1.7 مليون شيكل قلصت الى 1.5 مليون شيكل.
بعد الحرب تحدثوا كثيرا عن المواد الخطرة وعن المصانع الخطرة في خليج حيفا وفي الجنوب. في السنة السابقة كانت الميزانية لمعالجة هذا الخطر تبلغ 7.1 مليون شيكل، إلا أنها انخفضت لهذه السنة الى مليون شيكل فقط، أي انخفضت الى نسبة السُبع. وكأنه لا مخاطر ولا تهديدات!
ميزانية وزارة الدفاع عن البيئة تقارب الصفر! ولكننا عندما نتحدث عن القضايا البيئية لا نقصد فقط وزارة البيئة.
الجميع يتحدثون عن الاحتباس الحراري، ولكن تعالوا نرى ما يحدث في ميزانية وزارة البنى التحتية. لقد بلغت ميزانية فرع تنجيع استهلاك الطاقة، في دولة اسرائيل سابقا 2.1 مليون شيكل، وهي نسبة منخفضة لا تكاد تذكر، ورغم هذا فقد قلصت في هذه السنة الى 1.6 مليون.
الطاقة البديلة، من لا يتحدث عنها؟ حتى رئيس الدولة تحدث عنها في خطابه الاحتفالي بافتتاح المجلس الشتوي للكنيست. الجميع أصغوا للخطاب الاحتفالي، ولكن في الواقع فإن قيمة الميزانيى التي خصصت لهذا الغرض في العام 2006 وصلت الى 6.3 مليون شيكل وقلصت في العام 2007 الى 2.1 مليون، وفي السنة القادمة ستقلص الى ما دون المليون!
إنها ميزانية التراجع أمام حوادث الطرق وعدم تطوير المواصلات العامة والاستثمار بالشوارع.
من يطلع على تفاصيل هذه الميزانية يعتقد وكأنه ليس هنالك ما يستحق الاستثمار: ليس هنالك فجوات اجتماعية ولا تلوثات بيئية، ليس هنالك فقر ولا حوادث طرق، ليس هنالك نقص بأماكن العمل ولا تركز للمواد الخطرة المهددة بالانفجار في كل لحظة في خليج حيفا وسواه.
بل هنالك الكثير من المشاكل والقضايا التي تستحق العلاج وهنالك فائض من الميزانيات أيضا لهذا الغرض، لكنها كما أكدنا لا تستثمر في المكان الصحيح، فمقابل كل هذه التقليصات نجد أن هنالك اقتراح بتقليص الضرائب على استيراد السيارات الفخمة وتقليص ضرائب الشركات.
ما يؤكد بأن للحكومة آذان صماء وأنها لا تبالي باحتيجات 99% من مواطنيها، اضافة الى الأجندة الحربجية.
لهذه الأسباب وغيرها، تعارض كتلة الجبهة البرلمانية ميزانية الدولة للعام 2007 وتدعو أعضاء الكنيست من كتل المعارضة والائتلاف الى عدم الاكتفاء بقول كلمتهم المتحفظة من قانون التسويات، إنما بالعمل الجدي والدؤوب على اسقاطه.