القدس -معا - في بيوت حلت الرطوبة ضيفا ثقيلا على جدرانها، ورسمت التشققات لوحة عن آلام سكانها، تعيش أربع عائلات مقدسية في بناية داخل حوش في حي عقبة الخالدية بالقدس القديمة، تسيطر الجمعيات الاستيطانية على أجزاء كبيرة منها، فيما تسعى جاهدة لطرد ساكنيها بطرق وأساليب مختلفة.
حي "عقبة الخالدية" يقع مقابل باب القطانين أحد أبواب المسجد الأقصى، وهو أحد الأحياء المستهدفة من قبل الجمعيات الاستيطانية المختلفة، وخلال السنوات الماضية (الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي) تمكنت الجمعيات من السيطرة على عدة عقارات فيه تحت ذريعة "أملاك الغائبين" أو قرارات قضائية بوثائق مزورة، وحولت بعض هذه العقارات الى كُنس ومدارس دينية وقاعة للاحتفالات، إضافة الى اقامة مستوطنين داخلها.
أما المنازل المستهدفة في البناية فتعيش فيها عائلات "حشيمة وكستيرو ومسودة والصيداوي"، وقد تسلمت الشهر الماضي قرارات إخلاء وبلاغات قضائية تطالبها بالعقار، بحجة أنه أملاك يهودية قديمة.
وتعيش العائلات الأربع في بناية سكنية مكونة من طابقين، كل طابق يحوي 3 شقق سكنية، تمت السيطرة من قبل المستوطنين على شقة في كل طابق منذ سنوات طويلة.
وقالت انهم يعيشون في المنزل بعقد اجار واستئجار من مواطنين مقدسيين وكانت العائلات تدفع لهم الايجار السنوي، وبصورة مفاجئة انتقلت الملكية للمستوطنين واصبحنا ندفع لهم، وندفع الايجار في البريد لجمعية العقارات الاسرائيلية".
وأوضحت ان العائلات في البناية تعاني من وجود المستوطنين داخل بنايتهم، وقالت :"نخاف على أطفالنا من الخروج باب المنزل، وفي عدد من الحالات تم الاعتداء علينا بالضرب ورش غاز الفلفل اضافة الى الشتائم الدائمة، وأي توتر خارجي أو حدث امني يقوم المستوطن الذي يعيش في البناية بالاعتداء علينا، وأضافت ان أحد المستوطنين قام في احدى المرات برش "مبيد حشري" على وجه ابنتها.
وتابعت :"نحن صامدون لكننا نشعر بقلق في منازلنا بسبب الاعتداءات المتواصلة علينا، ومحاولة اقتحام المنازل تحت أي ذريعة".
وأشارت العائلة الى أن الكنيس يقع خلف جدار منزلهم مباشرة، ومركب عليها محولات الكهرباء والسولار حيث يعانون من اصوات المحركات والراوئح الكريهة".
مسودة... لا بديل عن المنزل المتواضع
الحاجة ام رامي مسودة تعيش في منزلها منذ 45 عاما، كانت هي وزوجها وأولادها (12 فردا) يعيشون فيه، أما اليوم فتعيش فيه مع اسرة ابنها، وتقول :"مستحيل.. لن اخرج من هذا المنزل ولا بديل لنا عنه ولن نتركه..في هذا المنزل المتواضع ذكرياتنا وكل حياتنا، ومنذ ان تلقيت البلاغ واعيش في قلق دائم..هذه هي المرة الاولى التي نتسلم فيها هكذا بلاغ".
الباحث في شؤون الاستيطان هايل صندوقة....
وأوضح الباحث في شؤون الاستيطان هايل صندوقة أن البناية المهددة بالمصادرة تعود ليهود من "جمعية عطيرات بيت هيوتيم هشني" أي بيت الأيتام الثاني الذين تركوه في ثلاثينات القرن الماضي، وسكنته عائلات عربية بعقد ايجار واستئجار، وحسب القانون الاسرائيلي فإن كافة العائلات التي تعيش في العقار (محمية).
وأوضح صندوقة أن الجمعية المذكورة تمكنت عام 1989 من السيطرة على شقة من البناية في الطابق الأول حيث اعتبر استئجاره غير قانوني، أما المنزل الثاني في الطابق الثاني فقد تم الاستيلاء عليه عام 1992.
داخل حوش المدرسة...
وأوضح أن بناية تقع في "حوش المدرسة"، والذي تم تحويل احدى البنايات فيه الى معهد ديني "شوفوبانيم" – عودة أيها الأبناء-، وأوضح انها كانت تسمى قديماً باسم "مدرسة محاي عولام" في الثلاثينات القرن الماضي، وقد تركها اليهود وأستأجرتها عائلات عربية حتى عام 1981، حيث استولت عليها جمعية "عطيرت ليوشنا" وأخرجت منها العائلات العربية وادعت مصادرها حينها انها قدمت تعويضا لبعض الأسر مقابل ترك سكنها.
وأوضح صندوقة أن المدرسة كانت تتكون من طابقين، وكان يعيش في الطابق الأول 15 عائلة، وفي الطابق الثاني 13 عائلة، وفي عام 1982 دخل المبنى عشرات من (الشبان اليهودي العائد الى الدين في نطاق حركة التوبة وأصبحت تسمى معهد "شوفوبانيم".
وأضاف صندوقة أن عائلتين بقيتا في المبنى، وقام طلاب معهد "شوفوبانيم" بقتل المواطنة فاطمة أبو ميالة عام 1982 واستولوا على منزلها، كما منعوا المواطن الآخر من البقاء في البناية.
وفي حي عقبة الخالدية وضمن المحاولات الاسرائيلية لتهويد المكان القريب والمطل على المسجد الاقصى سلم المستوطنون مؤخرا عائلة الشرباتي قرارا يقضي بإخلاء منزلهم وأمهلتهم حتى 7 شباط القادم لاخلائه، علما أن العائلة استأجرت البيت منذ عام 1930 من منتفع يهودي والذي كان قد استأجر المبنى من عائلة مقدسية قبل عام 1948، وبعد انقضاء مدة الأجار كانت صاحبة العقار قد انتقلت للعيش خارج فلسطين وبعد صراع في المحاكم حكم بأحقية المستوطنين بالبيت.
تقرير ميسا ابو غزالة