الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

معاريف: حماس تستعد للحرب فيما تعاني غزة الفقر والجوع

نشر بتاريخ: 16/01/2016 ( آخر تحديث: 18/01/2016 الساعة: 15:50 )
معاريف: حماس تستعد للحرب فيما تعاني غزة الفقر والجوع

بيت لحم- معا - يعتقد الامن والجيش الاسرائيلي ان حماس غير معنية بمواجهة جديدة مع اسرائيل في المدى القريب على الاقل لكن اذا وقعت مثل هذه المواجهة نتيجة تنفيذ عملية كبيرة تحقق لحماس انجازات مثل عملية تبادل اسرى فهي "حماس" لن تفوت مثل هذه الفرصة.

ووفقا لاعتقاد المؤسسة الامنية الاسرائيلية فان حماس لا تخشى المواجهة القادمة وان المعطيات الميدانية تشير الى ان الحركة تيمم وجهها نحو المواجهة لكن يبقى وقت وتوقيت هذه المواجه.

وتكتفي حماس حاليا بمنح بعض التنظيمات الصغيرة والمتمردة مثل الخلية التي حاولت الاسبوع الماضي زرع عبوة ناسفة قرب الحدود فرصة العمل رغم ان حماس لم ترسل هذه الخلية لكنها لم تمنعها ايضا حسب تعبير المراسل العسكرية لصحيفة "معاريف العبرية" نوعم امير الذي نشر اليوم "السبت" تقريرا موسعا اتهم فيه حماس بالسعي الى الحرب والاستعداد لها فيما يعاني سكان غزة الفقر والجوع وانقطاع الكهرباء.

وقال المراسل العسكري المذكور " كعادته يستعد الجيش الاسرائيلي لأسوء الاحتمالات بما في ذلك تسلل خلايا "ارهابية" عبر الانفاق بهدف تنفيذ عمليات "قتل جماعي" واختطاف داخل المناطق الاسرائيلية وهناك سيناريو اخر يثير الخوف ويتمثل باطلاق مكثف وشديد لقذائف الهاون فور انطلاق المعركة القادمة ذلك بهدف ارهاق وتشتيت منظومة " القبة الحديدية " تسجل انجازا هاما وذو مغزى في الدقائق الاولى للحرب ولربما الحصول على "صورة نصر".

لقد ادركت حماس مدى حساسية قذائف الهاون ومدى الخوف الذي تثيره في العمق الاسرائيلي وذلك على ضوء التقارير الصحفية التي تشير الى عجز "القبة الحديدة" عن التصدي لقذائف الهاون وعلى ضوء حقيقة عجز نظام "التحذير" عن منح الاسرائيليين الوقت الكافي لمواجهة هذه القذائف والاستعداد لها لان قذيفة الهاون تحتاج الى ثواني معدودة فقط من لحظة اطلاقها حتى تسقط على هدفها لذلك وضعت حماس على راس اولوياتها هدف تحسين وتعزيز قدراتها على اطلاق قذائف الهاون.

ويمكن للمتابع لنشاطات ومناورات حماس مشاهدة عمليات يومية لاطلاق الصواريخ وقذائف الهاون من قطاع غزة باتجاه البحر ولا يدور الحديث هنا عن عمليات اطلاق معزولة او اطلاق عدد قليل من القذائف بل اطلاق صليات كبيرة تحاكي عمليات اطلاق عشرات القذائف والصواريخ باتجاه اهداف اسرائيلية ما يجبر اسرائيل على نشر كثيف ومتلاصق لبطاريات "القبة الحديدية" ما يعني نشر اكثر من بطارية واحدة ورغم هذا فان فرصة تحقيق نجاح كبير كما حدث خلال عملية " الجرف الصامد" تتراجع بل واقعيا تحولت هذه المهمة الى شبه مستحيلة .

ستقوم غالبية بطاريات القبة الحديدية بالدفاع عن المنشآت والمواقع الاستراتيجية لهذا اذا اطلقت حماس صلية صواريخ باتجاه اهداف اسرائيلية الى جانب اطلاق عشرات قذائف الهاون باتجاه موقع لتجميع القوات العسكرية فان مثل هذه العملية ستلحق اضرارا كبيرة وخسائر كثيرة وهذا بالضبط ما يقلق المؤسسة الامنية الاسرائيلية حسب تعبير المراسل العسكري لصحيفة "معاريف".


اسفل الجدار
هل محمد ضيف حي او ميت؟ هناك اجابة "ظرفية" مبنية على وقائع الميدان ترد على هذا السؤال تؤكد ان محمد ضيف ليس فقط حيا يرزق بل ينجح في اعادة احياء الانجاز العسكري الوحيد الذي سجلته حماس خلال عملية "الجرف الصامد" وهي الانفاق حيث نجحوا في حفر 32 نفقا حتى صيف 2014 فيما اكد مصدر عسكري اسرائيلي رفيع ان جميع الانفاق المذكورة قد تم تدميرها بشكل كامل خلال الحرب بما يمنع اعادة حفرها مجددا.

ورغم ذلك ووفقا للتقديرات الامنية الاسرائيلية نجحت حماس خلال العام ونصف الماضية بحفر الانفاق الجديدة التي تنطلق الى شتى الاتجاهات لكن لن تجد احدا في اسرائيل يرغب او يريد الاجابة على سؤال هل هناك انفاقا تتجه نحو اسرائيل وتجتاز الحدود من اسفلها لكن بكل تأكيد ورغم رفض الاجابة يمكننا الاعتقاد ان هناك انفاقا تخترق الحدود.

تقوم فرضية العمل التي يتبناها الجيش الاسرائيلي على عدم وجد اساس للاعتقاد بان حماس ستتخلى عن هذا السلاح الاستراتيجي والاكثر اهمية "الانفاق" فيما لا يوجد على طول الحدود مع غزة أي عائق حقيقي ويبدو ان اقامة مثل هذا العائق لا تلوح في الافق القريب بسبب عدم توفر الاموال.

صحيح ان الجيش الاسرائيلي لا يملك حتى الان حلا تكنولوجيا لمشكلة الانفاق الا ان الكثير من الشركات المتخصصة التي طرحت بعض الحلول قد طرقت خلال الفترة السابق ابواب قيادة المنطقة الجنوبية وكان بعض هذه الشركات "دجالين" ارادوا ركوب الموجه لكن كان ايضا شركات حقيقية قدمت حلولا جزئية.

يمتثل الحل الوحيد لمواجهة التهديد "تحدت – ارضي" بنشر وسائل مختلفة على طول الحدود ما يسمح بتحديد اتجاه الانفاق الجديدة ومساراتها لكن في الواقع لن تجد ضابطا واحدا رفيع المستوى في القيادة الجنوبية مستعدا للقول ان بإمكانه الذهاب للنوم هادئ البال ولا يوجد أي ضابط ايضا مستعدا على تقديم تأكيد او ضمان ان حماس لن تقرر صباح الغد تنفيذ عملية كبيرة داخل اسرائيل.

نجحت حماس كما يبدو في ترميم منظومة الانفاق رغم الية مراقبة مواد البناء التي تدخل الى غزة ففي ظل ظروف تسمح بمرور 800 شاحنة محملة بالبضائع يوميا ستجد دوما شخصا او جهة ما تحاول تهريب وتمرير مواد "محظورة" فعلى سبيل المثال ضبط الامن الاسرائيلي الاسبوع الماضي فقط شاحنة محملة بالصفائح المعدنية المضادة للرصاص وفي السابق تم ضبط الكثير من المواد التي تدخل في صناعة الصواريخ اضافة لوسائل " ضوئية " تدخل في بناء شبكات الاتصال وجمع المعلومات عبر كاميرات التصوير.

يدرك الجيش الاسرائيلي ان حقيقة نجاح عمليات التهريب تشير الى وجود عمليات تهريب اخرى قد نجحت وان جزء من هذه الشاحنات نجحت في ادخال مواد محظورة مثل مواد البناء والحديد والأخشاب والصفائح المضادة للرصاص والمنتجات البصرية الخاصة ببناء شبكات الاتصال والمراقبة وجمع المعلومات وغيرها.

حاليا يقوم الجيش الاسرائيلي بجمع المعلومات الاستخبارية ويضيفون اهدافا اخرى لبنك اهدافهم لكن هناك فرضية تقول ان مقابل كل موقع حفر تكتشفه اسرائيل عبر الطائرات دون طيار ومناطيد المراقبة هناك موقع اخر تجري فيه عمليات حفر دون ان يكتشفها الجيش الاسرائيلي.

رئيس الاركان الثاني
يشرف على منظومة حماس اللوجيستية شخص واحد له من الارواح سبعة هو محمد ضيف ويعمل الى جانبه قائد قديم- جديد هو يحيى سنوار 54 عاما الذي حكم عام 1989 بالسجن المؤبد اربع مرات بعد "ادانته" بعمليات بتنفيذ والتخطيط لعمليات قتل وخطف اسرائيليين بمن فيهم الجندي "نحشون فاكسمان ".

تصف حماس "يحيى السنوار" بصاحب قدرات غير عادية ويحظى باحترام كبير بين قواعد وعناصر حماس على مختلف المستويات فهو من مؤسسي كتائب عز الدين القسام وتحول خلال الفترة القصيرة الماضية الى شخصية سياسية- عسكرية بارزة في حماس وأصبح الى جانب محمد ضيف من المقربين الى قلب قيادة حماس السياسية ويبدو انه نجح في اعادة لتواصل بين القيادتين العسكرية والسياسية للحركة الذي انقطع او تشوش منذ عملية " الجرف الصامد" حسب تعبير المراسل العسكرية.

يتبنى " سنوار" موقفا صلبا لا يقبل المسومة اتجاه السلطة الفلسطينية ويعتبره انصاره احد ابرز القادة الذين عمقوا ثقافة مقامة اسرائيل وهو يؤمن بالحرب ضد الصهاينة وليش التهدئة والهدنة معهم وبالسبة له لا يوجد وقت جيد للمواجهة العسكرية واخر سيء اذا يعتقد ان المواجهة مستمرة ومتواصلة الامر الذي جعله شخصا خطيرا جدا وغير متوقع .

واعرض" سنوار" لحظات قليلة قبل الافراج عنه صفقة تبادل الاسرى وقاد من داخل السجن تمردا ضدها واصفا ايها بالصفقة السيئة المستسلمة والخاضعة لإسرائيل وعلى ضوء هذا الموقف قرر جهاز الشاباك سجنه انفراديا حتى تنتهي صفقة التبادل فتم اطلاق سراحه من زنازين العزل ليتجه مباشرة الى اعلى الهرم القيادي في قطاع غزة .

يسنت الى " يحي السنوار" العديد من قضيا تصفية " عملاء" قام بقتلهم منذ اطلاق سراحه ونجاحه ايضا في خلق حالة من التعاون مع " ولاية سيناء التابعة لحركة داعش" .

يثير " سنوار" رعب المواطنين في غزة الذين يرتجفون منه وهم يدركون ان مصير من لا يتعاون معه الاتهام بالعمالة لإسرائيل وإعدامه كما عين نفسه رئيسا ثانيا لاركان حماس وهناك من يصفه اليوم بالقيادي الذي تفوق قوته قوة اسماعيل هنية نفسه .

وتبنى " سنوار " في سجنه مفهوم اخر للعمل يقوم على فكرة تسجيل حماس انجازا هامة وذو مغزى قبل اندلاع الحرب لذلك يريد ان يرى عملية عسكرية كبيرة تنفذها خلايا حماس قبل ان يختفي عناصرها في جوف الانفاق وبالتالي اجبار اسرائيل على خوض حربا ضد غزة المدمرة دون ان تنجح بالمساس في أي قيادي من قيادات حماس .

وتدرك اسرائيل هذا المفهوم وطريقة التفكير هذه وطرحت هذه القضية خلال جلسات نقاش مغلقة كثيرة تمحورت حول هل نواصل الاستعداد للمواجهة القادمة ام نوجه ضربة استباقية ؟.


الدروع البشرية
تواصل اوضاع السكان في غزة التدهور وباتت اكثر صعوبة خاصة في ظل الظروف الجوية السائدة حيث يضرب الشتاء بقوة وقسوة منظومة حياة سكان غزة المتهالكة اصلا الذين يعانون نقصا في وسائل التدفئة وغرمت الامطار السابقة احياء كاملة وأغلقت الاسواق ويخشى السكان التحرك سيرا على الاقدام او بواسطة سياراتهم خشية الانهيارات والدمار.

ويعاني سكان غزة ايضا نقصا في التيار الكهربائي الذي ينقطع معظم ساعات اليوم وذلك على ضوء ارتفاع نسبة الاستهلاك وتداعي شبكات التوزيع علما ان المواطن في القطاع يحصل على الكهرباء في الظرف "العادي" على 3-4 ساعات يوميا يليها 8 ساعات انقطاع وذلك بسبب نسبة الاستهلاك المرتفعة وتوقف خطوط امداد الكهرباء القادمة من مصر.

سجلت الايام الماضية انقطاعا في التيار الكهربائي وصل الى 15 ساعة فيما وصل عدد السكان المنقطعين نهائيا على التيار الكهربائي نتيجة اعطال داخلية 5000 مواطن في شمال القطاع فقط وحوالي 20 الفا داخل مدينة غزة نفسها يضاف اليهم 20 الفا اخرى في منطقة خان يونس ورفح والأخطر بين هذه الحالات ما تواجهه العائلات التي تقيم في منازل الصفيح او " الاسبستوس " تلك المنازل والسقوف التي لا تحفظ الحرارة ولا تصمد امام الامطار الغزيرة.

بلغ عدد سكان القطاع وفقا المعطيات الاحصائية التي نشرتها وزارة الداخلية في قطاع غزة عام 2015 2 مليون نسمة مقابل 1:9 مليون عشية اندلاع الحرب الاخيرة " الجرف الصامد" فيما سجل نسبة مواليد 2015 ارتفاعا كبيرا هي الاخرى بواقع 53,729 حالة ولادة مسجلة ارتفاعا طفيفا عما سجله عام 2014 .

شهد العام الماضي انخفاضا طفيفا في نسبة البطالة ايضا التي وصلت الى 42:7% مقابل 44% عام 2014 وذلك نتيجة عمليات اعادة البناء والترميم التي شهدها القطاع ويبلغ متوسط اجر هؤلاء العمال الى 740 شيكل فقط مقابل متوسط اجر يبلغ 1000-1500 شيكل يحصل عليها موظفي القطاع العام في حكومة حماس .

واختتم المحلل العسكري لصحيفة معاريف العبرية تحليله بالقول " يقو الجيش الاسرائيلي بتحليل هذه المعطيات الاحصائية التي تؤشر على حقيقة بسيطة تقول : لم تتحقق الوعود المجزية التي قدمتها الدول العربية لإعادة اعمار غزة والتي وصلت الى مليارات الدولارات وبقيت فارغة من أي مضمون وان الاموال الوحيدة التي وصلت الى قطاع غزة وتقدر بعشرات الملايين مصدرها قطر اضافة لعدة ملايين اخرى من ايران التي تسعى حماس بكل قوتها مؤخرا الى التقرب منها وإعادة ما انقطع من ود وعلاقات معها دون ان تحقق نجاحا حتى الان .

خلافا لبعض الجمعيات الخيرية التي توزع البطانيات وصوبات التدفئة لم يبقى لابن الشارع الغزي أي امل يذكر" .

وفيما يواجه سكان غزة الفقر والجوع والبرد تستغل حماس بشكل جيد هذه المأساة لتجنيد المزيد من عمال حفر الانفاق ضمن مفهوم العمل مقابل الغذاء والحفاظ على الحياة حيث دفن الكثير من سكان غزة تحت ركام الانفاق خلال عمليات الحفر بما تصفها وسائل الاعلام "كحوادث عمل . انهى المحلل العسكري مقالته التحليلية.