نشر بتاريخ: 17/01/2016 ( آخر تحديث: 17/01/2016 الساعة: 11:10 )
القدس- معا- استقبل المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس اليوم وفدا من اساتذة وطلاب كلية اللاهوت في مدينة بطرسبورغ الروسية والذين وصلوا الى القدس للمشاركة في احتفال عيد الغطاس في نهر الاردن.
وقد رحب بهم المطران مشددا على اهمية دور الكنيسة في عالم اليوم حيث العنف والتطرف والكراهية وحيث الانحرافات الخلقية والابتعاد عن القيم الدينية والروحية.
وقال: "ان الكنيسة مطالبة اليوم اكثر من اي وقت مضى بأن تكون امينة لرسالة سيدها في عالم يبتعد عن القيم الدينية وبدأنا نلحظ الكثير من المظاهر التي يجب ان تلعب الكنيسة دورا ايجابيا في تصويبها وتوضيح موقفها منها ، علينا ان نقدم نموذجا يقتدي به الناس بالتواضع والمحبة والابتعاد عن المظاهر الدنيوية والعفة والفقر. علينا ان نكون متواضعين لكي نعلم الناس التواضع ، وعلينا ان نكون محبين لكي نعلم الناس المحبة، فلا يجوز لنا ان نبشر بقيم لا نعيشها ، حينئذ ينطبق علينا ما قيل في الكتاب المقدس " اسمعوا اقوالهم ولا تفعلوا افعالهم". ان التبشير بالمسيحية لا يمكنه ان يكون فقط من على المنابر وانما يمكننا ان نبشر بقيم المسيحية من خلال حياتنا اليومية من خلال الاستقامة والمواقف الانسانية والابتعاد عن كل ما من شأنه تشكيك الناس وابعادهم عن الكنيسة . ان الكنيسة الارثوذكسية الروسية كما وكل الكنائس مطالبة اليوم بأن تؤدي دورها الانساني والروحي والحضاري والاخلاقي ، فرسالة الكنيسة ليست مقصورة بين جدران يلتقي فيها المؤمنين للصلاة وانما رسالتنا يجب ان تكون في المجتمع مع اليتامى والفقراء والمرضى في مستشفياتهم ومع كل انسان محزون ومتألم . اتمنى من الاباء الكهنة ان يعطوا وقتا اكثر لافتقاد الناس والتعرف على مشاكلهم ومساعدتهم بالقدر الممكن .
وتحدث المطران حنا عن الحضور المسيحي في فلسطين وفي القدس بشكل خاص فقال بأن نسبة المسيحيين في بلادنا هي تقريبا 1% ، فقد تراجع عدد المسيحيين اثر نكبة الشعب الفلسطيني وما تعرض له شعبنا من تهجير واستهداف طال كل مكونات الشعب الفلسطيني مسيحيين ومسلمين ، وهنالك ايضا عوامل اخرى لهجرة المسيحيين منها ما هو اقتصادي او اجتماعي او ثقافي ولكن يبقى عامل الاحتلال هو العامل الاساسي الذي تسبب في هجرة المسيحيين وغيرهم من المواطنين. وبالرغم من قلة عدد المسيحيين العددية الا ان لهم حضور في المجتمع الفلسطيني في الحياة الوطنية والثقافية والادبية والفكرية . المسيحيون في بلادنا وان كانوا قلة في عددهم الا انهم يرفضون ان ينظر اليهم كأقلية فهم امتداد للكنيسة الاولى التي أسسها السيد المسيح في هذه الديار ، وهم الجماعة المسيحية التي مازالت باقية في هذه البقعة المقدسة من العالم حيث ولد المسيح ، وهي الجماعة التي تنتمي الى الكنيسة الام باعتبار ان اول كنيسة شيدت في العالم كانت في مدينة القدس .
وقال إن المسيحيين في فلسطين هم دعاة سلام ومحبة واخوة ويعيشون في علاقة طيبة مع اخوانهم المسلمين حيث ان مظاهر الكراهية والتعصب والعنف التي نشهدها في عالمنا بإسم الدين هي ليست موجودة في مجتمعنا الفلسطيني فثقافة الشعب الفلسطيني هي ثقافة وطنية فيها التعايش والتلاقي والاخوة بين المسيحيين والمسلمين ، وإذا كانت هنالك بعض المظاهر او الاصوات النشاز التي نسمعها بين الفينة والاخرى فهي خارجة عن السياق الوطني الفلسطيني وهي مظاهر في كثير من الاحيان تكون مستوردة من الخارج وليست اصيلة ، فما هو اصيل في فلسطين هو الوحدة الوطنية والتآخي الاسلامي المسيحي والعلاقة الطيبة بين ابناء الشعب الفلسطيني الواحد ، أما الدخيل فهو الخطاب المتطرف الذي يدعو الى الكراهية وعدم قبول الاخر واحترام خصوصيته وشعبنا الفلسطيني يتحلى بالوعي والحكمة والثقافة والرصانة ، ونحن نعمل معا وسويا مسيحيين ومسلمين من اجل علاقات طيبة ومن اجل ان نبقى نعمل معا من اجل قضيتنا الوطنية وحضورنا المشترك في هذه الديار . فلسطين هي ارض مقدسة والقدس لها مكانتها في الديانات التوحيدية الثلاث ونحن نحترم هذه الخصوصية لمدينة القدس ، فلا يحق لأحد ان يدعي ان القدس له وليست لغيره فالقدس هي مدينة التلاقي وحاضنة المقدسات فهي مدينة تجمعنا جميعا مسيحيين ومسلمين في اخوة ومحبة ووحدة وطنية وادياننا ومقدساتنا هي عامل يوحدنا ويقربنا من بعضنا البعض ولا يفرقنا.
وشدد على اهمية دور الكنيسة في الحوار بين الاديان والثقافات والشعوب ، نحن ندعو لدور مسيحي عالمي فاعل في قضايا حقوق الانسان والتقارب بين الثقافات والشعوب والاديان بعيدا عن الكراهية والتعصب فالتدين شيء والتعصب شيء اخر. اننا نطالب بدور مسيحي عالمي فاعل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ، فلسطين هي مهد المسيحية ومن احب هذه البقعة المقدسة من العالم دافع عن شعبها المظلوم فمقدساتنا وارضنا هي ليست حجارة صماء وانما هي الانسان الذي يدافع عن حريته وكرامته.
وقد وزع المطران على الوفد وثيقة الكايروس الفلسطينية بنسختها الروسية شارحا للوفد مضامينها واهدافها والرسالة التي تحملها ، وقد اجاب على بعض الاسئلة التي طرحت من الطلاب حول قضايا ارثوذكسية ومسيحية عالمية وحول ما يحدث في منطقة الشرق الاوسط من صراعات وحروب.