نشر بتاريخ: 11/02/2016 ( آخر تحديث: 12/02/2016 الساعة: 08:04 )
القدس- تقرير معا - يجلس الحاج جميل قاعود التميمي في دكانه في سوق القطانين التاريخي منذ 30 عاماً يتنهد وهو يشاهد السوق خاليا من المارة والمتسوقين، يسترجع أيام عز السوق الذي يعتبره من أجمل أسواق القدس القديمة ويقول :"يوجد فيه حوالي 56 محلا تجاريا معظمها تبيع النثريات والهدايا التذكارية والألعاب والهدايا و
الجلابيب وملابس الصلاة، تلك المحلات التي تعتمد على الزائر لمدينة القدس وليس لأهالي البلد..أحيانا يمر اليوم بأكمله دون بيع".
سوق القطانين.. السوق التاريخي المسقوف علی جانبيه تصطف عشرات المحلات التجارية التي تختص بالنثريات والتحف الخاصة بالقدس والأقصى إضافة إلى الملابس. ويعود بناء السوق الی فترة المماليك، ويقع في الجهة الشرقية للمسجد الأقصى ويعتمد السوق علی زوار المسجد. يتعرض للإغلاق في أوقات كثيرة من السنة خاصة خلال فترة الأعياد اليهودية.. وفي الفترة الأخيرة قل عدد المتسوقين والزوار مما اضطر بالعديد من أصحاب المحال التجارية الی إغلاقها بسبب تراكم الديون والضرائب وحملات البلدية ومضايقاتهم.
يرتب الحاج جميل يوميا بضاعته أمام محله (محل لبيع الجلابيب) لعلها تجذب اليه الزبائن ويضيف :"الحركة التجارية شبه معدومة بسبب الأوضاع التي تعيشها المدينة منذ حوالي 7 أشهر..فأهالي الضفة يحرمون من الوصول الى القدس، واهالي الداخل بعد حظر الحركة الإسلامية تراجع وصولهم الى القدس والمسجد الأقصى بشكل كبير، حيث كانوا يتسوقون منا بشكل دائم".
وأضاف التاجر قاعود التميمي :"سوق القطانين سوق قديم منذ زمن المماليك عمره حوالي 850 عاما وهو من أجمل أسواق القدس القديمة، لكنه خالٍ من الزوار، فالسلطات الإسرائيلية تغلق باب القطانين – أحد أبواب المسجد الاقصى- باستمرار خلال الاعياد اليهودية أو ايام المواجهات أو ايام منع صلاة الجمعة في الأقصى، وذلك انعكس مباشرة على السوق التجاري والحركة فيه".
وقال قاعود: "رغم قلة البيع والشراء نحن مرابطون ليوم الدين، فالمال يعوض الله، والأهم من كل شيء دعاءنا بأن يحمي الله الأقصى والأهل القدس".
وأكد أن المحل بحاجة الى مصروف يصل الى 100 شيكل من إيجار وأرنونا وغيره سنويا، وهو مبلغ بالكاد يتوفر.
للحاج جميل وأولاده 5 محلات تجارية في سوق القطانين لبيع التحف والمصدفات والمناديل.. حمزة جميل قاعود التميمي اضطر وأشقائه الى إغلاق محلاتهم التجارية لأنه لا يوجد حركة بالمطلق، وقال :"منذ عيد الأضحى والذي جاء بعده مباشرة "موسم الأعياد اليهودية " ونحن نعاني من هذه الأوضاع..عندي عائلة (ولد وبنت وأنا وزوجتي) وليس بمقدوري توفير حتى أيجار المحل".
وأكد التميمي أن الوضع الذي نعيشه "مأساوي"وقال :"نطالب بتوفير الدعم المالي لتجار السوق، لتعزيز ثباتنا فيه ... نحن نضطر لإغلاق محلاتنا (لأن الناس خايفة ما بتجي زي قبل على السوق)".
من جهته قال التاجر علي:" حال هذا السوق من سيء الى أسوأ..فبعد رمضان وحدوث اقتحامات قوية ومواجهات والعمليات تغيير الوضع في سوق القطانين... منذ 11 سنة ابيع فيه الألعاب لكن لم يمر علينا مثل هذا الركود من قبل.
وأضاف التاجر علي:" أعرض ألعاب الأطفال طول النهار بانتظار الزبائن الذين يأتون بالصدف وبعدد قليل، ومما زاد تأزم الوضع حظر ومنع وصول الحافلات من الداخل الفلسطيني، فالحركة التجارية كانت تنشط بعد خروج المصلين من الأقصى، أما الآن فكأنه منع تجول ومعظم المحلات التجارية مغلقة أبوابها.. الوضع محزن ماديا ومعنويا".
أحد تجار سوق القطانين الذي يجلس باب محله التجاري قال:" هذا الوضع لم يمر على السوق منذ أكثر من 30 عاما، 10 محلات تعمل فقط، والبقية مغلقة، تفتح أيام السبت والجمعة فقط وحتى الحركة تكون ضعيفة، وأضاف :"نفتح ونغلق عالفاضي بطلنا نفتح ...كنا نعتمد على الضفة و48 واليوم لا يأتي احد..لكننا صامدون رغم الخسائر المالية والوضع المؤلم".
وأشار الى أن التواجد الشرطي الدائم في السوق او على مدخله اضافة الى نصب الحواجز في الطرقات المؤدية له ومداهمة طواقم البلدية بشكل شبه يومية يزيد الوضع سوءاً، فالمخالفات على أبسط الأسباب مثل " دخان داخل الدكان..على عرض البضائع باب المحل حيث لا تتجاوز الحد المسموح به..حتى الكرسي اذا تجاوز "الخط الأصفر" الذي وضع من قبل طواقم البلدية قبل حوالي 4 سنوات نخالف عليه"، وأضاف:" كانت طواقم البلدية تداهم السوق مرة كل شهر، أما هذه الأيام فتداهم السوق مرة ومرتين وثلاثة في اليوم".
أما التاجر أبو خالد الذي يملك محلاً لبيع الألعاب ومقتنيات شعبية منذ 37 عاماً فلا يفتح محله التجاري يوميا كما كان... لكنه يمر منه قاصدا المسجد الأقصى يتفقد السوق وحاله ويقول:" :"كل يوم أسوء من اليوم الذي يسبقه، فهذا السنة لم اربح سوى 500 شيكل!!".
وأضاف أن حصار البلدة القديمة منذ شهر أيلول الماضي والحصار والتشديدات جعلتني لا أفتح بشكل يومي".
ويعود أبو خالد بالذاكرة الى الماضي القريب ويقول :"كان للسوق مواسم معينة، منها رحلات المدارس فكان الطلاب يأتون اليه بشكل شبه يومي، حيث لم يكن التاجر يستطيع أن يبيع لوحده في المحل ويحتاج لمساعدة، أما اليوم فإن تاجراً واحداً يستطيع أن يبيع في أربعة دكاكين!!، وحتى الأوضاع الاقتصادية للطلاب والناس تزداد سوءاً".
وأكد أن المواطن لا يستطيع السير في القدس القديمة بحرية وبسبب مناظر المحلات الفارغة التي لا تبيع اضافة الى المضايقات بحق الشبان وتفتيشهم وشبحهم على الجدران.
حال سوق القطانين يشبه حال بقية الاسواق في القدس القديمة منذ عدة أشهر... وسط حصار المدينة وفرض القيود المختلفة على سكانها وتجارها.