الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

تقرير "مفتاح" ينتقد وسائل الإعلام المحلية لطريقة التغطية لأحداث ما قبل اتفاق مكة وحكومة الوحدة

نشر بتاريخ: 30/10/2007 ( آخر تحديث: 30/10/2007 الساعة: 12:47 )
رام الله - معا - أصدرت وحدة الرصد الإعلامي في المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح" اليوم تقريرا خاصا حول تغطية الصحف الفلسطينية الثلاث وتلفزيون فلسطين لـ "اتفاق مكة وحكومة الوحدة الوطنية".

وغطت عملية الرصد لوسائل الإعلام تلك الفترة الواقعة ما بين 1-1-2007 وحتى 31-3-2007 ، وتناولت الكيفية التي غطت فيها الصحف الثلاث وتلفزيون فلسطين أحداث تلك الفترة ، وما سجل من مواقف إسرائيلية وأميركية ودولية حيال الاتفاق ، وحيال حكومة الوحدة .

وخلص التقرير إلى مجموعة من النتائج والتوصيات من أبرزها اعتماد الصحف بالإجمال سياسة تحريرية منحازة لطرف دون آخر ما قلل من مهنية وموضوعية تلك التغطية في أحداث ميدانية كانت رواية طرف فيها تطغى على رواية الطرف الآخر. كما استمر التعامل مع ضحايا الفلتان الأمني كأرقام من خلال التركيز على أعداد من كانوا يسقطون يوميا سواء بالفلتان الأمني والاقتتال الداخلي أو بالصراع والمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي ، واعتماد سياسة تحريرية إزاء الهوية التنظيمية والسياسية لفئة من ضحايا الفلتان الأمني وعدم الإشارة إلى هوية فئة أخرى والتركيز تحديدا على الضحايا من أجهزة الأمن ومن عناصر حركة فتح.

ولفت التقرير إلى تحول الصحف الثلاث في الفترة التي بلغ فيها الاقتتال الداخلي ذروته غالى ما يشبه ساحة حرب إعلامية وكلامية بين السياسيين والإعلاميين من كلا الطرفين المتقاتلين، مع الإشارة إلى أن المساحة التي أعطيت لمتحدثي فتح وناطقيها الرسميين والإعلاميين هي ضعف المساحة المعطاة لنظرائهم من حماس .

في حين أن الكيفية التي غطت بها الصحف الثلاث يوميات الاقتتال الداخلي ساهمت بصورة غير مباشرة في تأجيج المشاعر ، وفي خلق حالة من الاحتقان الداخلي ، بالنظر إلى حجم مساحة التغطية وعناوينها ، وحتى لغة الخطاب الذي تضمنته تقاريرها، بينما خفف الكاريكاتير من لهجة الخطاب الحادة التي كانت تنقلها الصحف عن مسئولين في الطرفين المتقاتلين .

وفي هذا السياق أشار التقريرالى أن الكاريكاتير حظي بمكانة خاصة في الصحف الثلاث ، واستطاعت رسوماته أن ترصد مرحلة مهمة وخطيرة عبرت عنها بصورة أكثر مهنية وموضوعية من الأخبار والتقارير التي نشرتها تلك الصحف ، ويمكن القول أن أداء الصحف في هذا المجال كان أفضل بكثير وعكس في حينه نبض الشارع وحقيقة ما كان يجري.

ونوه تقرير "مفتاح" إلى أن وسائل الإعلام الإلكترونية خاصة المواقع الإخبارية على الانترنت ، وكذلك وكالات الأنباء الدولية كانت مصادر معلومات أساسية للأخبار والتقارير التي نشرت في تلك الصحف آنذاك ،وكان ذلك سببا في تراجع دور الصحافي المحلي في المواكبة الميدانية للأحداث والتطورات ، واعتماد شبكة المراسلين على هذه المواقع في تغطية تقاريرهم ما نجم عنه تراجع في الأداء المهني . كما أن الأوضاع الأمنية التي سادت في حينه قلصت من دافع التغطية الميدانية وبات الحصول على المعلومات من المواقع الإلكترونية أكثر يسرا وسهولة وأقل تعرضا للمخاطر.

فيما يسجل للصحف الثلاث متابعتها لتداعيات اتفاق مكة وحكومة الوحدة الوطنية ، ورصدها بصورة تفصيلية للمواقف الأميركية والإسرائيلية والأوروبية حيال هذه التطورات السياسية.

وفيما يتعلق بتلفزيون فلسطين ، أشار التقرير إلى أن الأحداث الدامية التي شهدها قطاع غزة في حينه احتلت المساحة الأكبر من التغطية الميدانية والبرنامجية حيث انفرد بمتابعة تلك الأحداث أولا بأول عبر شبكة مراسليه في القطاع . واتسمت ساعات البث بكثافة الأخبار العاجلة . لكن هذه الكثافة تميزت بعدم دقة بعض الأخبار وانعدام المهنية والموضوعية والتركيز على جوانب معينة من الصراع ..لذا اتسم الخطاب بالإثارة ورفع درجات التوتر لدى المشاهد مع عرض ونقل مشاهد الاقتتال،وإطلاق الرصاص واستهداف الأفراد والمؤسسات.

كما عادت المشاهد القاسية لصور الضحايا تحتل مساحة مهمة في فترات بث تلفزيون فلسطين ومنها صور أطفال بعلوشة ، وتوظيف هذه الصور في إثارة المشاعر والتسبب بمزيد من الاحتقان والاقتتال. إضافة إلى بث مشاهد وصور يفهم منها التحريض.

وغلب على البث البرامج السياسية مثل "اللقاء المفتوح" ، وهي برامج محكومة بالحدث المعاش حيث كان الاقتتال والفلتان هو ذلك الحدث..ولاحقا أصبح اتفاق مكة وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية هما الحدثان اللذان حظيا بالتغطية الأشمل والأوسع، وهذا أمر جيد لو أن الحوارات في تلك البرامج اهتمت بالتفاصيل ولم تشهد تدخلا من مقدم البرنامج أو المحاور الذي كان يتبنى موقفا يوحي بالانحياز.

كما لوحظ افتقار بث تلفزيون فلسطين للتقارير ذات الطابع الإنساني التي تتعرض لمعاناة المواطنين اجتماعيا واقتصاديا أو بفعل الفلتان والاقتتال ، في حين كان هناك برامج عرضت على شاشة التلفزيون مثل "أقدام عالية" وبرامج أخرى ذات طابع توعوي وثقافي إضافة إلى برامج دينية .

وأشار تقرير مفتاح أيضا إلى أن تلفزيون فلسطين لم يرصد ولم يتابع المواقف الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية من التداعيات الميدانية والسياسية التي شهدها قطاع غزة سواء فيما يتعلق بالفلتان أو باتفاق مكة وحكومة الوحدة الوطنية.بل بالكاد كان يأتي عليها في نشراته الإخبارية أو يمر عليها مرور الكرام.

وأوصى التقرير الصحف الثلاث وتلفزيون فلسطين بتبني سياسة تحريرية تتسم بالمهنية والموضوعية في التغطية الإخبارية، وفي اختيار العناوين بعيدا عن الإثارة والتحريض ، وإعطاء مساحة أوسع للرأي الآخر والتوازن في عرض الروايات ، وتخصيص مساحات أوسع للتقارير ذات الطابع الإنساني والاجتماعي سواء في تلفزيون فلسطين من حيث استحداث برامج جديدة ونوعية، أو عبر تخصيص صفحات في الصحف تعالج قضايا المواطنين وتعزز ثقافة التصالح والسلم الأهلي.

كما دعا التقرير إلى التوقف عن التعامل مع ضحايا الصراعات كمجرد أرقام ، والتوقف عن بث الصور القاسية لهؤلاء الضحايا ،وتوظيفها لغايات سياسية من خلال وضعها خلفية لنشيد أو أغنية .

وجددت "مفتاح" دعوتها لوسائل الإعلام المكتوبة إلى الاهتمام بالكاريكاتير وتخصيص مساحة دائمة من صفحات الجرائد لهذا الفن باعتباره أحد أدوات التعبير عن الرأي.
كما دعت إلى توفير الحوافز المادية ، والأمن الوظيفي للعاملين في وسائل الإعلام ، بما يساهم في تحفيز طاقاتهم وتقديم أفضل ما لديهم وتوفير آليات حماية قانونية للإعلاميين.