الأربعاء: 15/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

لا يوجد إعلام غير منحاز.. وغسان بن جدو: أنا وقناة الميادين منحازان

نشر بتاريخ: 21/02/2016 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:09 )
لا يوجد إعلام غير منحاز.. وغسان بن جدو: أنا وقناة الميادين منحازان
عمان- معا- تحولت الندوة الحوارية التي نظمها مساء أمس الأول مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم والتي حملت عنوان الإعلام ودوره في التقارب والوئام الإنساني إلى جلسة مصارحات كبرى ومكاشفات أكد فيها جميع المتحدثين تقريبا أنه لا يوجد إعلام غير منحاز أبدا، وأن أي إعلام ناجح لا بد له من داعم، وكل داعم له أجندته السياسية أو الدينية، ولذلك يبدو الحديث عن الوئام والتقارب في الإعلام حديثا يحتاج إلى مراجعة.

وشارك في الندوة الحوارية أربعة من الإعلاميين المرموقين في الوطن العربي هم الصحفي عبدالباري عطوان رئيس تحرير جريدة الرأي اليوم ، وغسان بن جدو صاحب قناة الميادين، والدكتور سعد بن طفلة العجمي وزير الإعلام الكويتي الأسبق وإلكسندر نزاروف نائب مدير قناة روسيا اليوم.

وبدت الجلسة شديدة الصراحة والشفافية ودق فيها المشاركون نواقيس الخطر التي تحيط بالمجتمعات العربية من ظاهرة التطرف والطائفية والمذهبية. وصرخ الإعلامي غسان بن جدو قائلا ماذا أفعل أنا سني وزوجتي شيعية وأمي مسيحية.. تكفر زوجتي لأنها رافضية، وتكفر أمي لأنها مسيحية، وأكفر أنا لأني مع خيار المقاومة في فلسطين.. إذن عن أي تقارب أو وئام تتحدثون. ولأول مرة يتحدث غسان بن جدو عن تمويل قناة الميادين نافيا أن تكون إيران هي التي تمول القناة حتى الآن، لكنه أكد أنه متى ما أرادت إيران تمويل القناة، شرط أن تحترم سياساتها، فليس لدينا أي مانع، ورغم اعترافه أن هناك من يمول القناة الآن إلا أنه لم يفصح عن الممول واكتفى بالقول ليست إيران على أية حال .

ومنذ بداية الندوة التي أدارها سعادة علي بن خلفان الجابري وكيل وزارة الإعلام قال سعد بن طفلة إن الحرية المطلقة مثل السلطة المطلقة، كلها مفسدة. وأكد في سياق مداخلته الأولى إن الدولة التي تحرص على حرية التعبير تحرص في الوقت نفسه تقنين الحرية حتى لا تتحول الحرية إلى إساءة إلى الآخرين خاصة في الدول التعددية التي تتعدد فيها القوميات والمذاهب والألوان.

وتحدث بن طفلة عن النموذج الهندي الذي يضم قرابة 600 لغة وعشرات الأديان والمذاهب، وهي رغم كونها تعيش نظاما طبقيا إلا أن قوانينها تجرم خطاب الكراهية.

وردا على سؤال حول ما إذا كان هناك أمل في أن يقوم الإعلام بأي دور اتجاه خطاب الكراهية الموجود في بعض الخطابات الإعلامية العربية قال عبدالباري عطوان إن اختيار شعار التقارب والوئام لهذه الندوة يأتي في وقت سيء جدا عربيا، مشيرا إلى أن العالم العربي يعيش حالة فوضى عارمة جدا، فوضى سياسية وعسكرية وبيئية وثقافية، ومن الطبيعي وسط كل هذا أن تكون هناك فوضى إعلامية. ويضيف عطوان نحن محاطون في العالم العربي بكل أنواع الفوضى: لدينا خمس دول عربية على الأقل فاشلة، ولدينا حروب، ولدينا استقطاب طائفي فكيف نتحدث عن الحوار والوئام؟! وأيضا ماذا يستطيع الإعلام أن يفعل أمام كل هذا؟ كيف يتحقق الوئام وسط كل هذه الفوضى؟ وحول مقولة أن وسائل التواصل الاجتماعي هي الآن سلطة خامسة قال عطوان: نعم قد تكون سلطة خامسة ولكنها قد تكون أيضا سلطة مدمرة. مدللا أن تنظيم داعش لديه 50 ألف حساب على تويتر، وقبل أسبوعين فقط استبعدت منهم شركة تويتر 150 ألف حساب بسبب ترويجها للإرهاب والتطرف والكراهية، وهذه الفوضى تتم باسم الحرية متسائلا كيف نضبط هذه الحرية المنفلتة؟ وقال عطوان وهو ينظر إلى وزير الإعلام ووكيله: كنا زمان نطالب برفع سقف الحريات، الآن عندما نرى هذا المشهد الإعلامي الجديد وهذه الفوضى نقول يا محلى الحكومات في الماضي ، لكنه عاد وقال إن الحكومات زمان كانت تصادر الحريات ولكنها اليوم تتسلح بجيوش كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقوم هذه الجيوش بكل ما يمكن توقعه من قذف ونهش في الأعراض لكل من يخالفها.

وتوصل عطوان إلى القول إن الحرية والإعلام مرتبطة بالحروب ضاربا مثالا بالوضع اللبناني في ظل الحرب الأهلية التي أنتجت في ذلك الوقت الصحافة المهاجرة، ثم حرب الكويت وما انتجته من إعلام في ذلك الوقت مثل بي بي سي عربي ومن ثم الجزيرة، وبعد احتلال أمريكا للعراق ظهرت العربية ثم غيرها من القنوات، وبدا عبدالباري عطوان حائرا وهو يقول في ظل هذه الفوضى لا أعرف إلى أين نحن ذاهبون وكيف يمكن نشر الوئام في ظل هذا الإعلام وفي ظل هذه الحروب التي يشنها العرب تحت شعارات جميلة وبراقة. وأشار عطوان إلى نقطة بدت مهمة إن الدول الفاشلة في العالم العربي اليوم والتي حددها في العراق وليبيا وسوريا واليمن والصومال كانت إلى وقت قريب مثالا على التعايش والسلام والوئام، متسائلا هل صدفة تحولت هذه الدول لتكون دولا طائفية وفاشلة؟ أم أن هناك مخططات غربية لكل هذا؟ أما غسان بن جدو فخاطب العمانيين وقال أغبطكم على بلدكم أيها العمانيون.. أرجوكم، أرجوكم، ونحن القادمون من أتون الحرب والدمار والكراهية، أرجوكم حافظوا على بلدكم . وقال غسان بن جدو إن أي حديث عن حرية الإعلام دون الحديث عن أن أزمتنا في الأساس أزمة سياسية هو حديث يظلم الإعلام.. ويضيف بن جدو ويقول: كنت منفيا عن بلدي 21 سنة وأنا أكره كثيرا مصطلح الإعلام المسؤول وفي اعتقادي هو مطية للقمع ولكن الآن أتمنى أن يعود هذا المصطلح مرة أخرى بعد كل هذا الذي يجري، وقال بن جدو بكل وضوح أنا لست محايدا والميادين ليست محايدة أبدا، ولا تصدقوا من قال غير ذلك مشيرا إلى أن هناك انقساما إعلاميا سياسيا، وأنا انحاز إليه، وصوتي الإعلامي يعبر عن انحيازي.. لكن الذي أطلبه أنا أن تكون هناك قيم مشيرا إلى أن كلمة السر في هذا الموضوع هي عدم الإساءة إلى الآخر على كل المستويات سواء مستوى المذهب والدين والثقافة واللون، لكن بن جدو عاد وقال متسائلا: أليست الأنظمة العربية هي التي تتحكم في وسائل الإعلام وتدعمها وتسيء إلينا؟ . مؤكدا أن الواقع الإعلامي هو مرآة، ولكنه أيضا من المستحيل أن يكون محايدا لأنه يحتاج إلى مال ومن يدفع المال لديه أجندة سياسية وإذا قبلت بأن يدفع عليك أن تقبل أيضا بأجندته مهما كانت. وتحدث بن جدو عن الخطاب الطائفي التكفيري في الإعلام العربي الذي يبيح القتل لأسباب كثيرة، وقال غسان بن جدو بصوت حزين: أنا لست خائفا على نفسي أنا من جيل انتهى، ولكني أخاف على أبنائي وعلى أحفادي.. ما يحدث اليوم في العالم العربي يولد أجيالا ورثت الكراهية والحقد . وقال بن جدو: قد تحدث تسوية في سوريا، وستحدث، ولكن على ماذا ربينا أجيالنا؟ ويجيب على نفسه: أليس على الحقد والكراهية، مشيرا إلى أن الإعلام العربي أصبح متورطا في هذه الخطابات.

ووجه رئيس الجلسة سعادة علي بن خلفان الجابري سؤالا مهما إلى مدير قناة روسيا اليوم وهو كيف تستطيع قناة روسيا اليوم أن تحافظ على توازنها وروسيا موجودة بجيشها في العالم العربي والقناة ممولة من قبل الحكومة الروسية؟ وقال إلكسندر إن قناة روسيا اليوم تأسست من أجل توطين العلاقات الروسية مع الدول العربية، مشيرا إلى أن القناة تعطي الفرصة لكل الأطراف للاختلاف وأيضا لسماع الخبر من مصدر مختلف من جهته قال عبدالباري عطوان: صحيح أن وسائل الإعلام في الغرب مملوكة للقطاع الخاص ولكنها تملك معايير، وكل صحفي يعين في أي وسيلة إعلامية أول ما يتسلمه هو كتاب المعايير والسياسات، ويضيف إذا اتفقنا أنه لا يوجد إعلام محايد فهذا يزيد الأمر سوءا الآن كل القنوات التلفزيونية تخدم أنظمة، وهذه الأنظمة تغذي الطائفية، ورأس المال هو الذي يتحكم في وسائل الإعلام، وتحدث عن تجربة جريدة الجارديان البريطانية التي وضع مؤسسوها قبل 200 سنة وقفا لها حتى لا تضطر للتسول، ولكن هذه الجريدة التي كانت توزع 300 ألف نسخة تراجع توزيعها الآن إلى 130 ألف نسخة فقط.

وقال عطوان لو كان أسامة بن لادن حيا لحسد تنظيم داعش على الإمكانيات الإعلامية التي يمتلكها اليوم، وكيف تنتقل موادهم وخطبهم بضغطة زر إلى العالم أجمع.

وكانت الندوة قد شهدت حضورا كبيرا ملأ قاعة الجامع الأكبر والممرات الجانبية.