بيت لحم- معا- استأنف المستويان السياسي والعسكري في اسرائيل خلال الاسابيع الماضية النقاش والجدال حول امكانية اقامة ميناء بحري في قطاع غزة.
ويرتبط تجدد النقاشات حول القضية التي حظيت ببعض الاهتمام ولفترة قصيرة تلت انتهاء حرب 2014 الى المعطيات الاقتصادية الخطيرة التي تشير الى استمرار تدهور الحالة الاقتصادية في غزة والحاجة لإيجاد حلول بعيدة المدى تتعلق بالبنية التحتية من شانها تحسين الوضع الاقتصادي وتقليص خطر انفجار مواجهة عسكرية جديدة.
ويناقش المستوى السياسي والعسكري في اسرائيل على الاقل خمسة اقتراحات تبدأ بإقامة ميناء في سيناء المصرية يخدم غزة مرورا باقتراح اقامة ميناء على جزيرة صناعية وتخصيص ارصفة بحرية في جزيرة قبرص او ميناء سدود الاسرائيلي تستقبل البضائع المخصصة لقطاع غزة والخارجة منه وصولا الى اقتراح انشاء ميناء على سواحل غزة مباشرة لكن الفكرة الاساسية التي يجري نقاش امكانية ربط هذه الاقتراحات بغض النظر عما سيسفر عنه النقاش بالزام حماس بوقف اطلاق نار بعيد المدى فيما اقترح بعض الوزراء الاسرائيلي ضرورة وجود علاقة اسرائيلية مباشرة في عملية اقامة وتشغيل الميناء لكن فرص تحقيق هذه العلاقة ليست واعدة في ظل معارضة رئيس وزراء اسرائيل نتنياهو ووزير الجيش "يعلون" لفكرة الميناء من اساسها وفقا لموقع "هأرتس" الالكتروني ومحلله العسكري " عاموس هرئيل " صاحب التحقيق المنشور اليوم " الأربعاء".
طرحت حماس فكرة اقامة ميناء غزة قبل انفجار الحرب الاخيرة المعروفة اسرائيليا باسم " الجرف الصامد" وتعمق هذا الطرح خلال الحرب وبعدها لكن اسرائيل رفضت هذا الطلب وكذلك فعلت مصر لذلك لم يتضمن اتفاق وقف اطلاق النار من اشارة واضحة تدل على تعهد بإقامة مثل هذا الميناء ومنذ ذلك الوقت لم يشهد " الكابينيت " الاسرائيلي نقاشا جديا وشاملا بهذا الخصوص ولم يحدث أي تقدم حقيقي رغم اهتمام حكومات اجنبية بينها قطر وعدة دول اوروبية بالأمر.
واعد الطالب في كلية الامن القومي الاسرائيلية العقيد " يوسي اشكنازي" الذي تولى بعد انهاء دراسته في الكلية منصب رئيس قسم التجهيزات في البحرية الاسرائيلية قبل حوالي العام دراسة اكاديمية بحثت مختلف الاحتمالات والفرص الخاصة بإقامة ميناء غزة البحري لكنه لم يقدم توصيات تتعلق بشكل الحل المقبول والمرغوب به اسرائيليا لهذا اجرى الجيش الاسرائيلي دراسة اضافية لذات الموضوع بحث بها الجيش فرص وإمكانية اقامة الميناء فيما اجرى وزير الجيش " يعلون" نهاية الصيف الماضي نقاشا خاصا بالقضية مع كبار ضباط الجيش الاسرائيلي.
وفيما اظهرت اوساط الجيش الاسرائيلي تأييدا متزايدا للفكرة رغم عدم اشارتهم للاقتراح المقبول عليهم عارض " يعلون" وبشكل حاسم كل فكرة تسحب من يد اسرائيل صلاحية وإمكانية اجراء التفتيش الامني على البضائع التي ستدخل الى قطاع غزة .
ويشير مؤيدو اقامة الميناء سواء كان على سواحل غزة مباشرة او على جزيرة صناعية قبالة هذه السواحل الى عدة ايجابيات وميزات مثل احداث تحسن كبير على الوضع الاقتصادي في غزة وذلك لان الميناء سيوفر ألاف فرص العمل كما انه سيشكل " كنزا" يمكن خسارته بالنسبة لحماس وسيشكل ذريعة وإغراء لحماس للحفاظ على الامن.
" ان اقامة الميناء تستغرق عدة سنوات ستعمل فيها حماس على حفظ الامن حتى لا تتوقف عملية البناء فيما سيمكن هذا المشروع اسرائيل من الظهور كمن يقدم المبادرات على الساحة الفلسطينية بعد سنوات طويلة من الانتقادات الحادة والاتهامات بالمسؤولية عن الجمود السياسي " قال بعض مؤيدي الميناء .
وأعرب هؤلاء عن تقديرهم بإمكانية انشاء الية امنية تسمح بتفتيش البضائع بشكل دقيق ومنع تهريب الاسلحة ووسائل القتال المتطورة.
في المقابل يسجل المعارضون للميناء تحفظهم الاساسي والرئيسي والمتمثل بالبعد الامني مدعين ان دخل أي طرف خارجي في عملية تفتيش البضائع سيكلف اسرائيل غاليا من الناحية الامنية مستندين على بعض تجارب الماضي التي شملت نقل صلاحية الفحص الامني لطرف ثالث وسجلت فشلا كبيرا مثل الترتيبات الامنية التي تم بلورتها بعد الانسحاب من غزة فيما سمي عام 2005 باتفاق رفح الذي تضمن نشر مراقبين دوليين على معبر رفح وكان التفتيش الاوروبي سطحيا وترك المراقبون اماكنهم بعد سيطرة حماس على غزة عام 2007 .
يعتقد وزير الجيش الاسرائيلي " يعلون" باستحالة تعيين حراس اسرائيليين في منطقة تخضع للسيطرة الفلسطينية وان تسليم صلاحية التفتيش لطرف ثالث " دولي " سيتم استغلاله لتهريب الاسلحة لكنه مستعد لبحث حلين بديلين من المشكوك في قبولهما من قبل الفلسطينيين هما: اقامة رصيف خاص بالضائع الواردة الى قطاع غزة فيم مناء سدود ويكون هذا الرصيف تحت السيطرة والرقابة الاسرائيلي او اقامة ميناء في منطقة العريش المصرية ومنه سيتم نقل البضائع الى قطاع غزة بعد فحص امني اولي يجريه المصريين ومن ثم سيتنقل البضائع برا الى معبر " نيتسانا" ومنه الى معبر كرم ابو سالم حيث تخضع للتفتيش والفصح الاسرائيلي قبل دخولها القطاع .
واختتم " عاموس هرئيل" تقريره بالقول " هناك مشاكل اخرى حيث ليس من الواضح فيما اذا كانت حماس ستوافق على أي حل لا يشمل اقامة ميناء يخضع لسيطرتها الكاملة على شواطئ غزة اضافة الى الصعوبات المتوقع مواجهتها ايضا مقابل السلطة الفلسطينية التي رفضت حتى الان كل الاقتراحات الخاصة بنشر رجالها في معابر ، كرم ابو سالم ،ايرز ، رفح وذلك في اطار اتفاق ضن تسهيل اجراءات الحصار المفروض على غزة لذلك من المشكوك فيه ان توافق السلطة ان تكون جزء من اتفاق الميناء كما ان " رام الله " لن تنظر بعين الرضى عن أي خطوة قد تحسن صورة حماس كنظام يحقق الانجازات لصالح السكان الفلسطينيين دون ان يترافق ذلك مع خطوات وإجراءات جوهرية وهامة في الضفة الغربية .