الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

لجنة أموال زكاة رام الله تشرع ببناء مسكن جديد لأرملة وثلاثة أيتام

نشر بتاريخ: 27/02/2016 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:04 )
رام الله - معا- على بعد عشرات الأمتار من جدار الضم والتوسع في قرية نعلين غرب رام الله، بدا عدد من عمال البناء وكأنهم يسابقون الزمن في تشييد منزل للأيتام على نفقة هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية ضمن حملة "جذور" لبناء وترميم منازل الفقراء والأيتام والمحتاجين.

وخلال فترة وجيزة، أصبح العمال على وشك إنجاز المرحلة الأولى من البناء الذي يجري تحت إشراف لجنة أموال الزكاة المركزية لمحافظة رام الله والبيرة، تمهيدا للشروع في استكمال بناء وتجهيز هذا البيت ليصبح صالحا لسكن المواطنة ابتسام تيسير عبد سرور والتي توفي زوجها في العام 2008 وأبنائها الأيتام، دون أن يترك لهم بيتا يؤويهم.

وبحسب مدير عام لجنة أموال الزكاة، عقل ربيع، فإن صاحبة البيت تعيش برفقة ولديها وابنتها في مسكن يعود لعائلة مهاجرة إلى الخارج، يفتقر للحد الأدنى من شروط الحياة الآدمية، ولا تدخلها أشعة الشمس ولا الهواء، ووضعه سيء للغاية.

وأضاف عقل، أن تلك العائلة عاشت خلال السنوات الماضية، بانتظار فرج من الله للكرب الذي تعيشه، وضاعفته حالة ابنها محمود الذي يعاني من مشاكل في القلب وأجريت له عملية جراحية اضطر خلالها الأطباء إلى استئصال الطحال لديه، ووضعه الصحي صعب للغاية.

صبر منقطع النظير

وقال: "عندما بادرت هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية مشكورة إلى بناء منزل يؤوي هذه العائلة على أرض ورثتها الأم عن والدها، أدركت هذه الأم التي تربي أبناءها بدموع عينيها وصبر منقطع النظير على البلاء، أن الله قد استجاب لدعائها، وأرسلت لها أهل خير ليفرجوا كربها، وينقلوها برفقة أبنائها إلى منزل صحي وحديث أسوة بباقي العائلات التي تمتلك بيوتا".

وتابع عقل: "شاءت الأقدار أن يكون موقع هذا البيت في مواجهة أبراج المستوطنات المحيطة بقرية نعلين المنكوبة بالاستيطان والجدار، بعد أن نهب الاحتلال معظم أراضيها".

وأشار إلى أن المرحلة من بناء المنزل "العظم" شارفت على الانتهاء بإشراف لجنة أموال الزكاة، والتي تتابع أعمال البناء ساعة بساعة وتقدم كل ما تستطيع في سبيل إنجازه وتهيئته حتى تتمكن عائلة المواطنة ابتسام سرور من الانتقال إليه والعيش فيه بعز وكرامة.


وتعتبر نعلين واحدة من أكثر التجمعات الفلسطينية تضررا من الاستيطان وجدار الفصل العنصري، وصادر الاحتلال إبان نكبة عام 48، أكثر من 60% من أراضيها، وتم تهجير السواد الأعظم من أهلها إلى خارج الوطن.

حملة "جذور"

ووفقا لما أكده مفوض عام هيئة الأعمال الخيرية في الضفة الغربية، إبراهيم راشد، فإن مشروع بناء منزل المواطنة ابتسام سرور، جاء في إطار حملة "جذور" والتي تنفذها الهيئة في الأراضي الفلسطينية، ويتم من خلالها بناء وترميم وإعادة تأهيل منازل الأيتام والعائلات الفقيرة وتحديدا تلك التي تضم أشخاصا من ذوي الإعاقة.

وأشار راشد إلى أن هيئة الأعمال بادرت إلى تبني مشروع بناء هذا المنزل، نظرا للظروف المعيشية الصعبة التي تعاني منها عائلة الأيتام الثلاثة والتي كانت تعيش في منزل يفتقر للحد الأدنى من شروط العيش الآدمي، فحرصت الهيئة على توفير مسكن لهذه العائلة ينقذها من الوضع المأساوي الذي كانت تعيش فيه ليكون صالحا للسكن، ويؤويها ويقيها برد الشتاء وحر الصيف.

وأكد أن هناك المئات إن لم تكن الآلاف من العائلات تعيش أوضاعا اقتصادية بائسة، وتعيش في ظل ظروف صحية كارثية، وأماكن تفتقر للحد الأدنى من شروط العيش الآدمي، وهو ما دفع هيئة الأعمال الخيرية إلى التفكير الجاد والعمل على مد يد العون لتلك العائلات من خلال سلسلة تدخلات إنسانية.

بيئة خصبة للأمراض

وقال إن هذه الأوضاع البائسة تؤدي لاحقا إلى الإصابة بأمراض ناجمة عن ظروف السكن الغير ملائمة من شأنها أن تصيب صحة الإنسان بالأوبئة لكونها تشكل بيئة خصبة للجراثيم والميكروبات.

وشدد راشد على حاجة هذه العائلات للكثير من التدخلات سواء على صعيد بناء مساكن لها أو من خلال إعادة تأهيل مساكنها حتى تكون صحية وملائمة لاحتياجات ساكنيها الصحية والنفسية والاجتماعية.

وتابع راشد: "إذا كان الحمام وهو عنوان للنظافة والاستحمام، والمطبخ الذي يشكل عنوانا لإعداد الطعام، وغرفة النوم في حالة غير صالحة للاستعمال الآدمي، فإن هذا الواقع يعني عدم توفر الحد الأدنى من البيئة التعليمية والصحية، وهو أمر يلقي حتما بظلاله الثقيلة على المجتمع بكل مكوناته، نظرا لأن هذه العائلات جزء لا يتجزأ من المجتمع".

وعبر عن اعتقاده أن عملية إنقاذ هذه العائلات من براثن السكن غير الصحي، لا تتطلب مبالغ مالية كبيرة من أجل إعادة تأهيل مساكنها وجعلها صالحة للسكن والعيش الآدمي، وهو أمر من شأنه أن يؤثر على الأوضاع النفسية للأهالي وعلى العلاقات الاجتماعية.

أثر نفسي واجتماعي

وقال راشد إن المبالغ المالية البسيطة التي يتم دفعها لصالح إعادة تأهيل وترميم مساكن تلك العائلات، تعود بالأثر النفسي والاجتماعي الإيجابي عليها، وتسهم في تطوير العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع الواحد، وترسم البسمة على شفاه المحرومين، وتعيد الأمل إلى قلوبهم، وتشعرهم بحجم دعم ومساندة مجتمعهم لهم.

وخلص إلى القول: "من هذه القاعدة، تنطلق هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية في تنفيذ مشروع إعادة ترميم وبناء مساكن للعائلات المهمشة في المجتمع الفلسطيني، هادفة من وراء هذه المبادرات، إلى مساندة وإنقاذ تلك العائلات، وكسب الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى".
من جهتها، قالت سرور، إنها عاشت سنوات طويلة صابرة تدعو الله أن يفك كربها ويبذلها وأطفالها الأيتام حالا أحسن من هذا الحال الصعب الذي يعيشونه، وجعلهم يشعرون أنهم يعيشون في مكان آخر ليست له علاقة بالبشر، حتى أبلغتها لجنة أموال الزكاة بتبني هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية لمشروع بناء بيت خاص بهذه العائلة.

وهنا لم تتمالك الأم نفسها فأخذت تشكر الله على نعمته واستجابته لدعائها، وكل أملها في أن تنقذ أطفالها من المسكن المتهالك الذي شاءت الأقدار أن يعيشون فيه لسنوات طويلة، إلى منزل جديد تدخله أشعة الشمس ونسمة الهواء، ويجعل العائلة تشعر أن هناك أهل خير يتلمسون احتياجات الفقراء والأيتام ويرسمون البسمة على شفاههم.

وعلى مدار السنوات الثماني الماضية، كانت الأم على يقين أن هذا الوضع المأساوي، سيلازمها وأطفالها طيلة حياتهم، حتى جاءت مبادرة هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية لبناء بيت صالح للسكن.