نشر بتاريخ: 01/03/2016 ( آخر تحديث: 01/03/2016 الساعة: 17:04 )
جنيف- معا- ألقى وزير الخارجية د. رياض المالكي كلمة فلسطين امام مجلس حقوق الانسان – الدورة 31 هذا اليوم الثلاثاء الموافق 1/3/2016، حيث بدأ كلمته بتثمين مواقف المجلس المعززة لحقوق الإنسان والحريات في دولة فلسطين، وفي العالم أجمع، بما فيها تلك التي تمكِّن شعبنا من التمتع بحريته، وتقرير مصيره، وصون حقوقه الأساسيَّة، وقد انعكس ذلك في العديد من القرارات التي إتخذها مجلس حقوق الإنسان، والتقارير التي رفعها هذا المجلس، وغيرها من آليات حقوق الانسان، والدور الرئيس الذي يقوم به مجلس حقوق الإنسان في كشف ما يعانيه شعبنا نتيجة الاحتلال الإسرائيلي وممارساته العدوانيَّة الممنهجة، والواسعة النطاق.
وأضاف المالكي أنَّ فشل المنظومة الدوليَّة في حماية حقوق الانسان، وتحمل المسؤوليَّة يعني المزيد من القتل والدمار ولهذا أوضح بأنَّه علينا الأ نفشل. مبيِّناً أنه في الوقت الذي يكون فيه أصوات المتطرفين والقتلة أعلى من صوت حقوق الانسان، فهذا بحاجة الى وقفة ومراجعة! في وقت نسمع فيه أصوات رصاص وجرائم داعش وامثالها، واصوات بلدوزرات الاحتلال الإسرائيلي الذي يقيم المستوطنات والمستعمرات غير الشرعية ويرتكب الجرائم، ولا يسمع فيه أصوات المدافعين عن السلام وحقوق الانسان، يجعلنا نتساءل! الى أين يتَّجه العالم، والى أين يؤول مصير البشريَّة، وحقوق الانسان!؟
وقال المالكي: لقد عبَّرت دولة فلسطين من خلال انضمامها لاتفاقيات حقوق الانسان عن التزامها بمبادئ وأُسس القانون الدولي، وعملت، منذ انضمامها، للوفاء بالالتزامات الناجمة عن هذا الانضمام بتطوير مؤسسات دولة فلسطين لتعزيز حقوق الانسان الفلسطيني الذي عانى ويعاني من انتهاك اسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لحقوقه كافة. فقد رصدت تقارير مجلسكم الموقَّر، ولجان تقصي الحقائق، والتحقيق، وغيرها من آليات حقوق الانسان هذه الانتهاكات وجرائم سلطة الاحتلال بما فيها التقرير الاخير للجنة الامم المتحدة المستقلة في التحقيق بالعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة في صيف العام ٢٠١٤، وقد شكَّلت دولة فلسطين لجنة فلسطينيَّة مستقلَّة لتقصي الحقائق والعمل على مخرجات التقرير وتنفيذ توصياته، الا ان سلطة الاحتلال ما زالت تمنع هذه اللجنة من القيام بمهامها ولا تسمح لها بحرية التنقل والحركة للوصول الى قطاع غزة، أو للقيام بالمهام المناطة بها.
وأشار المالكي إلى أننا نجتمع اليوم فيما يتعرض شعبنا الفلسطيني الى ارهاب منظم من اسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، واداوتها من مستوطنين، وقوات امن يقومون بتنفيذ عمليات قتل خارج نطاق القانون، وإعدامات ميدانية بحق المدنيين الفلسطينيين العزَّل حيث استشهد منذ بداية الهبة الشعبيَّة اكثر من ١٨٠ فلسطينينا، ٤٦٪ منهم من الاطفال، كما وتفرض عقوبات جماعيَّة، بما فيها هدم المنازل، وإحتجاز جثامين الشهداء، والإبعاد القصري، وفرض حصار غاشم على قطاع غزة، وعلى أحياء سكنيَّة كاملة، وتكثيف الاعتقالات العشوائيَّة التعسفيَّة، والزج في السجون الإسرائيليَّة بما يزيد عن ستة آلاف أسير فلسطيني. حيث
يأتي هذا كله في خرق ممنهج ومنظَّم لقواعد ومباديء القانون الدولي لحقوق الانسان، والقانون الدولي الإنساني، كما وتتصرف سلطة الاحتلال، كأنها دولة فوق القانون، ودون رادع أو مساءلة أو محاسبة، وتعمل على تعزيز الاستيطان الاستعماري في ارضنا بدل العمل من اجل السلام، وتمعن في تماديها في انتهاكات حقوق الانسان، بما في ذلك الترويج للاستيطان، ونهب الموارد الطبيعيَّة، وتشيِّد لمستوطنيها الجدران، والطرق، ونظم المواصلات، لفرض أمر واقع جديد، ضمن نظام خاص قائم على التمييز والفصل العنصري، تقوم حكومة الاحتلال بتوزيع وثائق تشرع الاستيطان، في محاولة لتشوية التاريخ، وحرف الحقائق، وتقويض مبادئ القانون الدولي ومواقف الدول التي أكَّدت جميعها بعدم شرعية الاستيطان، وانَّه يشكل جريمة حرب. وهذا دليل اخر حول نوايا سلطة الاحتلال تجاه السلام وحل الدولتين. كما وتستمر في الاستفزازات والاعتداءات في مدينتي الخليل والقدس وخاصة في منطقة الحرم الشريف ومحيط المسجد الأقصى، والتحريض من قِبل المتطرفين الإسرائيليين، والمسؤولين الحكوميين ضد المدنيين الفلسطينيين. فقد أطلق جنود الاحتلال ومستوطنيه المتطرفين، وميليشياته، موجة من العنف والكراهية ضد السكان المدنيين الفلسطينيين.وتوجه المالكي لمجلس حقوق الإنسان قائلاً: اننا نتوجه إلى مجلسكم هذا للاضطلاع بدوره في حماية حقوق الانسان، بما فيها حقوق الشعب الفلسطيني التي كفلها له القانون الدولي حيث أنَّ اسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لا تنتهك فقط التزاماتها في اتفاقية جنيف الرابعة، بل هي في الواقع تخلت عن التزاماتها، وهي مصدر انعدام الأمن وسبب المعاناة.
وطالب المالكي المجتمع الدولي قائلاً: أطالب من خلالكم المجتمع الدولي والهيئات الدولية ذات العلاقة لتحمل مسؤولياتها، والعمل وفق المادة الاولى المشتركة في اتفاقيات جنيف، وحسبما ورد في الفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية، على ضمان امتثال واحترام اسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، للقانون الدولي الإنساني، وان تقوم بتطبيقه على الارض الفلسطينية المحتلة، ورفع الغطاء عن ممارسات الاحتلال، ومساءلته على جرائمه. إن إفلات إسرائيل، سلطة الاحتلال، المتواصل من العقاب وعدم مساءلتها على جرائمها، قد خلقت حالة من غياب، وازمة عدالة في فلسطين، وعزز ثقافة الإفلات من العقاب، مما أدى إلى تشجيعه على تكرار هذه الانتهاكات، الأمر الذي إذا إستمر سيقوض مصداقية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ومنظومة حقوق الانسان ككل.
وعليه فانه على الدول، فرادى وجماعات، واجب احترام وضمان احترام القانون الدولي. ويضع مسؤولية على الدول الاطراف الثالثة بمحاسبة سلطة الاحتلال، ولذلك فانني أحث جميع الدول لمقاطعة منظومة الاستيطان بما فيها مقاطعة بضائع المستوطنات، ومقاطعة الشركات والافراد، ورجال الاعمال وعدم قيامهم بعمل بشكل مباشر أو غير مباشر، مع منظومة الاحتلال، بالاضافة الى منع دخول المستوطنين غير الشرعيين الى دولهم.
وبين المالكي أنَّ الحالة الفريدة التي يفرضها الاحتلال الاسرائيلي على الارض الفلسطينيَّة المحتلة، بما فيها القدس الشرقيَّة، وشكل الانتهاكات والاعتداءات المتزايدة التي تقوم بها سلطات الاحتلال، وخاصة للقانون الانساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الانسان، يعزز من ضرورة نقاش &
39;، تحت بند ثابت وهو البند السابع على أجندة أعمال مجلسكم حتى زوال الاحتلال، وادعو الدول للانخراط في نقاش حالة حقوق الانسان في فلسطين تحت هذا البند، وعدم الانجرار خلف المحاولات لتقويض هذا البند.
وأكد المالكي على التزام الفلسطينيين الراسخ بمواصلة المسار السلمي والسياسي والدبلوماسي والقانوني لإعمال الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، للوصول الى سلام عادل وشامل يحقِّق التطلعات الوطنيَّة المشروعة لشعبنا في العيش بحريَّة وكرامة في دولته فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضيَّة اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار الجمعيَّة العامة رقم 194.
وأضاف قائلاً: اننا نؤكد على ضرورة الحفاظ على حل الدولتين ضمن جهد جماعي دولي، لذلك فإننا نؤكد على اهميَّة أنْ يقوم مجلس الامن الدولي بتحمل مسؤولياته، واستصدار قرار حول الاستيطان لما يشكله من عقبة أمام السلام، وامام حل الدولتين، انطلاقا من اجماع دولي على عدم شرعيَّة المستوطنات وفقاً للقانون الدولي، وهو ما سيساهم في انجاح الجهود الفرنسية في عقد مؤتمر للسلام في القريب العاجل.
ورحب المالكي بالجهد الفرنسي، داعياً دول العالم لدعم المبادرة الفرنسية والعمل على انجاحها، والمساهمة في العمل من اجل انهاء الاحتلال الاسرائيلي للارض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقيَّة، وفق قرارات الشرعية الدولية، باعتبارها الوصفة الوحيدة للسلام والاستقرار في المنطقة، وان الاحتلال الاسرائيلي الذي طال امده، هو سبب وجذر العنف، وانتهاكات حقوق الانسان.
وإختتم المالكي بالقول: إن آمال وتطلعات شعبنا الوطنية بالحرية، والسلام والامن، في دولة خالية من الاحتلال والاستعمار، وكاقة اشكال الذل، والظلم،والاضطهاد، تشكل جزءا من مبادئ المجتمع الدولي، وعلى الجميع ان يعمل من اجل صون هذه الحقوق وتحقيقها.