موظفو العقود الخاصة... بين غياب المرجعية والالتفاف على القانون
نشر بتاريخ: 06/03/2016 ( آخر تحديث: 06/03/2016 الساعة: 13:48 )
رام الله - معا - عقد الإئتلاف من أجل النزاهة والمساءلة - أمان جلسة نقاش حول موظفي العقود في الخدمة المدنية، بعد ان اضحى هذا الموضوع مثارا للجدل لما يشوبه من اشكالات قانونية وعملية، خصوصا وانه اصبح يستخدم في بعض الاحيان للتحايل في موضوع التعيينات من جهة، وللالتفاف على جدول الرواتب من جهة أخرى، ما يمثل شكلا من اشكال هدر المال العام.
واعتبر د. عزمي الشعيبي مستشار مجلس إدارة أمان لمكافحة الفساد الذي افتتح الجلسة أن حالة الفوضى في التعيينات الخاصة بالعقود في الوظيفة العمومية ما زالت سائدة حتى بعد قيام مجلس الوزراء في العام 2005 بإصدار قراره رقم (335) لسنة 2005م بنظام توظيف الخبراء وشغل الوظائف للقيام بأعمال بصفة مؤقتة أو عارضة أو موسمية ما يعني ضعف الشفافية في هذا الجانب وإمكانية استغلاله لخدمة أهداف ومصالح شخصية.
التفاف على قانون الخدمة المدنية.
من جانبه اعتبر المستشار القانوني لائتلاف أمان بلال البرغوثي أن التطبيق العملي للاطار القانوني الناظم للتعيينات عبر عقود العمل يشوبه عدد من الاشكاليات أبرزها عدم التمييز بين من يمكن دعوتهم "بالخبراء" وهم الاشخاص الذين اكدت المادة 3 من قرار مجلس الوزراء رقم (335) لسنة 2005م على ضرورة ان يكونوا من "ذوي الخبرات والتخصصات النادرة التي لا تتوافر في أي من الموظفين بالدائرة الحكومية "، وما بين الموظفين الموسميين أو العارضين، وهم الموظفون الذين يتم تعيينهم لسبب طارئ كحصول موظف على اجازة امومة او اجازة طويلة تتطلب تعيين بديل عنه لحين عودته، وما بين الموظفين الذي يتم تعيينهم لشغل وظيفة دائمة بصفة مؤقتة.
ومن جانب ثانٍ، فإن ما يجري في كثير من الاحيان من استمرار موظفي العقود المؤقتين في العمل لسنوات طويلة على عقود يؤكد ان عملية تعيينهم لم تكن لوظيفة مؤقتة وانما كانت التفافا وتعيينا على وظيفة دائمة مدرجة ضمن جدول تشكيلات الوظائف الحكومية. خصوصا وان مجلس الوزراء دأب ومنذ سنوات عدة باصدار قرار يتجدد كل عام بمنح الأولوية في التعيين في الوظيفة العامة لموظفي العقود، وعلى الرغم من تأكيد المادة الاولى من هذا القرار على ان منح الاولوية يجب ان يتفق وشروط اشغال الوظائف العامة وجدول تشكيلات الوظائف، الا ان المادة الثانية من هذا القرار تؤكد ان موضوع المنافسة محصور بالمنافسة الداخلية وبالتالي تحرم المواطن العادي من حقه في المنافسة في الدوائر التي يكون فيها موظفون بعقود. وهذا ما يمثل خرقا واضحا لموضوع المنافسة وتكافؤ الفرص.
وأكد البرغوثي ان الاشكالية الثانية تتمثل في أن موظفي العقود عادة ما يحصلون على أجور تفوق بكثير ظاجور نظرائهم من موظفي الخدمة المدنية، لدرجة اصبح معها الكثير من الموظفين يحصلون على قرارات إعارة أو إجازات بدون راتب للعمل بموجب عقود عمل؛ على الرغم من ان المادة 10 من نظام توظيف الخبراء أكدت على عدم جواز منح أجر إجمالي للخبير المحلي الذي كان يعمل في القطاع الحكومي إلا في حدود ما كان يتقاضاه من الجهة التي كان يعمل بها من أجر وبدلات وميزات مالية، إلا ان بعض القضايا تؤكد على عدم تطبيق هذا الحكم فعليا على أرض الواقع.
وفيما يتعلق بالاشكالية الثالثة فأشار فيها البرغوثي إلى قرار مجلس الوزراء رقم (06/27/16/م.و/ر.ح) الذي صدر في العام 2014 بوقف التعاقد مع موظفي الخدمة المدنية المتقاعدين، حيث مثل تعيين المتقاعدين على عقود لمدة سنتين ما قبل اصدار هذا القرار ظاهرة كان لا بد من معالجتها، ومع ذلك فإن هنالك بعض الحالات الاستثنائية التي خرقت هذا القرار، حيث تم تعيين موظفين تمت احالتهم على التقاعد المبكر بموجب عقود.
من جهته، شدد مدير عام الشؤون الادارية والمالية في الجهاز المركزي للاحصاء خالد دراغمة على ضرورة ضبط وتنظيم العاملين بعقود مؤقتة بوظائف دائمة بسبب عدم وجود ما ينظم ذلك في قانون الخدمة المدنية، فضلا عن الحاجة إلى المساواة بين موظفي العقود والموظفين الدائمين من حيث الرواتب وتحديد السقف الاعلى لها.
وأكد دراغمة على اهمية ممارسة ديوان الموظفين العام لدوره في انجاز الوصوف الوظيفية الخاصة بعقود الخبراء والتي تشمل المؤهلات والكفاءات وعدد سنوات الخبرة اللازمة، مع وضع لائحة بالاجراءات اللازمة لتعيين الخبراء والموظفين بعقود مؤقتة وطرق الرقابة عليها.
مدير عام الشؤون القانونية في وزارة العمل بثينة سالم شددت على ان القضية معرض النقاش لا تتوقف على عدد من عقود العمل المؤقتة وانما تكشف وجود اختلاف بالمرجعيات القانونية الناظمة لها ما يؤدي الى خرق القواعد بحيث يصبح الاستثناء هو الاصل فضلا عن اشكاليات في التطبيق تؤدي الى التمييز وعدم العدالة في الحقوق والواجبات المترتبة على موظفي العقود ونظرائهم في الوظيفة الدائمة.
واعتبرت سالم ان الاشكالية الاخرى تتعلق بالاطار الناظم لتلك العقود والتي يحتكم بعضها لقانون العمل الفلسطيني، وبعضها الاخر لقرار مجلس الوزراء رقم 335، فيما يحتكم جزء اخر إلى الدمج بين مزايا الاطارين السابقين فيما يعرف بالعقود المختلطة والتي فضلت وصفها "بالمفصلة" مؤكدة ان المسؤولية في هذا الاطار تترتب على عاتق جهات ثلاث تتمثل في ديوان الموظفين العام، وزارة المالية ووزارة العمل.
يشار إلى ان ديوان الرقابة المالية والادراية اثار مسألة العقود في قانون الخدمة المدنية أكثر من مرة في محاولة منه للفت الانتباه إلى الانتهاكات والاشكاليات التي ترافق هذا النوع من التوظيف والتي تتمثل في عدم توافق غالبية هذه التعيينات مع الأحكام الناظمة، ووجود تباين واضح في قيمة الرواتب والاجور التي يتم تقاضيها، فضلا عن عدم التزام عدد من المؤسسات بالفترة الزمنية المحددة لتحديد احتياجاتها السنوية من الخبراء او موظفي العقود المؤقتة، وعدم وجود بطاقة الوصف الوظيفي او تحديد الشروط الخاصة بالخبير. كما واشار ديوان الرقابة سابقا إلى قيام بعض المؤسسات بتجديد عقود عمل مؤقتة، اضافة إلى بعض الحالات التي استمر تجديد عقود بعض الموظفين فيها حتى بعد وفاتهم بسبب عدم تحديث المعلومات المتوفرة حولهم.
يذكر أن جلسة النقاش حظيت باهتمام كبير تمثل في حضور ممثلين عن معظم الوزارات، إضافة إلى ممثلين عن النيابة العامة، المجلس التشريعي، ديوان الرقابة المالية والادارية، سلطة الاراضي، لجان العمل الزراعي، مركز اعلام حقوق الانسان والديموقراطية-شمس، مؤسسة مفتاح، وعدد من الاعلاميين والمؤسسات الاعلامية كفضائية فلسطين اليوم، راديو أجيال، بوابة اقتصاد فلسطين، وموقع القدس دوت كوم.