الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

نضال زلوم ...مفجر ثورة السكاكين وقصة تحد وشجاعة نادرة

نشر بتاريخ: 23/09/2005 ( آخر تحديث: 23/09/2005 الساعة: 10:07 )
معـا - أبصر نضال عبد الرازق زلوم النور في القدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بتاريخ 13/4/1964 ، وكأنه القدر يصر أن يربطه بها منذ المولد، فيظل مشدودا لهذه المدينة المقدسة ومسجدها .

نضال الذي نشأ في رام الله واظب منذ الطفولة على زيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه ليعود في كل مرة ليروي تفاصيل زيارته للوالدة ويزف لها ببهجة واضحة كيف وصل، وأين صلى، وكيف عاد ثانية، فلا يكاد يعود من زيارتها حتى يشده الحنين إليها ثانية تخبرنا "ام نضال " عنه فتقول :" ليس نضال كباقي أولادي بل ربما ليس كباقي أقرانه، طفولته مميزة بفرح ونشاط ولعب ، هوايته صيد الفراشات وإبقائها لاهية في علبة أمامه"
وتضيف:" ظل نضال بارا بي ومطيعا ورضيا وحنانه بلا حدود وإيثاره للغير يغلب على كل تصرفاته منذ طفولته وكان محبا للدراسة بارعا فيها "

واصل نضال تعليمه حتى حصل على الدرجة الجامعية الأولى من جامعة بيرزيت واختار تخصص اللغة العربية وعند سؤاله عن سر هذا الاختيار يردد كما تقول والدته:"لأنها لغة القرآن الكريم" .


قرر نضال منذ انطلاقة حركة الجهاد الإسلامي أن يكون عضوا فاعلا فيها فقرار الحركة على لسان الدكتور فتحي الشقاقي بنقلة نوعية للاطار الإسلامي بالتحرك العسكري أومض في عقل نضال فكرة الجهاد في سبيل الله ومقاومته عسكريا ولو بأبسط الوسائل المتاحة، فسار على درب خالد جعيدي الذي نفذ أول عملية طعن عام 1987في وقت لم يحرك فيه احد ساكنا كانت حركة الجهاد الإسلامي تتولى زمام المبادرة في كل ما من شأنه رفع كلمة الله ومقاومة الاحتلال .

نضال الحاصل على بكالوريوس في اللغة العربية يعين في المدرسة الشرعية في رام الله ويمارس عمله كمعلم للغة العربية لمدة شهر ولكنه ما إن يحصل على أول راتب له وهو أول دخل لشاب في الخامسة والعشرين من العمر في حينه يسارع إلى التبرع به كاملا للعائلات المستورة في حيه ويقدم استقالته من العمل برمته مرددا على مسامع الوالدة :" ربما هناك من هو احق مني بالوظيفة" بإثاره المعهود لم تتفاجأ الوالدة ولم يحيرها موقفه الذي تكرر بأشكال مختلفة منذ طفولته.

ولكنه آثر الشهادة هذه المرة على زخرف الحياة الزائل ومتخليا عن رغد العيش في عائلته الميسورة الحال فيقرر القيام بعملية من نوع خاص فيعبر إلى القدس بتاريخ 3/5/1989مسلحا وضاما سكينه إلى صدره تاركا في غرفته وصيته للأهل وراميا الدنيا خلف ظهره ومهرولا نحو الشهادة بشوق ولهفة ليشن هجمته الجريئة على عدد من المستوطنين في شارع يافا في القدس فتطال سكينه ثلاث من يهود البلدة القديمة في بيت المقدس فيطعن عددا من اليهود وبعدها تم القبض عليه من قبل جمهور من المستوطنين ويشلون حركته ويقيدون يديه ورجليه وبعد السيطرة عليه ينقل للسجن .

نضال يقول معقبا على هجمته الجريئة وسابقته الملفتة للأنظار : "كتبت وصيتي وحملت سكيني وهاجمت كل من قابلني حتى تمكن الصهاينة من السيطرة علي واعتقالي، لم أتوقع في لحظة واحدة أن المولى عز وجل سيكتب لي الحياة".

وبعد التحقيق مع نضال الذي قرر أن يفجر ثورة السكاكين ،يقترن اسمه بلقب يتشرف الجهاد الإسلامي إطلاقه على أول فدائي وهو لقب" مفجر ثورة السكاكين".

وفي نهاية المطاف يقدم نضال للمحاكمة التي قضت بحكمها عليه بالسجن المؤبد ولكن محامي الادعاء يصر على استئناف المحاكمة من جديد لتوقيع عقوبة أقسى على نضال زلوم المجاهد فينجح في مخططه وبالفعل يصدر الحكم بسجن نضال لمؤبدين و35 عاما، كاشفا لنضال نفسه .

تقول والدته "نضال كان وما زال صخرة من التحدي صامدة قوية ترفض التنازل أو التخاذل وبمعنويات محلقة في السماء يقضي هذا الشاب الاربيعيني المجاهد محكوميته بالمؤبد خلف قضبان الصهاينة راعيا لفكر الجهاد الإسلامي ومحاضرا بارعا فيه ومعلما وملقنا لأشبال الحركة في السجون معنى الجهاد وأثره في صد العدو وقهره وزرع الخوف والفزع في تفاصيل حياته اليومية".

تخبرنا ام نضال وتعتصر قلوبنا لوعة بصوتها المتهدج عن معاناتها التي لا تنتهي منذ اعتقال نضال ابنها البكر في 1989 وحتى اليوم فتقول:" منذ ستة عشر عاما وأنا اقطع المسافات الطوال وقد هدني المرض لأرى نضال وكل مرة اشعر فيها بالحزن والرثاء لحاله أجده صامدا قويا ويشدني من حزني وألمي لفراقه بابتسامته ومعنوياته ...." وتضيف:" نضال وأخويه ايمن ومفيد يقبعون في سجون الاحتلال وأنا امضي وقتي للتحضير لزيارتهم فازور اليوم ايمن وغدا نضال وبعد غد مفيد، أتنقل من سجن لآخر في ظروف سيئة للغاية يعاني منها كل أهالي الأسرى نبقى في العراء ننتظر تلك الحافلات التي تقلنا إلى موقع السجون دون توفر ابسط وسائل الراحة لإنسان ! فكيف بمريض او طفل او عجوز .وأحيانا احرم من الزيارة في اللحظة الأخيرة كعقاب لأولادي وربما يكون هذا بالغ الصعوبة على من هي في مثل سني وتعاني من المرض ولكنه يملؤني بالفخر والحبور لأنهم لم يشددوا في ممارساتهم القمعية ضدنا إلا لان أولادي وخاصة نضال قد سببوا لهم ألما كبيرا".