الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

قصة حب علمية تتجاوز المدرسة في غزة

نشر بتاريخ: 08/03/2016 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:09 )
قصة حب علمية تتجاوز المدرسة في غزة
غزة- معا- ما عادت السبورة الخضراء على جدران المدرسة التي تصدعت بفعل المعارك تتسع أكثر، لكن هناك منزل تحول الى مختبر اضافي لمدرسة متواضعة الامكانات.
قصة حب في أرض خصبة بين الطبيعة والانسان، يصعب نظمها في واقع حياة بائس تحت سماء قطاع غزة الذي يرثى بقصائد الحصار والحروب فتقض مضاجع المانحين.
الى حياة المد والجزر في ثنايا علوم السياسة غير المعلومة، في هذه البقعة المنقسمة مع شقيقتها الكبرى من الوطن، استقرت المعلمة إيناس أبو ملوح إلى تناغم كامل بين مادتها الدراسية (الاحياء) ومدرستها بشقيها المنزل والفصل المدرسي.
في رحلة الخماص والبطان بحثا عن واقع علمي مفيد لطلاب أعياهم فقر الإمكانات ما استطاعت سبيلا.
من وسط القطاع إلى اقصى جنوبه الشرقي في مشوار عنقودي يومي تذهب المدرسة إيناس متخثرة الأطراف من التجارب العلمية في منزلها الذي أمسى مختبرا خاصا لمادة (الأحياء) فتصبح إلى مدرستها حتى تحيك ذلك أمام طلابها وحيدة فريدة بتجارب هي نتاج غرامي بين الإنسان وعلمه للقدرة على صنع واقع تعليمي رغم شح الموارد وأسرارها.

لا أطوار أخيرة في حياة المعلمة المجتهدة والتي دخلت عقدها الثالث مؤخرا متوهجة بنشاط قل نظيره وهي تمارس نشاطها الدراسي لا في مدرستها فقط بل في منزلها ويصل الأمر الى أماكن مبيتها بل هو كذلك فعلا، للخروج بتجربة غنية عن حشرة فيرقة ثم فراشة تنثر تفاصيلها للطلبة في فصلهم الدراسي، أو بإرسالها عبر صفحة افتراضية على أيقونة الشبكات الاجتماعية "فيسبوك" خصصت للتباحث العلمي من قبل المعلمة.
تقول أبو ملوح والتي تضع "خمار" لا يظهر وجهها والتي تعمل في مدرسة حكومية " تقول "ربما لا يوجد ما يسمى عمل في المنزل وعمل داخل المدرسة بصورة كاملة، طالما أنت معلم لابد لك من استنفاذ كل جهد يمكنك بذله من أجل إيصال المعلومة بشكل صحيح إلى الطالب، لان وقت الدوام محدود والطالب لابد له أن يظل مرتبطا بالمدرسة لأكبر وقت ممكن. لذا فإنني أتواصل مع طالباتي عبر صفحة انترنت خصصتها لذلك".
تضيف " أما بخصوص التجارب العلمية لمادة الأحياء التي أنفذها تأخذ وقتا طويلا نسبيا لو قرنت بالعلوم الأخرى، فلا مناص من أن أواصل العمل على التجربة في المنزل، ما جعل طالباتي ينفذن بأنفسهن بعض التجارب في منازلهن أيضا مثل تربية كائن حي والاهتمام به ومراقبة نموه وتطوره ثم يتم الإطلاع سويا على سير تجربتهن الخاصة ضمن المنهج الدراسي وغيره.
وعن المساندة من قبل الوزارة والمدرسة لهذه الفكرة قالت أبو ملوح التي شاركت في عروض مرئية تتبع الوزارة عن تطوير عملها انها تجد اهتمام حقيقي من مديرة المدرسة وإدارة منطقتها التعليمية في جهدها العلمي.
أبو ملوح التي تقطن منطقة النصيرات تتوجه إلى شرق خانيونس لمدرستها الانثوية كل صباح والتي تجد مشقة في ذلك خاصة مع انكماش الرواتب الشهرية، وعن أهمية الفكرة تكمل " ان نجاح العمل يكمن في أهمية الهدف الذي نصبو إليه، هدفي هو تغيير النظرة التقليدية التي تعتبر مدرّس الأحياء ملقنا للمعلومات ومشرّحا للكائنات المسكينة فقط(..) أنا أرفع شعار "من الأحياء نتعلم الأحياء" أود أن يتعلم الطالب عن الكائنات الحية مع بقائها حية، يجب ان يحب الطالب هذه الكائنات، فإذا تحقق هذا الهدف سأحصل على جيل يحب الحياة لا الموت، لان احترام حق الحشرة في الحياة يكون ذلك للإنسان ايضا".
أبو ملوح سبق وأن حاضرت في جامعة محلية لمدة عام تقول عن طموحها "حاليا أسعى أن أصل إلى أقرب شيء من الكمال في عملي كمعلمة، وأترك المستقبل إلى أن يصل وتصل معه الخطوة التالية في حياتي مهنيا وعلميا، لان العلوم الحيوية لا زالت تحبو، حيث لا يزال السواد الأعظم من الطلبة ينظرون إليها على أنها علم جامد بالرغم من أنها من أجمل العلوم وأكثرها إمتاعًا.
40 طالبة في التخصصات العلمية من أصل 500 تحت أعين المربية أبو ملوح تحاول صقل عقولهن بالمواد العلمية الحية في واقع حياة لا حياة مشجعة فيه وفق إحدى الطالبات.
آلاء 17 عاما تقول "لا ضير في تنفيذ تجارب عملية في أماكن مختلفة (..) أنا سعيدة جدا بها ولم أجدها إلا مع هذه المعلمة بمدرسة إحسان الأغا. العلوم فريدة مهما كانت التجارب بسيطة، لقد قمت بنفسي على 3 تجارب لفراشة في منزل المعلمة الذي يشبه المختبر شاهدتها تكبر أمام عيني يوما بعد يوم، أنها شيء مدهش للغاية أصبحت متيمة بالاحياء أدرس بشكل أقوى من ذي قبل".
إن شعور الدهشة لدى طالبة في ربيعها ال17 تعيش واقع يذوي من ضنك الحياة يدفع للبحث عن معلمات ترى بالعين وترسم باقلام طلابها.
تقرير: يوسف حماد