الأربعاء: 02/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

عيسى: لا بد من منظومة قيم متكاملة ذات مرجعية صلبة

نشر بتاريخ: 10/03/2016 ( آخر تحديث: 10/03/2016 الساعة: 12:07 )
رام الله- معا- قال الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، "إن الإسهام الديني في تأسيس الحقوق الإنسانية وحمايتها من أي اعتداء، من صميم المقاصد الشـرعية، ومن هنا يأتي دور المؤسسات الدينية بتعزيز هذة الحقوق من خلال الرصد المعرفي والعلمي الشمولي للقيم الحضارية من منظور ديني لكل مجالات الحياة".

وأضاف، "المؤسسات الدينية هي صمام الأمان للمجتمع، ولا تستقيم حياة مجتمع دون توفر الأمان لأفراده وجماعاته، حيث تعمل على تأمين المجتمع من الأفكار والأفعال المنحرفة، ويظهر ذلك في محاربته لآثار هذه الأفكار الوافدة التي تدعو إلى الشك والإباحية والفساد الخلقي والاجتماعي". ونوه، "المؤسسات الدينية من مساجد وكنائس ودور عبادة ليس عملها الرئيسي - على الرغم من أهميته - أداء الصلاة فقط ، بل هي أحد الأسس الرئيسة في بناء المجتمع، وتوجيهه سواء من خلال حلقات العلم، والدروس الوعظية، والمنهجية".

ولفت، "حين نتحدث عن منظومة القيم، فإننا نمس مباشرة جوهر الإنسان من جهة، ومجال التدافع الحضاري الحقيقي من جهة ثانية، ولا بد من إسترجاع الفكر الحضاري لمنظومة قيم متكاملة ذات مرجعية صلبة تستند إلى الوحي وتتجلى في صياغة الإنسان وصناعة محطات مهمة في تطور الإنسانية".

وتابع، "الدين عنصر ضروري لتكميل القوة النظرية في الإنسان، فهو يخرج بالعقل والفكر عن سجن الماديات والمحسوسات إلى مجال الغيب الفسيح الذي يجد العقل فيه متعته ولذته من غير حدود ولا قيود، وبهذا تتسع مدارك الإنسان ويتفتح عقله على معارف شتى تشق أمامه الطريق إلى ما فيه خيره وسعادته، وهو عنصر ضروري لتكميل الوجدان، ويدعو إلى تعلق المخلوق بالخالق، وعرفان ما له وعليه من فضل ومنه، ومراقبته في السر لاعتقاده أنه يراه، وبهذا تقوى عند الإنسان عاطفة الحب، والشكر، والإخلاص، والحياء".

وأشار، "حسن السلوك والوازع النفساني لهما آثار جليلة النفع وأنهما إذا وجدا يوفران من الأتعاب على الولاة والحكام وإدارة الأمن ورجال المال والأعمال ما لا توفره القوانين والإجراءات الإدارية، على الرغم مما تحتاجه من كثرة رجال ووفرة أموال لتطبيقها وإجراءاته".

وأضاف، "الدين بما حواه من هداية إلهية وتشريعات سماوية، يكفل للمجتمع الإنساني كل عوامل السعادة والأمن والاستقرار، ولا يكون ذلك أبدا عن تشريع وضعي وضعه فرد أو جماعة لأمة معينة؛ ذلك لأن الإنسان مهما سما فكره ونضج عقله لا يمكن أن يحيط خبرا بكل ما يوفر للإنسانية سعادتها وأمنها واستقرارها.

ونوه، "هناك الاهتمام النظري الذي تحظى به مسألة الدين وفحص دوره وتأثيره في مختلف مناحي الحياة، تارة بوصفه نظاماً للمعرفة يستمد منه الناس تفسيراتهم لواقعهم المادي، وتارة أخرى بوصفة المحدد الرئيس لسلوكهم تصرفاتهم وما يضفون عليها من تبريرات، وتارة ثالثة بوصفه مؤسسة شديدة التأثير والنفاذ في تضاعيف حياتهم الخاصة والعامة".

واستطرد أمين عام الهيئة، "يعود هذا الاهتمام إلى أسباب عدة، لعل أبرزها ما شهده العالم في العقد الأول من الألفية من تصاعد للأصوليات الدينية وتنامي تأثيرها، والسبب الثاني كما يرى البعض، يكمن في مآلات سيرورة (العلمنة) و(المادية) إلى عالم شديد الخواء، تتحكم فيه قوى الظلم والاستغلال، وتنتشر في ربوعه مظاهر الفقر والتفاوت، بالرغم من المنجزات التقنية والعلمية والمادية الهائلة التي حققتها البشرية".