نشر بتاريخ: 16/03/2016 ( آخر تحديث: 19/03/2016 الساعة: 07:54 )
بيت لحم- معا- بعد مرور 20 عاما على عملية اغتيال القيادي في كتائب القسام المهندس يحيى عياش نشرت اسرائيل بعض تفاصيل ما جرى قبل العملية، وفشل المحاولة الأولى ونجاح إسرائيل في العملية الثانية باغتياله، وفقا لما نشرته مجلة "اسرائيل دفينس" اليوم الاربعاء.
يحيى عياش أصبح المطلوب رقم واحد لدى اسرائيل منذ عام 1994 بعد تعليمات رئيس وزراء اسرائيل في تلك الفترة اسحاق رابين باغتياله، بعد تنفيذ العملية "الانتحارية" في حافلة للركاب في شارع "ديزينكوف" في مدينة تل أبيب في شهر تشرين أول عام 1994، وكان عياش قبل ذلك مطاردا وملاحقا من قبل جهاز "الشاباك" منذ عام 1992، لوقوفه على رأس عمليات التفجير التي قامت بها حركة حماس، حيث كان هو من يعد العبوات والاحزمة الناسفة واكتسب اسم "المهندس" ليس فقط كونه درس الهندسة الكهربائية في جامعة بيرزيت، وانما لدوره في اعداد وتصنيع العبوات الناسفة والمتفجرات.
وأضافت المجلة أن كافة محاولات "الشاباك" فشلت في العثور على يحيى عياش بالرغم من كافة المداهمات التي قام بها الجيش في الضفة بحثا عنه، وفي كل مرة كان يصل الجيش وجهاز "الشاباك" متأخرا، واصبح كافة جنود الاحتلال في الضفة يعرفون عياش ولديهم صورته ولكن دون جدوى، وفشلت كافة الطرق التي اتبعها "الشاباك" في الوصول لأي خيط ولو بسيط للوصول الى عياش لقد اختفى تماما عن "الرادار".
واستمر يحيى عياش بالوقوف خلف العمليات حتى بعد تسلله الى قطاع غزة بداية عام 1995، وتشير تقديرات "الشاباك" أنه تهرب في سيارة تحمل الخضار الى قطاع غزة، وهناك تم استقباله من قبل عناصر حماس الذين قدموا له المساعدة في التخفي والحركة وكل ما يلزمه، وبعد مرور عدة شهور لم يحصل "الشاباك" على أي معلومة تقود للمطلوب رقم واحد.
في مرحلة معينة قرر جهاز "الشاباك" الوصول الى عياش من خلال زوجته والتي بقيت في الضفة مع طفلها الصغير، وبدأ الجهاز بملاحقة الزوجة وتتبع خطواتها بشكل كامل، وكشف "الشاباك" عن اتصال هاتفي بين عياش وزوجته، وبعد متابعة تبين أن زوجة عياش تريد الذهاب الى قطاع غزة عند زوجها، وقام "الشاباك" بالسماح لها بدخول قطاع غزة، وفي شهر آذار عام 1995 علم "الشاباك" أن زوجة عياش تعيش في بيت لاهيا.
بعد ذلك بدأ "الشاباك" العمل وفقا لهذه المعلومات الجديدة وبدأ البحث عن عناصر لحركة حماس في بيت لاهيا والتي قد يكون لها صلة محددة مع يحيى عياش، واستخدم جهاز "الشاباك" العديد من الطرق والوسائل للوصل الى خيط يقود الى عياش وتحت فرضية أنه لن يكون بعيدا عن مكان سكن زوجته، خاصة بأنها حملت من زوجها وخلفت نهاية عام 1995، ونتيجة لهذه التعليمات التي كان يقف خلفها آفي ديختر والذي كان وقتها يشغل منصب مسؤول المنطقة الجنوبية في جهاز "الشاباك"، تم الوصول الى المطلوب رقم واحد يحيى عياش، بعد ان اظهرت كافة الدلائل والمعلومات التي جمعها "الشاباك" بأن الناشط في حركة حماس اسامة حماد على علاقة مباشرة مع يحيى عياش.
ملاحقة ومتابعة اسامة حماد الذي كان على علاقة ومعرفة سابقة مع يحيى عياش من خلال الدراسة في جامعة بيرزيت، قادت الى معرفة تفاصيل ساهمت بوضع خطة تنفيذ عملية الاغتيال، فقد حصل "الشاباك" على معلومة أن عياش يأتي اسبوعيا الى بيت حماد ليلتقي زوجته وطفله ويتصل هاتفيا مع والده في بلدة رافات غرب سلفيت، ومن هنا بنى "الشاباك" خطة الاغتيال والتي شارك فيها الى جانب "الشاباك" الذي كان يرأسه في حينه كرمي جيلون، جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان" والذي كان يرأسه وزير الجيش الحالي موشيه يعالون وسلاح الطيران الاسرائيلي.
استقر جهاز "الشاباك" على تنفيذ عملية الاغتيال بأقل الخسائر وبطريقة تسمح بالوصول المباشر الى عياش دون وقوع ضحايا، ووقع الاختيار على "الهاتف النقال" لتنفيذ العملية والتي تسمح بقتل من يمسك الجهاز ويضعه على اذنه، وبدأ العمل حول كيفية وصول "الهاتف" لتنفيذ العملية، وهنا وجد جهاز "الشاباك" ضالته في كمال حماد رجل الاعمال المعروف في قطاع غزة ولديه اعمال في اسرائيل، وجرى الاتصال مع كمال حماد وتحت التهديد بمنعه من دخول اسرائيل ووقف اعماله جرى ربطه بجهاز "الشاباك"، وبدأت الخطة بعد ذلك حيز التنفيذ وبدأ التغيير على حياة عياش دون معرفته ودون معرفة كمال حماد.
بعد ربط كمال حماد تم تسليمه جهاز "هاتف" ليقوم بتسليمه الى قريبه اسامة حماد، وكان هذا الجهاز خال من أي مفجرات حتى يعتاد اسامة حماد على استخدامه بشكل طبيعي، وهذا ما حصل فبعد وصول الجهاز الى اسامة استخدمه بشكل عادي ولكنه كان تحت المراقبة دون معرفته، واستطاع جهاز "الشاباك" ملاحقة الاتصالات ومن يستخدمه وكافة التفاصيل، بعد ذلك طلب من كمال حماد احضار الجهاز للصيانة، واستلمه منه "الشاباك" الذي بدوره نقله الى وحدة التكنولوجيا في الجهاز، وتم زرع عبوة ناسفة من نوع متفجر قوي وصغير في الجهاز كفيلة بقتل من يستخدمه لدى تفعيلها.
وهنا انتظر "الشاباك" الفرصة بعد وصول الجهاز مجددا الى اسامة حماد، وفي نهاية شهر تشرين أول عام 1995 جرى تنفيذ المحاولة الأولى، وحتى يستخدم عياش "الهاتف" قامت اسرائيل بالتشويش على الاتصالات الأرضية في منزل اسامة حماد، وهذا ما حصل حيث فشل الاتصال من التلفون الأرضي بين يحيى عياش ووالده، وهنا تم اللجوء الى الهاتف المفخخ، وبعد التأكد من صوت يحيى عياش وأنه هو من يتكلم صدر القرار بالتنفيذ، وقام مشغل العبوة بالضغط من الطائرة التابعة لسلاح الجو الاسرائيلي، ولكن العبوة لم تنفجر وفشلت العملية.
عاد "الشاباك" وطلب من كمال حماد احضار الجهاز للصيانة مرة ثانية، وبعد الفحص تبين أن سلكا صغيرا كان مقطوعا وهو ما تسبب في عدم تفجير العبوة، وبعد اصلاح الخلل تم تسليم الجهاز لكمال حماد ليعيده الى قريبه اسامة حماد، وانتظر "الشاباك" الفرصة الثانية لتنفيذ العملية.
وفي الخامس من شهر كانون ثاني عام 1996 جاءت الفرصة الثانية، يحيى عياش وصل منزل اسامة حماد وحتى يتم تنفيذ العملية جرى مجددا تشويش الاتصالات الأرضية، وجرى الاتصال من خلال الهاتف واستطاع "الشاباك" التأكد أن يحيى عياش يتحدث بعد الكلمة الأولى، وطلب على الفور تشغيل العبوة بنفس الطريقة من الجو، وتم الضغط على مفتاح التشغيل، وساد صمت لثوان، فقال المشغل لقائده وكذلك لآفي ديختر "لقد فشلنا" فرد عليه ديختر "يا غبي، لقد انفجر"، وأصاب التفجير بشكل مباشر رأس يحيى عياش وتوفي على أثر ذلك.
ولدى تنفيذ العملية لم يكن كمال حماد في قطاع غزة حيث هرب الى اسرائيل، وفقد كل ما كان يملكه في قطاع غزة بعد ان اعتبرته السلطة الفلسطينية وحركة حماس خائنا، وتوجه الى الولايات المتحدة بمساعدة "الشاباك" ولكنه عاد الى اسرائيل لعدم استيعابه هناك، وقال أحد عناصر "الشاباك" الذي يعرف كمال حماد قبل تنفيذ عملية الاغتيال، أن كمال حماد كان شخصا ناجحا في اعماله وكان يعيش حياة جيدة، وقد التقيته قبل فترة قريبة ووجد أنه اختلف كليا ويعيش حياة صعبة واتهم "الشاباك" أنهم اخلوا بوعودهم له.