الجمعة: 27/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

والد منفذة عملية التلة الفرنسية : لو اجتمعت بعائلات القتلى لقدمت لهم اعتذاري

نشر بتاريخ: 23/09/2005 ( آخر تحديث: 23/09/2005 الساعة: 21:10 )
ترجمة معا- علي ابو سالم ابن التاسعة والاربعين لا يبرح منزله الا ما ندر وهو مقلّ في الحديث ويمتنع عن اي نشاط جسدي مراعاة لحالة قلبه العليل.
يحاول ابناء ابو علي التسعة جهدهم ان يخففوا عليه وطأة الاسئلة الملحة التي لا تزال تطارده والمتعلقة بتنفيذ كريمته زينب عملية تفجيرية قبل عام بتمامه وكماله في منطقة التلة الفرنسية في القدس ، ويبذلون جهدهم في الاجابة عليها مقدرين له امتناعه عن الحديث في هذا الموضوع.
قبل ثلاثة اسابيع انتقلت عائلة ابو سالم لبيتها الجديد في مخيم عسكر قرب نابلس الذي اقيم بجوار البيت القديم الذي هدمه الجيش الاسرائيلي بعد العملية .
ابو سالم رجل اعمال معروف في مخيم عسكر انشاة محطة تلفزيونية محلية لينضم الى سبع محطات اخريات عاملة في المدينة مما وفر حياة كريمة له ولعائلته بدء حديثه معنا قائلا " كنت رجل اعمال لم يعرف الراحة لحظة واحدة وكنت اخرج الى عملي في ساعات الفجر الاولى لاعود الى منزلي في ساعات المساء حتى اضمن العيش الكريم لعائلتي اما اليوم يكفي ان ينفخ ولدا صغيرا على حتى اسقط في مكاني ".
مطلع شهر سيبتمبر 2004 اجريت لابي سالم عملية جراحية في الاردن ليمضي بقية الشهر في منزله لم يغادره سوى يوم 22/9/2004 في زيارة لاحد اصدقائه الذي يتاجر بالاشياء القديمة في نابلس ولم ينسى ابو سالم ان يترك لكريمته زينب عددا من اشرطة الفيديو الخاصة بمحطة التلفزيون كونها تفرغت بعد الشهادة الثانوية للعمل معه في ادارة المحطة .
لم يخف ابو سالم مرارته وهو يتحدث عن براعة زينب في التعامل مع الحاسوب وعن برنامج الاطفال الاسبوعي التي جهدت في تقديمه وتهدج صوته عندما استذكر وصيته لها بأضفاء طابع تربوي على برنامجها خدمة للاطفال .
لكن زينب لم تف بوعدها لوالدها في ذلك اليوم بعدم مغادرة المنزل واخبرت والدها برغبتها في زيارة احدى صديقاتها وبدل ذلك سافرت الى مفترق التله الفرنسية التي وصلتها حوالي الساعة 3:45 وبحوزتها حقيبة تحتوي على اربعة كيلو غرامات من المواد المتفجرة .
ممويا طاهيو و منشة كومي جنديان في حرس الحدود لاحظا وجود زينب التي قدمت من باتجاه شعفاط واثناء الجدال الحاد الذي دار بينهما وبين زينب في محاولة لاقناعها بفتح حقيبتها فجرت نفسها مما ادى الى مقتل الاثنين وجرح 30 اخرين .
حتى اليوم لايستطيع ابو سالم فهم الدافع الذي حرك زينب للقيام بهذا العمل وقال " انني لا اجد اي سبب منطقي لقيامها بهذا العمل ، وهز كتفيه مستطردا ،هذا الامر لايدخل رأسي فلم تنقصها النقود فجميع اولادي يوجد دائما نقود في جيوبهم ،والاهم لم تنشأ في بيت متدين ورغم انني اواضب على الصلاة لكن الدين لم يحتل في منزلي موقعا مهما .
س- السياســـة؟
ج- " السياسة لم تعن لزينب اي شيء ولم تهتم يوما بالسياسة "
وحتى الاسباب التي ذكرتها في وصيتها غير صحيحة ولا اساس لها .
خلال العام المنصرم اغلق ابو سالم المحطة التلفزيونية مصدر دخله الوحيد وحتى لو اراد اعادت تشغيلها لن يستطيع فجميع الاجهزة لم تعد موجودة بعد ان تطوع المئات من سكان المخيم الذين تجمعوا امام منزله لاخلاءه كونهم باتوا يدركون ان ساعات المنزل معدودة ولا يفصله عن الزوال سوى سرعة وصول الجنود واضاف ابو سالم بعصبية واضحة " عملت لمدة 35 عاما حتي اعيل اسرتي بشرف والان ببساطة اقول ما قامت به زينب دمر العائلة و كل شيئ "
س- هل انت غاضب عليها ؟
انا غاضب على نفسي فلو لم اترك البيت واذهب الى المستشفى كل هذه المدة لربما استطعت منع ذلك او الانتباه لها اكثر ، لم اكن اعرف ماذا يحصل في بيتي ؟ فقبل العملية كنت في المستشفى الاردني لمدة شهرين وانا اشعر بانها دخلت في هذه المشاكل خلال هذه الفترة ، ولكن كيف تغضب على بنت لم تتجاوز السابعة عشرة من عمرها ؟ماذا تفهم في الحياة ؟يوجد شخص ما جرها الى هذا الامر وغسل دماغها ، اليوم احاول تربية اولادي بأن لا يفكروا ابدا في هذا الطريق انا احاول المحافظة عليهم حتى لا يقدموا على اعمال مشابهة واقول لهم دائما باننا وصلنا الى وضع لا نملك فيه ثمن الاكل بسبب عمل زينب .
س- كتائب شهداء الاقصى الذين ارسلوها لا يهتمون بكم رغم تأكيدهم للشهداء بانهم سوف يهتمون بهم وبعائلاتهم ؟
ج- " ااااااااااخ لا احد يهتم بنا وما عدا خيمة العزاء لم يقدموا لنا شيئا، شهداء الاقصى هي الاخرى لم تهتم بنا وهم يكرهوني شخصيا لانني اشتمهم كلما رأيتهم ، الجهة الوحيدة التي ساعدتني هي وكالة الغوث التي قدمت لي مبلغ 11 الف دولار من اجل اعادة بناء منزلي ".
س- اليوم وبعد عام من العملية هل تعرف من ارسلها او من اقنعها بذلك ؟
ج- " ليس بالضبط ولكن حتى لو عرفت ماذا استطيع ان افعل ؟واحد مثلي ماذا يستطيع ان يفعل ؟حتى ولو اعترف امامي ماذا استطيع ان افعل وانا بصعوبة استطيع المشي ؟"
ويعلق الكاتب الصحفي قائلا "على الرغم من عدم قدرتنا على تجاهل حقيقة خروج انتحارية من منزل هذا الرجل وقد لايقنع حديثه الكثيرين لكن يجب ان لا ننسى بانه اب فقد ابنته ومكان سكناه وعلى الاقل هنا قد يتساوى الالم بيننا" .
وهنا سألني ابو سالم " قل هل يوجد امل في يوم ما ان يخبروني اين دفنوا ابنتي ؟ وبقي سؤال ابو سالم دون اجابة مني حتى فهم لوحده الاجابة وارتد على نفسه متمتما " خسارة كنت ارغب في ان ادفن ابنتي هنا يوما من الايام ".
س- انت تعلم بان كثيرين سيقرأون هذه المقابلة ولن يرحمك منهم احد او يصدق بأنك لم تكن تعلم ماذا يحصل مع ابنتك ماذا تقول لهم ؟
ج- " على الرغم من انني لم اقرأ وصيتها الا انني ومن خلال حديثي مع العائلة عرفت بعض ما اثر عليها فقد ملت من المعاناة الدائمة وخاصة انه قبل عام من تنفيذها العملية قتل عمي برصاص الجيش الاسرائيلي وبعد مقتله باشهر اصيبت زينب بطلق مطاطي في قدمها اثناء توجهها الى مدرستها وحدث لنا في المنزل الكثير من المشاكل مع الجيش ".
س- اي نوع من المشاكل ؟
ج- "نحن نسكن في الطابق الثالث لذلك كان الجنود وفي احيان كثيرة يسيطرون على منزلنا ويحولوه لنقطة مراقبة ويستمر ذلك لعدة ايام فقد كانوا يحضرون الساعة الثامنة صباحا ويغادرون الساعة السادسة مساء .
وبشكل عام كان الجنود مؤدبين وحتى اعقاب السجائر لم يلقوها على الارض لكن في بعض الاحيان كان يأتي جنود يدمرون كل ما في المنزل قبل مغادرتهم ".
س-هل تعتقد ان هذا هو الذي اثر على زينب ؟
ج- " لا اعرف ولو كانت على قيد الحياة لسألتها انها بنت صغيرة لم تكن تخرج من البيت وكانت تقوم بكل ما نطلبه منها وبسبب ذلك من الصعب ان نصدق ما قامت به او ان نقتنع بانها كانت تفكر بشيء مثل هذا ".
س- عندما تنظر حولك هل تلاحظ تغير اي شيء وهل تعتقد ان ابناء الجيران من الممكن ان يقوموا بعمل مماثل ؟
ج- " نعم لقد تغير شيء في الفترة الاخيرة واسمع ان السلطة تحاول ادخال المنظمات الى اجهزة الامن والشرطة واذا حدث ذلك ممكن ان تسيطر عليهم ".
س- هل يوجد ماتقوله لعائلات حرس الحدود الذين قتل ابنائهم في العملية ؟
ج- " لو استطعت ان اجتمع بهم لقدمت لهم اعتذاري ولكن هذا لايفيد الان ولا نستطيع العودة الى الوراء وكل ما نستطيع عمله هو الامل بان ينتهي هذا الامر ".
صحيفة كول هزمان - بقلم اريك فايس ويوفل هيمن