رام الله- معا - أكد ناصر القدوة عضو اللجنة المركزية في حركة فتح على أن ما تظهره نتائج استطلاع يبين حالة من عدم الرضا في صفوف الشباب الفلسطيني عن الأداء العام للقيادات والأحزاب السياسية والنخب الفلسطينية عامة، ويرجع ذلك لحالة اللبس في المشهد السياسي العام من حيث البرنامج والأداء.
كما أن تراجع المنظومة القيمية والاخلاقية بمعناها الوطني والديمقراطي شجع حالة الانقسام بين الفلسطينيين.
وأكد القدوة أن ما تشير إليه نتائج استطلاع "أوراد" الشبابي يظهر حالة من عدم الرضا الشمولي ودرجة عالية من الغضب في صفوف الشباب من القضايا بمجملها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وشدد القدوة خلال طاولة أوراد المستديرة لمناقشة نتائج استطلاع الشباب الفلسطيني على أن القضية الوطنية الفلسطينية تقع تحت ضغوطات كبيرة نظرا للوضعالإقليمي والدولي وانعكاسات ذلك على الشأن الفلسطينيوأن انتشار ظواهر التطرف السياسي والديني يزيد من حدة التوتر والضغط والتهديد للهوية الوطنية الفلسطينية، مبينا أن مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق النخب الفلسطينية من أكاديميين وإعلاميين وممثلي مؤسسات مجتمع مدني في تصحيح وتوجيه المسار الوطني العام عبر تحمل كل جهة مسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية.
وأهاب القدوة بالتطور العام في الأبحاث العلمية واستطلاعات الرأي في فلسطين كونها تحاكي الواقع والقضايا والاهتمامات الخاصةبالمجتمع الفلسطيني، منبها الى ضرورة اجراء استطلاعات تفصيلية ومحددة ومتخصصة كالتركيز على كل محافظة على حدا أو تركيز الدراسات في مجالات علمية متخصصة.
وأوضح القدوة أن النتائج وتداخلاتها وتعبير الشباب عن القضايا بطريقة مختلفة ومتناقضة أحيانا يرجع الى حالة من عدم الوضوح في المستقبل المنظور وتظهر درجة عالية من الالتباس في الخيارات السياسية سواء في ما تقدمه الأحزاب من رؤى سياسية ذات مصداقية ومعنى أو في منحى التحرك قدما نحو إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.
واعتبر القدوة أن الفجوة بين الأجيال، وبناءً على نتائج استطلاع أوراد، محدودة فغالبية الشباب مازالت تؤمن ببرنامج منظمة التحرير وحركة فتح من حيث حل الدولتين والنضال حتى التحرير وما زالت بشكل عام مقتنعة بأجندات الفصائل الكبيرة برغم عدم الرضا عن الأداء.
كما أوضح أن حركة حماس تحولت من كونها حركة وطنية فلسطينية إلى حركة تتماهى مع حركة الإخوان المسلمين وتراجعت عن الكفاح المسلح من أجل السلطة، وأن المعارك التي خاضتها في السنوات الأخيرة كانت دفاعية.
أما بالنسبة لحركة فتح فلا شك أنها تعاني من توحيد البرنامج والمفاهيم والمرجعيات الفعلية وتجد صعوبة في مسألة اتخاذ القرار ووضعه قيد التنفيذ.
وجاءت تصريحات القدوة، بعد أن افتتح نادر سعيد طاولة أوراد المستديرة باستعراضه نتائج استطلاع الشباب الفلسطيني ضمن الفئة العمرية (18-25 سنة) وأكد في حديثه على عدة قضايا أهمها: تراجع الأداء العام للقيادات السياسية وتراجع التأييد للخيارات المطروحة لاسيما السلمية في انهاء الصراع مع الاسرائيليين، مقابل ارتفاع التأييد للخيارات العسكرية والمسلحة، مبينا أن حالة منعدم الاكتراث واللامبالاة لدى الشباب بالنسبة للعمل السياسي والتأييد للأحزاب السياسية، وخصوصا في الضفة الغربية يؤكد على حالة من الخيبةوالاحتجاج الناعم على الوضع القائمسواء على المستوى الداخلي أو المتعلق بقمع الاحتلال، وعدم قدرة القيادة على حماية الشباب واعطاءهم الشعور بالأمان نحو مستقبلهم.
وأشار سعيد الى أن نسبة الشباب الذين صرحوا بأنهم لن يصوتوا في الانتخابات القادمة أو غير المقررين في الضفة الغربية ارتفعت من 30% إلى 43% خلال ثلاث سنوات فقط ، كما ارتفعت هذه النسبة في غزة من 20% إلى 26%. وعلى الرغم من تراجع التأييد لحركتي فتح وحماس مقارنة مع الاستطلاع السابق، فإن 77% لا يؤيدون تشكيل حزب سياسي جديد غير حركتي فتح وحماس و18% فقط يؤيدون ذلك.
وفي مداخلته، أكد بدر الاعرج أستاذ علم الاجتماع في جامعة بيرزيت على أن المواقف المتشددة التي أظهرها الشباب سببها ممارسات الاحتلال الاسرائيلي أثناء الهبة أو الانتفاضة الحالية، مشيرا الى أن عدم رغبة الشباب في عدم تأسيس حزب جديد غير حركتي فتح وحماس قد يختلف عن تأسيس حزب سياسي شبابي يمثل اتجاهات وتوجهات الشباب وأولوياتهم الوطنية.
من ناحيته، أشار زياد عزت المحاضر في جامعة بيرزيت على أن المؤشرات العامة سلبية ولا يوجد من يتحدث بإيجابية على مستوى الشباب وحتى المجتمع بشكل عام يعاني من تشتت وتفتت في بنيته وخصوصا علاقة الآباء والابناء مع بعضهم البعض.
وأكد رمزي ريحان المحاضر في جامعة بيرزيت على أهمية مراجعة الأساس الذي تقوم عليه القضية الوطنية بما في ذلك ميثاق منظمة التحرير والتأكد من صلاحية هذا الأساس وتناسبه مع تطلعات الجيل الجديد،وضرورة تحديد الأهداف والمنطلقات الفكرية والوطنية بما يتماشى وتصحيح المسار الحالي مما يعطي للشباب أرضية صلبة للتركيز وفهم الصورة الكلية.
من ناحيتها، حذرت الخبيرة الاجتماعية والنفسية ليلى العطشان من تردي الاوضاع الداخلية الفلسطينية لما يشبه حالة الأوضاع العربية التي يجب استقاء الدروس والعبر منها، مشددة على أن الوقت لم يفت على إحداث إصلاح بالنسبة لقضايا الحريات العامة والشخصية والقوانين والتشريعات التي يمكن تعديلها بما يحقق حياة كريمة للمواطنين.
وأكد أحمد صبح المدير العام لمؤسسة ياسر عرفات أن هناك أهمية كبيرة لاستطلاع أوراد من حيث تمثيل الفئة العمرية بين 18-25 سنة كونها من أهم الفئات المكونة للمجتمع الفلسطيني، ونبه إلى أهمية البحث في موضوع الهجرة بين الشباب، ودعا الى تضمين تاريخ القضية الفلسطينية في المنهاج بشكل أكبر.
من جانبها، قدمت نجاة أبو بكر عضوة المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة فتح رؤيتها حول الواقع المأزوم وما يواجهه الشباب من ضعف حيث أن الشباب من وجهة نظرها يعتبر العضلات للمجتمع حيث أن الشباب اليوم يعاني من ثقل وزن الظلم الاقتصادي والاجتماعي ويوجد قلق فوضوي وعدم وجود قيادة سياسية توجه الشباب او تمثل قدوة لهم.
وأجمع المشاركون في الورشة في نهاية اللقاء على أهمية تعديل المسار السياسي للمرحلة المقبلة، بإحداث اختراقات مهمة في القضايا المتعلقة بالشأن الداخلي والانقسام الفلسطيني والقضايا الاقتصادية والمجتمعية وعلى الأحزاب والنخب السياسية مطالبة بإجراء مراجعة شاملة وتحديد المسارات الوطنية وتحمل كل جهة مسؤولياتها الوطنية وتجاه الأجيال القادمة.