الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

عائلة الشهيد أبو رجب.. طرد من القدس واحتجاز للجثمان

نشر بتاريخ: 01/04/2016 ( آخر تحديث: 03/04/2016 الساعة: 19:56 )
عائلة الشهيد أبو رجب.. طرد من القدس واحتجاز للجثمان

القدس- معا - عائلة شهيد فقدت الابن وحق الإقامة في مدينة القدس... والده فقد العمل وتم احتجازه في الزنازين كما تم التحقيق مع أفراد العائلة.. تلك هي صورة لما عاشته أسرة الشهيد فؤاد كساف أبو رجب منذ 24 يوماً وما زالت تعيش تداعيات الألم بمواصلة احتجاز جثمان ابنها في ثلاجات الاحتلال.

عقاب شمل كافة أفراد عائلته..

بعد استشهاد فؤاد في اشتباك مسلح وقع في شارع صلاح الدين بتاريخ 8-3-2016، عمدت سلطات الاحتلال الى إخراج العائلة قسرا من المدينة بحجة "إلغاء معاملة لم الشمل"، فأصبح والده دون عمل بعد تركه عمله في العيسوية، وأشقاؤه دون مدارس (تمكن بعضهم من الالتحاق بمدارس خاصة في منقطة كفر عقب)، والعائلة دون منزل وتبحث عن مأوى لها.

قرار إبعاد افراد عائلة الشهيد فؤاد ابو رجب الذين تم إبعادهم الى الضفة الغربية يشمل والد الشهيد، وجميع أشقائه وهم : ريم 19 عاماً وروز 16 عاماً، ورزان 9 سنوات، ومحمود 15 عاماً، وحمد 14 عاماً، وعبد 11 عاماً، والتؤأم عَمرو وعُمر (عامين)، وكانت قد دفعت العائلة رسوم "كواشين الاولاد" لكافة أفرادها، واستوفت على مدار السنوات الثالثة الماضية كافة المتطلبات والأوراق اللازمة والمطلوبة منها لمعاملة "لم الشمل"، حيث تحمل الأم "الهوية الاسرائيلية" والاب من الضفة الغربية.



تحقيق مع والده في الزنازين

ولم تقتصر معاقبة عائلة الشهيد فؤاد بالقرار السريع والتعسفي بإلغاء "معاملة لم شمل العائلة" فور استشهاده، بل قامت مخابرات الاحتلال باعتقال والد الشهيد عقب العملية مباشرة، وتم التحقيق معه مدة 11 يوماً في زنازين الاحتلال فيما يعرف "بزنازين 20" في معتقل المسكوبية، حيث جرى التحقيق معه خلال الأيام الأولى حول معرفته بنيه تنفيذ نجله عملية في القدس، ومساعدته في ذلك، واعتمد المحققون في ذلك على التحقيق الأولي مع والد فؤاد "آخر مرة تبادل الاب والابن فيها الحديث".

ويقول والد الشهيد في لقاء معه :"أخبرت المحقق أن فؤاد خرج من المنزل وتوجه الى مكان عملي القريب من البيت قبل توجهه الى عمله، وكان حزيناً على استشهاد السيدة فدوى أبو طير،"السيدة التي اعدمت برصاص الاحتلال بالقدس القديمة" كما قلت للمحقق انني حاولت الاتصال بفؤاد أكثر من 10 مرات دون إجابة على هاتفه، حيث لم يقتنع المحقق أن اتصالي هو بسبب القلق على ابني لأن فؤاد لم يكن يغلق هاتفه ابدا".

وأضاف ابو فؤاد:"القلق على ابني ومحاولتي الاتصال والاطمئنان عليه كان تفسيره لدى المخابرات معرفتي بنية فؤاد تنفيذ عملية، واعتبروا القلق غير مبرر، فكان التحقيق معي مدة 7 أيام متواصلة حول ذلك"، وبعد عدم اثبات ذلك حول التحقيق الى "الاقامة غير القانونية في القدس".

وأضاف أبو فؤاد :"يحاول الاحتلال أن يثبت ويقول اننا نتاجر بأولادنا ونعلم بنيتهم بتنفيذ عمليات.. ويتجاهل ان ما يجرى هو دفاع عن الشرف والوطن والكرامة".

الثامن من آذار لعائلة أبو رجب

ويذكر والد الشهيد يوم استشهاد فؤاد في الثامن من أذار ويقول:"كنت اشاهد التلفاز والاخبار العاجلة حول "عملية اطلاق نار في شارع صلاح الدين بمدينة القدس" وبعد أقل من نصف ساعة اتصل أحد المحققين من "شارع صلاح الدين"وتم استدعائي، حيث كنت بانتظار الاتصال من المخابرات حول معاملة "لم الشمل"، وبعد دقائق اتصل بي في طريقي اليه وطلب مني "أوراق لم الشمل"، اعتقدت طول الوقت اني مستدعى بسبب معاملة لم الشمل، ولم اعرف بأي شيء ولم استوعب ما يجري معي".

وأضاف :"بعد وصولي الى مركز الشرطة، وفي التحقيق طلب مني المحقق تحديد موقع منزلنا في العيسوية (جي بي اس)، وبعدها تمت مصادرة اغراضي الشخصية وحولت الى مركز شرطة المسكوبية، وتركزت الاسئلة عن فؤاد بشكل خاص، ومن حديث الجنود والحراس عرفت ان ابني مصاب، وفي اليوم الثاني
للتحقيق اخبرني مجموعة من الضباط باستشهاد فؤاد".

وقال أن التحقيق استمر مدة 7 أيام متواصلة حول بتهمة المعرفة المسبقة بالعملية وعدم منعه من ذلك، ومساعدته كذلك، وأكد أنه لو عرف بنية فؤاد الخروج لتنفيذ عملية لمنعه، ثم تحول التحقيق واختلف كليا بعد عدم ثبود تلك التهمة، وتركز التحقيق حول "التواجد الغير قانوني في القدس"، فقال حينها انه يعيش في القدس منذ 3 سنوات، ومقدم لمعاملة لم الشمل، ومقيم في القدس بمعاملة لم شمل.

الضغط وجرائم الاحتلال هي السبب..

وأضاف والد الشهيد ان المحققين أعربوا عن استغرابهم الشديد للعملية التي نفذها فؤاد فلا يوجد للشهيد أي توجهات سياسية ولا صور مشاركة بالمظاهرات او مسيرات، ولم يعتقل في أي يوم مضى، فكيف قام بتنفيذ هذه العملية؟؟؟ يتسأل المحقق أمام والد الشهيد.

وقال والد الشهيد فؤاد خلال جلسات التحقيق :"أن السبب هي الجرائم البشعة التي ترتكب ضد جميع افراد الشعب الفلسطيني والتي كان يشاهدها فؤاد في التلفاز، وهي حجة كانت سبباً لمواصلة التحقيق معي لانني لم يمنع ابني من مشاهدة التلفاز!!".

وأضاف :"لم يكن للشهيد أي توجهات سياسة لكني كنت اشعر بألم ووجع فؤاد حينما كان يرى حرائر بيت المقدس يهنّ، والفتاة التي أصيبت بالخليل بكى حينما شاهدها تنزف على الارض، كما أن مشاهد الهبة والاعتداء على الجميع كان يقهر فؤاد وأخبار الشهداء والأحداث وصور للشهداء كان تشغل باله..


فؤاد ... الصديق والأخ الحنون

وعن فؤاد يقول والده :"فؤاد ليس الابن فقط، بل هو الصديق والأخ والمساعد لي، كان رجلا منذ طفولته ولأنه ابني البكر حمل مسؤولية معي وكان السند الأول لي، كان حنونا على والديه واشقائه واقاربه وأصدقائه وكريم".

قبل ثلاث سنوات اقترح فؤاد علينا أن نعيش في مدينة القدس، التي طالما أحبها، ولنكون بين الاهل والأقارب.

فؤاد وايامه الأخيرة

والدة الشهيد واشقائه الذين أجبروا على مغادرة القدس بقرار من مخابرات الاحتلال تغيرت حياتهم كليا منذ استشهاد فؤاد، حيث قالت والدته :"الاحتلال يريد ملاحقة ومعاقبة اهالي الشهداء، فبعد استشهاده تم استدعاؤنا والتحقيق معنا عدة ساعات في مركز شرطة المسكوبية، وتم اخذ البصمات وفحص الحمص النووي، وبعد ذلك تم اخباري من قبل المخابرات بأن معاملة لم الشمل التي كنت قد قدمت لها تم إلغاؤها لزوجي وجميع اولادي الثمانية، وعلى الاولاد مغادرة القدس، فيما اتمكن أنا من البقاء فيها، لكني اخترت ان أكون مع زوجي وأطفالي، واليوم نبحث عن مأوى لنا، ونحاول ان نرتب أمور حياتنا من جديد.

وعن اليوم الأخير للشهيد فؤاد تقول والدته:"استيقظ فؤاد يوم العملية كعادته وشربنا القهوة وتبادلنا الحديث والمزاح وكان الوضع طبيعي، وغادر المنزل متوجها الى عمله، حيث كان يعمل في مخبز في أوقات المساء، وكنت معتادة على وجوده في المنزل في اوقات الصباح..لقد ترك فراغا كبيرا في المنزل".

وتذكر والدته أن فؤاد ووالده كانا مشتركين في "جمعية" تحضيرا لخطوبة فؤاد لأنه كان يبحث عن عروس، وتضيف :"قبل استشهاده بأيام أخبرنا بأنه لا يريد الجمعية وطلب بأن نستفيد منها وأنه يؤجل موضوع الزواج وقال لهم ان شاء الله يعطيني الله احسن من الزواج.. كنا نجهل ما كان يريد ويخطط له".

شوق لفؤاد

ما يحزن العائلة اشتياق شقيقيه التوأم "عَمرو وعُمر" لأنهم كانوا ينتظرونه دائما ويحبونه، وحتى اليوم بانتظار عودته ويركضون الى باب المنزل عندما يدق، وكانا يناديان عليه "بابا"... اليوم ينظرون الى صور فؤاد على الاجهزة المحمولة ويقولون "بابا...بحثا عنه.." لقد ترك فراغا مؤلما في المنزل، كان فؤاد يحرص على أعطائه الدواء لجدته المريضة بالسرطان، ويبقى نائما بالقرب منها خوفا عليها.... تقول عائلة الشهيد.

احتجاز الجثمان
وتؤكد العائلة أن حزنهم ليس على استشهاد فؤاد، انما على فراقه وغيابه عنهم.

وعن احتجاز الجثمان قال والد الشهيد :"ان احتجاز الجثامين سياسة اسرائيلية لمعاقبة الاهالي والضغط عليهم، نعلم ان الروح اكرمهم الله بالشهادة، لكن نريد أن دفن ابننا ليرتاح بالنا ونطمئن عليه وأن لا يبقى في ثلاجات الاحتلال".

تقرير ميسا ابو غزالة