بيت لحم- معا- كشفت ستة اشهر من الاحداث امامنا جيلا جديدا نما وترعرع على جانبي الخط الاخضر الفلسطيني الجديد والإسرائيلي الجديد حسب تعبير صحيفة " معاريف" الالكترونية في تقرير مراسلها الون بن دافيد المنشور اليوم " السبت " وتناول فيه ما اسماه الجيلين الجديدين اللذين تصدرا مشهد الاحداث على جانبي متراس الصراع الفلسطيني الاسرائيلي .
ظاهرتان اختلفتا في طريقة التعبير عن ذاتهما فالفلسطينيون يطعنون ويقتلون والإسرائيليون يتحولون الى بهائم " بهيمية " عنيفة شديدة الصراخ لكن الطرفان يعتبران خطيران ومثيران للقلق والشيء المشترك بين المجموعتين هو استهتارهما واحتقارهما لمصادر الصلاحيات والمؤسسات المجتمعية لدرجة شعرت معهما القيادة الفلسطينية والإسرائيلية على حد السواء بالخوف منهما فبدلا ان تمارس هذه القيادات دورها في القيادة باتت منقادة من قبل الجيل الشاب الرافض والمتحدي قال " الون بن دافيد في تقريره .
وواصل " الون بن دافيد " رصد معالم شخصية الجيل الفلسطيني الجديد من جهة نظره قائلا " شهدت الاسابيع الماضية تراجعا في عدد العمليات لكنني حذر من الحديث عن تراجع وذبول وتضاؤل " الارهاب" لان الدافع الذي يحرك هذا الجيل هائل ويوجد في الاراضي الفلسطينية 950 الف فلسطيني ضمن الفئة العمرية 15-30 عاما يشكلون الخزان والاحتياطي الاساسي لمنفذي العمليات التي وقعت الاشهر الماضية اكثر من ثلثهم تحصلوا على تعليم ثانوي وما فوق لكن ثلثهم ايضا عاطل عن العمل.
فهم يتعلمون ويراكمون الشهادات العلمية وفي النهاية لا يجدون عمل فعلى سبيل المثال تنافس في قرية طوباس على وظيفة " قارئ عددات المياه " 370 مرشحا نصفهم من حملة الشهادات الاكاديمية ويتنافس مئات الاشخاص على وظيفة شرطي شاغرة علما ان راتب مثل هذه الوظيفة لا يتجاوز 1200 شيكل وفي الاراضي الفلسطينية تجد الكثير من الكيميائيين الذين تحولوا الى خبازين وأشخاص درسوا الرياضيات ويعملون حاليا في قطاع البناء الاسرائيلي .
ويستغل هؤلاء وقت الفراغ الكبير الذي " يتمتعون به" للدخول الى فيسبوك " حيث يوجد في الضفة الغربية 1:7 مليون مستخدم للفيسبوك من بين 2:8 مليون فلسطيني هم سكان الضفة ولاجل المقارنة : يوجد في اسرائيل حوالي 4 ملايين مستخدم للفيسبوك من بين 8 ملايين هم سكان اسرائيل انه جيل جديد ومختلف جيل متحدي يقف منتصبا اكثر من أي جيل اخر عرفناه خلال المواجهات السابقة مع الفلسطينيين فهذا الجيل لن ينحني ولن يتراجع مطلقا .
حرب "اللايكات ":
يعيش الاسرائيلي الجديد هو الاخر داخل شبكة الانترنت وهم ايضا لا يحترمون أي صلاحية او مؤسسة مجتمعية ومستعدون لتقديس العنف فقط جيل حطم هو الاخر مؤسسة " الكهنوت " القائمة والاساطير السابقة فالبطل بالنسبة له ليس من اوقف كتيبة دبابات سورية في هضبة الجولان او من القى نفسه على قنبلة يدوية لانقاذ زملائه من الجنود بل ان خلع خوذته بكل راحة وثقة وأطلق الرصاص على رأس " مخرب " في النزاع الاخير يلفظ انفاسه الاخيرة لسبب واحد هو " يجب ان يموت هذا المخرب ".
من لا يوافقهم الرأي فهو خائن حتى لو كان رئيس اركان الجيش نفسه او وزير الجيش لانهم غير مستعدين ان يقلقوهم بالحقائق لكن الاكثر حرجا ان نرى ممثلي الجمهور المنتخبين وهم يحاولون استرضاء هؤلاء من اجل الحصول على " لايك" .
ان الخوف الذي تحدث عنه رئيس الموساد السابق " مائير دغان" على مستقبل الدولة بات الان اكثر واقعية من أي وقت مضى .
ان ظاهرة فقدان الثقة بالمؤسسات والنظم القائمة ليس امرا مقتصرا علينا نحن والفلسطينيين بل هي ظاهرة سائدة ومنتشرة في اوساط الشباب في العالم الغربي والولايات المتحدة فمن يؤيدون المرشحان للرئاسة الامريكية " برني سندرس " و " دونلد ترامب" ينطلقون بالضبط من ذات الاحباط وخيبة الامل من النظام السياسي وانعدام الثقة به .
واختتم " بن دافيد " مقالته بالقول " لا زلت اثق بوجود غالبية مختلفة في اسرائيل غالبية متزنة عاملة تساهم في بناء الدولة وتخدمها ولا تتضامن مع حشود الغوغاء التي جاءت الاسبوع الماضي للتظاهر امام المحكمة العسكرية مرددين اغاني شهدتها اسوءا عروض كرة القدم.
تضمن استطلاع الرأي الذي نشره الشهر الماضي مركز " يافا" حول سكان اسرائيل الى العديد من المعطيات المقلقة لكنه تضمن ايضا معطى واحد مشجعا يتمثل في ان 565 من الاسرائيليين يصنفون انفسهم ضمن معسكر الوسط بينهم علمانيون ومتدينون وهذا يقول انه اذا توفرت قيادة صحيحة يمكننا اعادة التوازن للدولة وان نعيد الهامشيين الى مكانهم .
نعيش منذ اكثر من سبعة اعوام دون معارضة للحكومة ولا يوجد من يتحدى رئيس الوزراء سوى معسكر اليمين ذاته ما ترك الجدال السياسي والسجال السياسي مقصورا بين نتنياهو ونفتالي بينت وخلق انطباعا خاطئا يشير الى ان المجتمع الاسرائيلي يقع ضمن هذا المجال لان ايا من الاحزاب القائمة لم ينجح في تمثيل الغالبية الصامتة في المجتمع الاسرائيلي .