رام الله -معا- قال عضو المجلس الثوري لحركة فتح، ديمتري دلياني، أن الاحتلال هو المُحرّض الرئيسي لهبة القدس، وأن ادعاءات حكومة الاحتلال بغير ذلك هي اسطوانة قديمة متكررة تُشكل عماداً من أعمدة العنصرية و السياسة الخارجية الاسرائيلية.
جاء ذلك خلال ندوة باللغة الانجليزية نظمتها بالقدس المحتلة دائرة الاعلام الاجنبي في مفوضية الاعلام و الثقافة لحركة فتح ليلة أمس بحضور عدد من المتطوعين الأجانب و ممثلي كنائس أوروبية.
وعَدد دلياني الانتهاكات القمعية الاحتلالية التي تمارسها عن وعي كامل أذرع حكومة الاحتلال من اعدامات ميدانية، واعتقالات طالت اكثر من 800,000 مواطن فلسطيني منذ عام 67، وخاصة الاعتقالات الادارية حيث يقبع اليوم حوالي 600 فلسطيني في معتقلات الاحتلال تحت هذا البند الاجرامي، وهدم المنازل، ومصادرة الأراضي، والاعتداء على المقدسات وعلى رأسها الحرم القدسي الشريف، وفرض الضرائب و الغرامات، و الحرمان من بناء المنازل والمدارس والمستشفيات والمنشآت التجارية والصناعية، والقيود على الحركة من خلال جدار الضم والتوسع الاستيطاني والحواجز العسكرية في أنحاء اراضي الدولة الفلسطينية، وطرد المقدسيين من خلال سحب الهويات، واغلاق مؤسسات المجتمع المدني، وملاحقة الصحفيين ونشطاء التواصل الاجتماعي، وغيرها من الممارسات التي تُمثّل تحريضاً ملموساً.
وأضاف دلياني الى أن اتهام أي طرف فلسطيني بالتحريض من قِبل نتنياهو أو غيره، هو عمل عنصري بحت، لأن ما تم ذكره من ممارسات احتلالية ضد أبناء شعبنا تُحرض أي انسان على مقاومة الظلم والسلب والقمع، والادعاء بغير ذلك هو عملياً محاولة لتجريد فاضح للانسان الفلسطيني من انسانيته، الأمر الذي يعتبر قمة بالعنصرية والاستعلائية العرقية التي تتناسب مع عقلية الاستعباد.
من جهة أخرى تحدث دلياني عن سياسة اليمين الاسرائيلي التي يقودها نتنياهو في القاء تُهم التحريض على الطرف الفلسطيني لتبرئة الذات و لدحر أية محاولات لانعاش العملية السياسة و تحقيق السلام المتناقد بشكل كامل مع ايدولوجية اليمين الاسرائيلي و قيادته.
وأوضح دلياني الى أن مشروع اتهام الفلسطينيين بالتحريض بدأ منذ اوسلو، و قاده الى يومنا هذا عدة شخصيات اسرائيلية منها "اتامار ماركوس" و هو مستوطن في مستوطنة "افرات" و مثّل دولة الاحتلال في قمة واي عن "التحريض"، كما أنه عضو أساسي في وحدة ما يسمى مراقبة "التحريض" في مكتب رئيس وزراء حكومة الاحتلال.
ولفت دلياني الى مثالين يؤكدان التحريض والترهيب من قبل جهات رسمية ممثلة برئيس حكومة الاحتلال و جهات اعلامية كبرى ممثلة بالقناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي. فأوضح أنه في السابع عشر من ايار الماضي، و هو اليوم الذي يحتفل به أعداء السلام بما يسمى "يوم القدس" قال نتنياهو "أن القدس لليهود و حدهم و ليست لأي شعب آخر"، و هذه المقوله تحمل كذباً و تحريضاً كبيراً، مضيفاً: لكن السخرية المُحزنة أن نتنياهو تابع الجملة بالقول بأنه "سيحارب التحريض"!!! أما بخصوص تورط المؤسسات الاعلامية الاسرائيلية بالتحريض ضد الشعب الفلسطيني، فأورد دلياني مثالاً عن تقرير عرضته القناة العاشرة الاسرائيلية في شهر رمضان العام الماضي، و سبق التقرير حملة ترويجية له تتضمن موسيقى مُخيفة، صور لداعش مقرونة بالمسجد الأقصى و مدنيين اسرائيليين يهرولون الى الملاجيء. وحين تم بث التقرير كاملاً حيث تم رصد عدد كبير من المساجد الفلسطينية لإثبات التحريض المزعوم، تبين، و باعتراف مُعِد التقرير بأنه لا يوجد تحريض في المساجد بشكل قطعي.
وشدد دلياني على أنه بالرغم من نتيجة التقرير الاعلامي الواضحة بخلو المساجد من التحريض الا أن الحملة الترويجية للتقرير، والتي بالعادة تترك أثراُ أكبر في نفس المُشاهد بسبب قِصَر زمنها و تكرارها، تضمنت تخويف وتحريض على أبناء شعبنا و مقدساتنا بالاضافة الى التشويه.
كما ذكر دلياني التحريض المباشر على قتل الفلسطينيين الصادر عن مسؤولين في حكومة الاحتلال من وزراء و نواب وزراء وأعضاء كنيست بالاضافة الى الفتاوى الدينية التي كان آخرها ما صدر عن الحاخام الأكبر في اسرائيل اسحق يوسف وهو أرفع منصب ديني يهودي يتم تعينه من قبل الحكومة في دولة الاحتلال.
وقال دلياني إن التحريض المُمأسس في دولة الاحتلال ليس مقتصراُ فقط ضد أبناء الشعب الفلسطيني بل يطال ايضاً حركات حقوق الانسان الاسرائيلية، و أن منظمات تتلقى الدعم للقيام بهذا النوع من التحريض مثل مؤسسة ام تيرتزا و التي ورد في حكم احدى المحاكم الاسرائيلية ضدها عام 2013 بأن هذه المنظمة " تُشابه الحركات الفاشية ".
وختم دلياني بالقول بأن الشعب الفلسطيني شعب صاحب كرامة وطنية وعشق للحرية و أن وَهْم وقف شعبنا أو غيره من شعوب العالم عن مقاومة مُحتله والظلم الذي يعانيه، هو وَهْم نابع من عقلية عنصرية لا مجال لها في عصرنا هذا.