الأورومتوسطي: تراجع الحماية الممنوحة لطالبي اللجوء من سوريا في السويد
نشر بتاريخ: 18/04/2016 ( آخر تحديث: 20/04/2016 الساعة: 09:31 )
جنيف - معا - قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن التعديلات الجديدة التي كانت أقرتها الحكومة السويدية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي والتي ستدخل حيز النفاذ في 20 تموز (يوليو) القادم، تمثل "تراجعاً في الحماية الممنوحة لطالبي اللجوء من سوريا في السويد" وتتضمن "ثغرات كان من المأمول أن تنظر فيها الحكومة السويدية على مدار الأشهر التي تلت صدور التعديلات قبل دخولها حيز النفاذ اليوم"، محذراً من أن "سنوات من عدم الاستقرار قد تنتظر طالبي اللجوء الجدد في السويد في حال استمرار الصراع الدائر في سوريا".
وأوضح الأورومتوسطي، في تقرير مفصل تناول التعديلات الجديدة تحت عنوان: "استدارة للوراء؟ التعديلات الجديدة في نظام اللجوء في السويد"، أن نظام اللجوء السويدي كان بدأ منذ العام 2013، عقب تدهور الأوضاع بشكل كبير في الأراضي السورية، بمنح طالبي اللجوء القادمين من سوريا الإقامة الدائمة. لكن القرار الجديد، والذي كان صدر عن الحكومة السويدية في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 بهدف وقف تدفق اللاجئين إلى السويد بحجة الضغط الكبير الواقع عليها جراء استقبالها حوالي 163 ألف لاجئ العام الماضي وعدم إمكانيتها على استيعاب المزيد، تضمن أمراً بمنح طالبي اللجوء تصاريح إقامة مؤقتة لمدة ثلاث سنوات فقط، بدل الإقامة الدائمة.
وبين المرصد الأورومتوسطي في تقريره، أنه ووفقا لهذا القرار، والذي سيبدأ العمل به في الصيف القادم (20 تموز (يوليو) 2016) ولمدة ثلاث سنوات، فإن كل اللاجئين السوريين لن يتمكنوا من الحصول على الإقامة الدائمة عند تقدمهم بطلب اللجوء، إلا في حالة واحدة، وهي أن يكونوا قد وصلوا إلى السويد عن طريق نظام "الكوتا" الذي تديره مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، أما من عداهم، فسوف لن يمنحوا سوى تصاريح إقامة مؤقتة، قابلة للتجديد لمدة مماثلة (3 سنوات) حين انتهاء مدتها، إلا في حال أظهر المتقدم للتجديد أنه يعمل ويملك دخلاً كافياً لإعالته وعائلته، فعندها يمكن أن يتم منحه الإقامة الدائمة. أما الأشخاص المؤهلون للحصول على حماية فرعية فقط -وهم غالبا أولئك الأشخاص الذين يصلون إلى السويد من سوريا دون أن يستطيعوا إثبات تعرضهم -أو إمكانية تعرضهم- بشكل شخصي للاضطهاد في سوريا- فسوف يُمنحوا إقامة مؤقتة لمدة سنة واحدة فقط.
ولفت الأورومتوسطي إلى أن المآخذ على القرار الجديد تتمثل في أنه يقضي بأن التجديد بعد انتهاء الإقامة المؤقتة سيكون أيضاً بتمديد هذه الإقامة المؤقتة، وليس بمنح اللاجئ إقامة دائمة، إلا في حالة إثبات الدخل المستمر خلال هذه السنوات، وهي مدة قد لا تكون كافية لطالب اللجوء لتعلم اللغة والاندماج في المجتمع السويدي وممارسة العمل المنتظم، وهي من ناحية أخرى تعني عدم استقرار طالب اللجوء وبقاءه معلقاً لمدة قد تصل إلى ست سنوات أو أكثر دون أن يكون واضحاً إذا ما كان سُيمنح الإقامة الدائمة بعد ذلك أم لا. فيما سيكون الوضع أسوأ حالا بالنسبة لأولئك الذين سوف يحصلون على إقامة مؤقتة لمدة سنة واحدة فقط، خصوصاً في ظل أن التعديلات الجديدة قضت كذلك بعدم أحقّية هؤلاء في التقدم بطلب لم شملهم مع عائلاتهم. وفي هذا الصدد أشار الأورومتوسطي إلى تأثُّر سياسات لم الشمل بالتعديلات الجديدة، حيث أصبحت أكثر صرامة، بما قد يعيق حق اللاجئ في لم شمله مع عائلته، لا سيمّا في حال تواجد العائلة في منطقة صراع وتهديد للحياة.
وأضاف الأورومتوسطي أن قرار عدم منح الإقامات الدائمة يشمل كذلك طالبي اللجوء الفلسطينيين القادمين من سوريا، وهو مأخذ آخر على القرار، وأن هؤلاء ليس لديهم بلد يمكن أن يعودوا إليه بعد تحسن الأوضاع، ومن غير المضمون سماح سوريا لهم بالعودة للعيش فيها، خصوصاً وهم لا يحملون جنسيتها.
الأورومتوسطي ذكر أيضاً أن القرار الجديد بمنح الإقامات المؤقتة دون الدائمة سوف يسري كذلك على الأطفال غير المصحوبين، وهم أولئك الأطفال الذين يصلون إلى السويد لطلب اللجوء دون وجود ذويهم معهم، إما لأنهم تركوهم في البلاد أو لأنهم غرقوا أو فُقدوا في طريق الوصول من سوريا إلى السويد. ورأى المرصد أن هؤلاء الأطفال كان ينبغي أن يُستثنوا من القرار الجديد ومنحهم الإقامة الدائمة ابتداءً، تماشياً مع مصالحهم الفضلى، خصوصاً في حالة أولئك الذين فقدوا ذويهم. وأشار المرصد إلى أن هؤلاء الأطفال سوف يتعرضوا، بموجب التشريع الجديد، لعملية "تحديد سن" طبية في تلك الحالات التي يوجد فيها نقص في الوثائق المقدمة التي يمكن من خلالها معرفة السن الدقيق للشخص وتثور الشكوك حول السن الذي أدلى به.
ونوّه تقرير الأورومتوسطي إلى أن القرار الجديد سوف يؤثر على فترات الانتظار التي يحتاج إليها طالب اللجوء حتى حصوله على قرار منحه الإقامة من عدمه، خصوصاً في ظل الأعداد الهائلة من طلبات اللجوء المقدمة، وهذه التعديلات التي سوف تجبر طالب اللجوء على تجديد طلبه بعد مدة، بما يعني استمرار استنزاف طالب اللجوء والدولة نفسها في الجوانب الإجرائية والإدارية من ناحية، وانتظاراً أطول قبل إمكانية التقدم بطلب لم شمل العائلات من ناحية أخرى وانتظاراً أطول قبل إمكانية الحصول على سكن ثابت والتأقلم والاندماج في البلاد. وهي الظروف التي دفعت دائرة الهجرة السويدية إلى الإعلان عن أن الطلبات التي تم التقدم بها خلال خريف عام 2015 لن يصدر القرار فيها على الأرجح إلا عام 2017.
وخلص المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تقريره إلى دعوة السلطات السويدية إلى إعادة النظر في تضييقها لسياساتها الترحيبية التي كانت انتهجتها مع طالبي اللجوء القادمين من سوريا، ومن ذلك إعادة النظر في التعديلات الجديدة، بما يضمن منح الإقامة الدائمة لطالب اللجوء في حال انتهاء مدة الإقامة المؤقتة الأولى واستمرار الأسباب الموجبة لمنحه حق اللجوء، مع استثناء اللاجئين الفلسطينيين من سوريا والأطفال غير المصحوبين من قرارت منح الإقامة المؤقتة ومنحهم الإقامة الدائمة ابتداءً، إضافة إلى العمل على تقليص فترات الانتظار لطلب اللجوء مع تسهيل عملية جمع شمل اللاجئين السوريين مع عائلاتهم في السويد، مع الأخذ بعين الاعتبار مستوى الخطر والظروف المعيشية المتدهورة التي ينتظر فيها ذووهم والمعيقات التي تواجههم للوصول إلى السفارات السويدية. إلى جانب رفع حصة السويد من اللاجئين السوريين القادمين عن طريق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (الكوتا)، وذلك لمنح الفرصة لأكبر عدد لوصول البلاد بطريقة آمنة.