الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

فروانة : استمرار اختطاف النواب والوزراء انتهاك فاضح لأبسط الأعراف الدولية

نشر بتاريخ: 10/11/2007 ( آخر تحديث: 10/11/2007 الساعة: 17:33 )
رام الله - معا - أصدر الباحث المتخصص بقضايا الأسرى ومدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين عبد الناصر عوني فروانة، اليوم السبت، تقريراً شاملاً عن النواب المنتخبين والوزراء السابقين المحتجزين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ، معتبراً أن استمرار اختطافهم انتهاك فاضح لأبسط الأعراف الدولية .

واشار فراونة في تقريره أن الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين هو واحد من نماذج الإحتلال البشعة واللاإنسانية على مدار التاريخ البشري ، وهو واحد من النماذج القمعية الدموية ، واللا إنسانية واللا أخلاقية ، وخلال سنوات احتلاله لفلسطين استخدم - ولا يزال - الوسائل الأكثر دماراً ودموية بحق الشعب الفلسطيني ، فاقتلع المواطنين وشردهم من ديارهم عام 1948 ، وتصاعدت حملته وممارساته الدموية بعد احتلاله لباقي الأراضي الفلسطينية عام 1967 ، فانتهك حقوق الإنسان ، وداس على كافة الإتفاقيات والمواثيق الدولية ، وغيَّر المصطلحات فأصبحت مقاومة الفلسطينيين للإحتلال " إرهاباً " ، و الجرائم التي ينفذها ضد المواطنين العُزَّل هي دفاعٌ عن النفس ، وابتكر وابتدع أساليب أكثر دموية مما كان معلوماً ، واعتبر أن الإعتقالات هدفها قمع " الإرهاب " ، وشيد سجوناً ومعتقلات أكثر قمعية وقسوة من تلك التي كانت قائمة في عهد النازية .

واضاف فروانة أن اعتقالاته طالت كافة أبناء الشعب الفلسطيني بغض النظر عن العمر والجنس أو الشريحة ، وبيَّن فروانة أن الشعب الفلسطيني سجل قسرياً أعلى نسبة اعتقالات على مستوى العالم ، واحتل الصدارة العالمية بدون منازع ، حيث يقدر عدد من تعرض للإعتقال من أبناء الشعب الفلسطيني منذ العام 1967 ولغاية اليوم قرابة 700 ألف مواطن ، أي ما يعادل 25% من اجمالي الشعب الفلسطيني المقيمين في المناطق التي احتلت عام 1967 ، وهذا يعتبر رقم قياسي أدخله موسوعة جينس العالمية رغماً عنه .

اعتقال النواب والوزراء
وأوضح فروانة الى أن حكومة الإحتلال وكعادتها لم تحترم الإتفاقيات الموقعة ولا حصانة النواب المنتخبين حيث أقدمت في آذار 2003 ، على اعتقال النائب حسام خضر من منزله وأصدرت بحقه حكماً بالسجن 7 سنوات ، وفي نيسان 2004 اعتقلت النائب مروان البرغوثي وأصدرت بحقه حكماً بالسجن المؤبد خمس مرات ، والنائبين كانا أعضاء في المجلس التشريعي وانتخبا في دورته الأولى التي جرت عام 1996 ، والثاني أعيد انتخابه وهو في السجن في انتخابات المجلس التشريعي الثانية في يناير 2006 .

واعتبر فروانة أن ما جرى أواخر حزيران من العام الماضي شكل تطوراً خطيراً ، حيث وللمرة الأولى منذ اتفاقية أوسلو وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية ، تقدم قوات الإحتلال ، بحملة اعتقالات واسعة وجماعية استهدفت خلالها بعض وزراء الحكومة الفلسطينية ، والنواب الفلسطينيين المنتخبين في انتخابات ديمقراطية شرعها المجتمع الدولي وأشاد بنزاهتها وحريتها وشفافيتها ، ووافقت عليها حكومة الإحتلال قبل إجرائها لكنها وللأسف الشديد رفضت نتائجها .

وبيَّن أن الاتفاقيات الموقعة ما بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة " اسرائيل " أتاحت إنشاء برلمان فلسطيني يُنتخب من قبل المواطنين ، ويقوم هذا البرلمان بفرز أعضاء حكومة لتسير أمور المواطنين ، على أن يحظى نواب الشعب المنتخبين والوزراء بالحصانة البرلمانية التي تتيح لهم حرية الحركة والتنقل بين أجزاء الوطن .

إلا أن حكومة الإحتلال تنكرت - كعادتها - لتلك الإتفاقيات ولم تحترم نتائج الإنتخابات ، وصعَّدت من عدوانها بشكل لم يسبق له مثيل ، ولربما كما يقول فروانة كان سجل العام 2006 الأكثر سوءاً في انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 .

وأوضح الباحث فروانة أنه وفي سياق تلك الإنتهاكات ورداً على نتائج الإنتخابات التي لم تقبل بها حكومة الإحتلال ، وعلى عملية الوهم المتبدد التي نجحت خلالها فصائل المقاومة في غزة من أسر الجندي الإسرائيلي " جلعاد شاليط " ، أقدمت تلك القوات المدججة بالسلاح على اختطاف العشرات من الوزراء والنواب ممثلي الشعب الذين يسكنون الضفة الغربية والقدس ، ومن بيوتهم وأماكن عملهم بطريقة مهينة و لا إنسانية ، وقامت بترويع أطفالهم ونسائهم ، وتم نقلهم مقيدي الأيدي بقيود بلاستيكية تسبب لهم الألم ، ومعصبو الأعين في ظروف سيِّئة للغاية، وزجت بهم في سجونها ومعتقلاتها سيئة الصيت والسمعة ، في رسالة للجميع مفادها بأن لا أحد يمتلك الحصانة من الاعتقال ، وقدمت جزءاً منهم أمام محاكمات جائرة ، وحولت جزءاَ آخراً للإعتقال الإداري ، فيما أطلق سراح جزء قليل جداً منهم ، وهناك من أطلق سراحه وأعيد اعتقاله .

اعتقال الوزراء
وكشف فروانة أن من أصل ( 10 وزراء ) سابقين تم اختطافهم ، لا يزال لغاية اليوم خمس ( 5 ) وزراء سابقين مختطفين ومحتجزين في السجون الإسرائيلية ، وهم : وزير المالية عمر عبد الرازق ، ووزير الحكم المحلي عيسى الجعبري ، ووزير شؤون القدس خالد أبو عرفة ، ووزير الأوقاف نايف الرجوب ، ووزير الأسرى وصفي كبها ، فيما أطلق سراح كلٍ من نائب رئيس الوزراء د. ناصر الشاعر ، و وزير التخطيط سمير أبو عيشة بغرامة مالية قدرها 5 آلاف شيكل ، ووزير الشؤون الإجتماعية فخري التركمان بعد اعتقال دام 16 يوم وبكفالة مالية مقدارها عشرة آلاف شيكل ، ووزير العمل محمد البرغوثي ، فيما أطلق سراح وزير الأسرى والمحررين وصفي كبها و أعيد اعتقاله و تحويله للإعتقال الإداري .

والآن تحتجز قوات الإحتلال ( 37 ) نائباً في المجلس التشريعي من أصل ( 132 نائباً ) وفي مقدمتهم رئيس المجلس التشريعي النائب الدكتور عزيز دويك ، والغالبية العظمى من هؤلاء ( 33 ) نائباً محسوبين على حركة حماس ، و( 3 ) على حركة فتح ، والنائب سعدات على الجبهة الشعبية .

منهم ( 10 ) نواب انتخبوا وهم في الأسر
وقال فروانة أن قضية الأسرى فرضت نفسها بقوة في الإنتخابات التي جرت في 25يناير 2006 ، فأدرج آنذاك أسماء (31 ) أسيراً ضمن القوائم والدوائر ، فاز منهم آنذاك ( 15 أسير ) ، أي أن ما نسبته 11.4% من إجمالي أعضاء المجلس التشريعي ، وكانت الغالبية منهم ( 11 ) محسوبين على حركة المقاومة الإسلامية حماس ، وهم : الشيخ حسن يوسف ( دائرة رام الله ) ، محمد جمال علاء الدين النتشة ( قائمة ) ، عمر محمود مطر عبد الرازق ( قائمة ) ، ابراهيم ابو سالم ( دائرة القدس ) ، أحمد علي الحاج علي ( دائرة نابلس ) ، فتحي محمد علي القرعاوي ( قائمة ) ، حاتم رباح رشيد قفيشة ( دائرة الخليل ) ، عزام نعمان سلهب التميمي ( دائرة الخليل ) ، نزار عبد العزيز رمضان ( دائرة الخليل ) ، ، خالد ابراهيم طافش ذويب ( دائرة بيت لحم ) محمد مطلق عبد المهدي أبو جحيشة ( دائرة الخليل ).
و( 3 ) محسوبين على حركة فتح ، وهم : مروان البرغوثي ( قائمة ) ، أبو علي يطا ( قائمة ) ، الأسير جمال حويل ( قائمة ).

فيما فاز أحمد سعدات ( قائمة ) الأمين العام للجبهة الشعبية في الانتخابات على رأس قائمة الشهيد أبو على مصطفى ، حينما كان معتقلاً في سجن أريحا التابع للسلطة الفلسطينية وتحت حراسة بريطانية - أمريكية ، والذي أقدمت قوات الإحتلال الإسرائيلي على اقتحام ذاك السجن بتاريخ 14/3/2006 ، واختطافه مع عدد آخر من المعتقلين وتم نقله للسجون الإسرائيلية .

واعتبر فروانة أن ادراج هذا العدد الكبير من الأسرى ضمن القوائم والدوائر ، يعني بشكل واضح مدى تمسك شعبنا بقضيتهم العادلة ، وما تحتله من مكانة وتستحوذه من اهتمام من قبل الشعب وقواه المختلفة.

مبيناً بأن جزء من هؤلاء النواب قد تحرروا وبقىّ منهم فقط ( 10 نواب ) ، منهم ( 6) محسوبين على قائمة التغيير والإصلاح " حماس " و(3 نواب ) محسوبين على قائمة فتح ، بالإضافة للنائب سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .

وحمل فراونة حكومة الإحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة د.دويك:
وتطرق في تقريره الى الوضع الصحي للنواب والوزراء عامة ، وما يعانونه ويتعرضون له قائلاً أنهم يعيشونً أقل ما يمكن وصفها بالقاسية ، كتلك التي يحياها باقي الأسرى ، ويتعرضون لما يتعرض له الأسرى الآخرين من انتهاكات فاضحة ومعاملة لا إنسانية واهمال طبي وتلكؤ في تقديم العلاج ، أو حتى المسكنات ، دون مراعاة لأعمار بعضهم المتقدمة ، أو لأوضاعهم الصحية ، حيث أن بعضهم يعانون من أمراض مزمنة كالسكري والروماتيزم والقرحة ، وكثير منهم نقلوا مراراً لعيادات السجن أو المعتقل المحتجزين فيه ، ومنهم من نقلوا الى ما يسمى مستشفى الرملة .

وأعرب فروانة عن قلقه الشديد على حياة النائب الدكتور عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي ، الذي يعاني من أمراض القلب والسكري ، وحالته الصحية تدهورت في الآونة الأخيرة وتعرض جسمه لنقص حاد في الوزن ، و نُقل الأسبوع الماضي من معتقله "مجدو" إلى مستشفى سجن الرملة بعد أزمة صحية ألمت به ، ووضعه الصحي يزداد تدهوراً ، دون تقديم ما يمكن أن يساعد في وقف هذا التدهور الخطير .

وأفد التقرير أن النائب د. عزيز دويك ( 59 عاماً ) قد انتخبته حركة حماس والتي تحظى بالأغلبية في المجلس ، في فبراير 2006 رئيساً للمجلس التشريعي الفلسطيني ، وهو بذلك يكون رابع رئيس للمجلس التشريعي الفلسطيني بعد بعد أحمد قريع، وروحي فتوح، وحسن خريشة.

وبهذا الصدد ناشد فروانة العالم أجمع بالتدخل العاجل والضغط على حكومة الإحتلال من أجل السماح لطواقم طبية فلسطينية أو دولية لزيارة د.دويك وباقي النواب والوزراء وتقديم العلاج الطبي اللازم لهم ، ولكافة الأسرى المرضى التي تتكدس بهم السجون والمعتقلات الإسرائيلية ، لوقف تدهور أوضاعهم الصحية التي تسوء يوماً بعد يوم ، محملاً حكومة الإحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة د. دويك ، أو ما قد يصيبه من أذى .

الإدارة تتنصت على لقاءات النواب والوزراء بمحاميهم
وكشف فروانة الى ان إدارة سجن مجدو الذي يقبع فيه أغلب النواب والوزراء السابقين تتنصت على لقاءاتهم بمحاميهم ، مسترشداً بمقابلة أجريت مع د.عزيز دويك ، واعتبر فروانة هذا الاجراء انتهاك خطير لأبسط حقوق الأسرى ومخالف للقانون الدولي وإتفاقية جنيف الثالثة والتي تنص على " السماح للمحامي بزيارة الأسير بحرية والتحدث معه دون وجود رقيب "، ومن الممكن أن تكون الإدارة مارسته وتمارسه مع كافة الأسرى .

اختطاف النواب والوزراء انتهاك فاضح لأبسط الأعراف الدولية
واعتبر فروانة اختطاف واستمرار احتجاز هؤلاء النواب المنتخبين والوزراء السابقين ، هو انتهاك فاضح لأبسط الأعراف والمواثيق الدولية ، ويشكل عدواناً سافراً على المؤسسات الشرعية الفلسطينية ورموزها ، ومساساً فاضحاً بالحصانة التي يتمتعون بها ، بهدف تقويض السلطة وعمل المجلس التشريعي و إضعاف النظام السياسي الفلسطيني.

وأكد الباحث فروانة على أن اختطافهم أمر غير شرعي وبالتالي تقديمهم للمحاكمة هو أيضاً أمر غير شرعي ومرفوض ، وعملية اعتقالهم لا تستند إلى أي مبرر قانوني ، وهي سياسية بالدرجة الأولى ، مناشداً البرلمانات العربية والإسلامية والدولية الى التحرك والضغط على حكومة الإحتلال من أجل اطلاق سراحهم جميعاً .

وحول تأثير ذلك على عمل ودور المجلس التشريعي ، يقول فروانة ، أنه وبدون أدنى شك فان اعتقالهم أثر سلباً ، ولكن الإنقسام السياسي الحاصل في المجتمع الفلسطيني كان الأخطر حيث عمق الأزمة التشريعية وغيَّب السلطة التشريعية بالكامل ، وشَّل المجلس التشريعي ولم يعد هناك ما تسمى بالسلطة التشريعية لا شكلاً ولا مضموناً ، ولن يعود من جديد إلاَّ إذا عادت الوحدة الوطنية الحقيقية لشعبنا والوحدة الجغرافية لشقي الوطن ، في ظل سلطة وطنية واحدة موحدة وقوية وتحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية ، وحينها فقط يمكن أن نتحرك كشعب واحد موحد في التصدي لسياسات الإحتلال وانتزاع حقوقنا المشروعة .

واستعرض الباحث فروانة في ختام تقريره سيرة حياة أبرز هؤلاء النواب المعتقلين وأشهرهم كالنائب د.عزيز دويك ومروان البرغوثي وأحمد سعدات .