الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

تأكيد أهمية دور فلسطينيي 48 في إعادة بناء الوحدة والمشروع الوطني

نشر بتاريخ: 26/04/2016 ( آخر تحديث: 02/05/2016 الساعة: 12:27 )
تأكيد أهمية دور فلسطينيي 48 في إعادة بناء الوحدة والمشروع الوطني
الناصرة- معا- طالبت مجموعة من السياسيين والأكاديميين والنشطاء إلى تعزيز دور فلسطينيي الداخل في المشروع الوطني الفلسطيني، وإلى تعزيز الحوار الوطني لمواجهة المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تجزئة الفلسطينيين، لا سيما في ظل محاولات إسرائيل استغلال ما تمر به المنطقة من متغيرات لتمرير المزيد من مخططات الاستيطان والمصادرة والتهويد، إضافة إلى تعريف فلسطينيي 48 لنضالهم ومطالبهم التي تتجاوز المساواة.

وأشاروا إلى أن المأزق الشامل الذي يمر به الفلسطينيون بمختلف انتماءاتهم يحتم صياغة مشروع وطني جماعي للشعب الفلسطيني يركز على الحقوق التاريخية والطبيعية للفلسطينيين ويحفظ حقوق الشعب وأهدافه الوطنية، ويقوم على النضال الجماعي لتحقيق الأهداف المشتركة للفلسطينيين في كل مكان، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصائص المميزة لكل تجمع وبرامج كفاحه اليومي.

جاء ذلك خلال لقاء حواري نظمه مركز مسارات بالتعاون مع مركز مدى الكرمل لمناقشة مسودة وثيقة الوحدة الوطنية في فندق "سانت غابرييل" في مدينة الناصرة، بمشاركة كل من: النائب حنين زعبي، والنائب مسعود غنايم، والباحث صالح لطفي، مدير مركز الدراسات المعاصرة.

افتتح اللقاء د. مطانس شحادة، مدير البرامج البحثية في مركز مدى الكرمل، مشيرًا إلى أن أهمية إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة لا تقل أهمية عن إنهاء الاحتلال، وأن إنجازها مهم في هذه الظروف الراهنة كمرحلة انتقالية في النضال الفلسطيني.

وأشار إلى وجود قناعة بضرورة إشراك الفلسطينيين في الداخل في القضايا المصيرية التي تخص الشعب الفلسطيني، والعمل على كسر الحواجز التي خلقها الاحتلال، مشيدًا بدور مسارات كمؤسسة تلعب دورًا في ترتيب المشهد السياسي، لاسيما أن "الوثيقة المطروحة ليست مجرد مصالحة بين حركتي فتح وحماس، بل هي مشروع سياسي يحمل قيمًا وأهدافًا وقواعد أساسية للمشروع الوطني الفلسطيني". ودعا إلى تطوير الوثيقة بحيث تأخذ بعين الاعتبار التحولات التي حصلت منذ وقوع الانقسام، وبخاصة التحولات الإسرائيلية خلال تلك الفترة، وضرورة عدم الانطلاق من نتائج مرحلة أوسلو كسقف لمعالجة الأزمة أو كإطار مؤسساتي لاستعادة الوحدة وفق البنية الحالية للسلطة.

وقال سلطان ياسين، عضو مجلس أمناء مركز مسارات، إن مسودة الوثيقة تأتي ضمن برنامج دعم الحوار الفلسطينيّ، وكتتويج لحصيلة ما تم التوصل إليه من حوارات واسعة استمرت عدة سنوات، بمشاركة سياسيين ومستقلّين وفعاليّات المجتمع المدني والشباب، شملت مختلف التجمّعات الفلسطينية (الضفّة الغربية، قطاع غزة، أراضي 1948، الشتات)، كان آخرها عقد اجتماعات منفصلة في الضفة والقطاع وبيـروت والدوحة مع أكثـر من خمسين شخصيّة من قادة عدة فصائل رئيسية من داخل منظمة التحرير وخارجها، ومن الشخصيّات المستقلة والنشطاء الشباب.

ونوه إلى أن هذا اللقاء يأتي ضمن سلسلة من اللقاءات الحوارية التي عُقدت في مختلف تجمعات الشعب الفلسطيني داخل الوطن وخارجه بهدف مناقشة وتطوير مسودة الوثيقة بشكل تشاركي واسع.

وشدد هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، على أهمية الوحدة بوصفها ضرورة وطنية وليست خيارًا من الخيارات، وخاصة في ظل وجود عدو مشترك ومخاطر مشتركة تهدد الكل الفلسطيني، والمتمثلة في وجود مشروع صهيوني استعماري إحلالي إجلائي عنصري لا يعطي لأي فلسطيني أي عرض يمكن القبول به.

وأوضح أن الوثيقة جاءت بعد فشل كل الجهود والمبادرات والوساطات والاتفاقات لإنهاء الانقسام، إضافة إلى تجاهل الاتفاقات للعديد من القضايا الأساسية، مثل التوافق على إستراتيجية سياسية ونضالية. وأشار إلى أن نقطة الانطلاق في إعادة بناء الوحدة الوطنية تتمحور في تحليل جذور الانقسام وأسبابه، وتبني مقاربة الرزمة الشاملة التي تقوم على أساس معالجة مختلف الملفات بالتوافق الوطني، واستنادا إلى مبدأ التوازي ضمن عملية تدريجية وتراكمية، سواء على المستوى الوطني العام، بما يشمل التوافق على مرتكزات المشروع الوطني والعقد الاجتماعي (الميثاق الوطني) وإعادة بناء التمثيل الوطني والبرنامج السياسي، أو على مستوى السلطة ومهمات الحكومة، مع ضرورة إيلاء الاهتمام لمعالجة مشكلات وهموم مختلف القطاعات والفئات.

وقال خليل شاهين، مدير البحوث والسياسات في مركز مسارات، إن هذه الوثيقة تشكل رؤية لإنهاء الانقسام تتجاوز ما تم الاتفاق عليه في اتفاقات المصالحة السابقة، لا سيما من حيث أهمية الاتفاق على برنامج سياسي، مؤكدًا ضرورة التوافق على إستراتيجية شاملة تحدد الأهداف الوطنية وأشكال العمل والنضال، والاتفاق على عقد اجتماعي على أساس إجراء مصالحة تاريخية بين التيارات الفلسطينية المختلفة، الوطنية والديمقراطية والإسلامية، التي تقبل بالشراكة السياسية والتعددية، وأن يكون إنهاء الانقسام في سياق إعادة بناء الحركة الوطنية والتمثيل وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير، بحيث تضم مختلف ألوان الطيف السياسي والاجتماعي، إضافة إلى إعادة النظر في شكل السلطة ودورها ووظائفها، وإعادة تحديد العلاقة مع دولة الاحتلال والتحلل التدريجي من الالتزامات المجحفة بموجب اتفاق أوسلو وملحقاته.

ونوه إلى أهمية الاستثمار في الفضاء الجديد الذي تنشط فيه أشكال جديدة من العمل السياسي والكفاحي والمجتمعي والمبادرات الفردية والجماعية التي تتبلور خارج المنظومة السياسية التقليدية، مثل عشرات المبادرات التطوعية، وحركة مقاطعة إسرائيل، ومبادرات ولجان حق العودة، ولجان مقاومة الاستيطان، والنهوض الثقافي والأدبي الفلسطيني في الابتكارات العلمية والمسرح والرواية والسينما والفنون الشعبية، وهي أشكال من العمل السياسي والكفاحي التي من الممكن أن تسهم في إعادة تشكيل الحقل الوطني الفلسطيني.

وقالت الزعبي إن الوثيقة تطرح سؤال كيفية الخروج من الواقع المأزوم، وهو ما يقود أيضا إلى التفكير في عوامل القوة والحامل السياسي والاجتماعي القادر على فرض إعادة بناء الوحدة، دون التعويل على طرفي الانقسام، وهو ما يتطلب أن تتضمن الوثيقة تحليلا أكثر عمقا للوضع القائم والتركيز على كيفية إنتاج البديل المنشود بالتعويل على ما يسميه مركز مسارات الفضاء الثالث أو الجديد، مطالبة كل قوى الشعب بالانخراط في الإجابة عن سؤال كيفية الخروج من المأزق، والرجوع إلى المشروع الفلسطيني التحرري.

وأضافت: إن سياق المواطنة لا يمنع أن نعرف أنفسنا كجزء من المشروع الوطني والحركة الوطنية الفلسطينية، وعلى فلسطينيي 48 الشروع في حوار حول دورهم وموقعهم في المشروع الوطني، فنحن خرجنا من مرحلة الوهم ومنخرطون في الوعي بأهمية النضال لتحقيق ما نريد.

وأشار لطفي إلى أهمية صدور الوثيقة في الوقت الذي نشهد فيه استمرار الانتفاضة رغم محاولات خنقها، بما يدل على أن الشعب ما زال حيًا ومتمسكًا بأرضه وقضيته، مبينًا أن مجرد طرح الوثيقة يؤسس لحالة مستقبلية في حالة الوعي الفلسطيني لا تقتصر على الضفة والقطاع فقط. واقترح أن تتضمن الوثيقة مدخلا تاريخيا في تشخيص الواقع الحالي كامتداد للنكبة التي حلت بشعبنا منذ 1948. ودعا إلى توضيح المقصود بفصل الدين عن السياسة نظرا لتداخلهما تاريخيا في النضال الفلسطيني، وبخاصة أن وثيقة الوحدة تنطلق مما سماه "العلمانية العاقلة" التي يمكن التعامل معها خلافا لـ "العلمانية الإقصائية". كما دعا إلى الحذر في التعامل مع مبدأ "الديمقراطية التوافقية" حتى لا تؤدي إلى تكريس الفصائلية الحزبية، أو استنساخ نموذج "الديمقراطية التوافقية" التي قادت إلى حالة شلل في لبنان.

وأضاف: طرح الوثيقة للنقاش على المستوى الوطني العام، يؤكد أن هناك مؤسسات تسعى لخلق إجماع وطني تجاه القضية الفلسطينية، وعلينا اغتنام الفرصة المواتية للخروج من الواقع الراهن الذي تعاني منه مختلف التجمعات، في الضفة والقطاع والقدس والداخل والشتات، والعمل على حصر الخلاف وعدم تحوله إلى انشقاق، مستفيدين من التجارب والخبرات التي مررنا بها ومرت بها حركات التحرر.

وأشاد غنايم بالوثيقة، مبينًا أنها تمثل برنامجًا سياسيًا للمشروع الجمعي الفلسطيني، ولا تقتصر على طرفي الانقسام، بل تخرجنا من الإطار الضيق الفصائلي إلى الفضاء العام للكل الفلسطيني عبر تناولها للقضايا العامة التي تعزز الهوية الوطنية الفلسطينية والمشروع الوطني، مقترحا أن تتضمن الوثيقة آليات محددة لتحقيق هدفها في خلق حالة توافق وطني قادرة على شق مسار إعادة الوحدة الوطنية وفق المبادئ والأسس التي تتضمنها.

وقال إن خصوصيات كل تجمع لا تلغي الهوية والمشترك الوطني، بل تؤكد أهمية البرامج الخاصة لكل تجمع وفق ما هو متاح دون أن يمنع ذلك التشاور بين مختلف المكونات الفلسطينية في القضايا العامة والمشتركة، مشيرًا إلى أهمية العودة إلى مرجعية وطنية لحل الخلافات وإنهاء الانقسام.