نشر بتاريخ: 27/04/2016 ( آخر تحديث: 27/04/2016 الساعة: 16:36 )
غزة- معا- كتب سالم الريس- لم يكن يعلم رمزي، بأن مقاطع الفيديو القصيرة التي يصورها، ليعبر فيها عن آرائه وتعبيراته بكامل حريته حول المشاكل والأزمات التي يواجهها المواطنون في قطاع غزة، ستلاقي كل هذا الانتشار والمتابعة من المواطنين وحتى المسؤولين.
كانت بدايته على شبكات التواصل الاجتماعي كأي مواطن ينشئ حساباً الكترونياً خاصاً به بهدف التواصل مع الأصدقاء، وبسبب طبيعته العنيدة وعدم قدرته على السكوت عن الأخطاء والتجاوزات الكبيرة بحق المواطنين، أصبح ينشر العديد من الانتقادات المكتوبة الموجهة للمسئولين في قطاع غزة.
رمزي حرز الله "27 عاماً" من مدينة غزة، ناشط سياسي واجتماعي على شبكات التواصل الاجتماعي، أخذ على عاتقه الدفاع عن المواطنين والمطالبة بحقوقهم، لإيمانه بحرية التعبير، من خلال صناعته فيديوهات قصيرة يبثها على صفحته الالكترونية.
استمر على هذا الحال لفترة من الزمن مكتسباً العديد من الأصدقاء الجدد والمتابعين له، ويقول "كان يتواصل معي العديد من الأصدقاء الجدد بهدف الثناء على جرأتي، ويقولون لي أنت تعبر عن أفكارنا، وكلامك يمثلنا".
قبل عامين تقريباً بدأ رمزي بتسجيل وانتاج بعض الفيديوهات القصيرة، يعبر من خلالها عن آراءه وانتقاداته في بعض القضايا، وساهم نشر بعض الوكالات والشبكات الإخبارية الالكترونية أعماله، في رفع أسهم شهرته وشعبيته بين أوساط المواطنين والمسؤولين.
يجلس رمزي على كرسيه، ويسند ظهره مبتسماً، ويقول "منذ صغري كنت أحلم بالعمل في الاعلام وبالدفاع عن حقوق المواطنين، ومن خلال الفيديوهات القصيرة وجدت ضالتي، وبدأت في تحقيق حلمي".
يعتمد الناشط حرز الله في تسجيل الفيديوهات القصيرة على نفسه، فهو ليس بحاجة المساعدة من أحد، ويكتفي بأن يعطي إشارة بدء التسجيل لكاميرا هاتفه النقال، حتى يباشر بالحديث عن القضية التي يريدها بطريقة عفوية وسلسة جداً يفهما جميع الطبقات والأعمار.
لم يمض وقت طويل، حتى بدأت تمارس عليه الضغوطات والتهديدات، بسبب انتقاده اللاذع للعديد من المتنفذين وأصحاب القرار في قطاع غزة، ويقول "ضغوطاتهم زادتني قوة وإيمان بعدالة القضايا التي أدافع عنها، وردي كان دائماً لهم بأنني سأستمر ولن أتوقف".
رمزي الذي وجه انتقاداته ضد الممارسات الظالمة بحق المواطنين في قطاع غزة والضفة الغربية، استغرب من توجيه الاتهامات له من قبل أجهزة الأمن في قطاع غزة، بأنه يعمل لصالح الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية ويتخابر معهم.
يصمت قليلاً ويقول مبرراً "العديد من انتقاداتي كانت موجهة للضفة الغربية، ولكن بطبيعة الحال أنا أعيش في غزة، والمشاكل والأزمات التي أواجهها وأشعر بها يومياً هي في غزة، لذلك كان النصيب الأكبر من الانتقادات موجهة للمسئولين في غزة".
حرز الله يعرف أهمية أن يحمى الناشط نفسه من خلال معرفته الجيدة بالنصوص القانونية الخاصة بحرية العبير، ولكنه تساءل بنظرة جرأة "عن أي قانون نتحدث!، وهل فعلاً الحكومة تطبق القانون في سماحها للمواطنين الحديث بحرية!، وهل فعلاً ما يجري من اعتقالات على خلفية حرية التعبير هي اعتقالات قانونية!".
ويستغرب رمزي حجم القوة التي يستخدمها مسؤولو الأمن والحكومة في قطاع غزة، في الحد من الحريات، "واقع الحريات في قطاع غزة وخاصة حرية التعبير، واقع مأساوي ولا يوجد أي حرية فكل حياتنا قيود في قيود، إلا فئة معينة من الشعب تتمتع بالحرية".
ويلجأ بعض المواطنين للناشط حرز الله، طلباً لمساعدته في بعض المشاكل التي تواجههم، فيحاول البحث عن حلها بالطرق الودية، ويقول "في حال وصلنا إلى طريق مسدود ألجأ للحديث والانتقاد عبر صفحتي الشخصية في محاولة للضغط من أجل الوصول إلى حل".
"ضرب وشبح وتعذيب ليل نهار طول ثمانية أيام من أجل إضعافي نفسياً، ولكنني كنت أعلم من قبل كيفية تعاملهم، فصمدت دون أن أعترف بأي شيء لم أقم به فعلياً"، هكذا وصف رمزي فترة اعتقاله الأخيرة في مطلع العام الحالي لدى الأجهزة الأمنية بغزة على خلفية حرية التعبير.
ويؤكد رمزي بأن اعتقاله الأخير علمه الكثير، ويقول "اعتقالي الأخير أجبرني على سلوك ممارسات جديدة مثل كيف أنتقي كلماتي التي أنتقد بها، وكيف أستخدم كلمات تشمل أكثر من معنى، وعدم ذكر أسماء معينة بشكل علني، على الرغم أن حرية التعبير حق لكل مواطن".
ومن جانبه رأى الأستاذ "سمير زقوت" مدير وحدة البحث في مركز الميزان لحقوق الانسان، أن هناك انتهاكاً واضحاً لحرية الرأي والتعبير في جميع المناطق الفلسطينية، قائلاً "من وقع عملنا من رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الانسان، وخاصة بعد الانقسام الفلسطيني في يوليو 2007م، أصبحنا أمام واقع غير مسبوق لجهة انتهاك الحريات، وخاصة حرية الرأي والتعبير".
وحول مدى قانونية الاعتقال على خلفية حرية التعبير، قال باستياء "في مجملها كل الانتهاكات التي توجه في حرية الرأي والتعبير، هي خارج نطاق القانون وتستغل أحيانا خروج بعض التعابير التي قد تفهم على أن فيها اساءة مباشرة وتحت شعار القذف والتشهير وما إلى ذلك".
وأكد زقوت على أن الحرية دائما مرتبطة بالمسئولية، وأنه لا يوجد حرية تعني الفوضى والمشاع المطلق بلا حدود، مشدداً على ضرورة الانتقاد البناء وبأسلوب حضاري بعيد عن القذف والتشهير، وطالب المسئولين في الضفة الغربية وقطاع غزة الكف عن انتهاك حقوق المواطنين على خلفية حرية التعبير، والتعامل مع الانتقادات بشكل إيجابي.