الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف
خبر عاجل
صفارات الإنذار تدوي الآن في نهاريا ومحيطها خشية تسلل طائرة مسيّرة

مساواة تطالب برفع الصوت لسحب قرار الدستورية

نشر بتاريخ: 19/05/2016 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:05 )
مساواة تطالب برفع الصوت لسحب قرار الدستورية
رام الله - معا - على إثر ما تداولته وسائل الإعلام بداية شهر نيسان الماضي حول تشكيل المحكمة الدستورية العليا تداعت مؤسسات حقوقية وائتلافات مدنية إلى اجتماع عُقد في مقر الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بتاريخ 342016 وجهت في أعقابه مذكرة خطية إلى السيد الرئيس أعربت من خلالها عن تفاجئها واستغرابها من حالة التكتم التي أحاطت بأمر التشكيل، مطالبةً بضرورة أن يأتي تشكيل المحكمة الدستورية العليا خطوة لاحقة تتوج إعادة الحياة الدستورية المتمثلة بإجراء إنتخابات عامة رئاسية وتشريعية وإعادة توحيد القضاء الفلسطيني، وعلى ألا يأتي تشكيل المحكمة مبنياً على محاصصة سياسية يسعى من خلالها أي حزب أو جهة سياسية للسيطرة على هذه المحكمة بوصفها حارسة القانون الأساسي وحامية الحقوق والحريات العامة، وحياديتها ونزاهتها واستقلاليتها شأن ينبغي عدم المساس به.

وفي ضوء المضي قدماً في تشكيل المحكمة دون الإلتفات إلى رأي مؤسسات المجتمع المدني، عادت المؤسسات القانونية والإئتلافات المدنية ذاتها ورفعت مذكرة ثانية بتاريخ 1242016 للسيد الرئيس مطالبةً بسحب القرار الرئاسي الخاص بتشكيل المحكمة، وعدم وضعه موضع التطبيق، نظراً للتبعات الخطيرة المترتبة على تشكيل المحكمة الدستورية العليا في ظل حالة الإنقسام السياسي بين شطري الوطن مؤكدةً على ضرورة التريث في تشكيل المحكمة الدستورية العليا لحين توفر المتطلبات الدستورية اللازمة له وفي مقدمتها إنجاز المصالحة الوطنية. 
 
والمؤسسات والإئتلافات المدنية التي وجهت المذكرتين هي: نقابة المحامين، الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، شبكة المنظمات الأهلية "وتضم 130 مؤسسة مجتمع مدني"، مجلس منظمات حقوق الإنسان "ويضم مؤسسة الحق، مركز المرأة للإرشاد القانوني والإجتماعي، مركز إنسان للديمقراطية وحقوق الإنسان، مركز الميزان لحقوق الإنسان، مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال فرع فلسطين، مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين- بديل، مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية (حريات)"، والمركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة"، ومركز حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس"، والمؤسسة الأهلية لاستقلال المحاماة وسيادة القانون (استقلال)، ومؤسسة مفتاح.

وللمرة الثانية لم يتم الإلتفات لرأي المؤسسات الحقوقية والإئتلافات المدنية ومؤسسات المجتمع المدني، حيث أصدر السيد الرئيس بتاريخ 3132016 القرار رقم 57 لسنة 2016 بشأن تشكيل المحكمة الدستورية العليا ونُشر في العدد 120 من الوقائع الفلسطينية بتاريخ 2642016 على أن يسري من تاريخ صدوره.
ويُذكر أن قانون المحكمة الدستورية العليا وتشكيلها كان ولا يزال موضع جدل وخلاف قانوني منذ العام 2005، حيث بدأ في ذلك العام الجدل حول مدى الحاجة إلى قانون ناظم للمحكمة الدستورية العليا وتشكيلها، ونشير إلى مذكرة "مساواة" الموجهة إلى اللجنة التوجيهية لتطوير القضاء والعدل، والسادة رئيس وأعضاء اللجنة القانونية في المجلس التشريعي بتاريخ 3032005 والتي جاءت حصيلة مناقشات وحوارات قانونية نظمتها بمشاركة خبراء في القانون الدستوري من مصر والمغرب والدائرة القانونية في المجلس التشريعي ولجنة الإصلاح الوزاري والهيئة المستقلة لحقوق المواطن، ومعهد الحقوق في جامعة بيرزيت ومشروع تطوير القضاء في برنامج الأمم المتحدة UNDP وبمشاركة قضاة محكمة عليا وعدد كبير من المحامين وأساتذة كليات الحقوق. والتي أكدت على عدم الحاجة إلى تشكيل محكمة دستورية أو سن قانون خاص بها لعدة اعتبارات قانونية وسياسية "نُشرت في إصدار خاص بعنوان إشكاليات القضاء الفلسطيني بين مقتضيات التقييم والنص القانوني- إصدارات مساواة نيسان 2005".

وانتهى الجدل بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 3 لسنة 2006 دون أن يوضع تشكيلها موضع التطبيق حيث لم يتم، واستمر العمل بأحكام القانون الأساسي وخاصة المادة 104 والتي أناطت بالمحكمة العليا صلاحيات القيام بمهام المحكمة الدستورية العليا لحين تشكيلها. كما استمر الجدل بشأن القانون رقم 3 لسنة 2006 من حيث سريانه ومضمونه، ونُشير إلى التوصية الصادرة عن خبراء دوليين مختصين بالقانون الدستوري، والتي تدعو إلى عدم التسرع في إنشاء محكمة دستورية فلسطينية في ظل الإنقسام، والمقترحة إعادة النظر مجدداً في قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 3 لسنة 2006 لإنطوائه على أحكام ونصوص بحاجة إلى تعديل يؤمن السند القانوني الملائم لإنشاء محكمة دستورية عليا في فلسطين، بعد توافر متطلبات تشكيلها القانونية والدستورية والسياسية، تلك التوصيات الصادرة في أعقاب اختتام ورشة عمل متخصصة نظمتها مساواة بالتعاون مع كلية الحقوق في جامعة القاهرة يومي 11و 1252009 بمشاركة قُضاة محاكم دستورية وعليا حاليين وسابقين، وأساتذة قانون عام من حملة درجة الأستاذية في القانون من كل من جنوب افريقيا، كندا، اسبانيا، بريطانيا، فرنسا، سويسرا، الأردن، مصر وفلسطين. من بينهم خبراء دستوريين فلسطينيين ساهموا في إعداد القانون الأساسي الفلسطيني، وأعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني، وبالإشتراك مع نقابة المحاميين الدوليين في بريطانيا وبدعم الإتحاد الأوروبي. والذين أجمعوا على أن قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 3 لعام 2006 يعاني من ثغرات قانونية عديدة، ما يتطلب إصدار قانون جديد وفقاً للإجراءات التشريعية المعتادة، ومن قبل السلطة التشريعية، إلى جانب إجماعهم على عدم الحاجة إلى تشكيل محكمة دستورية في ظل الإنقسام السياسي بين شطري الوطن، وغياب متطلبات تشكيلها القانونية والدستورية والسياسية. "وقائع الندوة وتوصياتها- نشرت في العدد التاسع من نشرة عين على العدالة الصادر في حزيران عام 2009، إلى جانب مذكرة خطية ذات صلة وجهت إلى السيد الرئيس وممثلي الأحزاب السياسية بعنوان الآليات القانونية المتاحة للخروج من الأزمة الفلسطينية بتاريخ 522009 صادرة عن المشاركين في اللقاء القانوني الذي نظمته مساواة في ليماسول في قبرص أيام 25 26 27- 1- 2009 بمشاركة خبراء في القانون الدستوري والقانون الدولي والعلوم السياسية من كل من مصر، المغرب، لبنان، العراق، الأردن، جامعة بير زيت، جامعة النجاح، الجامعة العربية الأمريكية، جامعة القدس، بالإضافة إلى خبراء قانون دستوري دوليين من كل من سويسرا، بريطانيا، إيرلندا، وقبرص، ومحامين".

وبنتيجة هذا الجدل توقف النقاش والبحث في تشكيل المحكمة الدستورية العليا إلى أن عاد وأُثير مجدداً في العام 2012، حيث أصدر السيد الرئيس قراراً بقانون بشأن تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا والذي بدوره أثار جدلاً وخلافاً قانونياً ودستورياً واسعاً الأمر الذي دعى السيد الرئيس للإستجابة إلى طلبات ومذكرات ورؤى مؤسسات المجتمع المدني وأوقف القرار المذكور ولم يتم نشره، ونُشير إلى المذكرة التي وجهها مركز "مساواة" إلى السيد الرئيس بتاريخ 8112012 والتي طالبت بضرورة التمهل في إصدار أي قرار بقانون يتعلق بالمحكمة الدستورية العليا أو قانونها أو تشكيلها مع الإيعاز إلى المستشار القانوني للسيد الرئيس بتنظيم حوار مجتمعي وقانوني واسع يصل إلى توافق وطني شامل بشأن المحكمة الدستورية وتشكيلها والصيغة القانونية المُثلى لتنظيمها. "نُشرت في العدد الرابع عشر من نشرة عين على العدالة الصادر في شباط عام 2013".

وتوقف الحوار ثانيةً وتوقف الجدل وبقي الوضع على حاله واستمرت المحكمة العليا بالقيام بمهام المحكمة الدستورية العليا وفقاً لأحكام المادة 104 من القانون الأساسي. 

إلى أن عاد النقاش وأُثير مجدداً في العام 2014، حيث أصدر السيد الرئيس قراراً بقانون معدلاً لقانون المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 2062014، ثم عاد واستجاب لطلب مؤسسات المجتمع المدني وأوقف نشره، وأوقف المساعي الخاصة بتشكيل المحكمة الدستورية أو تعديل قانونها بقرار بقانون. ونُشير إلى المذكرة الخطية التي وجهتها مساواة إلى السيد الرئيس بتاريخ 272014، والتي طالبت من خلالها بإلغاء القرار بقانون المذكور وتكليف المستشار القانوني بتنظيم حوار مجتمعي واسع يوصل إلى توافق وطني شامل بشأن المحكمة الدستورية وتشكيلها والصيغة المُثلى لقانونها، والتوقيت الملائم لهذا كله، صوناً  للمبادئ الدستورية، وحفاظاً على الوحدة الوطنية، وتجسيداً لمبدأ سيادة القانون. "نُشرت في العدد السابع عشر من نشرة عين على العدالة الصادر في تموز عام 2015. 

وفي عام 2015 شكل السيد الرئيس لجنة لإعداد الدستور الفلسطيني بهدف صياغة عقد اجتماعي جديد (دستور دولة فلسطين) وأصدرت اللجنة نسختين للدستور متباينتين آخرها صدر في أيلول من العام 2015 ،وتضمن نصاً ناظماً لآليات إقرار الدستور جاء فيه (يُقر هذا الدستور من قبل اللجنة التأسيسية ويُعرض للإستفتاء الشعبي العام، فإذا تعذر إجراء الإستفتاء لأسباب قاهرة بقرار من المحكمة الدستورية، يُعرض الدستور على المجلس الوطني الفلسطيني للمصادقة عليه، وفي حال تعذر إنعقاد المجلس الوطني الفلسطيني يصادق عليه المجلس المركزي الفلسطيني). ويُشار إلى أن أي من نسختي الدستور لم يتم تنظيم أي شكل من أشكال النقاش أو الحوار المجتمعي بشأنها، ولم يتم الإعلان بعد عن أية خطوة أو إجراء إِتُخذ أو سيُتخذ بشأنهما. "مساواة عرضت الدستور المذكور على خبراء قانون دستوري في كل من مصر وتونس، وقامت بدراسة النسختين، ولها بشأنهما ملاحظاتٍ عدة أبرزها أن جُل النصوص الدستورية المقترحة من اللجنة أُخذت من الدستور المصري للعام 1971م، ولم تولي اللجنة مع الإحترام الإهتمام بمقترحات خاصة بالنصوص الناظمة للحقوق والحريات والسلطة القضائية في دستور دولة فلسطين المقبل، والمرفوعة إليها رسمياً من قبل مركز مساواة في تموز 2015". 
 
ودون إنتظار لإقرار وإصدار الدستور الفلسطيني الجمعي، وبلا دعوة إلى تنظيم أي حوار مجتمعي أو قانوني بشأن التنظيم الدستوري لسلطات الدولة، وفي ظل استمرار الإنقسام السياسي، وبعيداً عن توفر متطلبات تشكيل المحكمة الدستورية العليا، وعدم التوافق على قانونها، فوجئ القانونيين الفلسطينيين عامة والمؤسسات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني كذلك بصدور القرار الرئاسي الخاص بتشكيل المحكمة الدستورية العليا المُشار إليه أعلاه. 

إننا في المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة" وبصفتنا هيئة رقابة أهلية مستقلة، ومع تأكيدنا على وتمسكنا بما ورد في المذكرتين اللتين سبق للمؤسسات الحقوقية والإئتلافات المدنية ووجهتها إلى السيد الرئيس قبل الإعلان عن تشكيل المحكمة الدستورية، وبعده، للأسباب الواردة فيهما والمبينة أعلاه، نرى وإضافة إلى تلك الأسباب أن قرار تشكيل المحكمة الدستورية العليا في هذا التوقيت، صدر قبل أن تتوافر متطلبات التشكيل القانونية والدستورية والسياسية وذلك بالنظر إلى:

1- فلسطين دولة تحت الإحتلال ومنقوصة السيادة، وسُلطاتها الفعلية على إقليمها منقوصة وفقاً للتقسيمات الجغرافية الواردة في إتفاقية أوسلو وما تبعها من إتفاقيات. إذ تنحصر سُلطاتها السيادية إن صح التعبير على المناطق ألف ("أ"): والتي لا تزيد مساحتها في أحسن الأحوال عن ربع مساحة أراضي المحافظات الشمالية المُحتلة، وبالتالي فهي دولة تحت الإحتلال وفاقدةً للسيادة، وحيث أن المحكمة الدستورية هي هيئة قومية عُليا حامية للدستور وللحقوق والحريات، وضامنة لمبدأ الفصل بين السلطات، والحكم الرشيد وطبيعة عملها قانوني سياسي سيادي وفقاً لما هو متعارف عليه لدور المحاكم الدستورية، وسنداً لجوهر اختصاصها الوارد في قانونها رقم 3 لسنة 2006 (لا زال موضع خلاف)، حيث أنها تختص في جانبٍ هام من عملها في تفسير نصوص القانون الأساسي والقوانين في حال التنازع حول حقوق السلطات الثلاث وواجباتها واختصاصاتها. "الفقرة الثانية من المادة 24"، والرقابة على دستورية القوانين والأنظمة وفقاً للفقرة الأولى من ذات المادة، والنظر والحكم بعدم دستورية أي تشريع أو عمل مخالف للدستور كلياً أو جزئياً، والحكم بعدم دستورية أي قانون أو مرسوم أو لائحة أو نظام أو قرار، وحكمها في هذه الحالة مُلزماً للسلطات كافة بما فيها السلطة التشريعية الغائبة، أو أية جهة ذات اختصاص وفقاً للمادة "25" من ذات القانون. وهذا الأمر لا يُتصور إعماله إلا بعد نيل الإستقلال الوطني، أو على الأقل إيجاد السلطات الثلاث "المجلس التشريعي غائب، والسلطة القضائية ممزقة، والنيابة العامة كذلك" ما يستحيل معه الحديث عن استكمال بناء دولة قانونية تستند إلى مبدأ الفصل بين السلطات، وتحتاج إلى محكمة دستورية.

2- لا يمكن تصور تمكن المحكمة الدستورية من أداء مهامها في ظل الإنقسام الجغرافي والسياسي بين شطري الوطن، وفي ظل وجود حكومتين منفصلتين متعارضتين منقسمتين في كلٍ من قطاع غزة والضفة الغربية، وقضائين منفصلين متعارضين، ونيابتين عامتين منفصلتين، وضابطتين عدليتين وإدارتين منفصلتين متعارضتين لا تعترفان ببعضهما البعض ولا تمتثل لقراراته.

3- لا يتصور قيام محكمة دستورية بدورها السيادي والقومي في ظل عدم قابلية أحكامها للتنفيذ في أي جزء من إقليمها أو من قبل أية جهة أو سلطة سواءً كانت سلطة أو جهة حكمٍ أو إدارة، ولا يُتصور تنفيذ أيٍ من أحكامها في ظل الإنقسام القضائي، والإنقسام السياسي، إذ لا يتصور تنفيذ أيٍ من أحكامها في قطاع غزة (المحافظات الجنوبية).

4- لا يتصور قيام المحكمة الدستورية بمهامها قبل إنفاذ الدستور التوافقي، وقبل إصدار قانون جديد متفقاً عليه لها، وقبل تجديد شرعية النظام السياسي برمته، وقبل إجراء انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية، وقبل تنفيذ إرادة السيد الرئيس المعلنة في الأمم المتحدة، وفي العديد من المناسبات، والتي تؤكد أهمية إجراء الإنتخابات لتجديد شرعية النظام، وبناء مؤسسات وسلطات الحكم سنداً لإرادة شعبية حرة.

5- لا يتصور قيام المحكمة الدستورية العليا بمهامها دون إعمال الإستقلال الحزبي والسياسي لها ولأعضاءها عن أيٍ من الأحزاب، ولا سيّما الأحزاب الحاكمة، لأن أدائها لسلطاتها ومهامها العامة هي بدورها خاضعة لرقابة تلك المحكمة والتي يجب أن تكون مستقلة في التشكيل والأداء.

6- لا يتصور قيام المحكمة الدستورية العليا بمهامها قبل إتمام المصالحة بمختلف مستوياتها السياسية والإجتماعية، وقبل تجسيد التوافق المجتمعي في ظل عقد اجتماعي جديد أو دستور توافقي جديد.

7- لا يتصور تشكيل المحكمة الدستورية في ظل عدم توافر أي متطلب له، وفقاً لما أكدته قناعة السيد الرئيس، والتي تمثلت بعدم تشكيل المحكمة منذ عام 2006، وتمثلت أيضاً بموافقة السيد الرئيس على إلغاء القرارات بقوانين المعدلة لقانون المحكمة الدستورية.
وحيث أن أيٍ من الأسباب المذكورة أعلاه لم يتم توفره بعد، ولم تزل آثاره السلبية بعد، وحيث أن الإنتخابات العامة غائبة، والمجلس التشريعي غائب منذ عام 2006 ،على الرغم من القواعد الدستورية المُلزمة لإنتخابه كل أربع سنوات لأسباب سياسية ليست مجالاً للبحث في هذا المقام.

8- إن تشكيل المحكمة الدستورية دون مراعاة ما ذُكر أعلاه قد يحمل في طياته مساً بمبدأ المساواة الدستورية، لأن أحكام المحكمة لن تكون نافذة بسبب الإنقسام، الأمر الذي قد يُسهم في تقنين الإنقسام، وتحويله إلى إنفصال، بكل ما يترتب على ذلك من نتائج خطيرة تهدد المشروع الوطني الفلسطيني برمته، ويُعمِق من تركيز السلطات في يد جهةٍ واحدة لأجلٍ غير مسمى، بما يحمله هذا التركيز من مظاهر الحكم الشُمولي المستبد المتناقض مع المبادئ الدستورية والإتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين، وبما يمثله من تهديد لمبدأ التداول السلمي للسطة عبر إنتخابات دورية ومتقيدة بمُدد الولاية القانونية للحكم، إلى جانب تعريض حقوق المواطنين وحرياتهم الدستورية للإنتهاك، ما يُفقد المحكمة الدستورية جوهر اختصاصاتها وصلاحياتها ودورها، ويُكرس حكم الأمر الواقع.

9- لا يتصور قيام المحكمة الدستورية بدورها دون أن تتوافر لها الإمكانات المادية واللوجستية والفنية والبشرية اللازمة الأمر الذي لا تتحمله خزينة الدولة.

10- لا يتصور وجود حاجة لمحكمة دستورية في ظل قيام المحكمة العليا بمهام المحكمة الدستورية وفقاً لأحكام المادة 104 من القانون الأساسي، وفي ظل العدد المتواضع للنزاعات الدستورية.

11- لا يتصور اللجوء إلى تشكيل محكمة دستورية لا تبررها حاجة ملحة لا تحتمل التأخير تُسند قرار تشكيلها، وتُصبغه بصبغة المشروعية والشرعية، غير المتعارضة مع القانون الأساسي وأحكامه وضوابطه.

وعليه فإننا في المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة" نرى بأن النتائج المترتبة على تشكيل المحكمة الدستورية العليا في هذا التوقيت تنطوي على مخاطر جمة، ونتائج سلبية عميقة قد تنال من وحدة المجتمع، ومبدأ سيادة القانون، والمشروع الوطني، ما يستدعي من الأحزاب السياسية، والكُتل البرلمانية، والقانونيين، وسائر المهتمين بالشأن القانوني والدستوري العام، الإنضمام إلى المذكرتين المُرسلتين من المؤسسات القانونية والإئتلافات المجتمعية للسيد الرئيس لمطالبته بسحب قراره الخاص بتشكيل المحكمة الدستورية والصادر بتاريخ 3132016. "وفقاً لأحكام القانون الإداري يملك السيد الرئيس بصفته مُصدر القرار سحبه خلال ستين يوماً من تاريخ إصداره". والتريث في تشكيل المحكمة الدستورية إلى أن تتوافر شروطها ومتطلباتها، واعتماد آلية الحوار الوطني المجتمعي القانوني الواسع لضمان توافقٍ مجتمعيٍ حول قانون المحكمة الدستورية ووقت تشكيلها.