رام الله-معا- عقدت مؤسسة "سوا" مؤخرا، مؤتمراً حول التربية البديلة في فلسطين، بعنوان "دفيئة المبادرات التربوية، نظرة مستقبلية" ،وذلك تتويجًا لمشروع "دفيئة المبادرات التربوية- تمكين المجتمع المدني"، الذي استمر لمدة ثلاث سنوات بالشراكة مع عدة مؤسسات فاعلة بالمجتمع كجمعية مسار– من الناصرة، مركز دروب - يركا الجليل الغربي، مؤسسة آنا فرانك- ألمانيا، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، وذلك في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في البيرة، بحضور مدير التربية والتعليم باسم عريقات وعدد من التربويين والأكاديميين والناشطين الاجتماعيين، والطلبة.
وأشارت مديرة مؤسسة "سوا" أهيلة شومر الى أن المرحلة الأولى من "دفيئة المبادرات التربوية، نظرة مستقبلية" ، هو مشروع جمع أربع مؤسسات التقت تحت هدف التربية البديلة أداة للتغير والتطور الاجتماعي ، وخلق قيادة شابة تؤمن بالتغيير الاجتماعي، منذ أن تأسست "سوا".
وقالت شومر: نحن نعمل وما زلنا على تغيير نظرة المجتمع لمفهوم العنف والتمييز المبني على أساس النوع الاجتماعي، للوصول إلى العدالة والمساواة بين الجنسين.
بدورها قدمت مديرة المشروع أمل أبو تايه شرحا مفصلاً للمراحل التي مر بها المشروع خلال السنوات الثلاث والتحديات التي واجهها، فبدأت من تدريب المدربين، تجنيد وتدريب وكلاء تغيير شباب، وفي المرحلة الاخيرة تطبيق لما تم اكتسابه من خلال تنفيذ مشروعات بديلة.
الى ذلك، قال الدكتور منير فاشية، "علينا تحرير فكرنا من الجهل الذي نعيشه، والبحث عن المعرفة، والخروج مع عالم الوهم، حيث أن أسوء اختراع في مجتمعنا هو اختراع انسان فاشل، يتفاخر بالعبودية ويكرم على عبوديته، وعبد للعلامة التي تكون كجسر عبور لكل انسان، وهذه القضية كل فرد بالمجتمع عاشها، وحسب الاعتقاد السائد أن العلامة هي من تصنع الإنسان".
وأكد فاشه أن التغيير والبديل الذي نسعى نحوه يقصد القبيلة الأوروبية، ولا بديل من الصين او الهند، انما البديل موجود لدينا منذ القدم، كمدرسة خليل السكاكيني ويمكن الرجوع والاحتذاء بهذا النموذج دون خلق نظام جديد" .
وعبرت المتطوعة في المشروع لينا صالح عن تحمسها لفكرة المشروع منذ بدايته، لخوض تجربة تعليم مغايرة، لما خاضت في التعليم المدرسي والجامعي، حيث ان اللقاءات التي نفذت لم تعتمد على نقل المعلومات الى المتدربين وانما تحديد وتفكيك المعيقات الشخصية التي يواجهها الشخص في حياته اليومية في اطار المجتمع الموجود به، لتتبلور من خلالها معرفة جديدة، وهذا يتطلب مجهود فكري بل اكثر جاهزية واستعداد للدخول في العمق، واستعادة تجارب ومواقف شخصية حدثت بالسابق والتعبير عنها.
من جانبه أعرب المستشار القانوني لمؤسسة "سوا" المحامي جلال خضر، عن رضاه لحصيلة السنوات الثلاث من العمل اللامنهجي التجريبي الهادف لإيجاد منظومة تربوية بديلة قادرة على اطلاق الطاقة الإبداعية الكامنة في داخل كل طفل، بعيدا عن النظام التلقيني القائم والتقييم القائم على معايير محدودة ومحددة مسبقا، نظام بديل يعطي المساحة كي يكون الطفل جزءا من العملية التعليمية برمتها، ويجعل من المدرسة المكان الذي يحبه الطالب المكان الذي من خلاله يطلق العنان لخيالة ويكتشف مكامن القوة لديه وينميها.
من جانبه تحدث مدير مدرسة "مسار" ابراهيم ابو الهيجا، عن التجربة الفلسطينية الرائدة في التربية البديلة، مؤكدا ان نظام التربية والتعليم السائد هو منبع ومصدر ثقافة الاستهلاك، لأننا نستهلك المعرفة ولا نبحث فيها وهذا ما مررنا به جميعا كطلاب مداراس وجامعات، من هنا بدأنا بالتفكير بتأسيس مدرسة نموذجية يشارك الطلبة من خلالها في العملية التعليمية، ولا يكونوا فقط متلقين، وهذا ما ميز مدرسة مسار، ففيها يستخدم المدرسون وسائل بديلة للتعليم، فلا تستخدم الكتب ولا نظام العلامات، ولا الزي المدرسي، كما انها تدخل الدراما و الرسم والتصوير والرياضة والمهن اليدوية في نظامها التعليمي، وهذا ما يساعد الطالب على الابداع وحبه للتعليم.
وفي الختام أكد المشاركون اهمية طرح هذا المشروع، ومدى الحاجة له في بلادنا، وتغيير منظومة التعليم، بدءا بالمدارس والمدرسين، مرورا بالجامعات، وضرورة العمل مع وزارة التربية والتعليم لبناء نظام تعليم جديد وبديل يطبق بالمدارس.
جدير بالذكر أن المشروع تضمن 12 مبادرة ريادية اجتماعية، ثقافية وتربوية ردا على المنظومة الفكرية والاجتماعية والسياسية السّائدة والرّاكدة.