الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحكومة: لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام إلا بعد تصديقه من الرئيس

نشر بتاريخ: 28/05/2016 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:10 )
الحكومة: لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام إلا بعد تصديقه من الرئيس
رام الله- معا- ثمّن وزير العدل علي أبودياك موقف منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية برفضها تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة في قطاع غزة، مشيرا إلى أن هناك توجه دولي ضد عقوبة الإعدام، باعتبارها من العقوبات القاسية وغير الإنسانية، والتي تهدر حق الإنسان في الحياة، وتحسبا لأن يتم اكتشاف براءة المحكوم عليه بعد فوات الأوان، أي بعد أن تكون قد تمت إدانته والحكم عليه بالإعدام وتنفيذ الحكم، حيث يوجد اتجاهات ثلاثة في العالم بشأن عقوبة الإعدام.

فهناك دول ليس لديها عقوبة الإعدام أو ألغت هذه العقوبة كليا من قوانينها وهي حوالي 97 دولة منها دول الاتحاد الأوروبي، وتركيا، وكندا، ومن الدول العربية جيبوتي، وهناك حوالي 8 دول ألغت عقوبة الإعدام جزئيا للجرائم العادية، وأبقت عليها للجرائم الأشد خطورة التي تمس أمن الدولة كالخيانة العظمى، والجرائم المرتكبة في حالة الحرب.

وهناك دول أخرى أبقت على عقوبة الإعدام وهي حوالي 57 دولة ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، ومعظم الدول العربية، والصين، والهند واليابان، وكوريا الشمالية.

وهناك دول احتفظت بهذه العقوبة في القوانين ولكنها لا تنفذ الأحكام الصادرة بالاعدام وهي حوالي 35 دولة منها الجزائر، تونس، المغرب، موريتانيا، فلسطين، روسيا، وكوريا الجنوبية.

وبالنتيجة فإن حوالي 140 دولة أي أكثر من ثلثي دول العالم لا يوجد في قوانينها عقوبة إعدام أو ألغتها كليا أو جزئيا أو لا تنفذها، وتعتبر فلسطين من ضمن الدول التي أبقت على عقوبة الإعدام في قوانينها إلا أنها لا تنفذها.

وأضاف لقد صدرت العديد من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدعوة الدول إلى إلغاء عقوبة الإعدام، وأن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 الذي دخل حيز النفاذ سنة 1976م نص في المادة (6) فقرة (1) منه على أن:" الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمى هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا، ونصت فقرة (4) على أن" لأي شخص حكم عليه بالإعدام حق التماس العفو الخاص أو إبدال العقوبة، ويجوز منح العفو العام أو العفو الخاص أو إبدال عقوبة الإعدام في جميع الحالات"، ونصت فقرة (5) على أن" لا يجوز الحكم بعقوبة الإعدام على جرائم ارتكبها أشخاص دون الثامنة عشرة من العمر، ولا تنفيذ هذه العقوبة بالحوامل".

وتطور النص باتجاه منع عقوبة الإعدام في أن البروتوكول الاختياري الثاني لسنة 1989 الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، والذي دخل حيز النفاذ سنة 1991، والذي نص في المادة الأولى منه على أن " لا يعدم أي شخص خاضع للولاية القضائية لدولة طرف في هذا البروتوكول، وأن تتخذ كل دولة طرف جميع التدابير اللازمة لإلغاء عقوبة الإعدام داخل نطاق ولايتها القضائية".

وهناك اتفاقيات إقليمية تلزم الدول الموقعة عليها بإلغاء عقوبة الإعدام وأهمها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لسنة 1950 وبروتوكولاتها الإضافية، وخاصة البروتوكول رقم (6) بشأن إلغاء عقوبة الإعدام والذي بدأ العمل به في أول مارس 1985، الذي نص في المادة (1) منه على أن " تلغى عقوبة الإعدام ولا يجوز الحكم بهذه العقوبة على أي شخص أو تنفيذها فيه".

وأضاف أن عقوبة الإعدام في القوانين الفلسطينية مقيدة بضمان المحاكمة العادلة، والعدالة الجزائية، والحقوق الأساسية للإنسان، وأن هذه العقوبة منصوص عليها في القانون الأساسي الفلسطيني لمواجهة وردع الجرائم الخطرة على المجتمع، ومن الممكن للمحاكم أن تحكم بهذه العقوبة، إلا أن الحكم بالاعدام لا يصبح قطعيا إلا بعد المراجعة القضائية أمام الاستئناف والنقض.

ويتم استئناف الحكم أمام محكمة الاستئناف بحكم القانون دون طلب الخصوم، ويعرض على محكمة النقض حتى لو لم يتقدم الخصوم أو المحكوم عليه بذلك، وقد نصت المادة (327) من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 على أن " تستأنف بحكم القانون الأحكام الصادرة بعقوبة الإعدام والصادرة بعقوبة السجن المؤبد ولو لم يتقدم الخصوم بطلب ذلك"، كما نصت المادة (350) من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 على أن " يتم الطعن بالنقض بحكم القانون في جميع الأحكام الصادرة بالإعدام أو بالحبس المؤبد حتى ولو لم يطلب الخصوم ذلك".

والضمانة الثانية هي أن لا يتم تنفيذ حكم الإعدام إلا بعد التصديق عليه من رئيس الدولة، حيث نصت المادة (109) من القانون الأساسي الفلسطيني على أن" لا ينفذ حكم الإعدام الصادر من أية محكمة إلا بعد التصديق عليه من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية"، كما نصت المادة (109) من القانون الأساسي على أن " لا ينفذ حكم الإعدام الصادر من أية محكمة إلا بعد التصديق عليه من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية"، وبذات المضمون نصت المادة (409) من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 على أن " لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام إلا بعد مصادقة رئيس الدولة عليه"، ونصت المادة (408) من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 على أن " متى صار حكم الإعدام نهائياً وجب على وزير العدل رفع أوراق الدعوى فوراً إلى رئيس الدولة".

والضمانة الثالثة هي حق العفو الخاص للرئيس، حيث أن القانون الأساسي قد منح الرئيس حق العفو الخاص عن أي عقوبة أو تخفيضها، وبذلك نصت المادة (42) من القانون الأساسي الفلسطيني بعنوان "حق العفو الخاص للرئيس" على أن" لرئيس السلطة الوطنية حق العفو الخاص عن العقوبة أو تخفيضها، وأما العفو العام أو العفو عن الجريمة فلا يكون إلا بقانون".

وأضاف أن المحاكم العسكرية أيضا لها صلاحية الحكم بعقوبة الإعدام، إلا أن هناك قيود دستورية وقانونية على المحاكم العسكرية، فهي أولا ليس لها أي اختصاص أو ولاية خارج نطاق الشأن العسكري بحسب المادة (101) من القانون الأساسي، والمسألة الثانية أن أحكام المحاكم العسكرية التي تزيد مدتها عن ثلاثة سنوات لا تصبح نافذة وقطعية إلا بعد التصديق عليها من القائد الأعلى "الرئيس".

ونص قانون العقوبات الثوري لسنة 1979 على عقوبة الإعدام لعدد كبير من الجرائم، ويتولى القائد الأعلى "الرئيس" تصديق الأحكام التي تزيد مدتها عن ثلاثة سنوات، وذلك بموجب المادة (249) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية لعام 1979، التي نصت على ما يلي:
يصدق القائد الأعلى على:

الأحكام الصادرة بالإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة والاعتقال المؤبد والأشغال الشاقة المؤقتة والاعتقال المؤقت ، الأحكام الصادرة عن محكمة امن الثورة العليا، والأحكام الصادرة عن محاكم الميدان العسكرية.

ويصدق رئيس هيئة القضاء الثوري الأحكام الصادرة عن المحاكم الثورية المركزية والدائمة التي تتضمن عقوبة الحبس حتى ثلاث سنوات.

وأحيط تنفيذ حكم الإعدام بمجموعة من الضمانات الشكلية التي تكفل تنفيذه بطريقة تراعي إنسانية المحكوم عليه، وذويه، وذلك من ناحية تنفيذ الحكم تحت إشراف النائب العام أو من ينيبه من مساعدي النائب العام، وبحضور عدد من ممثلي الدوائر الرسمية ذات العلاقة، حيث نصت المادة (410) من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 على أن" يشرف النائب العام أو من ينيبه من مساعديه على تنفيذ الحكم المصادق عليه بالإعدام ويحضر تنفيذ الحكم كل من:
النائب العام أو من ينيبه.
مدير مركز الإصلاح والتأهيل "السجن" أو من ينوب عنه.
مدير الشرطة في المحافظة.
كاتب المحكمة التي أصدرت الحكم.
طبيب مركز الإصلاح والتأهيل "السجن".
أحد رجال الدين من الطائفة التي ينتمي إليها المحكوم عليه.

وأضاف أنه لا يمكن توافر كل هذه الشروط للحكم بعقوبة الإعدام أو ضمانات تنفيذه في قطاع غزة، لأسباب متعددة تتعلق بعدم إنهاء ما ترتب على واقع الانقسام، وعدم إعادة السلطات الرسمية في قطاع غزة إلى إطار الشرعية والقانون، حيث أن المحاكم في غزة ما زالت منفصلة ولا تتبع مجلس القضاء الأعلى الفلسطيني، ولم يعين القضاة وفقا للقوانين، حيث أن قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002 يشترط تعيين القضاة بقرار من الرئيس بناء على تنسيب مجلس القضاء الأعلى، علما أن غالبية القضاة في غزة قد تم تعيينهم بقرار من الحكومة المقالة، وكذلك فإن النائب العام في غزة قد تم تعيينه خلافا للقانون بقرار من الحكومة المقالة، علما أن النائب العام الرسمي المعين بقرار من الرئيس بتنسيب من مجلس القضاء الأعلى لا سلطة له على النيابة العامة في قطاع غزة، وكذلك فإن الشرطة ومراكز الإصلاح والتأهيل في غزة لا تتبع الشرطة الفلسطينية الرسمية ووزارة الداخلية.

وذكر أن قانون حماية الأحداث لسنة 2016 نص في المادة (7) فقرة (2) على أن" لا يحكم على الحدث بعقوبة الإعدام أو العقوبات المالية، وعرفت المادة (1) من ذات القانون الحدث بأنه الطفل الذي لم يتجاوز 18 سنة ميلادية كاملة عند ارتكابه فعلا مجرما.

وأضاف أنه يتم وقف تنفيذ عقوبة الإعدام بحق المحكوم عليها الحامل، فإذا وضعت مولودا حيا،ً تقضي المحكمة التي أصدرت الحكم بعقوبة الإعدام، أو النزول إلى عقوبة السجن المؤبد"، حيث نصت مادة (60) من قانون رقم (6) لسنة 1998م بشأن مراكز الإصلاح والتأهيل "السجون" بعنوان "حالات تأخير تنفيذ حكم الإعدام" على أن:

يوقف تنفيذ حكم الإعدام بحق النزيلة الحامل المحكوم عليها بالإعدام إلى ما بعد الولادة وحتى بلوغ الطفل سنتين من عمره، ولا ينفذ الحكم المذكور في أيام العطل الرسمية والأعياد الدينية والوطنية، ولا يجوز تأخير تنفيذ حكم الإعدام بعد تسلم قرار التصديق على الحكم وإخطار المحكوم عليه وأسرته بالأمر.

وتم تعديل الفقرة الأولى من هذه المادة بالقانون رقم (3) لسنة 2005 بتعديل بعض أحكام قانون مراكز الإصلاح والتأهيل "السجون" رقم (6) لسنة 1998 حيث نصت المادة (1) منه على أن " تعدل الفقرة (1) من المادة (60) من قانون مراكز الإصلاح والتأهيل (السجون) لتصبح على النحو التالي "لا ينفذ حكم الإعدام بحق النزيلة الحامل المحكوم عليها بالإعدام، فإذا وضعت مولودا حيا،ً تقضي المحكمة التي أصدرت الحكم بعقوبة الإعدام، أو النزول إلى عقوبة السجن المؤبد".

وأكد أنه لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام خارج مراكز الإصلاح والتأهيل "السجون"، حيث نصت المادة (59) فقرة (5) من قانون رقم (6) لسنة 1998 بشأن مراكز الإصلاح والتأهيل "السجون" على أن " تنفذ عقوبة الإعدام داخل المركز بناء على طلب النائب العام إلى المدير العام وتسلم الجثة إلى أهله فإذا لم يتقدموا لاستلامها تسلم للهيئة المحلية الواقع بدائرتها المركز لدفنها".

وحول قانون العقوبات النافذ في قطاع غزة، قال وزير العدل إن قانون العقوبات الانتدابي رقم (74) لسنة 1936 المعدل بأمر الحاكم العام المصري رقم (555) الصادر بتاريخ 2 نيسان 1957 هو النافذ في قطاع غزة، وقد نص على عقوبة الإعدام كعقوبة لبعض الجرائم الخطرة، وغالبيتها تتعلق بقضايا تمس أمن الدولة، وكذلك جريمة القتل قصدا.

وأضاف أن قانون العقوبات الساري المفعول في الضفة الغربية هو قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960، ونص عل عقوبة الإعدام كعقوبة لـعدد من الجرائم، معظمها يتعلق جرائم القتل العمد والجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي، وكذلك فإن المادة (328) من القانون بعنوان (الإعدام) نصت على أن:

يعاقب بالإعدام على القتل قصداً:

إذا ارتكب مع سبق الإصرار، ويقال له "القتل المعمد"، وإذا ارتكب تمهيداً لجناية أو تسهيلاً أو تنفيذاً لها، أو تسهيلاً لفرار المحرضين على تلك الجناية أو فاعلها أو المتدخلين فيها، أو للحيلولة بينهم وبين العقاب، وإذا ارتكبه المجرم على أحد أصوله.

وأكد أنه منذ تولي الرئيس محمود عباس لرئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية بتاريخ 15/1/2005 لم يصادق على تنفيذ أي حكم بالإعدام.

وفي حقبة الاحتلال الإسرائيلي تم تعديل قوانين العقوبات السارية في فلسطين، وذلك باستبدال حكم الإعدام بالحكم المؤبد، وبمراجعة الأمر العسكري الإسرائيلي رقم (268) بشأن المحاكم المحلية لسنة 1968 المادة (3) بعنوان "عقوبات بدل الإعدام" نصت على أن:" حيثما نص أي قانون على وجوب فرض عقوبة الإعدام، تفرض المحكمة عقوبة الحبس المؤبد كعقوبة وجوبية، أما إذا لم ينص القانون على وجوب فرض عقوبة الإعدام فيجوز للمحكمة أن تحكم على المتهم بالحبس المؤبد أو بالحبس لمدة محددة".

إلا أن إسرائيل من الممكن اعتبارها نموذجا آخر في فريد العالم، من حيث أنها لا تحكم بالإعدام في محاكمها، إلا أنها تمارس جرائم القتل والإعدامات الميدانية بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، وتعكف الكنيست الإسرائيلي في الآونة الأخيرة على إعداد قانون يقضي بفرض حكم الإعدام على الفلسطينيين الذي تتهمهم بتنفيذ عمليات قتل ضد إسرائيليين.

وفي الختام قال وزير العدل إن قرار أعضاء كتلة حماس في المجلس التشريعي باعتبار أحكام الإعدام مصادق عليها وقابلة للتنفيذ، هو تعبير آخر عن عدم الالتزام بالقانون الأساسي والقوانين الفلسطينية النافذة في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، والنظام الداخلي للمجلس التشريعي، حيث أن المجلس التشريعي يوجد في حالة عدم انعقاد منذ تاريخ 11/7/2007 بسبب عدم استجابة حماس لدعوة السيد الرئيس لانعقاد المجلس وافتتاح دورته العادية الثانية، بالإضافة إلى أن تصديق أحكام الإعدام ليس من اختصاص المجلس التشريعي، وإنما هو من اختصاص الرئيس بموجب القانون الأساسي وقانون الإجراءات الجزائية

وأكد وزير العدل على أن موقفنا ضد تنفيذ عقوبة الإعدام، لا يعني أننا نقبل بإفلات أي مجرم من المحاكمة والعقاب، وإنما من واجبنا أن نضمن المحاكمة العادلة، والعدالة الجزائية، واحترام حقوق المواطن، والالتزام بالقواعد الدستورية وأحكام القانون، وضمان العدالة والمساواة بين كافة المواطنين بتمكين المحكوم عليهم من الاستفادة من صلاحية رئيس الدولة بعدم تصديق حكم الإعدام، وصلاحيته بالعفو الخاص عن العقوبة أو تخفيضها، وذلك لا يتأتى إلا بتجسيد الوحدة الوطنية الحقيقية، وإنهاء الانقسام، وتوحيد السلطات والمؤسسات الفلسطينية وإعادتها في قطاع غزة إلى إطار الشرعية والقانون.