القدس- معا- أوصى مختصون في شؤون الاسرى، وأسرى محررون ووزراء وأعضاء في المجلس التشريعي، وممثلو مؤسسات حقوقية وقانونية، بضرورة العمل الجاد لتوثيق تجربة الحركة الاسيرة الفلسطينية، وحفظها من خلال الابحاث والدراسات، خشية عليها من الضياع، واسنادها في وجه المحاولات الاحتلالية لطمسها، كونها تجربة وطنية تهم ابناء شعبنا كافة.
الكلمة تنتصر على القيد
وفي الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، رحب رئيس منتدى العصرية الابداعي الكاتب والاعلامي د.حسن عبد الله بالحضور، متحدثا عن مضمون المؤتمر وأهمية توثيق تجربة الحركة الاسيرة الفلسطينية.
وأشار الى تنوع المضامين التي يتناولها مركز ابو جهاد في كل عام، من خلال مؤتمر ابداعات انتصرت على القيد.
واكد د. عبد الله انه في واقع الحركة الاسيرة انتصرت الكلمة على القيد، واللوحة التشكيلية والمقالة والبحث على الممارسات البوليسية والقمعية، وانتصرت الحقيقة على انياب الباطل.
التوثيق مهمة وطنية
وفي كلمته، أكد رئيس مجلس امناء الكلية العصرية الجامعية المهندس سامر الشيوخي، أهمية عقد هذا المؤتمر، وأهمية موضوعه؛ لا سيما وأن توثيق وتأريخ التجربة بكل مكوناتها وتجلياتها، لا يشكل مهمةً تأريخيةً وثقافيةً وأكاديميةً فحسب بل ومهمةً وطنية بامتياز لمجموعةٍ من الأسباب، منها: أن ابناء شعبنا عانوا تاريخياً من ضعفٍ في توثيقِ وتأريخِ محطاتٍ مهمةٍ من التجربة النضالية، كما حصل مع ثورةِ العام 36، والأمر ذاتُه انسحب على تأريخِ وتوثيقِ فصول مأساة التشردِ واللجوء في العام 1948، وكذلك الحال بالنسبةِ إلى الانتفاضةِ الأولى وغيرها من محطاتِ التجربةِ الفلسطينيةِ الكلية. وهذا ما ينطبق ايضا على تجربة الحركة الاسيرة.
وثمّن الشيوخي اعتماد وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية لمساق الحركة الأسيرة في الجامعات الفلسطينية، مشيرا إلى أن "العصريةَ الجامعيةَ" كانت لها مبادرتُها الخاصة في هذا السياق، من خلال تخصيصِ مساحةٍ واسعةٍ لهذه التجربة في أحدِ مساقاتِها واستضافةِ عددٍ من رموزِ التجربة، للحديث والتفاعلِ مباشرةً مع الطلبةِ وعرضِ تجاربِهم عليهم لكي يعرفوا ويتعلموا ويستخلصوا العبر.
ذاكرة الأمة عرضة للنهب
بدوره، قال مدير عام مركز ابو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة د. فهد ابو الحاج، إن تأريخ نضالات الحركة الوطنية الاسيرة هو حاجة ملحة، لذلك يفترض الاسهام الوطني الشامل في تدوينها وتوثيقها، حيث ان الوثائق تعتبر ذاكرة الامة والحفاظ عليها ودراستها وتقييمها من مقتضيات استمرارية حلقات الوجود ومقاومة محاولات طمس الماضي.
واشار ابو الحاج الى ان الامم المتحضرة تهتم بتراثها، ونحن الشعب الفلسطيني لنا خصوصيتنا في هذا المجال، في ظل ما يحدث من تسريب ونهب للوثائق الفلسطينية تحت الاحتلال.
وقال ابو الحاج: "إن مركز ابو جهاد يعتبر ارشيفا لكل ما انتجته عقول الاسرى من اعمال فكرية وابداعية تتضمن الادب والسياسة والثقافة العامة والتحليلات السياسية والتجارب والثورات العالمية، اضافة الى البيانات واللوائح الداخلية للمعتقلات والتنظيمات والمجلات الادبية والرسائل الشخصية والرسمية للاسرى في المعتقلات الاسرائيلية، اضافة لجزء من الملفات القانونية للاسرى الفلسطينيين والعرب ويقدر عدد الوثائق الموجودة في المركز 110 الاف وثيقة ادبية وقانونية وغيرها".
قوة إرادة الأسرى هي الأساس
وفي كلمته، ركز عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي على اهمية توثيق تجارب الحركة الاسيرة بشكل عام وعرّج على اهمية البناء التنظيمي القوي الذي كان له الفضل بكل ما ابدعه الاسرى داخل المعتقلات.
وأشار زكي الى قوة ارادة الاسرى حيث ان المحرك الرئيس لهم كان هو قوة الامل والذي كان الملهم لهم في كل ما ابدعوه.
ولفت زكي الى اهمية بقاء مركزية قضية الاسرى بالنسبة للقيادات الوطنية كافة، مضيفا أنه من الواجب احتضان قضيتهم ليس فقط في مرحلة الاعتقال ولكن في مرحلة ما بعد التحرر، ذاكرا ان للانقسام الفلسطيني دور سلبي في تعميم تجاربهم وتركيز الاضواء تجاه ما ابدعوه داخل المعتقلات.
جامعة القدس.. دور ريادي في التوثيق
وفي كلمته أشار رئيس جامعة القدس ا.د.عماد ابو كشك، في كلمته التي القاها بالنيابة د.حسن الدويك نائب الرئيس للاتصال والتنمية، الى أن جامعة القدس أدركت مبكرا اهمية وجود مؤسسة تعنى بتوثيق تجارب الاسرى وعلى ذلك فقد لبت الجامعة طلب ابو الحاج في العام 1997 في فترة رئاسة د. سري نسيبة، ووفرت له كل الامكانات لكي ينطلق في توثيق وجمع ارث الاسرى واستمرت المسيرة حتى يومنا هذا والى أن أصبح لدينا الآن صرحا خصص لحفظ نتاجات الاسرى، لينتج عنها ارشيفا ضخما ادركت الجامعات العالمية أهميته.
ولفت إلى ان بعض الجامعات الاميركية والاوروبية سبق وأن طلبت الحصول على هذه الوثائق إلا انه تم رفض هذا الطلب خشية من أن يساء استخدامها. وشكر د.الدويك، الكلية العصرية الجامعية على احتضانها للمؤتمر للعام الثالث على التوالي.
ملف الأسرى على سلم الأولويات الوطنية
الى ذلك، أوضح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير د.واصل ابو يوسف في كلمة القوى الوطنية والاسلامية، أهمية قضية الاسرى وتوثيقها وتأريخها، وإبقاء ملف الأسرى على سلم أولوياتنا، لما فيها من أهمية في تاريخ شعبنا الفلسطيني.
وأضاف أبو يوسف أن هناك جهودا تبذل من قبل بعض المؤسسات في سبيل توثيق تجربة الحركة الاسيرة، لكن المطلوب بذل جهد أكبر في توثيق هذه التجربة المهمة.
شعبنا يتجرع مرارة الاعتقال.
ورحب رئيس هيئة شؤون الاسرى والمحررين عيسى قراقع باسم رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله، بالحضور، شاكرا مركز ابو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة في جامعة القدس والكلية العصرية الجامعية على تنظيم هذا المؤتمر، الذي يأتي للعام السادس على التوالي، خدمة لقضية الاسرى التي تعتبر غاية في الأهمية لشعبنا، لا سيما وأن نحو 800 الف فلسطيني تجرعوا مرارة الاعتقال لمرة واحدة او لعدة مرات منذ العام 67 وحتى الآن، مشددا على أهمية توثيق تجربة الحركة الاسيرة، في سبيل حمايتها من الاندثار، كونها تعدّ من التجارب الأهم في مسيرة شعبنا النضالية.
يُذكر أن المؤتمر اشتمل على جلستين رئيستين، تضمنتا اوراق عمل تناولت قضية توثيق تجارب الاسرى، حيث تحدث الباحث جهاد صالح عن أهمية التوثيق في التجربة الفلسطينية، فيما تناول الاستاذ راضي الجراعي في ورقته، تجربة مركز ابو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة في جامعة القدس في التوثيق- الموسوعة نموذجا.
وتناول ورقة بعنوان دور الاعلام الحديث في توثيق تجربة الاسرى للاعلامي د.وليد العمري، وتحدث وليد الهودلي عن التوثيق والتأريخ من خلال الأدب، بالاضافة الى ورقتي عمل قدمهما حافظ ابو عباية ومحمد البيروتي، فيما تحدث في الجلسة الثانية، كل من، حلمي الاعرج في ورقة عن دور المؤسسات الحقوقية في توثيق الانتهاكات الاسرائيلية، وورقة اخرى عن توثيق انعكاسات تجربة الحركة الاسيرة على ذوي الاسرى قدمتها تمارا حداد، فيما تناول خالد قزمار توثيق الانتهاكات الاسرائيلية بحق الاطفال الاسرى، بالاضافة الى اوراق عمل قدمها عوني فارس ووصفي كبها وشادي جبري.
وتخلل المؤتمر تكريم عدد من الشخصيات التي عملت على توثيق تجربة الحركة الاسيرة وممن كان لهم دور فاعل في اسناد الاسرى وقضيتهم.