الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

أم لثلاثة شهداء في غزة تناشد المواطنين في الضفة الغربية بالصبر والتمسك بالمقاومة

نشر بتاريخ: 26/09/2005 ( آخر تحديث: 26/09/2005 الساعة: 16:26 )
غزة- معا- سيدة التفت حولها النساء، وقدمن إلى منزلها لتقديم واجب العزاء وحسب كثيرات منهن لأخذ دروس وعبر في الصبر والتحمل والتضحيات وتقديم كل غالي ونفيس في سبيل الله والوطن.

كل منهن أرادت أن تبقى بين أحضان أم نضال فرحات أطول مدة ممكنة كي تلهما الصبر وتشعرها أنها امرأة فاقت في تضحياتها الجسيمة الكثيرات، فيفاجأن بأن الصبر أصبح عنواناً لبيت هذه السيدة التي قدمت ابنها الاستشهادي محمد عندما بلغ من العمر فقط 17 عاماً ورأت كل أعين النساء حول العالم كيف قبلت جبهته وأودعته ما يقويه على مقابلة "العدو" الإسرائيلي في مكان تجمعه وكيف تقبلت نبأ استشهاده بعد ساعات طويلة من الانتظار والترقب والدعاء المتواصل، فكان تاريخ الاستشهاد السابع من مارس /آذار 2002 ، أول موعد لها مع التضحية الجسيمة وهو التاريخ الذي اتهمت فيه المرأة الفلسطينية بالتفريط في فلذات اكبادها وما قيل عنه قسوة عاطفتها وجمودها وعدم مبالاتها، فيما أرجع البعض منهم ذلك إلى ما قال عنه الزيادة الديمغرافية الرهيبة في قطاع غزة هي ما تجعل السيدة الفلسطينية لا تبالي بأبنائها وترسلهم إلى أماكن قصف الطائرات!.

وبالعودة إلى السيدة التي قدمت استشهادياً ولم يكد ينه سن الطفولة بعد، إلى ابنها الثاني الأكبر نضال الذي قصفت طائرات الاحتلال سيارته على طريق بري في مدينة غزة في السادس عشر من شباط /فبراير 2003 أي بعد أقل من عام على استشهاد ابنها محمد، وكان موعدها الثالث مع الشهادة عندما استشهد ابنها الأصغر رواد "17" عاماً وخمسة شهور، "الابن المحبب إلى قلبها، قليل الأكل وكثير التنقل مع مقاومي القسام رغبة في الاستشهاد" إلى ان باغتته طائرات الاحتلال بقصف صاروخي قبل أيام بعد أن انسحب الاحتلال الإسرائيلي من القطاع، وظن المقاتلون ان وقت استراحة المحارب قد حانت.

الأم مريم محمد محيسن قرابة العام الستين، وجدتها تخاطب من قدمن للتعزية مؤكدة لهن ان الاحتلال لم يسلبها أولادها الثلاثة بل هي من قدمتهم راضية مختارة وانهم لم يذهبوا سدى بل قاموا بتأدية واجبهم الديني المطلوب منهم، مؤكدة ان ذلك واجب كل مسلم وان ذلك نابع من مباديء الدين الإسلامي، وليس تفضلاً منها أو زيادة في معروف، ومؤكدة انها ليست الخنساء الوحيدة في فلسطين، مشيرة إلى الكثير من الخنساوات اللواتي قدمن أغلى ما يملكن في سبيل فلسطين.

وناشدت ام الشهداء والأسير الرابع الذي امضى 11 عاماً خلف القضبان كافة الأمهات الفلسطينيات إلى التحلي بالصبر وتقديم المزيد من التضحيات قائلة ان الصراع مع الاحتلال طويل ولم يزل في بدايته ومطلوب من النساء المزيد إذا قبلن أن يكون هدفهن رضى الرحمن والجنة.

وعن طبيعة شعورها بعد فقدانها ثلاثة من أبناءها قالت:" هناك شعور فطري لكل إنسان، فطره الله عليه ولكن لو عشت انا لعواطفي ومشاعري لما استطعت أن أقدم أي شيء لديني، وصحيح ان ألم الفراق له غصة في القلب لا يدركها إلا من ذاقها إلا انها لا تساوي شيء إذا ما أيقنا ان هذه الآلام والجراح ستوصلنا إلى سعادة الآخرة والدنيا ما هي إلا ساعات قليلة".

واكدت لمعاً انها عندما سمعت نبأ استشهاد ابنها رواد أحست به كوقع الصاعقة على قلبها وقالت انها كانت مفاجأة رهيبة رغم انها علمت انه سيستشهد في يوم ما تحقيقاً لرؤية حلمت بها عندما حملت به، إلا انها لم تكن مهيأة نفسياً لتتقبل نبأ شهادته في هذا العمر كما اخيه محمد.

وقالت: انها لا تنسى أبداً ان تقف عند مقولة " الصبر عند الوهلة الأولى" مؤكدة ان ابنها رواد كان في مهمة جهادية بدلاً من أخيه مؤمن الأكبر الذي كان في المنزل، وعندما سمعت نبأ قصف سيارته سجدت لله شكراً ودعت أن يقبله شهيداً لديه ويلحقها بأبنائها الثلاثة.

الأم التي تبقي لها وسام "31" عاماً خلف قضبان الاحتلال حرمت من زيارته منذ سنوات بعيدة هو الان على وشك الخروج من السجن بعد أسبوعين فقط، تأمل أن يتحقق حلمها وتراه ناعما بالحرية، وحسام الجريح البالغ من العمر "33" عاماً، ومؤمن الجريح" 28" عاماً، لا تأمل هذه السيدة في ترشيح نفسها في الانتخابات القادمة نافية بشكل حاد ما يقال أنها سترشح نفسها وقالت:" أعوذ بالله، يكفيني أن اعيش مجاهدة في سبيل الله، ليس لي علاقة بالسياسة ولا بالمراكز والمناصب، انا ربة بيت بسيطة ولا أطمح لشيء من هذا".

ووجهت أم الشهداء رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي أرائيل شارون قائلة له:" أيها الغبي لن تخيفنا صواريخك فهي مفاتيح لنا إلى الجنة ولن تزيدنا إلا ثباتاً وقرباً إلى الله وهي هدية لنا تنقلنا من ضيق الدنيا وجورها إلى سعة الآخرة ونعيمها" موجهة رسالة إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية قائلة:" يجب أن تصلبوا مواقفكم وتتمسكوا بالمقاومة وتشدوا عودكم قليلاً والمزيد من التضحيات حتى لا تضيع القضية".