الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

المطران عطا الله حنا يستقبل وفدا كنسيا استراليا

نشر بتاريخ: 02/07/2016 ( آخر تحديث: 02/07/2016 الساعة: 13:51 )
القدس- معا- استقبل المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس، صباح اليوم السبت، وفدا من اتحاد الكنائس الاسترالية ضم عددا من ممثلي الكنائس في استراليا الارثوذكسية والكاثوليكية والانجيلية، والذين ابتدأوا جولة في منطقة الشرق الاوسط بداية من فلسطين ومن ثم سيتوجهون الى الاردن وسوريا والعراق ولبنان ومصر،  بهدف معاينة ما يتعرض له المسيحيون والوقوف عن كثب على اوضاعهم وعلى اوضاع البلدان العربية التي تشهد اضطرابات وحالة عدم استقرار.

ورحب المطران عطاالله حنا بالوفد وقد استقبلهم صباح اليوم في كنيسة القيامة حيث كانت اولى محطاتهم، فأقيمت صلاة خاصة من اجلهم امام القبر المقدس ومن ثم استمعوا الى بعض الشروحات والتوضيحات من المطران حول تاريخ كنيسة القيامة واهميتها الروحية واهم المواقع والمزارات الشريفة الواقعة فيها، ومن ثم انتقل الجميع الى الكاتدرائية حيث كانت هنالك محاضرة للمطران امام الوفد الكنسي الاسترالي الذي ضم اكثر من اربعين شخصا معظمهم من رجال الدين من مختلف الكنائس الاسترالية، وممثلون عن مؤسسات مسيحية فاعلة في المجتمع الاسترالي.

قال المطران في كلمته: باننا عندما نتحدث عن المسيحيين في مشرقنا العربي وفي فلسطين بشكل خاص نحن لا نتحدث عن طائفة منعزلة عن المحيط الذي تعيش فيه، المسيحيون في منطقتنا لا يعيشون في بيئة مختلفة عن البيئة التي يعيش فيه كافة سكان منطقة الشرق الاوسط، نحن لا نعيش داخل اسوار تعزلنا عن محيطنا العربي والانساني والروحي والحضاري، المسيحيون في بلادنا وفي منطقتنا وان كانت لهم خصوصيتهم الروحية وتقاليدهم وعاداتهم الخاصة بهم الا انهم جزء اساسي من هذا النسيج الوطني والانساني والاجتماعي لأمتنا العربية ومشرقنا العربي، لا نريد ان ينظر الينا كأقلية بحاجة الى حماية من الغرب ذلك لأننا اولا لسنا اقلية في اوطاننا ولم ولن نطلب حماية من الغرب في ظل اي ظرف من الظروف التي نمر بها.

وتابع:"ان من يحمي الحضور المسيحي في هذه الديار هو انتمائهم لهذه الارض وتشبثهم بهويتهم الوطنية ورفضهم لكافة المشاريع الهادفة لتفكيك مجتمعاتنا وتدمير عيشنا المشترك ووحدتنا الوطنية، المسيحيون في منطقتنا العربية لا يتوقعون حماية من الغرب لان كل الكوارث التي حلت بمنطقتنا العربية سببها الغرب وسياساته الاستعمارية وتخليه عن حل القضية الفلسطينية حلا عادلا، ودعمه المباشر او غير المباشر لجماعات هدفها الاساسي تدمير منطقتنا واشاعة الفوضى الخلاقة في بلداننا العربية وتفكيك مجتمعاتنا بناء على انتماءات دينية واثنية ومذهبية، الغرب يغض الطرف عما يحدث بحق شعبنا الفلسطيني من انتهاكات لحقوق الانسان تستهدف كافة مكونات شعبنا سواء كانوا مسيحيين او مسلمين.

واضاف:"انظروا الى مدينة القدس وما تتعرض له وانظروا الى هذه الاسوار العنصرية التي تحيط بنا والى هذه الممارسات الظالمة التي يقوم بها الاحتلال بحق شعبنا، هذه تستهدفنا جميعا ولا تستثني احدا على الاطلاق، اما في محيطنا العربي الملتهب فيحق لنا ان نتسائل: من اين يأتي هذا السلاح الذي يدمر ويخرب ويشرد ويستهدف الحضارة والتاريخ والوجه الانساني لمنطقتنا العربية؟ لماذا تحولت بعض بلداننا العربية الى حقول تجارب لكافة انواع الاسلحة المدمرة التي تأتي من الغرب لكي تستهدف الانسان العربي في حياته ولقمة عيشه وبقاءه وصموده وثباته في هذه المنطقة.

وقال:"ان داعش وغيرها من المنظمات الارهابية الدموية الهمجية الخارجة عن اي سياق انساني انما هي مشاريع استعمارية غربية هادفة لتدمير المنطقة العربية، من الذي اسس داعش وغيرها من منظمات الارهاب ومن الذي يمولها ومن الذي يوجهها ومن الذي يقف خلفها فالأجوبة على هذه التساؤلات معروفة بالنسبة الينا جميعا دون ان نتجاهل ان هذه المنظمات الارهابية وجدت لها بؤرا حاضنة في منطقتنا بسبب الفقر والجهل والظلم والقهر وانعدام التوجيه الديني السليم، ان الذي يحمي المسيحيين في منطقتنا هو ليس دعوتهم الى الهجرة لكي يتركوا بلدانهم فبدل من تشجيع المسيحيين على ترك هذه المنطقة وافراغها من مكون اساسي من مكوناتها علينا ان نساعد المسيحيين لكي يبقوا في اوطانهم وان نقدم لهم كل مقومات الصمود والثبات والبقاء في هذه الارض.
لا نريد للمسيحيين ان يتركوا بلدانهم بل نريدهم ان يبقوا في هذه الديار وان يكونوا ملحا وخميرة لهذه الارض."

واضاف :"من يسعى من اجل بقاء المسيحيين في هذه المنطقة عليه ان يسعى وان يعمل من اجل حل القضية الفلسطينية حلا عادلا وان يكون هنالك سعي من اجل تكريس ثقافة الدولة المدنية الديموقراطية، دولة المواطنة والقانون التي لا يتحدثون فيها بلغة الاقلية او الاكثرية، ان حماية المسيحيين وغيرهم من المواطنين لا يمكنها ان تكون الا في ظل دولة مدنية تحترم حقوق الانسان وكرامته وحريته، ان الدولة المدنية هي التي تحمي كل مواطنيها سواء كانوا مسيحيين او مسلمين وهي التي تحمي الدين لكي لا يوظف سياسيا ويستغل لأغراض لا دينية، ان المسيحيين العرب في مشرقنا العربي وفي فلسطين بشكل خاص لن يتخلوا عن عروبتهم، حتى وان كفر بنا العرب فنحن لن نكفر بعروبتنا ولن نتخلى عن انتمائنا لهذا المشرق العربي وهويته الثقافية والروحية والانسانية".

واردف:"وبالرغم من الآمنا واحزاننا ومعاناتنا سنبقى متفائلين ولن نتخلى عن تفاؤلنا وعن رجائنا بان يكون مستقبلنا افضل من اليوم، نحن متأكدون بان الرب لن يتركنا بالرغم من كل المحن والتجارب التي نمر بها، نتضامن مع كافة المحزونين في منطقتنا وما اكثرهم ونتضامن مع كافة المتألمين والمهجرين ومع كافة المظلومين الذين تركوا بلدانهم مرغمين بسبب العنف والارهاب، نتضامن مع سوريا التي تعرضت وما زالت تتعرض لمؤامرة كونية استعمارية تستهدف كافة مواطنيها بدون استثناء، تستهدف تاريخها وحضارتها وانسانيتها ووحدة ابنائها، ونحن مع سوريا في الآمها وجراحها ومعاناتها ونحن معها في انتصارها على اعدائها الذين هم اعداء فلسطين واعداء الانسانية، نتضامن مع العراق الجريح ومع اليمن وليبيا ومع كافة بلداننا العربية فحيثما هنالك الم ومعاناة نكون هناك ونحن مع شعوبنا في الآمها واحزانها وجراحها وتطلعها نحو مستقبل مشرق، وستبقى قضية فلسطين هي قضيتنا الاولى وهي قضية المسيحيين والمسلمين وكافة احرار العالم.

وتابع:"ارفعوا صوتكم عاليا رفضا للاحتلال وسياساته واعملوا من اجل العدالة المفقودة في بلادنا ومن اجل حرية شعبنا ولكي تبقى مدينة القدس مدينة السلام والاخاء والمحبة والتلاقي بين الاديان والشعوب، وستبقى القدس عاصمتنا الروحية والوطنية وعنوان انتمائنا لهذه الارض المقدسة".

ووضع المطران الوفد في صورة الاوضاع الراهنة في مدينة القدس وفي باقي الاراضي الفلسطينية المحتلة، كما قدم للوفد وثيقة الكايروس الفلسطينية شارحا مضامينها واهدافها ورسالتها، كما اجاب على عدد من الاسئلة والاستفسارات.