على خطى "شامير"- نتنياهو في أفريقيا
نشر بتاريخ: 05/07/2016 ( آخر تحديث: 06/07/2016 الساعة: 06:24 )
القدس - معا - تمثل الزيارة التي يقوم بها الآن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أهمية كبيرة للغاية، خاصة وأنها تنهي فترة طويلة امتنع خلالها رؤساء حكومة إسرائيليين من زيارة أفريقيا. وكان آخر رئيس وزراء إسرائيلي قام بزيارة إلى افريقيا إسحاق شامير، والذي قام بهذه الزيارة في الثمانينيات، وقبلها زار ليفي أشكول رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل ايضا ست دول في القارة في الستينيات من القرن الماضي.
وتشير التقارير الإسرائيلية إلى أن الزيارة هي استمرار للتوجّه الذي أعلن عنه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ أن تبوأ مقعدة كرئيس وزراء لإسرائيل في دورته الجديدة ، حيث أعلن انه يسعى لتعميق العلاقات مع القارة السمراء .
زيارات سابقة
وتجلى هذا مع الزيارات التي قام بها عدد من كبار المسؤولين المقربين من نتنياهو مثل افيجدور ليبرمان وزير الخارجية الذي بادر لزيارة بعض من الدول الإفريقية منذ عدة سنوات ، في زيارات حملت طابع استراتيجي هام وادت إلى تعميق التعاون بين تل أبيب وهذه الدول.
وترغب إسرائيل من وراء هذه الزيارة في تعميق العلاقات مع افريقيا باعتبارها قارة حليف جديد لاسرائيل ، وهو الحليف الذي تحتاج منه إسرائيل طلبين رئيسيين ، الأول هو القيام بالمزيد من التعاون في مجال الصناعات العسكرية الإسرائيلية وتصديرها من إسرائيل إلى هذه الدول .
أما الطلب الثاني فيتمثل في دعم التعاون الاقتصادي مع القارة السمراء ، وهو التعاون الذي سيجلب الكثير من المنافع والفوائد السياسية لتل أبيب التي تحتاج ـ افريقيا وصوتها بالمحافل سواء الإقليمية أو الدولية لتشارك به مع حلفائها التقليديين في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وتشكل منظومة قوية من العلاقات مع مختلف دول العالم.
علاقات دولية قوية بفضل إفريقيا
والمعروف إنه وانسجاماً مع هذه الاستراتيجية جرى تحسين العلاقات مع الهند والصين، وأقيمت علاقات عمل مع روسيا ودول أخرى في آسيا الوسطى، كما أقيم مثلث مصالح وثيق مع قبرص واليونان، وطورت علاقات عمل جيدة مع القاهرة، والأردن، ودول عربية أخرى، وفي الفترة الأخيرة ذُلّلت الصعوبات مع تركيا بعد توقيع اتفاق المصالحة مع أنقرة.
والحاصل فإن افريقيا تمثل أهمية كبيرة للغاية لاسرائيل ، حيث بدأ تدخل إسرائيل في أفريقيا في الخمسينيات من القرن الماضي. وتطورت علاقاتها مع دول القارة وتركزت في العقود الأولى من إقامة دولة إسرائيل في مجال تطوير الزراعات المحلية وإدارة قطاع المياه، وكذلك في تطوير خطط وبناء البنى التحتية.
الأهم من هذا أن تل أبيب تسعى إلى دعم منظومة "الأمن الداخلي" في عدد من دول القارة، كما تشمل تعاوناً استخباراتياً من أجل إحباط تسلل تنظيمات إرهابية مثل جماعة بوكو حرام ، وهو أمر اعترف به نتنياهو في كلمته بالأمس أمام عدد من الزعماء الأفارقة.
مطالب إسرائيلية بدعم العلاقات
غير أن صحيفة هآرتس قالت أنه يتعين على إسرائيل أن تتجاوز أن تكون العلاقة مع افريقيا أمنية فقط ، ويجب عليها أن تتجه ايضا إلى دعم وزيادة التجارة المدنية مع دول أفريقيا وكذلك استغلال مشترك للموارد الطبيعية وهو ما سينعكس بصورة ايجابية على دعم وتعزيز الاقتصاد الإسرائيلي. وتشير صحيفة يديعوت أحرونوت إلى أن الشركات الإسرائيلية تستثمر وحدها أكثر من مليار دولار فى مجالات الزراعة والمنتجات الكيماوية والتعدين فى إثيوبيا .
وتعترف الصحيفة أن لدول القارة الإفريقية البالغ عددها 54 دولة وزناً كبيراً في المنظمات أو الهيئات الدولية المركزية.
واضافت الصحيفة إن ربع مقاعد الجمعية العامة في الأمم المتحدة يشغلها ممثلو الدول الأفريقية يزيد كثيراً من أهمية القارة في نظر إسرائيل، الامل الذي يزيد بقوة من هذه الزيارة التي يقوم بها نتنياهو.
الأهم من كل هذا ومع الرغبة الإسرائيلية في التعاون مع افريقيا هناك ايضا رعبة افريقية في التعاون مع تل أبيب ، حيث تريد الدول الإفريقية المزيد من الاستثمارات والخبرات الإسرائيلية فى مجالات كثيرة فى مقدمتها مكافحة الإرهاب الذى يتمدد فى شرق القارة وشمالها وغربها ، وهذه النقطة مركزية للغاية خاصة وأن الكثير من دول العالم ومؤسساتها رفضت التعاون مع الدول الافريقية عسكريا بسبب سيطرة العنف وقوة الميليشيات المسلحة في الحروب المشتعلة بالقارة السمراء ، وهو أمر دفع بالزعماء الأفارقة إلى التوجه نحو إسرائيل لنيل السلاح مباشرة منها بدلا من الخضوع لقواعد العرف الدولي والعالمي الرافض لتسليحها، بالاضافة إلى وتطوير الزراعة خاصة زراعة الصحراء بأساليب الرى الحديثة .
احتياجات إفريقية من إسرائيل
وبجانب كل هذا ترغب القارة السمراء أيضا في الحصول على الأدوية والخدمات والخبرات والكفاءات الطبية التى تفتقر إليها،
والمعروف أن لإسرائيل بالفعل مشروعات زراعية وصناعية وتعدينية فى كثير من دول إفريقيا حيث توجد لها مثلاً 13 شركة ضمن حلف تجارى يُسمي(أفرو جروب)، وهو التحالف الذي يسيطر على الكثير من الصناعات الاستراتيجية الهامة والمنتجات التي تنرفد افريقيا وحدها بها ، مثل انتاج الماس الذي تهمين القارة السمراء على معظم انتاجه بالعالم.
والمعروف أن كينيا دعمت من تعاونها الأمنى مع تل أبيب لمواجهة هجمات حركة الشباب المجاهدين الصومالية المتطرفة فانتهزتها تل أبيب فرصة لتثبيت قدميها فى منطقة القرن الإفريقى ومراقبة الملاحة فى المدخل الجنوبى للبحر الأحمر لمنع تهديد الملاحة الإسرائيلية أو تهريب أسلحة من إيران لحركة حماس الفلسطينية ، وهذه النقطة اعترفت بها وكشفتها بعض من الكتابات الإسرائيلية ونقلتها الكتابات العربية بعد ذلك .
عموما فإن زيارة نتنياهو إلى القارة السمراء تمثل أهمية استراتيجية لتل أبيب ، وهي الاستراتيجية التي تكشف ومن جديد عن فصول التعاون بين اسرائيل وقارة افريقيا منبع الثروات والموارد الطبيعية الأبرز في العالم.
المصدر: الاهرام العربي