اريحا -معا - عند دخول مدينة أريحا من الجهة الجنوبية، وقبل الوصول إلى حاجز الأمن الوطني الفلسطيني، يلحظ الناظر إلى يمينه منطقة ممهدة منبسطة تتوزع عليها مجموعة من وحدات المكاتب الميدانية. وقد لا يعرف الناظر أن هذه المنطقة المترامية الأطراف شهدت خلال الأشهر القليلة الماضية إنجاز شق وتسوية 64 شارعاً بطول يزيد عن 36 كلم من الطرق الترابية بحيث أصبحت كل قطعة أرض في هذه المنطقة متصلة بشارع؛ وذلك تمهيداً وتوطئة لتطوير أكبر مشروع عقاري متكامل في فلسطين يزاوج في صيغة سلسة بين العناصر السكنية والتجارية والسياحية والترفيهية، ويعد قفزة استثمارية نوعية في تاريخ الاقتصاد الفلسطيني. حيث يعمل في هذه المنطقة منذ عدة شهور مجموعة من أفضل الطواقم الفنية في مجالات عدة، والذين ينهمكون في التخطيط والعمل الدؤوب كخلية نحل واحدة، ويسابقون الزمن من أجل إنجاز المرحلة الأولى من هذا المشروع الإستراتيجي.
شراكة إستراتيجية لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية
تأسس مشروع بوابة أريحا في بداية العام 2011 نتيجة لشراكة إستراتيجية بين كل من باديكو القابضة وشركة الاتصالات الفلسطينية وشركة فلسطين للاستثمار العقاري (بريكو)، وتعد بوابة أريحا مشروع تطوير عقاري متكامل ضخم يعتبر الأول من نوعه في فلسطين ومن أضخم المشاريع في الإقليم، ويتضمن تطوير مرافق سياحية وترفيهية متنوعة بما يشمل بناء فلل سكنية وفنادق ومنتجعات ومدينة ألعاب مائية تعد الأضخم في المنطقة تقع على مساحة 101 دونم، ومجمع تجاري وغيرها من المرافق والمشاريع السياحية والترفيهية غير المسبوقة في فلسطين.
وقال سمير حليله، رئيس مجلس إدارة شركة بوابة أريحا " تمتلك مدينة أريحاً إرثاً تاريخياً استثنائياً ومكانة سياحية فريدة ومهمة على المستوى العالمي، ولكن الجهد التنموي الفردي ما زال دون المكانة التي تستحقها المدينة بما تمتلكه من مقدرات، وبالتالي فإن اشتراك ثلاث من أهم شركات القطاع الخاص الفلسطيني في تطوير هذا المشروع من شأنه أن يحقق قفزة نوعية في التنمية العقارية والسياحية في فلسطين، بحيث يسهم هذا التكامل الاستثماري بين مؤسسات القطاع الخاص الفلسطيني في إنجاز مشروع سياحي عقاري ضخم يعيد الاهتمام بمكانة مدينة أريحا من جانب، ويعمل على استقطاب الحركة السياحية للمدينة من جانب آخر؛ الأمر الذي من شأنه أن يحدث تنمية اقتصادية حقيقية ليس فقط للمجتمع المحلي في أريحا، بل في فلسطين بشكل عام
وحول البعد الاقتصادي والتنموي لبوابة أريحا.
وقال حليله بأن هذا المشروع سيسهم في تنشيط الحالة الاقتصادية الفلسطينية لاسيما في قطاع السياحة، وسيؤدي إلى توفير الكثير من فرص العمل للقوى العاملة في فلسطين، كما سيؤدي إلى زيادة الطلب على تخصصات جامعية بعينها كي تلبي متطلبات المشروع خلال السنوات القادمة، مثل تخصص اللغات والترجمة؛ للتعامل مع الوفود السياحية القادمة، إضافة إلى التخصصات السياحية والخدماتية وتخصص الفندقة، كما سيستدعي خلق تخصصات جديدة يتطلبها سوق العمل، وفي هذا السياق أطلقت باديكو القابضة من خلال ذراعها الاستثمارية في قطاع السياحة (باديكو السياحية)، وبالشراكة مع معهد الشراكة المجتمعية بجامعة بيت لحم، مشروع "التوظيف من خلال التعليم" الهادف إلى تطوير الكفايات في قطاع السياحة والضيافة في فلسطين، بحيث يسهم هذا المشروع في إعداد نخبة من الخريجين الفلسطينيين المهرة في مجال العمل السياحي والفندقي؛ كي يتم رفد القطاع السياحي في فلسطين بما يحتاجه من العمالة الماهرة في هذا المجال.
سير أعمال المشروع
وفيما يتعلق بسير أعمال المشروع ، قال أحمد السيد أحمد، المدير العام لشركة بوابة أريحا، بأن الشركة أنهت في النصف الأول من العام 2016 أعمال شق وتسوية 64 شارعاً داخل أراضي المشروع بطول يصل إلى 36 كلم، وتتنوع هذه الشوارع من حيث عرضها ما بين 12 متراَ و16متراَ و 20 مترا إلى40 متراً؛ بحيث أصبحت كل قطعة من أراضي المشروع متصلة مباشرة بشارع أو أكثر.
واضاف السيد أحمد بأن النصف الثاني من هذا العام سيشهد حفل وضع حجر الأساس لانطلاق أعمال التطوير، مشيراً إلى أن الشركة أنجزت خطة عمل شاملة لكافة مراحل التطوير، ففي المرحلة الأولى التي ستمتد حتى منتصف العام 2018 سيتم طرح عدة عطاءات لإستدراج عروض الأسعار لتنفيذ شبكات البنية التحتية لهذه المرحلة، ليتم المباشرة في تنفيذ أعمال تلك الشبكات خلال هذا العام، كما استكملت الشركة عمليات فرز قطع الأراضي داخل المشروع، حيث يوجد لكل قطعة أرض سند ملكية (طابو) مستقل.
وأوضح السيد أحمد بأن "خطة الشركة الحالية تقوم على مباشرة العمل في تطوير البنية التحتية بالتزامن مع تسويق بعض مرافق المشروع الرئيسة خاصة تلك التي تستقطب كافة فئات الزوار، حيث تعتزم الشركة خلال الفترة القليلة القادمة المباشرة في إنشاء حي نموذجي من الفلل السكنية بالإضافة إلى بعض المرافق السياحية والمناطق الترفيهية بما يشمل المدينة المائية. كما ستستكمل الشركة العمل على تطوير الساحة الرئيسية في المشروع، وهي ساحة ضخمة غير مسبوقة في فلسطين تزيد مساحتها عن 100 دونم، وتضم بحيرة بمساحة حوالي 40 دونماً" ويضيف السيد أحمد "ستشمل المرحلة الأولى تصميم وبناء صرح بوابة أريحا كمعلم تاريخي مهم ورئيس في المشروع، وتتضمن المرحلة الأولى أيضاً إنجاز الخطط والمخططات الهندسية التفصيلية لبناء أكبر وأحدث مجمع تجاري في فلسطين سيتم الإعلان عن تفاصيله لاحقاً."
خصوصية البيئة الريحاوية لإقامة المشروع
وحول سبب اختيار مدينة أريحا لإقامة هذا المشروع السياحي العقاري، يقول السيد أحمد بأن عدة عوامل اجتمعت في المدينة لتجعلها البيئة المثلى لإقامة هذا المشروع، أهمها: المكانة السياحية والتاريخية الخاصة لمدينة أريحا التي جعلتها مقصداً مهماً للسياحة العالمية، والاستقرار السياسي والهدوء الذي تتمتع به من بين جميع المدن الفلسطينية، والمزايا البيئية والمناخية للمدينة باعتبارها مكاناً ترفيهياً مناسباً ومشتىً دافئاً، إضافة إلى مناخ أريحا المساعد للصحة العامة خاصة لمن يعانون من المشاكل التنفسية مثل الربو نظراً لارتفاع نسبة الأكسجن في المدينة الواقعة في أكثر بقعة إنخفاضاً عن سطح البحر، فضلاً عن موقعها الجغرافي المتميز وتوسطها ما بين شمال وجنوب فلسطين المحتلة، وسهولة وصول وتواصل فلسطينيي الداخل مع أهلهم من أبناء الضفة الغربية.
ومن المتوقع أن يضفي مشروع بوابة أريحا لمسة جمالية مميزة على مدينة أريحا، بحيث يوفر المشروع بيئة مثالية للسكان تضم أفضل الخدمات النموذجية العصرية التي تسهل حياة المقيمين فيها. ومن الناحية الاستثمارية، فإن مشروع بوابة أريحا يعد سابقة استثمارية نوعية تزاوج بين البعد العقاري والسياحي والترفيهي في فلسطين من خلال جهد استثماري مشترك سيشكل نموذجاً ملهماً لأعمال تطويرية واستثمارية مستقبلية تسهم في تحقيق تنمية اقتصادية حقيقية في فلسطين.