الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مستشار هنية يشيد بصواريخ المقاومة ويعتبر "المعركة" الداخلية مع بعض العناصر التي اختطفت حركة فتح

نشر بتاريخ: 24/11/2007 ( آخر تحديث: 24/11/2007 الساعة: 15:49 )
بيت لحم- معا- قال الدكتور أحمد يوسف، المستشار السياسي لرئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية: "إن صواريخ المقاومة سوف تبقى ـ بالنسبة للفلسطينيين ـ أداة ردع قابلة للتطوير والعمل على خلق حالة من توازن الرعب، إذا ما استمر الاحتلال في غيه واستكباره، وتمادى في عدوانه ووحشيته على أرضنا وشعبنا".

وأكد يوسف في لقاء مطول أجراه معه المكتب الإعلامي للأمانة العامة لمجلس الوزراء، اليوم السبت "أن صواريخ المقاومة ستبقى رسالة إنذار للإسرائيليين"، منوهاً إلى أن هذه الصواريخ التي أبدعت إنتاجها محلياً فصائل المقاومة ربما لا تشكل ـ الآن ـ تهديداً لإسرائيل، ولكن ما يعرفه الخبراء في هذا المجال هو أن هذه الصواريخ التي ما يزال تأثيرها محدوداً كونها لا تحمل رؤوساً تفجيرية قاتلة، فإن بالإمكان تطويرها في غضون فترة زمنية قصيرة لجعلها تحقق حالة من الرعب والهلع كافية لجعل الإسرائيليين يعيشون وضعية من الألم لا تقل عما يعانيه الشعب الفلسطيني جراء الاجتياحات المتكررة على المدن والقرى في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأوضح يوسف، أن المقاومة تستخدم هذه الصواريخ ـ بإمكانياتها المتاحة الآن ـ للرد على العدوان الإسرائيلي والتصدي له.

وأضاف "لقد قلنا في الحكومة العاشرة والحكومة الحادية عشرة بأننا على استعداد لوقف إطلاق نار شامل ومتبادل ومتزامن مع إسرائيل، وإن كافة فصائل المقاومة سوف تلتزم بالموقف الوطني الذي تستدعيه ضرورات التخفيف والتخذيل، بسبب الاحتلال والحصار المطبق على أهلنا في قطاع غزة".

وذكر أن إسرائيل نجحت في إقناع العالم بأن عدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني هو بسبب الصواريخ التي تطلقها فصائل المقاومة من قطاع غزة، في محاولاتها الممنهجة لخداع الرأي العام العالمي، وبهدف التغطية على جرائم الاحتلال شبه اليومية في الضفة الغربية والقطاع.

الأمن: عمادة الاستقرار والازدهار بالمنطقة

وبين يوسف، أن الأمن مطلوب لتوفير أجواء الاستقرار والازدهار بالمنطقة وفلسطين على وجه الخصوص، ولقد طرحت حماس (الحركة والحكومة) رؤيتها لتحقيق ذلك، فتحدثت عن الهدنة وعن التهدئة ولكن إسرائيل رفضت الأفكار والمقترحات التي تقدمت بها حماس عبر وسطاء عرب وأوروبيين، وأصرت أن تظل يدها طليقة تمارس القتل والتخريب حيثما وأينما شاءت- كما قال.

وأشار إلى أن حماس التزمت بالتهدئة من جانب واحد قرابة عام ونصف إلا أن إسرائيل ظلت تنتهك هذه التهدئة، وواصلت مسلسل القتل والاغتيال للكوادر الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وشدد يوسف على أن الأمن لا يمكن منحه لطرف دون الأخر، وإذا أرادت إسرائيل أن تنعم بالأمن والاستقرار فعليها أن توقف عدوانها وتنهي احتلالها للمناطق الفلسطينية، وإلا فإن من حق الفلسطينيين الدفاع عن أنفسهم، ومقاومة الاحتلال الجاثم على أرضهم، وهذا حق مشروع كفلته القوانين والأعراف الدولية.

الاعتراف بإسرائيل: الاعتراض والموقف

ونوه أحمد إلى أن اللجنة الرباعية وضعت العربة أمام الحصان حين أصرت على شرط الاعتراف بإسرائيل، لأن هذا الشرط كان معناه أن المطلوب هو عدم تحرك الأمور قيد أنملة، والعمل بكل السبل على إجهاض حماس قبل أن تدب الحياة في الجنين، ويرى الفلسطينيون ثمرة منحهم الثقة فيها.

وأوضح "أن الغرب إلتف ـ خاصة الولايات المتحدة ـ لما تريده إسرائيل، فوضعوه شروطاً علينا ولم يحملوا الطرف الإسرائيلي في المقابل بأية التزامات تجاه حقوقنا وثوابتنا الوطنية، ولقد طرحنا على الغرب والرباعية وكل من وجه إلينا هذا السؤال تساؤلات مشروعة، وللأسف لم نجد منهم آذاناً صاغية".

وأضاف، "بأي إسرائيل سنعترف؟! ما هي حدود هذه الدولة التي تتحدثون عنها؟ وهل الجولان ضمن أراضيها؟ وهل مزارع شبعا منها؟ وأين حدود الدولة الفلسطينية المزمع إقامتها؟ وماذا عن حق العودة ؟ وما مصير الفلسطينيين (عرفات ، أبو مازن، م. ت. ف) الذين اعترفوا لإسرائيل بهذا الحق؟ هل التزم الطرف الإسرائيلي بالاستحقاقات والتعهدات التي قطعها على نفسه في اتفاقات أوسلو وطابا.. الخ؟ وماذا حدث للتفاهمات والاتفاقيات التي تم توقيعها مع الإسرائيليين؟! فهل أوفوا بما عاهدوا عليه أنفسهم للطرف الفلسطيني أم لا ؟ وهل القانون الدولي يفرض على شعب أو حكومة تحت الاحتلال أن تمنح شرعية للمحتل؟ هل انتهى الاحتلال أم مازلت إسرائيل تماطل، ويغطي الغرب تعنتها وتعدياتها؟ وماذا عن جدار الفصل الذي رفضه العالم وطالبت محكمة العدل الدولية في لاهاي عام 2004 بهدمه والتعويض للفلسطينيين الذين تضرروا منه؟".

"وماذا عن عذابات الفلسطينيين لأكثر من ستة عقود، هل أعد الغرب عدته لتعويضهم عنها؟ وماذا عن محنة أكثر من أحد عشرة ألفاً من السجناء والمعتقلين؟ هل سيتم الإفراج عنهم والعودة إلى أهلهم وديارهم قبل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة أم بعدها؟ وما هو مصير القدس واللاجئين في مخيمات الوطن والشتات؟"

"تساؤلات لا تنتهي، مطلوب من العالم أن يجيبنا عليها، قبل أن يبادرنا بمثل هذا الاشتراط الخطير على مستقبل وجودنا وقضيتنا", قال يوسف.

وأكد يوسف "أن قضية الاعتراف بما لها من تداعيات دينية وسياسية وقانونية وأخلاقية وعسكرية علينا وعلى المنطقة بأسرها، كون فلسطين/الأقصى تجسد قضية مركزية في وجدان الأمتين العربية والإسلامية، ويتجاوز التعاطي معها ـ بكل تأكيد ـ أبعادها المحلية، فإنها تفرض على المجتمع الدولي محاورتنا والتعاطي معنا، وإدراج رؤيتنا السياسية وما لدينا من تصورات وحلول في حزمة مساعيه وجهوده لتحقيق الاستقرار والأمن والازدهار بالمنطقة، وليس فقط الرضوخ للمنطق الإسرائيلي وإملآءاته المناقضة للأعراف والقوانين الدولية".

البرنامج السياسي: الأولوية لإنهاء الاحتلال

وقال يوسف، إن رؤية حماس (الحركة والحكومة) هي إعطاء الأولوية لإنهاء الاحتلال، وتعتمد هذه الرؤية على أن المقاومة هي حق مشروع للشعب الفلسطيني، فطالما أن هناك احتلالاً، فالقوانين والشرائع الدولية "تعطينا" الحق في مقاومة الاحتلال.

وأضاف "ومن هنا، فمن التجني اتهام مقاومتنا المشروعة للإحتلال بالارهاب، فلقد استباحت إسرائيل عبر إرهاب الدولة كل أشكال التعدي على أرضنا وشعبنا، وأطلقت العنان لآلتها العسكرية أن تقتل وتدمر وتقترف المجازر بحق المدنيين، ولم نسمع من المجتمع الدولي استنكاراً وتنديداً بمثل هذه الممارسات الإرهابية، وللأسف كانت إسرائيل تجد ـ دائمًا ـ من يمنحها الحصانة، ويغطي الجرائم التي ترتكبها بحق الانسانية على أرض فلسطين".

وزاد: لقد حرصت حماس (الحركة والحكومة) على التعاطي مع الأجواء السياسية التي اعقبت فوزها في الانتخابات التشريعية يناير 2006، وطرحت رؤيتها السياسية القائمة على فكرة الهدنة طويلة الأمد، والتي تتضمن انسحاباً إسرائيلياً من المناطق التي احتلتها عام 1967، مقابل وقف شامل لإطلاق النار، على أن يتم إطلاق سراح كافة الأسرى والمعتقلين، والتعاطي مع حق العودة وفق القرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة.

وأكد يوسف، أنه مع تعثر الجهود السلمية، فإن خيارات المقاومة المسلحة تبقى هي المرشحة لمواجهة الاحتلال وانهائه، لافتاً الى أن حماس (الحركة والحكومة) سعت لشرح موقفها السياسي للعديد من الجهات الأوروبية والأمريكية، وتعاطت بإيجابية في حواراتها مع هذه الأطراف، وشهدت تفهماً أفضل تجاه طروحاتها السياسية ورؤيتها لانهاء الاحتلال.

وتابع قائلاً: "للأسف بقي الموقف الأمريكي على حاله من الإنحياز لإسرائيل، وممارسة الضغط على الأطراف العربية والدولية لاستمرار سياسة الحصار والعزلة السياسية على حماس (الحركة والحكومة) حتى يومنا هذا، ولولا هذه السياسة المتعنتة لشهدنا انفراجاً في العلاقة مع حماس، وتواصلاً يمهد الطريق لفرص نجاح الجهود والمبادرات السلمية بالمنطقة.

فتح وحماس: نبض الإجماع الوطني

وأوضح يوسف، أنه برغم الصراع القائم بين فتح وحماس، فإن هاتين الحركتين تمثلان نبض الإجماع الوطني، ولا يمكن لأي طرف أن يتجاهل الطرف الآخر، "للأسف لم تسلم فتح بفوز حماس، وعملت على عرقلة جهودها في تحقيق الإصلاح والتغيير الذي وعدت به الشارع الفلسطيني، وعانت حكومة حماس من تمرد حركة فتح وكوادرها داخل أجهزة السلطة الأمنية والمدنية، وظلت سياسة المناكفة هي ديدن الحركة، ولم تمنح الحكومة الفلسطينية فرصة للإلتقاط الأنفاس حتى في حكومة الوحدة الوطنية التي انخرطت فيها ـ ظاهرياً ـ حركة فتح، وشارك وزراؤها في اجتماعات الحكومة الحادية عشر التي ترأسها إسماعيل هنية".

وبين أن الإشكالية في العلاقة بين حماس وفتح كانت هي "تمرد الأجهزة الأمنية وعدم انصياعها وتعاطيها مع الأوامر الصادرة لها من وزير الداخلية، الأمر الذي استوجب تشكيل القوة التنفيذية لضبط الأمن وتعزيز سلطة القانون، والحفاظ على هيبة الحكومة أمام شعبها".

وأضاف "بالطبع من خلال الحكومة العاشرة آثرت حركة فتح عدم الدخول مع حركة حماس في شراكة سياسية، وكانت رهاناتها على فشل حماس في إدارة شؤون الحكم لغياب التجربة، وقلة الطاقات المؤهلة من كوادرها.. ونجحت حركة حماس ـ برغم كل التعقيدات التي وضعت في طريقها ـ من أن تمضي قدماً، وتتكيف مع ظروف الحصار الذي فرضه العالم عليها، وتتخطى عقبة العزلة السياسية بالتواصل مع عمقها العربي والإسلامي، ونجاح بعض وزرائها ونوابها ومسؤوليها الكبار في زيارة العديد من العواصم الغربية- كما قال.

وإستطرد قائلاً: "لقد نجحنا في حكومة الوحدة الوطنية الحادية عشر في تخطي عقبة البرنامج السياسي، وتقدمنا ببرنامج مشترك حفظ للمقاومة حقها، وأعطى للرئيس أبو مازن تفويضاً بالتحرك السياسي لإيجاد مخرج لانهاء الاحتلال... وبدأنا وضع الأسس لشراكة سياسية حقيقية، إلا أن أصحاب الأجندات الخارجية في الأجهزة الأمنية عمدوا على تخريب اتفاق مكة، وعملوا على تفجير الوضع الداخلي لإفشال الحكومة، وإعادة الأوضاع لما كانت عليه من الفوضى والفلتان الأمني، والتي سادت عهود ما قبل وصول حركة حماس للحكم".

وتابع "كانت التجاوزات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية تشكل حالة تمرد، لم يجدِ معها أي جهد أو تفاهمات حاولت الحركتان والحكومة التوصل إليها، حيث استمرت عمليات الاستهداف لكوادر حركة حماس وقيادييها دون توقف، الأمر الذي استدعى القيام بعملية استئصال جراحية لعناصر هذا التيار داخل الأجهزة الأمنية، والذي شكل غدة سرطانية كان لابد من التخلص منها حتى يستقر الوضع ويتنفس "شعبنا" الصعداء، وكانت عملية المداهمة لمقر الأمن الوقائي والاستيلاء عليه هي التي حسمت باقي المواجهات سلمياً في معظم مناطق قطاع غزة، وأنسحب الجميع من مواقعهم دون مواجهة تذكر- وفق يوسف.

وقال يوسف، لقد أدركوا بأن المعركة ليست معهم، بل مع بعض العناصر التي اختطفت حركة فتح وحاولت إغراقها في مواجهات دموية مع حركة حماس، لقد انتهت المواجهة في غضون أيام بعد أن هربت العناصر التي كانت تغذي الصراع وتحشد للحرب الأهلية.. واليوم، تنعم غزة بالأمن والأمان، ونحن نتطلع إلى عودة الجميع إلى الصف الوطني، والعمل في ضوء شراكة سياسية حقيقية عمادها حركتيي فتح وحماس.

وأكد أن حركة حماس وحكومة إسماعيل هنية "المقالة" ما زالت تنادي بالحوار وتدعو "الأخوة" في حركة فتح للجلوس على طاولة التفاوض لإنهاء كل قضايا الخلاف واستعادة وحدتنا الوطنية في إطار مفهوم الشراكة السياسية وحماية الشرعيات الوطنية.

الرئيس أبو مازن: أفق الشرعية والإطار الحزبي الضيق

وقال يوسف: "لم يتنكر أحد في حماس لشرعية الرئيس، وإن كان البعض يطلق ـ أحيانًا ـ بعض التصريحات الحادة أو يحاول التهجم على الرئيس في محاولة للرد على بعض المواقف والسياسات التي تظهر وكأنها خارج السياق الوطني في تعدياتها على حقوقنا وثوابتنا، وتمس المصالح العليا لشعبنا وقضيتنا".

وأضاف "قد أكون مثاليا (طوباوياً بعض الشيء) حين القول بأننا كنا نتطلع للرئيس (أبو مازن) أن يتصرف كرئيس للشعب الفلسطيني وليس كقائد لحركة فتح، وأن يعالج الأمور بحكمة رجل تجاوز السبعين ولديه خبرة سياسية في العمل الفلسطيني تخطت نصف قرن، لكنه للأسف تصرف بانفعال وعصبية، وأخذت قضية ما حدث في غزة أبعادًا شخصية جعلته يفقد توازن الرؤية، وتصدر منه تصريحات وكلمات ما تعودنا سماعها منه، ولا تعكس طبيعة سمته وهدوئه المعهود معنا".

وتابع: "لقد كنا ننتظر منه أن يتروى في معالجة الأمور، ويأخذ وقائع الأحداث في سياق تعاملنا الأخلاقي معه قبل وبعد الانتخابات، وحرصنا الحقيقي على الشراكة السياسية والتداول السلمي للسلطة، وألا يدفع بالعلاقة إلى تهديد جوهر وحدتنا وتخريب نسيجنا الاجتماعي، وزعزعة متانة واستقرار شعرة معاوية، التي حاولنا أن نقطع دابر كل من يحاول إضعافها أو العبث بها، لأننا في نهاية الأمر لابدّ أن نجلس على طاولة الحوار لنقول ونأخذ كل ما لنا أو علينا".

وقال: "أن الرئيس أبو مازن مطلوب منه ـ وإن اختلفنا معه ـ ألا يغلق الأبواب بين فتح وحماس، لأننا ـ كنا ومازلنا ـ أبناء وطن واحد، وعائلة واحدة، ورفقاء درب وسلاح، فمشروعنا في مقاومة الاحتلال لم ينته، وإسرائيل تتربص بنا جميعًا الدوائر، وتلعب على حبل خلافاتنا لتأجيج نار الخصومة، وجعل بأسنا بيننا شديد".

وتابع: "أتمنى على الرئيس أبو مازن أن يفكر ملياً فيما يتوجب عمله من أجل الحفاظ على وحدة وتماسك شعبه ولملمة شعث فصائله وأحزابه، حتى يغادرنا ونحن صف واحد لا ثلمة فيه.. لتذكره أجيال فلسطين بكلمات طيبة لها معنى وأثر".

وأضاف "يا سيادة الرئيس تذكر أن الوطن فوق الجميع، وأن من الأكرم لك أن تخلع عباءة السلطان لتظلل وحدته، فهذا خير لك وأنفع من الجلوس على أطلال كرسيٍ لوطن محتل، تبدو فيه كالرجل الذي فقد ظله، وسأقول لك ـ يا سيادة الرئيس ـ ما قلته أنت لرئيس الوزراء إسماعيل هنية: أن يصلح الله حاله ويهديه إلى الصراط المستقيم".

وزاد :أنتما ـ اليوم ـ صاحبا الزمان، وعلى عاتقكما يقع عبء إنقاذ سفينة الوطن من الغرق.. أنتما من ستُحمله الأجيال كامل المسؤولية الوطنية والدينية عن هلاك هذا الشعب أو بعثه من رماد المرحلة عفياً كالعنقاء.

شيعة، شيعة: هتافات الجهلاء والعملاء

وذكر يوسف: كلما سمعت هتاف "الجهلاء والموتورين شيعة، شيعة.." بغرض التهجم على حركة حماس والتشهير بها، تذكرت أبياتٍ قالها أحمد شوقي في قصيدته الشهيرة كليوباترا، يصف فيها حالة الخداع التي لجأت إليها الملكة لتضليل شعبها، والتغطية على هزيمتها أمام الرومان بادعاء النصر، والذي روجت له على ألسنة بعض مدفوعي الأجر من حاشيتها، والذي يقول فيها: "أثرَّ البهتان فيه وانطلى الزور عليه، ياله من ببغاءٍ عقله في أذنيه".

وتساءل، "ما العيب أن تكون شيعياً؟ فالشيعة اليوم هم عزُّ هذا الزمان، تحدوا الاستكبار العالمي الذي تمثله أمريكا وإسرائيل، ووقفوا إلى جانب المستضعفين من أبناء فلسطين، فعندما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران، قام الإمام الخميني بتحويل السفارة الإسرائيلية هناك إلى سفارة فلسطينية، افتتحها الرئيس أبو عمار (رحمه الله)، وعندما اندلعت الانتفاضة الفلسطينية في ديسمبر 1987 وسقط هناك الآلاف من والشهداء والجرحى ومثلهم من المعتقلين والأسرى، هبت الجمهورية الإسلامية في تقديم الدعم لأسرهم، واستضافت المئات منهم في مستشفياتها، وكانت تفخر بحضورهم على أراضيها، وأقامت نصبًا تذكارياً يمجد تضحياتهم في أهم ساحات طهران وأطلقت عليه اسم ميدان فلسطين، ولعلنا لا ننسى تلك المنح والعطايا التي قدمتها مؤسسات شيعية في لبنان لأهلنا في الضفة والقطاع".

وأضاف "لن أنسى ـ من خلال مشاهداتي في إيران ـ تلك الحشود المليونية في جامعة طهران، التي كانت هتافاتها لفلسطين والمسجد الأقصى تهز جنبات المكان، وتجعلنا نفخر بنسبنا لهذه الأرض المباركة، ولن تغيب عن عيوني تلك الرسومات الجدارية للشيخ أحمد ياسين والدكتور فتحي الشقاقي وأطفال الحجارة وهي تزين حوائط المباني والساحات في أشهر شوارع العاصمة طهران.. كنت أشعر بأن فلسطين تسكن كل بيت في إيران".

وزاد: صحيح نحن ننتمي عقائدياً إلى أصحاب المذهب السُني، ولكننا جميعاً أبناء دين واحد، ومشروعنا في رؤية الإسلام يحكم حياتنا، وأن نكون طليعته الرسالية للعالمين هي في النهاية المحرك لنشاطنا السياسي والدافع لكل لعملنا الجهادي.

وتابع: "لن تغيب عن مسامعنا تلك التصريحات للإمام الخميني عن إسرائيل باعتبارها غدة سرطانية لابد من استئصالها، وكذلك كلمات الدعم والتأييد لقضيتنا على لسان كل من سماحة مرشد الثورة على خامئيني، والرئيس محمود أحمدي نجاة، التي تؤكد لنا حيوية عمقنا الإسلامي وفعاليته".

وقال: "وإذا تعاطينا بصدق وتجرد وإخلاص مع مواقف إخواننا الشيعة في لبنان، لاستوجب الأمر منا إظهار كل معاني الحب والتقدير لهم، فبفضل مروءتهم ودفاعهم عن المخيمات لم يجرؤ أحدٌ على التعرض لهم ـ بشكل عام ـ في لبنان، ويشهد على ذلك إخواننا في مخيم برج البراجنة،وإذا نظرنا إلى التغطيات الإعلامية لتلفزيون المنار خلنا أنه لفلسطين".

وذكر "لقد وقف الشيعة في لبنان خلف القضية وحملوها، وعلى رأسهم سماحة الأمين العام حسن نصر الله، الرجل الذي يمثل بمواقفه وزن أمة، والذي جعل من القدس والمسجد الأقصى عنوانًا للتضحية والفداء.. لن ينسى شعبنا ذلك الاستقبال الحافل لمبعدي مرج الزهور، والاحتضان المعبر لقضيتهم ومعاناتهم منذ اليوم الأول للمحنة.. لن أنسى ما حييت تلك الكلمات التي همس بها أحد كوادر حزب الله الذي رافقني وأنا في طريقي للقاء سماحة الأمين العام حسن نصر الله، حيث قال: "نحن تربيتا على حب فلسطين، ندافع عن لبنان، ولكنَّ عيوننا ترنو إلى المسجد الأقصى، أما قلوبنا فمسكونة بالقدس وأكنافها، وهذه التضحيات هي فداءٌ لها".. هذه الكلمات وروحها سمعتها ـ أيضا ـ من سماحة العلامة محمد حسين فضل الله عندما التقيت به في مكتبه بالضاحية الجنوبية عام 2001.. إن فلسطين والمسجد الأقصى هما عنوانٌ لكل ما تقدمه إيران وحزب الله لشعبنا وقضيته".

وقال: "عار يجلجل على تلك الأفواه التي تسعى للإساءة إلى تلك العلاقة الأخوية التي تربطنا بأمتنا العربية والإسلامية، وما تمثله من عمق استراتيجي لقضيتنا بكل أبعادها السياسية والتاريخية والدينية".

وأكد أن الشعب الفلسطيني يعتز بالعلاقة مع إيران كما العلاقة بالسعودية ومصر، وفلسطين ستبقى قضيتنا المركزية التي نحشد لها جموع الأمة، ونُعدُّ لتحريرها سواعد الرجال من مكة إلى طهران.

مهرجان تأبين أبو عمار: المشهد والتداعيات

وأوضح يوسف: أن مهرجان تأبين الرئيس الراحل أبو عمار جاء كمبادرة حسن نية من جهة حماس (الحركة والحكومة) لحركة فتح، حيث عملت الحكومة على تقديم كافة التسهيلات لنجاح مشهد تأبين الراحل الكبير (أبو عمار)، حيث انتشر رجال الشرطة على محاور الطرقات لتسهيل حركة وصول السيارات والباصات إلى مكان المهرجان، وعملت الأطقم الشرطية على ضمان الحالة الأمنية بالابتعاد عن مظاهر الاستفزاز والاحتكاك التي كان البعض يخطط لها لتخريب ذلك اليوم المشهود في احتفاء الفلسطينيين بذكرى زعيمهم ياسر عرفات.

وبين أن حماس أرادت ـ في ذلك اليوم ـ أن توجه رسالة للعالم مفادها أن غزة تنعم بالأمن والأمان وحرية الكلام، وإنه برغم وجود خلاف بينها وبين حركة فتح إلا أنهما بالمحصلة إخوة وطن وسلاح، وأن الحكومة لن تمنع قيادات فتح في غزة من التعبير بحرية عن مواقفهم، ولن تحجر على أي فصيل فلسطيني من أن يقول كلمته، لقد أرادت الحكومة أن تقول لكل الموتورين والمتواطئين والطارئين والمتآمرين: موتوا بغيظكم، ستعود فتحٌ لحماس، وحماسٌ لفتح، لأنهما أصحابُ مشروعٍ واحد؛ هدفهما إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية حرة ومستقلة.

وأوضح "أن حماس أرادت كذلك أن يعكس الحشد حب شعبنا لأبي عمار الذي وقف يتحدى شارون، ولم يتخل عن الثوابت الفلسطينية، وآثر العودة إلى أحضان شعبه من كامب ديفيد رافضاً التوقيع على أية تنازلات تخص الأرض والمقدسات الإسلامية، برغم كل الضغوط التي مارستها عليه إدارة الرئيس بيل كلينتون والتهديدات الإسرائيلية باستهداف حياته".

وأضاف "هذا ما كانت تتطلع له حماس من هذا المهرجان، ولكن من قطعوا العهود بأن يكون ذلك اليوم فرصة لتمهيد الطريق للمصالحة الوطنية، نكثوا ما عاهدوا الله عليه واستغلوا الحشود لتأجيج نار الفتنة، وكان لهم ما أرادوا.. ولولا لطف الله وقدره، لأخذت نار الفتنة مدى لا يعلم أبعاده إلا الله".

وتمنى يوسف، "أن يفقه حكماء هذا الشعب وعقلاؤه حجم تداعيات القطيعة والتشظي بين شطري الوطن على نسيجنا الاجتماعي، ووحدة شعبنا، ومشروعنا في مواجهة الاحتلال وتحقيق الحرية والاستقلال".

تركيا والدور المنتظر لحل الأزمة

وقال يوسف: "خلال زيارتي الأخيرة لتركيا كنت ألمس رغبة حقيقية لدى القيادة السياسية هناك في مساعدتنا على كافة الأصعدة الاقتصادية والتجارية، والعمل على إيجاد فرص عمل للفلسطينيين من خلال مشاريع بناء المناطق الصناعية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأيضًا الرغبة في توفير الخبرات التركية لتأهيل الكوادر الفلسطينية في مجالي العمل الحكومي والبرلماني، إضافة لفكرة توأمة البلديات للمساعدة في إصلاح البنى التحتية التي دمرها الاحتلال".

وأكد أن تركيا لم تقف عند فكرة الحديث عن تلك المشاريع، بل باشرت بالتحرك الفعلي وتقديم الدعم عبر مؤسساتها الخيرية المتعددة للكثير من الجامعات والبلديات والمنتديات.

وذكر "أن شعبنا ينتظر اليوم خطوة أخرى من أردوغان لقيادة مشروع المصالحة بين فتح وحماس، بعدما تعثرت المحاولات العربية لجمع شملهما ورأب الصدع القائم بينهما".