بيت لحم- معا- اقلعت طائرة اسرائيلية تقل " يعقوب نيغل" القائم باعمال رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي الى العاصمة الامريكية واشنطن لاستكمال المفاوضات الجارية حول اتفاق المساعدات التي ستقدمها امريكا لإسرائيل خلال السنوات العشرة القادمة وفقا لما كشفته اليوم " الاحد " صحيفة " يديعوت احرونوت" الناطقة بالعبرية.
وقالت الصحيفة ان زيارة القائم بأعمال رئيس مجلس الامن القومي تختتم صفحة صعبة من العلاقات المتوترة بين واشنطن وتل ابيب لكن المؤسسة الامنية الاسرائيلية ستحصل على مساعدات اقل مما اعتقد نتنياهو بقدرته على تحقيقها عبر ممارسة الضغوط على ادارة الرئيس " اوباما " من خلال التأثير الاسرائيلي على الكونغرس حيث شن نتنياهو هجوما منظما عبر الكونغرس لكن الكيد ارتد الى نحره ولم يجد سبيلا سوى التراجع وقبول ما عرضته الادارة الامريكية فقط دون تغيير.
ويجري تجديد اتفاق المساعدات الامريكية كل عشر سنوات وخلقت المفاوضات الخاصة بتوقيع الاتفاق الجديد الذي سيدخل حيز التنفيذ 2018 دراما تردد صداها في اروقة المؤسسة السياسية الامريكية بكل تصنيفاتها .
واضطر نتنياهو في اوج وخضم هذه الدراما الى التنصل امام الادارة الامريكية من المسؤولية عن تصرفات اقرب اصدقاء اسرائيل داخل الكونغرس .
وتبدو القصة من الجانب الامريكي على هذا النحو : وعد الرئيس الامريكي باراك اوباما في اثناء المفاوضات مع ايران اعضاء الكونغرس من الحزب الديمقراطي بانه سيعوض اسرائيل عن الضرر المتوقع ان يلحق بأمنها في حال صوتوا لصالح الاتفاق مع ايران لكن نتنياهو وبعد مشاورات اجراها مع اعضاء الكونغرس الجمهوريين قرر السفر الى واشنطن وإلقاء خطاب امام الكونغرس وتم ترتيب هذه الزيارة دون علم البيت الابيض ومعرفته واستخدم نتنياهو في خطابه اقصى العبارات لإدانة سياسة الادارة الامريكية .
ولم ينس البيت الابيض ذلك ولم يصفح ووصفت جهات حكومية امريكية خطاب نتنياهو بالخطأ الاكبر الذي ارتكبه أي زعيم اسرائيلي في تاريخ العلاقات الامريكية الاسرائيلية او في تاريخ علاقة الزعماء الاسرائيليين بالرؤساء الامريكان .
واندلع منذ تلك اللحظة نقاشا حادا داخل اللوبي المؤيد لإسرائيل حول من هو المسئول عن هذا الخطأ فهل قصر رؤساء اللوبي في وظيفتهم حين لم يبادروا لمنع هذا الخطاب ام لا ؟ لكن لا احد يناقش في حقيقة ان الخطاب كان خطأ فادحا .
اتفق الطرفان خلال المفاوضات على ضم كافة المنح الفردية التي صادق عليها الكونغرس لصالح البرامج الصاروخية الاسرائيلية ضمن اطار اتفاق المساعدات الجديد بما يرفع قيمة المساعدات السنوية ما بين 3:5 الى 3:7 مليار دولار سنويا وهو مبلغ كبير يعكس قيمة المساعدات التي تلقتها اسرائيل حتى الان .
ادعى نتنياهو ان بمقدوره رفع هذا المبلغ الى 4 مليارات على الاقل ما يعني اكثر من 40 مليار دولار خلال السنوات العشرة القادمة لكن الادارة الامريكية اوضحت بجلاء ان هذا الامر لن يحدث وهنا فضل نتنياهو المماطلة وإطالة امد المفاوضات مفترضا ان الانتخابات الامريكية ستؤدي الى تراجع الرئيس " اوباما" عن موقفه وفضل نتنياهو الاستمرار بهذه السياسة رغم التحذيرات التي تلقاها من عدة جهات امريكية بينها نائب الرئيس الامريكي " جون بايدن" الذي حذره من امكانية فشل الاتفاق في حال اصر على مواقفه المتعنتة .
وصل الخلاف الى ذروته في يوم 25/4/ حين وقع 83 سيناتور من بين 100 سيناتور هم مجموع اعضاء مجلس الشيوخ عريضة تؤيد زيادة وتوسيع دائرة المساعدات الامريكية وذلك على خلفية الارتفاع الدراماتيكي في حجم التهديدات التي تواجهها اسرائيل كما جاء في الرسالة التي وجهوها للرئيس الامريكي .
وجاء رد البيت الابيض قاسيا ورفض رسالة الشيوخ بشكل كامل وبشكل علني غير مسبوق وفي هذه الاثناء قام مكتب نتنياهو بخطوة لم يعلن عنها تمثلت في رساله وجهها المكتب للبيت الابيض يتنصل فيها من خطوة الشيوخ الامركيين مؤكدا للادارة ان الشيوخ هم من بادروا بهذه الخطوة دون علم اسرائيل وان نتنياهو والسفير الامريكي في واشنطن لم يكونوا على علم برسالة الشيوخ .
وطلبت الادارة الامريكية ردا على رسالة مكتب نتنياهو ان يعلن قادة الموقعين على الرسالة الشيخ الجمهوري" لينديزي غراهام " والديمقراطي " كريس كونس " انهم كتبوا الرسالة دون معرفة وعلم اسرائيل لكن لم يعرف حتى الان فيما اذا استجاب الشيوخ المذكورين لطلب الادارة الامريكية لكن الحقيقة الثابتة وفقا لصحيفة يديعوت احرونوت تشير الى ان السفير الاسرائيلي في واشنطن ونتنياهو ورؤساء اللوبي اليهودي كانوا على علم مسبق بأمر رسالة مجلس الشيوخ .
طلب البيت الابيض تقديم اسرائيل التزام وتعهد بالامتناع عن طلب أي مساعدات اضافية خلال السنوات العشرة القادمة لكن نتنياهو امر طاقم التفاوض بمعارضة هذا الطلب لكن الادارة الامريكية اصرت عليه كما ارادت الادارة الامريكية ان تستخدم اموال المساعدات في شراء ما تحتاجه اسرائيل من السوق الامريكية فقط .
وادعى الاسرائيليون كعادتهم ان هذا الطلب هو حكم بالإعدام على الصناعات الامنية الاسرائيلية ما سيؤدي الى فصل عشرات ألاف العمال والموظفين وهنا سمحت الادارة الامريكية لإسرائيل باستخدام الاموال في شراء منتجات اسرائيلية خلال السنوات الخمسة الاولى من عمر اتفاق المساعدات على ان تتقلص قيمة المبالغ التي يتم تحويلها لإسرائيل تدريجيا مع بداية السنوات الخمسة الثانية من الاتفاق حتى تتوقف تماما باستثناء الاموال الخاصة بتمويل المشاريع المشتركة مثل برامج الصواريخ .
اقر الكونغرس منح اسرائيل مساعدة اضافية بقيمة 600 مليون دولار خلال العام المالي 2017 الامر الذي اثار غضب البيت الابيض ما ادى الى تراجع نتنياهو فورا وأعلن قبيل سفر القائم بأعمال رئيس مجلس الامن القومي الى واشنطن ان اسرائيل لن تطلب أي مبلغ اضافي خلال عام 2017 .