نشر بتاريخ: 01/08/2016 ( آخر تحديث: 01/08/2016 الساعة: 12:42 )
رام الله- معا- انطلق، مؤخراً، ويتواصل في "جاليري1" بمدينة رام الله، المعرض الشخصي الجديد للفنان منذر جوابرة بعنوان "زمن مكسور"، والذي يتطرق إلى قضايا الأسر بمعناه الفعلي، وبمعانيه الفلسفية على صعيد الفرد والمجتمع، وفي أكثر من مستوى.
ويقول جوابرة: يتكون الزمن نتيجة لحظات مستمرة، ليُفرز وحدة زمنية تكتب تاريخنا الشخصي أو المجتمعي، والتي تنبثق من مواقف ذاتية وتجريبية ينتج عنها الفعل الزمني الذي سيكّون المستقبل.
ويضيف: لم أُسجن في حياتي، بالرغم من التوقعات الدائمة والمستمرة بخوض هذه التجربة في يومٍ ما، وهذا شكل لي أرقاً شخصياً في تجربة الإعتقال السياسي، في ظل الظروف الحتمية للشباب الفلسطينيين بالإعتقال، وعندما أُتيحت لي هذه الفرصة بخوضها إرادياً لمدة خمسٌ وأربعون يوماً، في فيلم " ملاحقة الأشباح " للمخرج رائد أنضوني والذي جمع عدة معتقلين سياسيين لإعادة بناء نموذج عن سجن المسكوبية الإسرائيلي في القدس، كان الباب مفتوحاً أمامي للتعايش مع معتقلين سابقين، ومعرفة الحالة النفسية اللحظية لفهم إحساسهم في العزل عن المحيط الإجتماعي والزمني الموازي خارج غزفهم الصغيرة، والقدرة على التكيّف مع المكان، واستخدام ما يتوفر من حاجيات لكسر هذا الروتين اليومي، فكان خيط الصوف الذي وظفه المعتقلين من داخل سجونهم وإنتاج أعمال فنية يقضوا على الوقت من خلالها، ويقدموها كهدايا لأحبائهم في الخارج.
لكنه يؤكد: إن اللحظة كانت عاملاً مهماً في مفهوم حيزي الوجودي دون الانتباه للديمومة كحالة رفض للزمن، ومن خلال اللعب مع الزمن فإن الخيوط تفرض شروطها الحسية بتحويل الزمن من شيء غير مرئي لإفراز بصري يكون الخيط زمناً يمكن قياسه ومشاهدته، لا سيما وأن بناء الإعمال الفنية اعتمدت على الزمن الفعلي والتنفيذي اللحظي لإنتاجها. وينتهي الزمن بانتهاء تركيبها وبنائها او استخدامها.
ويتابع: حالة اللا فعل والناتجة عن حصار الإنسان ووضعه في حالة روتين ممل، تُعد عاملاً دافعاً لإنتاج زمن غير فاعل الذي يكّون في النهاية حالة تراكم شخصية تنتج شعوراً متناغماً وغامضاً حول سلوك إنساني يتسم بالتوحد والتشابه ويبقى من خلالها الزمن الواقعي المفقود تبعاً للحالة الشرطية لهذه الظروف إذ اكانت إجتماعية أو سياسية، ويبقى عامل الإثبات للوجود الفردي هو العامل الزمني الخاص والناتج عن الشخص نفسه فيما سينتجه من فعل إنساني عبر الكتابة أو الفن أو الموسيقى في اللحظة، ومن خلال تركيب هذا اللا تناهي يشكّل وحدة جديدة لا ترضخ للشروط المكانية لها، وهي تُعد فعل صارخ ومتحدي لكافة الظروف التي تعمل على ترويض الإنسان ضمن مناخ النظام السياسي بشكل عام.
وفي الأعمال المقدمة نجد أن الزمن لا يُقاس ولا يمكن الامساك به إلا من خلال الخيوط التي تُنسج على القماش أو الخشب مشكّلة نقطة إنطلاق هشة لبناء العمل، وفي حال فقد الخيط ماهيته وقوته، فإن العمل نفسه يصبح غير موجوداً، وهو حالة رفض للسائد والمفروض ضمن شروط المحتل أو النظام.
وحول استعمال خيوط الصوف في مشروع " زمن مكسور "، قال: اعتمدت على توظيف اللونين الأبيض والأسود كخيارات حتمية ومحدودة، وقدرتها على تقديم رؤية واضحة حول هذه التجربة دون إسقاطها في فخ الجماليات على حساب الموضوع، ومن الناحية الأخرى القدرة على تفسير هذه الحالة عبر أعمال مُرتهنة بالزمن المستقبلي غير الضامن لبقاء الأعمال بنفس القوة عبر الزمن، فخيط الصوف الهش والضعيف استطاع أن يشكّل قوة لحظية تعكس حضورها وقت إنتاجها.
واعتمد جوابرة في تقديمه لمعرضه "زمن مكسور" على مقولة "نحن نموت ونحيا في الزمن، لأن الزمن لحظات معلقة بين عدمين، عدم الماضي وعدم الحاضر"، لغاستون باشلار، ليقول هو وعبر لوحاته المغايرة على مستوى التقنية والموضوع "الزمن محصلة لحظات نقضيها الآن، وديمومة الزمن لا يعني ديمومة اللحظة، التي ستكسر كل هذا الحصار في يومٍ ما، لنُغير الزمن ضمن إرادتنا الذاتية".